“لا تتحرك-!”
صَدَم!
اختفى صراخه المدوّي وسط صوت اصطدام عنيف.
دومينيك، الذي كان يندفع بعنف، سقط أرضًا على وجهه.
‘ها؟’
لم تتوقف مهزلة دومينيك عند هذا الحد.
“آه!”
صَدَم!
“أوووه!”
قََـــوَادَنگ!
“هـُع!”
قَــوَادَنگ تَـــنگ!
كلما زاد عدد مرات سقوطه، ازداد شحوب وجه دومينيك.
“م-ماذا يجري؟ هناك من يمسك كاحلي ويشدّه— آه!”
حين سمعت صيحته المرتعبة، حَرَكتُ رأسي بفضول.
‘يقول إن شيئًا ما يمسك كاحله؟’
مستحيل.
لم يكن هناك شيء حول دومينيك أو تحت قدميه… سوى ظل أسود قاتم.
“ما الذي تتحدث عنه؟ لا يوجد شيء.”
“مستحيل! هناك شيء بالتأكيد—!”
قَــوَادَنگ تَـــنگ!
سقط دومينيك مرة أخرى بينما كان يحاول دحض كلمات ريكي غير المبالية.
أوه… هذا سيؤلمه حتمًا.
بعد أن ارتطم وجهه بالأرض وبدأ يرتجف، نهض فجأة ثم—
“آآآه!”
صاح بصوت مرعب وهرب من المطعم…
على أربع!
“…ما خطبه؟ لماذا فعل ذلك؟”
“يبدو أنه فقد عقله أخيرًا.”
امم… كلام منطقي.
‘بالمناسبة، متى سيصل العم أوليفر؟’
وضعت ذقني على الطاولة وأحدقت في الباب.
أتمنى أن يأتي قريبًا…
هَع.. هَع..
بعد أن فرَّ من المطعم، كان دومينيك يلهث بنَفَسٍ متقطع.
جسده كله يؤلمه… لم يبقَ مكانٌ لا يشعر فيه بالألم.
“تبًا… اللعنة…”
تمتم بوجهٍ لا يزال شاحبًا.
‘ما هذا الشيء؟’
ما الذي اعترض طريق قدميه؟
الجميع قالوا إنه كلام غير منطقي، لكنه كان متأكدًا…
شيء ما كان يعيق خطواته واحدة تلو الأخرى.
حتى لو كان ذلك الشيء غير مرئي!
‘ثم يعاملونني كمجنون؟!’
صَريف أسنانه اشتَدّ حين تذكر ضحكاتهم الساخرة.
أولئك الحمقى العاجزون المحبوسون في هذا المكان…
لو كانوا محبوسين حقًّا، فليتزحزحوا ويبكوا كالضعفاء!
خاصة ذلك الصغير…
“أجل… كل هذا بسبب ذلك الطفل الملعون.”
تلك الفتاة الصغيرة الوقحة هي التي استفزته.
كان ينبغي أن تظل خائرة القوى كعادتها، وتتربص في صمت.
بدلًا من ذلك، أثارته بكلامها غير الضروري…
‘سأجازيها على إهانتي اليوم… بأي وسيلة.’
وبينما كان دومينيك يحقد بطريقة مَهِينة على طفلة في الرابعة من عمرها (ميلوني)—
“كنت أسمع صوت كلب يعوي من مكان ما.”
جاء صوت هادئ متقطع من مكان ما.
“تبين أنه ليس كلبًا، بل نذل.”
نذل؟
أدرك دومينيك على الفور أن الكلام موجه إليه.
التفت باتجاه الصوت بوجه أحمر غاضب.
“هل تعني أنك تتحدث عني الآن…؟”
لكن الكلمات توقفت في فمه.
في اتجاه نظره، كان أوليفر يقف بوجهٍ بلا تعابير.
نظراته الزرقاء كانت هادئة…
هادئة لدرجة مُخيفة.
كان الأمر غريبًا.
لطالما اعتقد دومينيك أن أوليفر مجرد شخص ضعيف، ذو مظهر نبيل، يبتسم باستخفاف دائمًا…
“ما الذي تنوي فعله؟”
ما هذا الإحساس الغريب بالخطر؟
بلع دومينيك ريقه وهو يتراجع خطوة للخلف.
“م… ماذا تقصد؟”
“ظننت أن هناك كلبًا حقيقيًا، فجئت مسرعًا، لكنك خيبت ظني.”
قال أوليفر بابتسامة باردة.
“كيف ستعوض عن قلبي الرقيق الذي مزقته إربًا؟”
تعويض؟
‘لماذا يجب أن أعوضه عن ذلك؟’
علاوة على ذلك، قلبه لا يبدو “رقيقًا” أبدًا!
لكن أوليفر ابتسم له ببرود:
“هل تريد أن تعوي لي؟”
“……؟”
“أصممت أذنيك؟ قلتُ: أعوِ.”
تمددت يد أوليفر الطويلة النحيلة وأمسكت كتف دومينيك بقوة.
