الدوق (وهو يقرص أنفها بلطف): “آه!”
فركت أنفي المؤلم وسألت:
“هل سقطت لأنني استخدمت الكثير من قدراتي؟”
“ليس مؤكدًا، لكنه احتمال كبير. الإفراط في استخدام القدرات قد يسبب إجهادًا للجسد.”
آه، هذا ممكن.
في الحياة السابقة، عندما أجهدت نفسي باستخدام القدرات، كنت أحيانًا أنزف من الأنف أو أفقد الوعي.
لكن هناك سبب لعدم ربطي بين القدرات والإغماء هذه المرة:
لم أشعر بأنني أجهدت نفسي!
كل ما شعرت به كان ثقة غريبة بأنني سأنجح…
فجأة تذكرت:
“الشجرة! ماذا حدث للشجرة؟”
“حسنًا، هذا ما حدث-”
“لقد عادت للحياة.”
توهجت عيناي وأنا أنظر إليه:
“حقًا؟ عادت حية؟”
“نعم. زرتُ المكان حيث سقطتِ. الشجرة التي كانت تحتضر أصبحت خضراء مجددًا.”
توقف للحظة، نظراته تتجه إلى الفراغ كما لو كان يرى شيئًا بعيدًا:
“حاولتُ كل شيء لإنقاذها دون جدوى… لكنها الآن خضراء كما كانت في أيام زوجتي… عندما كانت لا تزال على قيد الحياة.”
ثم نظر إليّ:
“مارشميلو…”
“نعم؟”
“لقد أنقذتِ الشجرة من أجلي. عرفتي كم تعني لي.”
أدرت عينيّ ثم أومأت برأسي ببطء:
“الحقيقة أنني فعلت ذلك أكثر لتعزية لويس… لكن نعم، علمتُ أنها شجرة عزيزة عليك أيضًا.”
“نعم! أخبرني لويس أنها شجرة عزيزة عليك.”
“آه، فعلتِ ذلك من أجلي…”
بدأ يدلك رأسي بعنف حتى تبعثرت شعري الأبيض في كل مكان!
بينما كنت أحاول إصلاح فوضى شعري، أمسك الدوق بيد والده بغضب:
“كفى! سيظن الناس أنك تمشط حيوانًا!”
“ماذا؟!”
“هل ضعف بصرك جعلك تخلطين بين الطفلة وحيوان؟”
“أيها الوقح! عيوني ممتازة! ولم أكن عنيفًا! تف!”
بعد مشادة كوميدية، أخيرًا أصلح الدوق شعري المتطاير:
“تبدين كقطعة لحم مشوية!”
“ل…لحم مشوية؟!”
“حسنًا، ربما أكثر مثل قرصان.”
…ما الفرق؟
—
“تلك الليلة…”
في غرفة مضاءة بشمعة واحدة خافتة.
بينما كان يستمع إلى أنفاس الطفل النائمة، غادر “كونتييه” الغرفة.
“صوت الباب يُفتح ويُغلق بهدوء.”
اتكأ على الباب بعد إغلقه.
“فووو…”
تنهد بعمق.
بخطوات ثقيلة، عاد إلى غرفته ليجد شخصاً غير مرغوب فيه واقفاً بانتظاره عند الباب.
“أخيراً عدت.”
“لقد نامت للتو.”
أجاب “كونتييه” بجفاء بينما دخل الغرفة، فتبعه “كارلوس” تلقائياً.
“همم! ألم تكن مستيقظاً بجانبها طوال الوقت حتى شعرت بالضغط ولم تستطع النوم؟”
“لستُ في مزاجٍ للجدال. اذهب للنوم فحسب.”
انهار “كونتييه” على الأريكة متعباً.
التعب الغامر كان واضحاً من رأسه المائل للخلف.
وقف “كارلوس” يراقبه بصمت ثم رفع حاجبه:
“…يبدو أنك جادٌ أكثر مما تظاهرت.”
“بماذا تقصد؟”
“تلك الفتاة. يبدو أنك تعتبرها ابنتك حقاً.”
توقف “كونتييه” عند كلمات “كارلوس”.
أغلق عينيه وابتسم ابتسامة مريرة:
“قلت منذ البداية أنني جاد.”
لكن…
“لم أكن أعرف أنني سأصبح بهذا القدر من الجدية.”
قلبه ما زال يدق بقوة.
أطرافه ما زالت تشعر بالوخز.
“…ماذا؟ ماذا قلت للتو؟”
“الآنسة… لقد فقدت وعيها.”
منذ لحظة سماع خبر “ميلوني”، لم يكن في وعيه الكامل.
شعر وكأن رأسه أصبح فارغاً فجأة.
لا حتى يتذكر كيف وصل إلى غرفتها.
“…ميلوني. مارشميلو.”
“……”
“استفيقي يا ابنتي.”
صورة “لافيلا” ظهرت فوق وجه الطفلة التي أغلقت عينيها بهدوء.
استدعى الطبيب على الفور.
واحد لم يكن كافياً، فاستدعى أربعة.
جميع الأطباء أكدوا أنها بخير.
لكن…
“إذن لماذا لا تستيقظ؟ إذا كانت بخير فلماذا لا تفتح عينيها؟”
أربع ساعات كاملة.
أربع ساعات لم تفتح فيها الطفلة عينيها، شعر وكأنه سيفقد عقله.
شعر وكأنه محبوس في جحيم لا نهاية له.
لحسن الحظ، استيقظت الطفلة.
كما قال الأطباء، كانت بخير دون أي أذى. عندها فقط استطاع “كونتييه” أن يتنفس.
أدرك حينها أنه كان يحبس أنفاسه طوال الوقت.
“لو رآك أحد لظن أنك من أغمي عليه. لقد شحبت تماماً.”
“قلت أنني لستُ في مزاجٍ للجدال.”
“تباً! يا لك من فظ.”
هز “كارلوس” رأسه بينما ينظر إلى ابنه الذي أغمض عينيه بإرهاق.
—
“…لم أرَه بهذا الشكل منذ أربع سنوات.”
كان يتحدث عن ابنه الدوق الذي عادة ما يكون كسولًا وغير مبالٍ، لكنه الآن يبدو مذعورًا تمامًا!
آخر مرة رأى فيه هذا الهلع كانت عند سماعه نبأ وفاة لافيلا وحادثة سينا…
“متى أصبحت هذه الطفلة بهذه الأهمية؟”
“لم يمض وقت طويل منذ أحضرناها… فكيف استحوذت على قلبه بهذه السرعة؟”
شعر بمزيج من الارتياب والقلق:
– من ناحية، كان سعيدًا لأن ابنه وجد معنى جديدًا للحياة بعد سنوات من اليأس.
– لكنه قلق: “ماذا لو أصاب هذه الطفلة مكروه؟ كيف سيكون رد فعله؟”
ارتجف كارلوس وامسك جبينه.
—
في حانة صغيرة بمدينة الدوقية، اجتمع أربعة أطباء مرهقين:
“لقد نجوت… هذا كل ما يهم!”
“كان هذا من أكثر التجارب رعبًا في حياتي! أتمنى ألا أعود إلى ذلك القصر أبدًا.”
“ظننت أن اليوم هو يوم موتي!”
“كل الشكر للأميرة الصغيرة! أنقذتنا من غضب الدوق… إنها ملاك حقيقي!”
رفعوا أكوابهم في نخب متكرر لـ “قديستنا الصغيرة”!
بعد خمس جولات من الشراب، قرروا المغادرة:
– اثنان منهم كانا في حالة سكر شديد.
– أما ديلان، فقد ادعى أن لديه موعدًا مهمًا…
—
ابتعد ديلان عن المجموعة، واتجه إلى مطعم متواضع في زقاق مظلم.
بعد إشارة من صاحب المطعم، فتح خزانة ملابس لتكشف عن درج سري!
في القبو، وجد مرآة سحرية كبيرة بدأت تموج فجأة لتظهر صورة رجل غامض:
“ما الأمر، ديلان؟”
“تحياتي لسيادتك، المعلم الأعظم.”
“تخطي التحيات، ما الخبر؟”
التعليقات لهذا الفصل " 46"