من منظور طفلة في الرابعة، كانت يداه الضخمة والسيف المعلق على خصره عناصر مخيفة.
بل والأكثر من ذلك، كنت ألتقي به كثيراً.
“جيلبرت عادةً ما يكون قريباً من مكتب الدوق.”
بما أنني أذهب يومياً إلى المكتب لأختم بطاقتي، كنا نلتقي كثيراً.
لكن مع كثرة رؤيته، تعودت عليه بل وأحببته.
استمررنا في تبادل التحيات وإجراء محادثات بسيطة.
بل كان جيلبرت يقدم لي أحياناً بعض الحلوى.
يقف كالتمثال، وعندما يراني يمد يده بهدوء بمعلبات حلوى.
مارشميلو ملون أو بسكويت بحشوة مارشميلو كبيرة.
من أين يحضر هذه الحلوى المبتكرة؟
بل إنه مؤخراً أهداني دمية دب صغيرة جداً ولطيفة مصنوعة من الصوف.
أعجبتني كثيراً لدرجة أنني وضعتها بكل عناية على مكتبي في الغرفة.
وكرد للجميل، أعطيته بعض الحلوى المفضلة لدي ورسمت له صورة.
بصراحة، كنت قلقة أن تكون هديتي بسيطة جداً مقارنةً بما قدمه لي، لكنه قال:
“شكراً لك يا سيدتي، سأحتفظ بها ككنز ثمين.”
“كنز؟ هذا مبالغ فيه…”
بالطبع كانت مجرد مجاملة، لكن تعبيره الجاد جعلني أصدقه تقريباً!
هكذا أصبحنا أصدقاء مقربين.
“هل ستذهب معنا أيضاً يا جيلبرت؟”
“نعم، سأكون في حراسة عربة الأميرة الصغيرة.”
“واو، مع جيلبرت سأشعر بالأمان تماماً!”
أخذ نفساً عميقاً وأومأ بوقار:
“سأحميكِ حتى بثمن حياتي.”
في تلك اللحظة…
“النقيب جيلبرت! أرجو أن تتفضل… آه! الأميرة الصغيرة!”
“مرحباً!”
رفعت يدي للتحية، فجمد الفارس الشاب في مكانه.
ارتعدت كتفاه بينما انحنى بسرعة:
“إنه لشرف عظيم مقابلتكِ يا أميرتي! أنا كولين!”
“أنا ميلوني.”
“آه! بالطبع أعرف ذلك. تحبين الحلويات وترسمين بشكل رائع!”
هذه المرة كنت أنا من اصاب بلذُهول.
“كيف يعرف كل هذا؟”
نحن نلتقي لأول مرة اليوم!
حينما حدقت به بتشكك، قفز كولين مذعوراً وهز يديه:
“كلنا نعرف الأميرة الصغيرة! أنتِ شخصية مشهورة في بانتيابي! بالطبع، بطريقة جيدة!”
بسرعة أضاف بحماس:
“والنقيب جيلبرت لا يتوقف عن الحديث عنكِ! المرة السابقة صنع لكِ بسكويتاً ودبدوباً…”
“كولين.”
قطع جيلبرت حديثه بصوت حازم.
أغلق كولين فمه فجأة كمن يُمسك به متلبساً.
“ألم تقل أن لديك شيء لتخبرني به؟ لا تتصرف بتهور أمام السيدة، وركز على واجبك.”
“…هذا غير عادل.”
“ماذا؟”
“أنت ترى الأميرة كل يوم أمام مكتب الدوق! حتى عندما نطلب تناوب المناوبة ترفض! أنا أيضاً أريد التحدث مع الأميرة اللطيفة…”
“يبدو أنك بحاجة إلى تدريب إضافي. تعال معي يا كولين.”
“آآه! أرجوك سامحني أيها النقيب! أخطأت…!”
أمسك جيلبرت بأذن كولين وسحبه بعيداً بعد أن ألقى عليّ تحية سريعة.
أخذت أفكر بينما ألوح بيدي للاثنين:
“إذن لقد صنع تلك الدمية بنفسه!”
يجب أن أخبر الدوق السابق أن العضلات لا تتعارض مع مهارات الحياكة!
فهذا العجوز كان دائماً يرمي إبر الحياكة ويشتكي: “هذه العضلات الملعونة تجعل الحياكة صعبة!”
“فكرة جيدة أن أطلب من جيلبرت أن يعلمني الحياكة!”
كنت أحتال بخطط قد لا تعجب جيلبرت عندما…
“يا صغيرة! تعالي!”
“حلوى القطن! إلى هنا!”
ناداني لويس والدوق السابق بحماس.
“نعم! أنا قادمة!”
أجبت بحماس وركضت نحوهم، لكن قبل أن أصل…
“تم القبض على المارشميلو!”
“أبي؟”
التقطني الدوق بسهولة وأنا أجري.
“هيا، سنركب هذه العربة.”
دخلنا العربة الأمامية بخطوات واسعة.
“هذا غير عادل! لقد قفزت!”
“يا له من غش! أيها العم!”
ركض الاثنان نحونا بصخب، وهكذا بدأت رحلتنا الصاخبة إلى العاصمة.
بعد أيام من السفر…
منزل العاصمة كان مختلفاً تماماً عن قصر بانتيابي.
“واو…”
أصغر حجماً لكنه أنيق جداً، كما ينبغي للعاصمة.
شعرت ببعض التوتر في هذا المكان الجديد.
بينما كنت في أحضان الدوق أتفحص المكان، سمعت صوتاً من فوق:
“هذا منزلك أيضاً.”
طق
ضغطت يده الكبيرة على رأسي بلطف.
ابتسم الدوق وهو يعدل وضعي بين ذراعيه:
“لذا ستعتادين عليه قريباً.”
“…نعم!”
ضغطت على قلبي المليء بالفرح ونظرت حولي مرة أخرى.
فجأة، كل ما بدا غريباً أصبح مصدراً للإثارة.
“بالمناسبة…”
هناك شيء آخر يثير حماسي.
“أبي، هل سأرى أخي أستر اليوم أيضاً؟”
“أستر؟”
“نعم، بما أنه يعيش في منزل العاصمة هذا.”
نظرت إليه بعيون متلألئة تحمل هذا المعنى.
لكن الجاء من شخص آخر.
“أمم… هذه مشكلة يا صغيرة.”
“لماذا يا أخي؟”
لويس الذي هرع إلى الداخل مع الدوق السابق فور النزول من العربة…
“سأذهب لأحيي أخي أستر وأعود!”
كان قد صرخ بوجه مبتسم وهو يركض…
“أخي أستر ليس في المنزل.”
“ماذا؟ لماذا؟”
“نعم. يبدو أن الأب عاد البارحة. وخرج مع أخي أستر… ولم يعودا بعد.”
تذمر لويس بينما ترهلت كتفاه.
بدا محبطاً لأن لقاءه المنتظر مع أخيه تأجل.
ربما كان لويس محبطاً لأن والده، الذي عاد أخيراً إلى المنزل، أخذ أستر معه دون أن يراه.
“تسك! من المؤكد أنه تلقى خبر قدومنا، فأين ذهب بالطفل؟”
ظهر الدوق السابق خلف لويس المتجهم ببطء. كان تعبيره المشوه يظهر استياءً شديداً.
“على أي حال، لا يعجبني…”
“أيها الأب!”
قطع صوت حازم كلام الدوق السابق الغاضب.
“الأطفال حاضرون. احترس من كلامك.”
“…آه.”
أغلق الدوق السابق فمه وهو يئن، ثم تمتم:
“حسناً! سأقضي الليل في الحياكة!”
بينما كان يحاجبيه مقطبين.
أدرت عيني لأراقب الثلاثة. من خلال الأجواء…
“يبدو أن العلاقة بين الدوق السابق ووالد لويس ليست جيدة.”
على الأقل يبدو أن الدوق السابق غير راضٍ عن والد لويس.
“همم… لا أعرف التفاصيل، لكن من الأفضل عدم التدخل.”
من الحكمة عموماً عدم التورط في مثل هذه الأمور المعقدة. مع ذلك، أتمنى ألا يتأثر لويس كثيراً.
نظرت إلى لويس المتجهم بنظرات قلقة.
في اليوم التالي…
وصل مرسول إلى منزل العاصمة يحمل رسالة من جيل، والد لويس وأستر.
ذكرت الرسالة أنهم لم يتمكنوا من الاستقبال بسبب سوء التوقيت، وأن أستر سيعود خلال أربعة أيام.
لحسن الحظ، استعاد لويس روحه سريعاً.
“سأرى أخي بعد أربعة أيام! أليس كذلك؟”
“أجل!”
رغم تأجيل لقاء أستر، ظهر جدول جديد.
بطريقة ما، سمع دوقا هينستون وكيتر بوصولنا إلى العاصمة وطلبوا مقابلة.
ولم تكن مجرد مقابلة عادية، بل “لقاء الأطفال مع الأطفال”، و”الكبار مع الكبار”.
“يمكنك رفض الذهاب إذا كنتِ لا تريدين.”
قال الدوق هذا بينما كنت متوترة. لكنني هززت رأسي بحزم.
“همم… لا… سأذهب!”
ألم أكن قد قررت تكوين صداقات مع أطفال النبلاء؟
ولهذا بدأت مشروع “كيف أصبح فتاة دوقية مثالية”.
“عندما أفكر في الدوقين اللذين رأيتهما من قبل، أشعر ببعض التردد…”
رد فعل لويس في ذلك الوقت جعلني أشعر بالخوف قليلاً… لا، كثيراً!
لكنني أشعلت إرادتي بهذه المشاعر. لحسن الحظ، قرر لويس مرافقتي.
“…لا يمكنني إرسالك إلى مثل هذا المكان وحدك.”
أي نوع من الأماكن هذا؟
أي نوع من الأماكن هذا؟!
على الرغم من أن الأسئلة غمرتني فجأة، كتمتها بقوة.
“لقد قررت الذهاب بالفعل.”
لا أريد حقاً الخوض في الأعماق.
في صباح يوم اللقاء…
“ها هي! إذا وضعنا هذه الزهرة هنا… واااه!”
“إنها جميلة جداً!”
“يا ليت خادمات الدوقية محظوظات مثلي، يمكنهن تزيين الأميرة الصغيرة كل يوم!”
بذلت خادمات منزل العاصمة كل جهدهم في تزييني.
“بصراحة، كنت قلقة بعض الشيء.”
طاقم قصر الدوقية تقبلني جيداً منذ البداية…
لكن لا يوجد ضمان أن يكون الناس هنا كذلك.
“كنت قلقة من أن يشككوا في ابنة الدوق غير الشرعية التي ظهرت فجأة…”
لكن مخاوفي كانت سخيفة، فقد عاملوني كما لو أنهم عرفوني منذ الأبد.
(الأبد دلالة لبداية الزمان )
“كنت أحسد الآخرين عندما كانوا يتحدثون عن ملابس سيداتهم، والآن حصلت على هذه الفرصة!”
“ألا تعتقدين أن هذا الشريط سيكون أفضل؟”
“أنا سعيدة جداً بوجود الأميرة الصغيرة. ربما أطلب الانتقال إلى مقر بانتيابي!”
التعليقات لهذا الفصل " 69"