كروك.
لم يبدو أنه يبذل جهدًا، لكن دومينيك شعر وكأن كتفه سيتحطم.
من أين أتى بهذه القوة…؟!
“ماذا تنتظر؟ قلتُ: أعوِ. ألا يجب أن تعوض عن قلبي الممزق؟”
اعوِ.
تحت ضغط أوليفر الساخر، احتجز دومينيك أنفاسه.
‘لا أستطيع التنفس…’
خوف غريزي بدأ يزحف من قدميه صعودًا إلى جسده كله.
كأنه يواجه ظلامًا هائلًا مباشرة.
في النهاية، بعد أن حوصر تمامًا…
“وو… وووف.”
نبح دومينيك.
نبحة تخلّى فيها عن كرامته البشرية.
“……”
“……”
ساد صمت ثقيل في الردهة للحظة.
ثم بعد برهة…
“واو. هل سمعتموه؟”
ها ها.
تبع ذلك ضحكة قصيرة باردة.
“من الآن فصاعدًا، عِش دون أن تعوي. إلا إذا كنت تريد الصمت الأبدي.”
“نعم! نعم!”
“الآن اختفي. أشعر بالغثيان من رؤيتك.”
قبل أن يكمل أوليفر جملته، هرب دومينيك كالجرذ المذعور.
وقف كونتيه يتفرج على المشهد المثير للشفقة بابتسامة ملتوية.
آه…
ربما كان الأفضل أن يتخلص منه منذ البداية؟
“مثل هؤلاء الأشخاص يُصبحون مصدر إزعاج إذا تُركوا وشأنهم.”
فالحشرات القذرة لا تعرف حدودًا ولديها عادة التسلق باستمرار.
لم يختفي الشعور البغيض الذي خلفه ذلك الوغد.
عندما تذكر المارشملو التي كان يتعامل معها ذلك النذل…
“ماذا أفعل؟ ما الحل الأفضل؟”
همس بصوت متمايل بينما ارتسمت على شفتيه ابتسامة ملتوية.
دار إصبعه في الهواء وكوّن دوائر، بينما تلاطمت سحابة سوداء صغيرة عند طرف إصبعه.
لكنه في النهاية…
“لا يهم، دع الأمر.”
ربما ليست فكرة سيئة أن يمنحه فرصة… لمرة واحدة فقط.
“لا تسبّ ريكي أو العمّ الجديد! كلاهما أشخاص طيبون!”
فهو نفسه شخص طيب، أليس كذلك؟
حقًا…
“العيش كشخص طيب ليس أمرًا سهلًا.”
تذمر كونتيه بينما توجه نحو المطعم.
فقطعة المارشملو المستديرة كانت بانتظاره هناك.
في ساعة متأخرة من الليل عندما كان الجميع نائمين…
ها ها ها.
ضحك وحده ضحكة مليئة بالمعاني الخفية.
“أخيرًا… لقد انتهيت منه.”
لا، بل “لقد نجحت.”
ففي وقت الغداء، بعد هروب دومينيك، تمكنت من إثارة حديث حول دار الأيتام مع العم أوليفر!
“يا عم، هل تعلم؟ دار الأيتام… مكان مخيف جدًا.”
“فجأةً؟”
“أجل. سمعت أن أشياء مرعبة تحدث هناك. مثل سرقة المال! إذا سُرق مالنا، سنصبح فقراء معدمين، أليس كذلك؟ سنظل جائعين ونبكي طوال الوقت… ثم نموت.”
“نموت؟ هل يصل الأمر إلى هذا الحد؟”
“العالم داخل الدار قاسٍ جدًا.”
“آه، قاسٍ ومتطرف.”
‘واو، رائع! ميلوني!’
أحسنتِ يا ميلوني!
أنتِ فتاة رائعة يا ميلوني!
أروع طفلة في الإمبراطورة بعمر الأربع سنوات!
لم تستطع أن تمنع نفسها من الابتسام من فرط الفخر.
‘بما أنني قد كوّنت علاقة جيدة معه، فربما سيساعدني العم أوليفر في العثور على دار أيتام مناسبة، أليس كذلك؟’
خاصةً أنها حصلت على بعض النقاط الإضافية اليوم.
“يا صغيرة، إذا أُغلقت دار برامشوا واضطررتِ للعيش مع واحد منا نحن الثلاثة، فمن ستختارين؟”
بمجرد أن انتهت من حديثها عن دار الأيتام، طرح عليها ريكي هذا السؤال المفاجئ.
بعد لحظة من التردد…
“العم أوليفر.”
كان اختيارها العم أوليفر.
لم يكن القرار ناتجًا عن نية وقحة لكسب النقاط، بل عن استنتاج منطقي:
‘أخ ريكي مشغول برعاية أمه وأخيه المريض، لذا لا يمكنه الاعتناء بي.’
‘وأخت جان مسؤولة جدًا، لذا هذا ليس خيارًا جيدًا.’
التعليقات لهذا الفصل " 8"