لكن على خلاف ما كانت تردده في رأسها بحماسة، كان قلب تيه يخفق دق دق بشدة.
ومنذ قليل، راحت قطرات العرق البارد تتسرب من راحتي يديها المضمومتين خلف ظهرها.
ولكن،
‘أيتها الصغيرة… هل أنتِ واثقة أنك تستطيعين التمثيل بإتقان؟’
حين تذكرت تيه بيل الذي ظل يمازحها طوال الطريق، اشتعلت إرادتها من جديد.
فشدّت ملامحها بصرامة، ومدّت صدرها إلى الأمام بكل قوة.
ثم أرسلت إشارة إلى صديقها العظمي خلفها.
‘أيها العظمي الثالث! أرعبهم، أرعبهم!’
وما إن أنهت الجملة حتى انبعث من الخلف صوت طقطقة عظام.
لمحت تيه ذلك المشهد بطرف عينها، فشحبت ملامحها.
‘لقد أدار رأسه دورة كاملة وسحب السيف من غمد سيف بيل اوبا…’
هذا مخيف جداً، بل مرعب إلى حد لا يُحتمل.
لكن ما العمل الآن وقد وقع الأمر بالفعل؟
تماسكت تيه في داخلها، وثبتت نظراتها بوجه متغطرس قدر المستطاع نحو الفارس المقدس أمامها.
“أيها الفارس.”
لم تنطق سوى كلمة واحدة، ومع ذلك رأت الفارس ينتفض فجأة.
‘أيمكن أن أكون مخيفة فعلاً؟’
في الحقيقة، لم تكن تيه تحمل انطباعاً جيداً عن فرسان المعبد في مركز التسجيل.
فهم الذين طردوا تيه وباستو من هنا يوم قدومهما الأول بفظاظة.
لم يكونوا ودودين على الإطلاق، بل إنهم تهكموا على العم باستو الطيب وسخروا منه من خلفه.
‘انتظري… أهذا يعني أن تيه الآن تنتقم لتلك الحادثة؟’
قفز قلبها بقوة أكبر.
شعرت وكأنها أصبحت شخصية عظيمة بحق، فارتفعت كتفاها قليلاً.
لكن ربما بحماستها المفرطة…
“هل أنت حقاً فضول…ي بشأن اسمي؟”
تعثر لسانها عند الكلمة الأهم!
وسمعت بيل يكتم ضحكة وهو يتمتم: “قهه…”
فجزّت تيه على أسنانها مركّزة ذهنها.
‘جديّة صارمة! جديّييية صارمـــة!’
إن انهارت الآن فكل شيء سينتهي.
وجب على تيه أن تثبت حضورها هنا مهما كلّف الأمر.
‘تيه الخفية! تيه الأقوى! تيه القوية مثل أسطورة بوبّتمون! تيه المالكة الملكية لتانيبانغ! تيه التي إن رفعت التحوّل تحوّلت إلي شكل مثل العم باستو ضخم كثيف الشعر!’
وبينما تكرر ذلك بحماسة، هدأ قلبها قليلاً.
فأطلقت من عينيها نظرة مخيفة ومرعبة.
نفس النظرة التي كان والدها يرسمها حين يدخل سكير إلى الزقاق أمام المنزل في جونغنو.
“لن تتحمل اسمي الحقيقي.”
وما إن ألقت الجملة حتى بدا الفارس مرتبكاً.
كانت عيناه تمسحان وجه تيه وملابسها وصديقها العظمي الثالث بتوتر ظاهر.
فنظرت إليه تيه وأضافت آخر جملة حاسمة:
“اسمي الحقيقي هو ملكة الأرواح. أليس هذا كافياً؟”
***
في الداخل، عند مركز التسجيل.
لم يكن الوصول إلى الخيمة المخصصة إلا بعد المرور على عدة فرسان حراس.
“…أ… أنا أصبحت الأقوى.”
تمتمت تيه وكأن روحها قد فارقتها.
بينما كان بيل يطل من الخيمة ليتفقد الخارج، وضع إصبعه على شفتيه قائلاً:
“أيتها الصغيرة، لا تسترخي. عملية تسجيل المرتزقة لم تنتهِ بعد، أليس كذلك؟”
انتبهت تيه فجأة.
كان كلام بيل صحيحاً.
لقد أظهرت حجر المانا واستعرضت هيكلها العظمي، فتجاوزت المرحلة الأولى.
لكن الآن، كان الأربعة قد دخلوا إلى الخيمة الداخلية لتسجيل المعلومات الأساسية الخاصة بالمرتزقة.
“أحسنتِ، تيه.”
قال باستو مشيراً بعينيه إلى الورقة التي كانت تيه تمسكها بيدها.
“إن حقيقة أنهم لم يجرؤوا على السؤال عن اسمك الحقيقي، فهذا يعني أنهم لا يستهينون بك. حافظي على هذا النهج فحسب.”
هزّت تيه رأسها بحماسة.
في الحقيقة، منذ أن استدعت تيه صديقها العظمي الثالث، ساد الهرج والمرج أمام مركز التسجيل.
فالجميع كانوا يرمقونها بنظرات مرعوبة، وإذا التقت أعينهم بها أسرعوا يحيدون بأنظارهم.
بل إن بعضهم أحياناً كان ينظر إليها كما لو كانت نجمة آيدول تلفزيونية.
فشعرت تيه بارتباك في داخلها وفكّرت:
‘هممم، يبدو أن استدعاء العظمي الثالث كان قراراً صائباً.’
في الأصل، كانت تنوي استدعاء العظمي الأول.
لكن العظمي الأول قال أنه أرهق من كثرة حمل تيه لرأسه.
ثم أوصى باستدعاء العظمي الثالث، وكان السبب بسيطاً:
‘العظمي الثالث أكثر رعباً في مظهره، فيجعل تيه تبدو وكأنها ملكة الأرواح حقاً!’
وفعلاً، حين استدعته، كان العظمي الثالث أشد رهبة من الأول بكثير.
إحدى عينيه غائرة بفعل إصابة بسهم، كما أن بعض أضلاعه مفقودة.
وفوق ذلك، كان يرتدي درعاً صدئاً ومهشماً، ما جعل الناس حتى بعد عودته إلى باطن الأرض يظلون محدقين في مكانه بعيون مرتعبة.
“تيه.”
سمعت صوتاً يناديها، فرفعت رأسها بسرعة.
كان نوردكس يجلس بجانبها ينظر مباشرة إلى وجهها.
“حين يأتي الفارس بعد قليل، سيسألك عن اسم فرقة المرتزقة. هل فكرت في اسم ما؟”
اتسعت عيناها بدهشة.
اسم لفرقة المرتزقة؟
كانت منشغلة تماماً بالحرص على التمثيل الجيد حتى نسيت الأمر كلياً.
“مم، اسم، يعني…”
وبينما تدور عيناها بحيرة، إذا بالفارس الذي رأته قبل قليل في مركز التسجيل يدخل من باب الخيمة.
“أيتها الملكة الأرواح.”
قلّدت تيه ملامح والدها من جديد، وجلست متقاطعة الساقين.
اقترب الفارس بملامح متوترة وجلس قبالتها.
“لقد صدر رقمك التعريفي. وقد دوّنا هنا في الخانة الخاصة بالملاحظات: ساحرة بخاصية الظلام.”
‘ساحرة بخاصية الظلام…’
كلمة بدت قوية جداً لدرجة جعلت ريقها يبتلع ببطء في حلقها.
فبحسب ما قاله الجد نوردكس، كانت تيه حالياً الساحرة الوحيدة بخاصية الظلام في القارة بأسرها.
وأثناء ما كان الفارس يدوّن المعلومات كلمة كلمة على السجل، رفع رأسه نحوها من جديد.
“غير أنني… هل يمكن أن أسألك عن بعض المعلومات الأخرى أيضاً؟”
هبط قلب تيه بشدة.
لكنها سرعان ما تذكرت كلام العم باستو.
‘إن حاولوا استجوابك عن معلومات أخرى، فلا حاجة للرد. ليس ذلك واجباً عليك.’
‘ليس واجباً…؟’
‘صحيح. في الواقع، الإمبراطورية تعتمد على المرتزقة في حصار المانا. يمكن القول إن بقاء الإمبراطورية بأكملها قائم على المرتزقة.’
بمعنى آخر، لو كانت هناك مرتبة أعلى وأدنى بين المرتزقة والإمبراطورية، فالمرتزقة هم الأعلى.
‘طبعاً، تحاول الإمبراطورية جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عن المرتزقة. لكن إعطاء هذه المعلومات أو حجبها أمر يقرره المرتزقة أنفسهم، فلا تجاوبي إلا بما ترينه مناسباً.’
‘آه…’
‘وفي القارة الكثير من المرتزقة الذين يخفون هوياتهم الحقيقية ويواصلون نشاطهم.’
فتعمدت تيه تضييق عينيها قليلاً.
“أيها الفارس.”
مجرد أن ناديته، ارتجف من جديد.
لا شك أنه كان يتذكر مشهد العظمي الثالث وهو يدير جمجمته بصرير.
“لقد أخبرتك أن اسمي الحقيقي هو ملكة الأرواح.”
“أ… أعلم ذلك، لكنني فقط…”
“ولِمَ تظن أنني اخترت أن أبدو بهذا الشكل؟”
أطبق الفارس شفتيه بصمت.
ومسح وجهها بنظرات قلقة، ثم ما لبث أن خفض رأسه.
“أ… أظن أنني ارتكبت خطأ. أرجو أن تتفهمي الأمر. إذاً، لننتقل إلى التالي.”
راقبت تيه الفارس وهو يوجّه أسئلته إلى بيل والجد نوردكس بعينين راضيتين.
وعاد صوت باستو يتردّد في رأسها من جديد.
‘إنهم مقتنعون فعلاً بأنك قوية جداً. وفي الواقع، قدراتك نادرة وفريدة إلى حد بعيد. وإن كانت توقعاتنا صحيحة، فسيبذلون قصارى جهدهم كي لا يثيروا غضبك.’
وبحسب ما قاله باستو، فإن فرسان المعبد كانوا يراعون مشاعر المرتزقة أصحاب القوة العظيمة.
فبهذه الطريقة، عندما تطرأ مشكلة في النظام، يمكنهم أن يطلبوا دعمهم بسهولة أكبر.
‘نعم، نعم. من الأفضل لهم أن يتصرفوا بلطف مع تيه!’
ضحكت تيه في سرها “إيهيهي”.
لكن عندها، دوّى في الخيمة صوت الفارس وهو يقول كلاماً غير متوقع:
“آه، بالمناسبة… يؤسفني أن أخبركم أن هناك أوامر من الأعلى بعدم إصدار رقم تعريفي لباستو فاريكس.”
تصلّب الجميع في مكانهم، بينما واصل الفارس موجهاً كلامه إلى باستو:
“لقد وصلنا بلاغ من كارل ووربن، زعيم فرقة المرتزقة <كلاب الموت>. يقول إن باستو فاريكس ارتكب أفعالاً غير قانونية، وسرق أموالاً من داخل الفرقة ثم فرّ بها.”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات