4
بعد أن سارت ‘تيه’ خمسة عشر دقيقة إضافية، توقفت بين الأشجار الضخمة وبدأت تفكر.
‘لقد وقعت في ورطة كبيرة!’
كان عليها أن تذهب إلى العاصمة، فانطلقت أولًا، لكن مهما مشت لم تظهر العاصمة أمامها.
‘آه، في حي جونغنو كان يكفي أن أمشي قليلًا فقط لأصل إلى مدينة ضخمة.’
لكن يبدو أن عاصمة هذا العالم أبعد بكثير مما كانت تتصور.
“ماذا أفعل الآن…….”
راحت الطيور تحلّق فوق رأسها مغرّدة.
‘لو كان عندي أجنحة لتمكنت من الطيران فورًا.’
لحظة، أجنحة؟
“…….”
تلألأت عيناها بريقًا.
استدارت ‘تيه’ بهدوء نحو ‘كّامانغ’.
كان ‘كّامانغ’ متكئًا على شجرة وذراعاه مطويتان، يبعد عنها بخطوات قليلة.
“كّامانغ، اسمع.”
“لن أسمح لك أن تركبي على ظهري.”
“آه، فـفهمت…….”
ارتسم على وجه ‘تيه’ حزن مفاجئ.
كانت تأمل أن تتمكن من الركوب على ظهر ‘كّامانغ’، لكنها خاب أملها.
والآن حين تنظر جيدًا، بدا أن جناحي ‘كّامانغ’ أصغر قليلًا مما توقعته من دمية أسطورية.
لكن ‘تيه’ لم تستسلم، بل خطرت ببالها فكرة أخرى.
“كّامانغ، إذن ربما…….”
“لا، لا أستطيع استخدام الانتقال الآني أيضًا.”
“هاه…… حقًا؟”
كان هذا صادمًا قليلًا.
فـ’كّامانغ’ دمية أسطورية، أليس كذلك؟
وحتى أن انتقالها من كوريا إلى هذا العالم كان بمساعدة ‘كّامانغ’ بالذات.
وبينما كانت ‘تيه’ تقطب حاجبيها بقلق، أضاف ‘كّامانغ’:
“لقد استنفدتُ قوتي حتى الحد الأقصى. أتظنين أن إحضارك إلى هنا كان أمرًا سهلًا؟”
أطبقت ‘تيه’ شفتيها من شدة الدهشة.
والآن فقط لاحظت أن وجه ‘كّامانغ’ كان شاحبًا بعض الشيء.
“كي أُنقذ أباكِ اضطررتُ إلى لمس بُعد آخر، وفوق ذلك، عندما غفوتِ أنتِ، كان علي أن أوفر لك مكانًا للنوم…….”
توقف ‘كّامانغ’ عن الكلام ثم تمتم مع نفسه كأنه يلوم ذاته:
‘……ما الذي أقوله الآن؟’
لكن سرعان ما نظر إلى ‘تيه’ ثانيةً، وكأن الأمر لا يهم.
“على أية حال، لا أستطيع أن أفعل شيئًا الآن.”
عضّت ‘تيه’ شفتها.
لقد شعرت فجأة بالأسف تجاه ‘كّامانغ’.
فهو منقذها، الذي أعاد أباها من بين أنياب الفقد، والذي أعادها بدوره إلى وطنها.
‘……لا ينبغي أن أظل أزعجه دون إدراك لجميله.’
لم يكفها أنها أثقلت كاهل أبيها من قبل، حتى تصبح الآن عبئًا على ‘كّامانغ’ أيضًا؟
اقتربت ‘تيه’ بتردد من ‘كّامانغي’.
“كّامانغ، هل تريد أن أدلك كتفيك؟”
ارتسمت على وجه ‘كّامانغ’ ملامح غريبة.
“ماذا؟”
“لقد تعلمت التدليك المفيد في الروضة! كنتِ الأولى في صف السمان!”
“لا داعي.”
مدّت ‘تيه’ يدها، لكن ‘كّامانغ’ ابتعد بسرعة.
ثم أردف بوجه لا يزال متجهمًا:
“ليس هناك حاجة لذلك. حتى لو بقيت لدي قوة، ما كنت لأتمكن من استخدام السحر المتقدم على أية حال.”
“همم؟”
“أقصد السحر المتقدم. خصوصًا السحر الذي يترك أثرًا واضحًا مثل الانتقال المكاني، فمن السهل أن يُتَتبَّع.”
تجمد وجه ‘تيه’ عند سماع كلمة “تتبع”.
ففي الصحف أو نشرات الأخبار، كلما ظهرت كلمة “تتبع” كان والدها يرسم وجهًا قاتمًا.
والحقيقة أن ‘تيه’ كانت تعرف سبب ذلك.
‘التتبع… إذا حدث، فسيأتي بعده الطرد…….’
والطرد يعني النفي والإبعاد.
لم تكن تعلم لماذا يجب أن يُطرد والدها، لكن الكبار قالوا إنه لو طُرد فقد تُفصل هي عن أبيها ويبتعدان عن بعضهما مسافات بعيدة.
هزّت ‘تيه’ رأسها بعنف.
لا، لا يمكن أن يحدث التتبع، ولا الطرد. أبدًا.
كيف وصلت إلى هنا بكل صعوبة؟
وكيف عادت إلى وطنها حيث ما زال والدها حيًّا؟
رفعت ‘تيه’ رأسها بسرعة.
“كّامانغ!”
كانت تنوي أن تخبره بألا يستخدم السحر أبدًا، لكن…
“كّامانغ؟”
المكان الذي كان فيه ‘كّامانغ’ منذ لحظات صار فارغًا تمامًا.
أسرعت ‘تيه’ تركض، فإذا بعينيها تقعان على حجر أسود صغير ملقى بين أوراق الشجر.
حدقت فيه بعينين مصدومتين، ثم أسرعت تلتقطه.
بعدها فتحت حقيبتها الصغيرة التي جلبتها من الروضة تحسبًا لمثل هذه اللحظات.
“كّامانغ…….”
يبدو أنه غلبه النوم بعد أن استنفد قواه، كما قال.
فالدمى السحرية عندما تفرغ طاقتها تعود إلى كرة الدمية لترتاح.
‘لا تقلق يا كّامانغ، سأهتم أنا بالأمر هنا.’
وضعت ‘تيه’ الحجر بعناية داخل الجيب الداخلي للحقيبة، ثم أغلقت السحّاب حتى النهاية.
وبعد أن تأكدت مرتين بإحكام، حمَلت الحقيبة على ظهرها.
“حتى لو كان الأمر صعبًا، علي أن أواصل السير!”
تذكرت حكمة الجدة في الشقة 107 التي كانت تقول دائمًا إن على الإنسان المضي قدمًا مهما حصل.
فتحركت ‘تيه’ بخطوات قوية، قوية جدًّا.
من دون أن تدرك أبدًا ما الذي ينتظرها أمامها.
—
“طعمه سيئ بشكل مقرف.”
تمتم ‘باستو’ وهو يمضغ جزرة برية بملل.
كان يعرف أن الوقت ليس وقت التذمر بشأن الطعام، لكن مضغ الشيء نفسه ثلاثة أيام متتالية بدأ يثير ضجره.
أسند ظهره إلى جذع شجرة وأخذ يتفحص محيطه بهدوء.
لقد مرت ساعتان منذ أن نصب الفخاخ في المكان، لكن لم يأت أي إشارة بوقوع صيد.
“……اللعنة على هذه الوحوش اللعينة.”
كان هذا الغابة فيما مضى عامرة بالأرانب والغزلان وسائر الحيوانات البرية.
لكن ما جعلها فارغة الآن لم يكن سوى أثر الوحوش.
“مرتزقة، جنود إمبراطورية… ليقتلوا ألف مرة فلن يجدي.”
فهنا إذا دُمّرت إحدى الأحجار السحرية خرجت الوحوش من حجر آخر.
وإذا حُطِّم ذاك الحجر، ولِد حجر جديد مع وحوش أخرى.
لا نهاية لتدفق تلك الكائنات البغيضة، حتى لو ذُبحت بالعشرات.
“تف!”
بصق ‘باستو’ ما كان يمضغه من الجزرة ونهض من مكانه.
وبينما يلوّي جسده للتخلص من التصلب، راحت مفاصله تطقطق بصوت عالٍ.
ثم مسح لحيته الكثيفة بكفّه قبل أن يخرج خريطة خشنة من تحت درعه.
[بريوود]
هذا هو اسم الغابة متوسطة الحجم التي تبعد خمسة أيام جنوب العاصمة.
كانت ممتدة بشكل عرضي، وكأنها تحيط بالعاصمة من بعيد، وقد رُسمت عليها ثلاث نقاط حمراء بارزة.
أخرج ‘باستو’ قطعة فحم ورسم X على إحداها.
كانت تلك النقطة موقع الحجر الصغير الذي دمره ليلة البارحة.
‘لقد كدتُ أموت أمس حقًا.’
ابتسم بمرارة وهو يتذكر المعركة الفوضوية.
فحتى الحجر الصغير يبقى حجرًا سحريًا، وعندما ظهر وحش طائر فجأة، وجد نفسه مرتبكًا للحظة.
أحيانًا كان يمقُت هذا العمل الذي يتطلب المخاطرة بحياته.
لكن……
“……انتهى الأمر.”
هزّ ‘باستو’ رأسه بعنف ليطرد خواطره، ثم شدّ درعه بإحكام من جديد.
المهم الآن أنّه نجا مرة أخرى ولم يمت.
التجوال وحيدًا كمرتزق، وذبح الوحوش كقاتلٍ سفّاك، والتلطخ بدمائها، كل ذلك سينتهي في اللحظة التي يتوقف فيها نَفَسه.
“عليّ أن أفكك الفخاخ ثم أعود تدريجيًا إلى العاصمة.”
أعاد الخريطة إلى مكانها وهمّ بالتحرك.
تنغ—
صوت صغير مألوف اخترق طبلة أذنه.
إنه صوت الحبل المشدود وقد انفكّ، إشارة إلى أن شيئًا علق في فخّه.
التقط ‘باستو’ سلاحه الثقيل، الـ”وور هامر”، الذي كان مسندًا إلى الشجرة، وانطلق يعدو نحو الفخ.
‘كنت أظن أن الحيوانات البرية انقرضت هنا.’
هل يكون أرنبًا؟
أم فأرًا أو ابن عرس؟
لو كان خنزيرًا بريًا أو غزالًا لكان أفضل الاحتمالات، لكن في الحقيقة لم يمانع حتى لو كان فأرًا.
فهو ليس لذيذًا للغاية وصعب التقطيع لكثرة عظامه، لكنه في النهاية قابل للأكل أكثر مما يظن الكثيرون.
لكن في تلك اللحظة—
“……هَيك.”
التقط سمعه صوتًا آخر.
ومن المؤكد أنه قادم من اتجاه الفخ.
تراخى خطوه قليلًا.
‘يشبه تمامًا صوت إنسان…….’
“هَيك!”
قطب ‘باستو’ حاجبيه.
لقد كان محقًا.
الصوت المنبعث من ناحية الفخ لم يكن سوى صوت فواق (زغطة).
خفض جسده وسكّن حركته، ثم انطلق بخفة بين الأشجار متسللًا.
وجود شخص في غابة تنتشر فيها ثلاثة أحجار سحرية لا بد أن يعني أنه مرتزق أو فارس.
ومع ذلك لم يستطع التهاون.
فلو كان شخصًا عالقًا حقًا، لصرخ طالبًا النجدة أو حاول تمزيق الشبكة بسلاحه ليهرب.
لكن لا صراخ ولا استغاثة، فقط فواق متكرر.
لم يرَ مثل هذا من قبل.
وأخيرًا وصل ‘باستو’ إلى الفخ، وأزاح الأغصان بهدوء ليوسع مجال رؤيته.
شبكة منسوجة بإحكام كانت معلقة بأحد الأغصان العالية، تتأرجح في الهواء.
ولما حاول أن يرى ما بداخلها، تجمد جسده فجأة.
“……هَيك.”
من داخل الشبكة، اصطدمت عيناه بعينين خضراوين زاهيتين تحدق به مباشرة.
وكان هناك، في قلب الشبكة، طفلة صغيرة ترتجف من الخوف وهي تنظر إليه.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 4"