توقفت عن إكمال جملتي. كلمات غير متوقعة قطعت تسلسل أفكاري.
“أنا ابنة أبي ولابيلا؟”
فتحت عينيَّ على اتساعهما وأنظر إليه. عيناه الزرقاوتان تحدقان بي بتركيز.
“ماذا قلت للتو؟ أنا ابنة… مَن؟”
رفع أبي يده ببطء، ومرر كفه الكبير على خديّ.
“كنت أشك في البداية. هل يمكن أن يكون هذا حقيقيًا؟ ولكن الآن أنظر إليكِ فأشعر باليقين.”
صوته الرطب بالدموع كان يهمس بعاطفة جياشة.
“كيف لم أعرفكِ من قبل؟ كيف كنتُ أعمى إلى هذا الحد؟”
“…أبي، ماذا… أنا لا أفهم…”
شعرت بدوار يغزو رأسي. الكلمات التي انهمرت عليّ فجأة اختلطت في ذهني كالفوضى.
“مانيت أخبركِ، أليس كذلك؟ أن أمكِ كانت كاهنة. لابيلا أيضًا كانت كاهنة. تلك الكاهنة التي اختارها المعبد سرًا كقديسة.”
كنت أعرف بالفعل أن لابيلا كانت كاهنة، فقد أخبرني أبي من قبل. لكن أنها كانت “مرشحة للقداسة” كانت معلومة جديدة.
“…لابيلا كانت مرشحة للقداسة؟”
لا، هذا ليس المهم الآن. هل تعني أن لابيلا هي… أمي؟ الأم التي أنجبتني؟ وأن أبي هو أبي الحقيقي؟
“لا، هذا مستحيل.”
كيف يمكن لهذا أن يحدث؟ أين المنطق في هذه المصادفة؟
بينما كنتُ غارقة في حيرتي، عادت يد أبي لتمسح دموعي. وفي نفس اللحظة، شعرت ببلل على خديّ.
“آه…”
كنت أبكي. دون أن أدري، كانت الدموع تنهمر من عينيَّ.
ابتسم أبي ضاحكًا من دموعي وقال: “كانت لابيلا تمتلك عينين بنفسجيَّتين مثل عينيكِ، تشبهان زهور البنفسج.”
العينان البنفسجيتان.
“نعم، هذا صحيح.”
تذكرت تلك اللوحة التي صادفتها عندما كنتُ أهرب من آشا. تلك المرأة الجميلة ذات العينين البنفسجيتين والابتسامة الرائعة. حبيبة أبي الوحيدة، كونتييه بانتايبي.
“…لماذا لم أعرفكِ من قبل؟”
من بين ضباب حيرتي، سمعتُ همسة غاضبة. عينا أبي تتقدان غضبًا وندمًا.
“لو لم أكن متعجرفًا، ولو أجريت اختبار الأبوة منذ البداية… لكنت عرفت الحقيقة منذ أربع سنوات.”
كان تعجرفه ذلك الإيمان بأنه “لا يمكن أن يكون له ابنة”. لكن…
“…لكن هذا طبيعي.”
لم يكن في حياة أبي سوى لابيلا، فكيف له أن يتخيل أن لديه طفلة؟ أنا ابنته؟ ابنته مع لابيلا؟
“…هل هذا حقيقي؟ هل أنا حقًا… ابنة أبي؟ وهل لابيلا حقًا… أمي؟”
صوتي المرتجف بالبكاء كان بالكاد مسموعًا. شعور بالاختناق جعل الكلام صعبًا.
أبي ظل يمسح دموعي بيديه، كما كنتُ أفعل معه قبل قليل.
“لو علمت أن لي ابنة، لكنت بحثت عنكِ في كل بقاع الأرض. لكنت قلب العالم رأسًا على عقب لأجدكِ.”
بل وبحرص أكبر، وبعناية فائقة…
“أعتذر لأنني لم أعرفكِ من قبل، ميلوني. هذا خطأي.”
الدموع التي كانت قد توقفت عادت تنهمر من عينيه.
“عانيتِ كثيرًا بمفردكِ. شكرًا لأنكِ بقيتِ على قيد الحياة. شكرًا لأنكِ صمدتِ. شكرًا لأنكِ أتيتِ إلى جانبي.”
“ابنتي.. طفلتي.. ميلوني العزيزة…”
“..أبي.”
بصوت مكسور، قبضت بقوة على كفيّ. رغم أن هذه الكلمة اعتدت نطقها كل يوم، إلا أنها اليوم بدت مختلفة تمامًا.
هذا.. هذا مختلف…
“أبي.. أبي.. أبيييي!”
مثل فرخٍ ينطق لأول مرة، لم أستطع إلا تكرار هذه الكلمة.
“أبي الحقيقي..”
أمي وأبي لم يتخلّيا عني. لم يتركاني لأنها كرهاني.
منذ أن عرفت أنهم أوكلوني لمانيت لإنقاذي، علمت أنهم لم يتركوني في برامشوا لأنهم كرهوني. لكن مع ذلك…
“ظللت أخشى.. أنهما ربما تخلّيا عني عمدًا.”
ظل هذا الشك كخيط رفيع في قلبي. لكن إن كان أبي هو أبي الحقيقي، وإن كانت لابيلا أمي، وإن كنت ثمرة حبهما، طفلةً تستحق الحب…
“أبييييي! أميييي!”
انفجرت في البكاء. بكاءً عاليًا بكل ما أوتيت من قوة.
هل كانت دموع دهشة؟ أم رعب؟ أم حزن؟ أم لوم؟ مشاعر مختلطة تجاذبتني بعنف.
لكن شيء واحد كان مؤكدًا…
“أميييي…!”
كنت أشتاق لأمي ببساطة.
—
ذكريات الماضي
كان الهواء باردًا على جسدها. كانت المرأة الممددة على جرائد في زاوية مظلمة تحاول أن تغمض عينيها المتعبتين.
“لم أحصل على أي شيء اليوم.”
لا نقود، ولا حتى لقمة طعام. تمنت لو أن أحدًا أشفق عليها، لكن كل ما حصلت عليه كان نظرات ازدراء.
الأكثر إيلامًا كانت تلك العائلة. طفل في السابعة بين ذراعي أبيه يحدق بها. أبواه أسرعا بحجب نظره عنها:
“لا تنظر إلى هؤلاء!”
ثم عبروا بسرعة. ميلوني حدقت بهم بذهول.
“أغار…”
لم تكترث بأن عاملوها كقذارة. اعتادت على ذلك منذ زمن. في الملجأ، في الشوارع.. اعتادت ألا تُعامل كإنسان.
لكن هذا الشعور بالوحدة.. لم تعتاده أبدًا. كلما كادت أن تتأقلم، يعود ليخنقها.
“أتمنى لو كان لدي عائلة.”
شخص يكون في صفي. أفراد أستطيع أن أنتمي إليهم.
لكن الواقع كان قاسيًا: أرصفة باردة، وحدها، تنام على جرائد ملقاة كالقمامة.
“حياة مهجورة…”
قبضت ميلوني على كفيها وهي مستلقية. شهقت من شدة البرد.
كانت ليلة قارصة.
—
العودة للحاضر
بعد أن صدح بكاء ميلوني في جميع أنحاء القصر:
“من الذي أبكى حلوتنا؟!”
“ما الخطب يا صغيرتي؟!”
“ميلوني!”
كان كارلوس، لويس، وكاليكس أول الواصلين. من دون تنسيق، اندفعوا جميعًا إلى غرفتها.
“سيدتي!”
“هل أنت بخير؟!”
“الأميرة!”
من خلف الثلاثة الذين أتوا كالريح، ظهر الخدم بوجوه حائرة. حتى هدسون، الذي وصلت الهالات السوداء تحت عينيه إلى ذقنه، كان بينهم.
ميلوني، التي كانت تبكي بين ذراعي أبيها، نظرت إلى كل من أتى ليطمئن عليها واحدًا تلو الآخر. ثم…
“واااااه!”
انفجرت في بكاءٍ أعلى. كانت نوبة بكاء عارمة حقًا.
—
شهيق… شهيق…
كنت جالسة في حضن أبي أنشف دموعي (أو ربما مخاطي، لا أعرف حقًا). اقترب كاليكس بهدوء ومد لي منديلاً.
“ششكرًا…”
آه، أنفي مسدود! البكاء الشديد جعلني لا أستطيع التنفس.
نفخت أنفي بقوة في المنديل الذي سلمه لي كاليكس.
تنهيدة ارتياح “أخيرًا أستطيع التنفس.”
سأشتري له منديلاً جديدًا لأعوضه… بينما كنت أطوي المنديل المتسخ، سمعت صوت الجد:
“لا أفهم ما يحدث… إذن حلوتنا هي حقًا ابنتك أنت ولابيلا؟”
بدأ الجد الحوار. أبي شرح لكل العائلة ما حدث اليوم.
“بالمناسبة، كاليكس استمع أيضًا…”
حسنًا، لا بأس، فهو كصديق مقرب أصبح كالعائلة الآن.
وهدسون أيضًا… هدسون المخلص الذي أتى مسرعًا عندما سمع بكائي، اضطر للبقاء جالسًا على أريكة غرفتي بأمر من أبي.
“إذن الصغيرة هي حقًا… أعني، كانت دائمًا أختي بالمعنى المعنوي، لكن الآن أصبحت أختي بالدم؟”
“نعم، هذا صحيح.”
أجاب أبي بفخر وهو يربت على رأسي بلطف. نظرة حنونة غمرت وجهي.
“لكن… هل نحن متأكدون؟ بالطبع أنا سعيد جدًا بأن تكون حلوتنا من دمي، لكن ماذا لو كان هناك خطأ؟!”
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل "134"