إذا كان بوسعي التدخل في قوتي كما فعلت حين جئت لإيقاظي في المرة السابقة، فسيكون بوسع ريكس أيضًا أن يلتقي التنين ويتلقى منه التعليم.
وفوق ذلك، سأشعر بالاطمئنان لكوني لست الوحيدة العالقة في زمنٍ مضى.
تشّف.
‘لو أن الأمر يكون هكذا لكان رائعًا حقًا.’
وبينما كنت غارقة في شرودي، إذا بخدّي يُسحب فجأة.
“أؤبّا؟”
رفعت جفنيّ أحدّق في أبي، فإذا به قد وضع الشوكة جانبًا وأسند ذقنه إلى يده وهو يحدّق بي بثبات.
“ماذا… ما الأمر؟”
“أشعر وكأنك تفكرين في ذلك الصغير المتعجرف.”
“هاه؟”
يا لهذا السبب الغريب.
وما المانع إن فكرت قليلًا في ريكس؟
“…ربما لن نعرف متى سنراه مجددًا، فقد تمر سنوات، لذا عليّ أن أقول لك هذا.”
“مـ… ماذا تقول؟”
“أبوكِ لا يمانع إن عشتِ حياتك كلها وحيدة. أعني من دون رجال أو أي شيء من هذا القبيل.”
“……؟”
أملت رأسي في حيرة.
لا أفهم ما الذي يقصده أبدًا.
رمشت بعينين غبيتين، فإذا بأبي يكتفي بنظرة راضية قبل أن يترك خدّي.
أخذت أفرك وجنتي التي ما زالت تؤلمني.
‘لماذا فجأة يقول أبي إنه لا بأس أن أعيش وحيدة طوال حياتي؟’
هممم.
هــمــــم.
—
“—وهكذا حصل الأمر. لكن ما الذي يدفع أبي لقول ذلك؟”
في ذلك المساء، قصدت غرفة ريكس قبل حلول الليل.
كنت أريد تهدئة توتري قبل رحيلنا غدًا معًا.
وبالمرة، رويت له ما حدث مع أبي اليوم، فارتسمت على وجهه ملامح غريبة قليلًا.
“حقًا، هكذا قال؟”
“نعم. أليس غريبًا؟”
“…قليلًا؟”
يا للعجب، ما به اليوم؟
ريكس يوافقني أن أبي غريب!
عادةً ما كان يكتفي بابتسامة متكلفة إذا قلت “أبي غريب”،
فهو كان يعتبر أبي منقذه بلا شك.
‘هل يمكن أن ريكس متوتر هو الآخر بسبب رحيل الغد؟’
ربما لهذا بدا تصرفه مختلفًا عن المعتاد.
شعرت بابتسامة دافئة تتسلل إلى وجهي، وكأننا رفيقا درب في القلق نفسه.
“أتعلم… سننجح، أليس كذلك؟”
كانت جملتي مبتورة، لكنني واثقة أن ريكس سيفهمها تمامًا.
وكما توقعت، أجاب بثقة:
“بالطبع، سننجح. وإن حدث لك أي مكروه… فسوف أبحث عنك أينما كنتِ. فلا تقلقي.”
“…أجل! أعتمد عليك!”
ربما لأن له سابقة في إنقاذي، فقد أحسست بثقة خاصة في كلماته.
‘هــووف… لا ترتجفي يا ميلوني.’
وضعت يدي على صدري الذي يخفق بتوتر.
‘خطوة خطوة نحو الأمام.’
سيأتي اليوم الذي أصبح فيه قوية.
عادت إلى ذهني رسالة مانيت السرية التي وصلتني قبل قليل.
كانت تتضمن تمنيات بالسلامة، وتخبرني ألا أقلق بشأنه،
إذ إنه سيراقب ناتيس ليتأكد من عدم ارتكابه حماقات،
وسيتصرف بحكمة ليدبر أموره، فلا داعي لأن أشغل بالي به.
‘أحمق، لم أقلق عليك أصلًا.’
هففت بشيء من الضيق.
طيّيت الرسالة بعناية وأدخلتها في حقيبة التدريب.
رسالة واحدة لن تضر، أليس كذلك؟
“ميلوني.”
“نعم؟”
قطعت صوت ريكس أفكاري، فالتفتُّ أنظر إليه.
وبسبب وقوفه أمام الشفق، بدا شعره الذهبي وكأنه مصبوغ باللون الأحمر.
“سوف ننجح. فلنشدّ العزم، ولنتقوَّ معًا.”
قالها بثبات وهو يمدّ يده نحوي.
حدّقت بتلك اليد لحظة، ثم أمسكتها بقوة.
“أجل، سننجح.”
سنتقوّى، وسنفكّ لعنة أبي ومانيته.
وسنتخلص من ناتس أيضًا.
سنتمكن من فعل أي شيء.
‘لست وحدي.’
فلديّ عائلة تساندني من خلفي، ومانيته،
وريكس الذي سيركض إلى جانبي.
ابتسمنا كلانا ونحن نتبادل النظرات.
مع بزوغ فجر اليوم التالي…
“أهئ… يا حلوى القطن الصغيرة! اعتني بنفسك جيدًا! إياك أن تُصابي! مفهوم؟!”
كان كارلوس يقول ذلك وأنفه محمرّ.
“عودي سالمة يا ميلوني، لا تقلقي على العائلة أو العشيرة، سأحرسهما أنا.”
ابتسمت سيينا ابتسامة دافئة وقوية في آن واحد.
“وأنا سأصبح أقوى، فلتعودي أنتِ أيضًا أقوى يا صغيرة!”
“سأنتظرك يا آصغرنا.”
كان لويس مرحًا كعادته، وآستر هادئًا كالدوام.
ابتسمت ميلوني ابتسامة مشرقة وهي تردّ على توديع عائلتها المحبة:
“سأعود سالمـة!”
ترددت كلماتها العالية في المكان.
كان ذلك أول خطوة نحو نمو جديد.
—
حلقة خاصة — أين ميلوني الآن؟
كرسي خشبي متين.
مكتب قديم.
كنت أحدّق بشرود عبر نافذة باهتة اللون.
كان الشفق الأحمر يكسو السهول المترامية بلا نهاية،
وينثر ألوانه على الأعمدة البيضاء المتناثرة هنا وهناك،
وعلى النقوش الغريبة المرسومة في كل مكان.
مشهد أشبه بالخيال سرعان ما سحرني… إلى أن قطعني صوت من خلفي:
“ماذا تفعلين يا ميلوني؟”
أفقت من شرودي واستدرت بسرعة لأرد:
“لا شيء… كنت سأكتب رسالة إلى عائلتي.”
“رسالة؟”
أمال ريكس رأسه قليلًا، ثم أعاد سؤاله بنبرة فهم:
“إلى أهل القصر؟”
“أجل، أبي قال إن العودة للقصر باستخدام قوته صعبة، لكن يمكننا إرسال رسائل.”
“هذا رائع إذًا.”
“أليس كذلك؟ لا بد أن الجميع قلقون الآن.”
أنا وأبي، وريكس، وعمّ كانتي.
(ذلك العم الذي أصر على مرافقة ريكس كحارس له، لأنه لم يحتمل فكرة إرسال تلميذه الوحيد وحده.)
بهذه التشكيلة وصلنا إلى وجهتنا:
الأطلال القديمة في سهول أستريان.
استغرق الأمر منا ثلاثة أسابيع كاملة للعثور على الأطلال، ثم الاستقرار في كوخ مهجور داخلها.
لقد كنا مشغولين لدرجة لم نجد وقتًا لمراسلة العائلة.
‘لكن… الآن أصبح لدينا بعض الوقت.’
شدّدت قبضتي على القلم وأنا أحدّق في الورقة.
هــم…
“ريكس.”
“هم؟”
“في الرسالة… ما الذي يُفترض أن أكتبه؟”
لقد مر زمن طويل جدًا منذ آخر رسالة كتبتها.
في حياتي السابقة لم يكن هناك أحد أراسله،
وبعد عودتي بالزمن كنت دائمًا مع عائلتي.
أما آخر رسالة كتبتها…
‘هل كان عمري أربع سنوات؟’
حين ذهبت إلى العاصمة، وتبادلت الرسائل مع ريكس.
“اكتبي ما يخطر ببالك فحسب.”
“هاااه؟”
بينما كنت أسترجع بعض الذكريات، عقدت حاجبيّ بانزعاج.
“طالما أنها رسالة منك، فسأكون سعيدًا مهما كان مكتوبًا فيها.”
“…أنت حقًا…”
ترى كم من الفتيات ستجعل يبكين حين تكبر؟
أثار ردّي فضول ريكس، فأمال رأسه قليلًا بعينين صافيتين بريئتين، وكأنه لا يفهم شيئًا.
“همف.”
كتمت بقيّة كلامي وأدرت رأسي بسرعة، محدّقة في ورقة الرسالة من جديد.
‘مع ذلك… أشعر أن قلبي صار أخف قليلًا.’
نعم، سأكتب على سجيتي، فالمشاعر هي الأساس في أمور كهذه.
وبدأت يدي تتحرك بنشاط… لأوصل سلامي إلى عائلتي العزيزة.
—
إلى عائلتي الحبيبة
مرحبًا، أنا ميلوني!
حتى وإن كان من المستحيل أن أقطع هذه المسافة البعيدة بقوة أبي، فإن تبادل الرسائل أمر ممكن.
لذلك أكتب إليكم هذه الرسالة!
لقد وصلنا بخير وتمكّنا من إيجاد مكان نستقر فيه.
في البداية، لم أدرِ كيف سنعثر على الأطلال في هذه المساحة الشاسعة، لكن بفضل ريكس تمكّنا من العثور عليها بسهولة!
يقول العم كانتي إن الأطلال محمية بسحر قوي لا يستطيع التعرف عليها إلا أفراد العائلة الإمبراطورية المباشرة.
بصراحة، لولا ريكس لكنّا في ورطة…!
آه، وبفضل هذا السحر نحن أيضًا بأمان.
فالأشخاص الذين لم يحصلوا على “الإذن” لا يمكنهم رؤية الأطلال ولا حتى رؤيتنا داخلها.
لذا، انتظرونا مطمئنين.
سأكتب إليكم رسالة أخرى لاحقًا.
اعتنوا بأنفسكم جميعًا!
ملاحظة: في الأطلال شعلة قِرمزية غريبة الشكل، لا تنطفئ لا بالماء ولا بالريح.
أشعر أنه إذا استخدمنا القوة عليها، فقد نتمكن من لقاء السيدة القديسة.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات