قرية الميناء “برل سيتي”، حيث ترسو السفن القادمة من القارة الجنوبية.
في الحانة الشهيرة <جستر>، التي يتجمع فيها المرتزقة المشهورون وأصحاب الصيت الرفيع، كان المكان يعجّ بالناس كعادته.
“خبر عاجل! خبر عاجل!”
دخلت امرأة ملفوفة بضماد حول عنقها، وهي تدفع الباب بقوة.
توجّهت جميع الأنظار نحوها، لكنها لم تُعر الأمر اهتماماً، بل شقت طريقها وسط الطاولات حتى وصلت إلى البار أمام الساقي.
“سيدي القائد! خبر ضخم، ضخم! حقاً إنه حدث كبييير للغاية، صدقني!”
عند صوتها، استدار ببطء رجل كان يحتسي مشروبه عند البار.
تحت غطاء الرأس بدت خصلات شعره الأسود المبعثر، وعيناه الباردتان التقتا بعيني المرأة، التي سارعت بالكلام.
“تقول الأخبار إن فرقة مرتزقة ناشئة تمكنت من عبور البوابة؟ المشكلة أن مؤسسها هو……!”
“ها قد بدأنا من جديد.”
في تلك اللحظة قاطعها رجل آخر كان جالساً بجوارها.
كان يربط شعره الأزرق الداكن إلى أعلى، ونظر إليها باشمئزاز.
“ليفيا. ألا تعرفين معنى قولهم ‘عصر المرتزقة العظماء’؟”
ارتفع حاجب ليفيا.
“ماذا تقصد؟”
“تأسيس فرق مرتزقة صغار في مراكز التسجيل أمر يحدث يومياً. هل ترين أنه من اللائق إضاعة وقت القائد براويات تافهة كهذه؟”
برقت عينا ليفيا.
“……لماذا تتشاجر معي مجدداً، أيها الأحمق؟ أنت لا تعرف شيئاً عن الأخبار التي جلبتها، فكيف تجرؤ أيها الحقير؟!”
ابتسم فيكتور، المبارز ذو الشعر الأزرق الداكن، ابتسامة باردة وهو يواجه ليفيا.
“أياً كان الخبر، فلن يختلف في كونه عديم القيمة.”
“أنت أيها الوغد! لقد طفح الكيل…….”
وبينما كانت ليفيا تستل سيفها من خصرها، جاء صوت ثالث:
“فيكتور. ليفيا محقّة.”
دخل رجل قصير الشعر فضيّ اللون عبر مدخل الحانة.
كان صدره متدلياً منه عدة كرات سحرية متلألئة (الأورب – وهي كرات تخزّن وتضخّم الطاقة السحرية).
خطا بخطوات ثابتة حتى وقف أمام الرجل الذي كان يُلقّب طوال الوقت بـ”القائد”.
“يبدو أن نوعاً غريباً قد ظهر، يا قائد.”
ساد صمت ثقيل المكان كما لو سكب الماء البارد فوق الجميع.
وقبل أن يتحدث القائد، كان فيكتور هو من تساءل سريعاً:
“نوع غريب؟”
“نعم، إنه ساحر. بل وساحر قوي للغاية.”
تجمدت ملامح فيكتور للحظة.
“ما الذي تعنيه؟ أتقول إن ساحراً هو من أسس فرقة مرتزقة، يا أليريك؟”
“بالضبط.”
قطّب فيكتور حاجبيه.
ففي أيام إمبراطورية تالوشيوم كان وجود السحرة نادراً.
إذ لا يكفي أن يولد المرء بموهبة عظيمة، بل عليه أن يبذل جهداً هائلاً ليصبح ساحراً.
أولاً، يجب أن يولد بجسد يفيض بطاقة المانا.
ثم عليه أن يتعلم كيف يحوّل هذه الطاقة إلى أشكال مختلفة.
وبعدها أن يسيطر عليها بحرية خارج جسده.
لكن المشكلة أن القادرين على ذلك كانوا قلّة قليلة للغاية.
‘لهذا السبب كانوا يعدّون جميع السحرة وحوشاً، أليس كذلك؟’
في الحقيقة، كل السحرة الذين صادفهم فيكتور في حياته لم يكونوا بكامل قواهم العقلية.
وبالطبع، أليريك الواقف أمامه لم يكن استثناءً.
ألقى أليريك نظرة على القائد ثم واصل:
“لكن هذا الغريب يتعامل مع خاصية مميزة للغاية.”
كان لكل ساحر خاصية خاصة به.
أليريك مثلاً كان ساحراً ذا خاصية مائية يستخدم الأورب.
أما في البلاط الإمبراطوري فقد قيل إن ثمة سحرة يمتلكون خصائص أعظم.
لكن خاصية “مميزة”؟
“وأي خاصية هذه؟” سأل فيكتور.
حدّق أليريك فيه وأجاب:
“إنه مستحضر أرواح.”
“مستحضر…… أرواح؟”
لم يسبق أن سمعوا بلقب ساحر كهذا.
بل يمكن القول إنهم سمعوا عن وجوده في الحكايات، لكنهم لم يعتقدوا بوجوده فعلاً.
“ما الذي تعنيه؟ أي خاصية بالضبط يسيطر عليها؟”
“لا يمكن الجزم. لكن على الأرجح إنها خاصية الظلام. لقد استحضر هيكلاً عظمياً.”
ارتفع الضجيج فجأة في الحانة.
ساحر بخاصية الظلام؟
ذاك الذي لم يظهر قط في التاريخ، والآن ينبثق من العدم ويستدعي مخلوقاً لا وجود له إلا في الأساطير – “الهيكل العظمي”؟
“هل هذا صحيح؟”
وأخيراً، الرجل الذي ظلّ صامتاً طوال الوقت، ذاك الذي نادوه جميعاً بـ”القائد”، فتح فمه.
كان يدوّر كأسه شبه الفارغ بيده وهو يحدّق في أليريك.
“هل هذه معلومات مؤكدة؟”
انحنى أليريك باحترام.
“بالتأكيد. لقد استقيتها من شبكة اتصال الفرسان المقدسين.”
“هممم…… هكذا إذن.”
تمتم القائد بنبرة يملؤها الاهتمام.
“من أين ظهر هذا الشخص؟ كنت أظن أن السحرة الأقوياء جميعاً قد اجتذبتهم المراتب العليا.”
“لهذا السبب أطلقوا عليه لقب ‘نوعاً غريباً’. لم يحدث من قبل أن أسّس ساحر فرقة مرتزقة بنفسه.”
عادة ما كان السحرة يُختارون وينضمون إلى فرق قائمة بالفعل.
حتى أقوى السحرة لم يتمكنوا من قيادة معركة بسبب حدود المانا.
وبنية الفرق أصلاً لا تسمح إلا لمن يملك القدرة على القيادة بتولي منصب “القائد”.
‘وساحر مجهول يؤسس فرقة جديدة؟’
هذا يعني إما أنه واثق بجنون من قوته، أو أنه فعلاً قوي إلى هذا الحد.
أخرج أليريك بعض الأوراق ووضعها أمام القائد.
“أغابيرت؟”
ارتسمت على وجه القائد لمحة من الفضول.
فرقة المرتزقة <أغابيرت>.
حتى الآن، عدد أفرادها أربعة.
أولهم باستو فاريكس، الذي كان نائب قائد في فرقة <كلاب الموت>.
“نوردكس و بيل؟”
لم تكن لديه أية معرفة بهذين الاسمين.
مما يعني على الأرجح أنهما مجرد صغار لا قيمة لهما.
لكن الاسم الأخير……
“ملك الموتى…”
توقفت عيناه عند الكلمة المكتوبة بوضوح.
وسرعان ما ارتسمت ابتسامة بطيئة على شفتيه.
“ماذا، هذا الوغد. هل يُخفي اسمه الحقيقي الآن؟”
بدت عيناه، بلونهما الممزوج بين الأخضر والبني، وكأنهما تنحنيان، ثم ارتفع في الحانة ضحك عالٍ مدوٍّ.
“آه… إنه حقًا شخص ممتع للغاية.”
ملك الموتى، ها؟
كل ما يتعلق به كان يثير فضوله.
بدءًا من خروجه المفاجئ بعد أن ظل مختبئًا طوال تلك الفترة، مرورًا بكونه يتعامل مع سحر الظلام الذي لم يسبق له وجود من قبل، وحتى تلقيه منذ البداية ألقابًا كـ ‘المتفرّد’ و’مستحضر الأرواح’… كان ذلك كله جديدًا ومثيرًا.
وفوق ذلك، كانت آخر معلومة مكتوبة…
“ملك الموتى، يقول؟ لا بد أنه هو نفسه من سمّى نفسه هكذا، أليس كذلك؟ يا لها من سخرية مضحكة حد الجنون.”
ظل الرجل يضحك بصوت مكتوم طويلًا قبل أن يضع الورقة جانبًا.
ثم أسند ذراعيه على البار وأخذ يتفحص الحانة ببطء.
“يا رفاق، يبدو أن عليكم أن تبدأوا بالتوتر قليلًا الآن، أليس كذلك؟”
انطلقت ضحكات ساخرة هنا وهناك، وزفرات، وشتائم متذمرة.
لكن الرجل لم يُعرها أي اهتمام، واكتفى بهز كتفيه بخفة.
“أنتم كنتم تجدون صعوبة في القتال على المراتب بسبب وجودي فقط….”
لوّح بالورقة بخفة في الهواء.
“أما هذا، فيبدو غير عادي منذ البداية، فماذا ستفعلون؟ قيل إنه يتجول بهيئة فتاة صغيرة في الرابعة من عمرها.”
دبّت الضوضاء في الحانة.
“يبدو أنه مجنون من الطراز الثقيل. ربما سيصعد بسرعة في وقت قريب.”
وحده الرجل ظل محتفظًا ببروده.
عندها تكلم سيد المرتبة الثانية في تصنيف مرتزقة الإمبراطورية، زعيم <غريم ريبر>، رِيبر.
“سخيف! عليك أنت أيضًا أن تقلق، أليس كذلك؟”
ارتفع صوته المعادي، فالتفت الرجل إليه ببطء.
“حتى لو كنت الآن في المرتبة الأولى، من يدري إلى متى ستبقى لك تلك المجد؟ لا تتعجرف.”
“…آه، هذا أيضًا مضحك للغاية.”
“ماذا؟”
ارتسمت على شفتي الرجل ابتسامة مائلة.
“صديقي، هل تظن أنه إذا سقطتُ أنا، ستقفز أنت إلى المركز الأول؟”
“أيها الوغد!”
“المرتزق لا يكفيه أن يستخدم جسده بوحشية فقط. عليه أن يستخدم عقله أيضًا، رِيبر.”
نقر الرجل بسبابته على رأسه مرتين.
ثم، وهو يقلد نبرة أرستقراطية، قال:
“كفّ عن الأوهام وتقبّل الواقع قليلًا. وإن واصلت إزعاجي، فلن أترك لك حجر مانا واحدًا لتتغذى عليه لاحقًا.”
احمرّ وجه رِيبر وتلّون بالغضب.
لم يستطع كبحه، فضرب الطاولة بقوة، غير أن الرجل ابتسم ساخرًا وهو يمر بجانبه دون أن يتوقف.
وتبعه من خلفه جمع غفير.
كانوا أتباعه، وأعضاء المرتزقة الذين ينتمي إليهم.
تركوا الحانة شبه خالية.
أما رِيبر فصرّ على أسنانه بغضب.
“ذلك… ذلك الوغد…!”
تيستان فيرونيو، اللعين!
كان مشهورًا بكونه أكثر شخص بغيض، لكن أحدًا لم يجرؤ على معارضته.
وكيف لهم ذلك وهو زعيم <تريفاغا>، المسيطر على المرتبة الأولى بلا منازع،
ولم يهبط من المركز الأول في التصنيف الفردي منذ ظهوره،
بل عُدّ كذلك أقوى مقاتل في العالم الحالي،
“ذلك المجنون!”
إذ ذاع صيته في الوسط بكونه ‘المجنون’ الذي لا يُجارى.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات