ابتسمت وأومأت بحماس.
“بالطبع!”
“تصرّين حقاً على إرسال أبيك.”
قرصني أبي بلطف على خدي مجدداً، ثم أنزلني من بين ذراعيه بملامح غير راضية تماماً.
ركضت بخطوات سريعة نحو جدي وأمسكت يده بإحكام.
“سأنتظر بهدوء هكذا. لكن في المقابل، عليك أن تعود بسرعة. وإذا بدا الأمر خطيراً، اهرب فوراً من دون حتى أن تلتفت. وأيضاً، لا تجرح نفسك أبداً…”
“كثيرة هي التعليمات التي تقدمينها وأنتِ تدفعينني للذهاب.”
قالها أبي بنبرة عاتبة، لكنه سرعان ما أطلق ضحكة خفيفة.
“كما قلتِ، سألقي نظرة سريعة وأعود فوراً، فانتظريني.”
“نعم! ووعد… إذا كان هناك أي خطر ولو بسيط، عد فوراً حتى من دون أن تتحقق!”
“حسناً.”
ابتسم وهو يربت على رأسي برفق، ثم التفت إلى جدي وقال وكأنه يهدده:
“إذا أصاب صغيرتي المارشميلو خدشٌ واحد، فلن أتركك… جهز نفسك للذهاب إلى التابوت.”
“أحسنت الكلام مع أبيك… لا تقلق، فقط أسرع بالعودة!”
هز أبي كتفيه بخفة، وتراجع خطوتين.
“إذن، سأذهب.”
مع تحية صغيرة، فرقع أصابعه.
وسرعان ما تجمّعت الظلال المتموجة حوله، كما فعلت من قبل.
كان الظلام يتسرب مثل ضباب الليل، وفي كل مرة أراه، يزداد في نظري غموضاً وجمالاً.
ثم رُسم في الهواء خط أسود داكن.
لكن…
‘…مهلاً؟ هناك شيء غير طبيعي…’
ذلك الخط، المتكوّن من الطاقة السوداء الملتفّة، بدأ يتحرك بشكل غريب، وكأنه يتلوى.
لقد رأيت أبي يستخدم سلطته لفتح ممرات من قبل، لكنني لم أر شيئاً كهذا قط.
شعرت بقشعريرة باردة تسري في ظهري…
“أ… أبي؟”
تمتمت بلا وعي، وفي تلك اللحظة…
“…كَهـ!”
صدر عن أبي أنين منخفض، وبدأ جسده يترنح، تماماً كما تتماوج الظلال حوله بخطر.
—
حين رأى كارلوس ملامح كونتييه، تجهم وجهه على الفور.
وضغط على يد حفيدته الصغيرة في قبضته من غير قصد.
ومن دون تفكير، رفع الطفلة إلى حضنه وانطلق راكضاً.
“جدي؟!”
حدّقت ميلوني فيه بعينين واسعتين من الدهشة، ثم راحت تضرب كتفه الصلبة بكفيها الصغيرتين وهي تصيح بلهفة:
“ماذا… ماذا تفعل؟ يجب أن نعود فوراً! أعتقد أن أبي… أنه مريض أو شيء ما…!”
“ذلك فقدان للسلطة!”
“…ماذا؟”
عند سؤال حفيدته، ضغط كارلوس أسنانه بغضب.
—
‘نعم، كان ذلك بلا شك نذيرًا لفقدان السيطرة.’
قبل ثمانية أعوام، حين فقد كونتيه السيطرة فجأة، كان يبدو تمامًا على هذه الهيئة.
ولا تزال ذكرى ذلك اليوم حاضرة بوضوح في ذهنه.
‘…كيف لي أن أنسى؟’
كرات سوداء تتطاير في كل اتجاه.
ضباب أسود يملأ أرجاء القصر.
جدران تنهار، وصرخات أناس يواجهون الكارثة.
لقد كان كونتيه، حينها، أشبه ما يكون بـ ‘كارثة بشرية’.
‘لا بد من إجلاء الناس فورًا…!’
كانت هذه أزمة لا يمكن مقارنتها بدويّ مجهول المصدر أو سحابة دخان عابرة.
في تلك اللحظة—
هُووم—، قعقعة!
اخترق شيء الهواء مسرعًا نحوهم.
كانت كرة سوداء حالكة.
ارتطمت الكرة السوداء المسرعة بالشجرة الملاصقة لهما.
فانكشف في جذع الشجرة الكبير ثقب مستدير تمامًا.
وسرعان ما بدأ السواد ينتشر من مركز ذلك الثقب في الجذع.
“مـ… ما هذا؟ أهو… من فعل أبي؟”
“…اللعنة.”
لم يستطع كارلوس أن يجيب على سؤال ميلوني.
‘هل بدأ فقدانه للسيطرة بالفعل؟’
قبض كارلوس على أسنانه، ثم توقّف فجأة عن الركض.
لهث، ثم أنزل ميلوني عن الأرض برفق.
“جدي…؟”
رمقته حفيدته بعينين واسعتين.
كانت طفلة لم تتجاوز الثامنة بعد.
‘لكن… هذه الصغيرة نبيهـة بما يكفي…’
أمسك كارلوس بكتفيها بإحكام وقال:
“ميلوني، اركضي في هذا الاتجاه حتى تلتقي بسينا، ثم ساعديها في إجلاء الناس. يجب أن تُبعِدوهم قدر الإمكان.”
“وماذا عنك… وعن أبي؟”
“فقدان السيطرة لدى أبيك سيهدأ من تلقاء نفسه بعد مرور بعض الوقت. ولهذا، هناك من يجب أن يشغله إلى أن يحين ذلك.”
قبل ثمانية أعوام، كان من تولّى مهمة كسب الوقت هو كارلوس.
فمن بين أصحاب القدرات في عائلة بانتايبي، كان الأقوى بعد كونتيه.
وقد قاتل ابنه بكل ما أوتي من قوة.
ولم يتوقف كونتيه عن جنونه إلا بعد وقت طويل.
وعلى الأرجح، لن يختلف الأمر هذه المرة.
“أتريد أن تكسب الوقت بنفسك؟ وحدك؟”
لم يجِب حفيدته، بل نهض ببطء من مكانه.
وامتد ظل طويل تحت جسده المهيب.
وكان بريق أزرق يتألق في عينيه الواضحتين.
“…ميلوني، ركّزي عينيك إلى الأمام وواصلي الركض. هل فهمتِ؟”
“جدي…؟”
أدار كارلوس ظهره دون أن ينبس ببنت شفة.
ثم انطلق مسرعًا في الطريق الذي جاء منه، خشية أن تحاول الحفيدة اللحاق به.
“اذهبي الآن يا ميلوني! هيا!”
“جـ… جدي!”
سمع صراخها خلفه، لكنه تجاهله وهو يضغط على أسنانه.
فعندما يرتكب الابن خطأ، يكون من واجب الأب أن يصلحه.
هذه هي مسؤولية الوالد.
“كونتيه! أيها الوغد اللعين!”
ارتد صدى صرخته الغاضبة في أرجاء الغابة.
—
“…جدي.”
وقفت مشدوهة، أحدّق في الاتجاه الذي ركض نحوه.
‘ما الذي يحدث بحق السماء؟’
لم أستوعب شيئًا.
اليوم كان من المفترض أن يكون يوم احتفال.
عمتي قد أفاقت، والعائلة اجتمعت لأول مرة في هذا العيد.
‘لقد كان من المفترض أن يكون يومًا سعيدًا للغاية…’
شعرت بحرارة تسري في أطراف عينيّ.
صورتان تتداخلان في ذهني: أبي وهو يترنّح، وجدي وهو يركض مبتعدًا.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات