تذكرت صوته الذي كان يقولها لي كلما حملني على ظهره بطريقة مازحة. مع اندفاع المشاعر، ضغطت يديّ حول أبي بقوة.
ثم…
“لا بأس يا أبي. كل شيء سيكون على ما يرام.”
بطء، أطلقت قدرتي.
“…!”
بدأ الضوء يتدفق من يديّ.
ضوء غامض يتلألأ نقيًا رغم الظلام المحيط.
أخذ الضوء يتكثف ويتموج فوق السواد.
كأنما يقاوم النور، قام الظلام بالتلوي بعنف. وفي نفس اللحظة، خرج أنين من فم أبي.
“…آه…”
لكن هذا لم يدم طويلاً.
‘إن مجال الظلام يتقلص!’
بدأ الظلام الذي كان يقاوم بعنف يتراجع.
والضوء يتلألأ أكثر بياضًا كأنه يملأ الفراغ.
‘قدرتي تؤثر…!’
ابتسمت مبتسمة ارتياح وأفرغت مزيدًا من الطاقة في قدرتي.
راجية بأبي أن يستعيد وعيه بأي طريقة.
راجية أن ينتهي هذا الهيجان الذي يهز أبي دون سيطرة.
العرق البارد يتساقط من جبيني وظهري دون توقف، لكن لم يكن لديّ وقت للالتفات لذلك.
بل على العكس…
“أبي…!”
صرخت وبذلت كل قوة في جسدي.
في تلك اللحظة…
“…ميلو…ني؟”
سمعت صوت أبي.
يد كبيرة غطت يديّ التي كانت تحضنه.
فتحت عينيّ على اتساعهما ونظرت لأبي. ثم التقت عيناي بعينيه عندما التفت نحوي.
“ما هذا… بالضبط؟”
في عينيه المرتعشتين، عادت البصيرة.
…لقد عاد أبي الطبيعي.
“الحمد لله.”
انفرجت شفتاي بابتسامة لا إرادية مع زفيرة ارتياح.
“آه… لأن أبي عاد، ولم يقتل جدي… ولن يراه الناس… ككارثة، هذا حقًا… نعمة…”
…وا أسفاه.
لا أستطيع الكلام.
بدلاً من الكلمات، سائل ساخن اندفع من حلقي.
*سعلة* *سعلة*!
عندما سعلت بعنف، شيء ما سال من فمي.
كان ساخنًا… ومؤلمًا.
“آ…آبي.”
“ميلوني… ميلوني!”
سمعت صوت أبي يناديني.
لكن الغريب أن النوم غلبني ولم أستطع الرد.
من خلال رؤيتي الضبابية، رأيت وجه أبي شاحبًا وهو يصرخ شيئًا ما.
“…آ…با.”
احتضنت أبي بشدة، ثم أغلقت عينيَّ.
*طق*
شعرت وكأن الخيط الرفيع الذي يربطني بالوعي قد انقطع.
* * *
“…ميلوني.”
خَرَجَ صوتٌ بلا روح من فم كونتييه.
ابنته الصغيرة، مغطاة بالدماء، متراخية بلا حراك.
نظر ببطء حوله.
منظر الدمار الشامل دخل عينيه. وفي المنتصف، والده منطرحًا على الأرض.
مشهد رآه من قبل.
قبل ثماني سنوات، عندما فقد السيطرة ودمر نصف القصر.
كان المشهد مشابهًا آنذاك.
‘…الهيجان…’
لحسن الحظ أو سوئه، هذه المرة بقي لديه ذكريات فترة الهيجان.
الصداع الذي كان يزوره بين الحين والآخر اشتد فجأة، ثم شعر وكأن القوة قد نزعت من جسده.
بعد ذلك، لم يكن في رأسه سوى كلمة واحدة: ‘دمّر’.
اندفاع لديه دافع لتدمير كل ما تراه عيناه.
“كفاك هذا وأمسك عقلك، أيها الملعون!”
حتى لو كان الشخص الذي يحاول إيقافه هو والده نفسه.
عاد كونتييه لينظر إلى ميلوني. عيناها المغلقتان بإحكام لا تظهران أي علامة على اليقظة.
“…لا تفعلِ هذا، مارشميلو.”
كان الدم على يديه يجف ببطء.
حمل كونتييه ميلوني برفق بين ذراعيه.
استطاع أن يشعر بنبضات قلب الطفلة الصغيرة.
“افتحي عينيكِ، مارشميلو. هلا؟ لا تعبثي معي.”
…أرجوكِ.
* * *
*تنهيدة*
نظرت حولي وأخرجت زفيرًا عميقًا.
‘مرة أخرى؟’
هذا الهواء، درجة الحرارة، الرطوبة…
كلها مألوفة جدًا. هذا الشعور بالتأكيد هو…
‘الشعور الذي ينتابني عندما أتطفل على ذكريات الآخرين.’
بما أن آخر من استخدمت عليه قدرتي كان أبي، فلا بد أن هذه ذكرياته.
‘مهلاً، انتظري لحظة.’
فتحت عينيّ على اتساعهما ونظرت حولي مرة أخرى. ثم تفحصت يديّ.
“…هناك شيء غريب؟”
كان هذا مختلفًا عما اعتدت عليه عند التطفل على ذكريات الآخرين.
عادةً عندما أتطفل على الذكريات، أشعر وكأني بلا إرادة.
كأنني أصبحت كيانًا فاقدًا للوعي تمامًا، مجرد مراقب لكل شيء.
لكن هذه المرة…
“لدي وعي.”
نعم، لدي وعي.
إذا نظرت إلى يديّ، أستطيع رؤيتهما. أستطيع أن أنظر حيثما أريد.
ما هذا؟
‘أليس هذا تطفلاً على ذكريات أبي؟’
لكن الشخص الواقف هناك هو بالتأكيد أبي.
بل يبدو أصغر سنًا مما هو عليه الآن.
إذن فهي بالتأكيد ذكريات أبي.
‘ألا يستطيع رؤيتي؟’
حاولت القفز يمنة ويسرة تحسبًا، لكن أبي الواقف تحت ظل الشجرة لم يبدِ أي رد فعل.
*هم*… يبدو أنه لا يستطيع رؤيتي.
رغم أن لدي إرادة حرة، لكنني غير مرئي.
‘هل ينتظر أحدًا؟’
جلست القرفصاء على الأرض وراقبت أبي.
كان واقفًا بيد في جيبه، وابتسامة مرسومة على وجهه.
غطيت فمي وضحكت بخفة.
‘إنه مطابق تمامًا لوقتنا الحالي.’
تلك الابتسامة بالتأكيد هي الابتسامة التي يظهرها عندما يشعر بالملل.
‘بالطبع، في مكان مثل هذا، من الطبيعي أن يشعر بالملل.’
نظرت حولي ورأيت مبانٍ بيضاء.
هذا المكان بلا شك هو معبد.
ليس كبيرًا مثل المعبد المركزي، بل يبدو كمعبد صغير في الأطراف.
‘…لحظة، معبد؟’
إذن، هل الشخص الذي ينتظره أبي هو…
في تلك اللحظة:
“كونتييه!”
سمعت صوتًا حيويًا يأتي من بعيد.
أغمضت عينيّ ببطء ثم نظرت إلى ذلك الاتجاه.
امرأة ترتدي ثوب كاهنة أبيض تومئ بيدها نحونا.
تتمايل خصلات شعرها البنفسجي على ظهرها.
وعيناها اللامعتان تحت أشعة الشمس كانتا بلون بنفسجي ساطع.
“لابيلا.”
سمعت صوت أبي يأتي من فوقي.
صوتٌ مشبع بالحب.
* * *
“أوه، ساندويتش! أنا أحب الساندويتش الذي تحضريه لي.”
ابتسم كونتييه حين رأى لابيلا تضحك ببهجة وهي تحمل الساندويتش.
“أعرف، عادةً تأكلين ثلاث قطع على الأقل!”
أخذت لابيلا قضمة من الساندويتش ثم حدقت إليه بعينين ضيقتين.
“غريب، أشعر وكأنك تسخر مني، لا بد أنه مجرد شعوري!”
“مستحيل.”
“لدي شكوك… حسنًا! سأترك الأمر يمر هذه المرة.”
بابتسامة متسامحة، أخذت لابيلا قضمة كبيرة من الساندويتش.
“آآه، لذيذ…!”
ابتسم كونتييه وهو يراها ترتعش من السعادة.
“سؤالٌ فقط على سبيل الاحتياط، ألا يطعمونكِ في المعبد؟”
“يطعمونني، لكن طعام المعبد لا يعجبني أبدًا. خاصة هذه الأيام…”
أوه!
توقفت لابيلا فجأة ووضعت يدها على بطنها.
“ما الخطب؟ هل تشعرين بألم؟”
“إيه؟ لا لا، ليس ألمًا…”
تلعثمت لابيلا ثم هزت رأسها بسرعة.
“لا شيء، المهم أن الساندويتش لذيذ حقًا! هل لديك شيء للشرب؟”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات