1
إمبراطورية تالوشيوم.
فوهة صدع صخري شامخة فوق الأرض، ينبعث منها بريق حجر سحري صغير.
“هـ… ههق…”
المرتزق ريو، القادم من الجزيرة الصغيرة موديوت، مسح عنقه المرتجف بيده.
“تبا… تبا.”
كان الدم القانئ يملأ كفه.
“كروو”
أمام عينيه مباشرة، كان وحش التنين ‘ريكلوبس’ يحدق به وهو يميل برأسه.
رفاقه الممددون أرضًا كانوا جميعًا قد لفظوا أنفاسهم.
أربعون مقاتلاً من فرقته سقطوا أمام ثلاثة فقط من وحوش الريكلوبس، ولم يبقَ غيره حيًّا.
“كرك-“
قبض ريو بضعف على سيفه المكسور.
فجأة مرت أمامه صورة أمه، آخر ما رآه يوم غادر موطنه.
‘لو كنت أعلم أن النهاية ستكون هكذا… لعانقتها جيدًا قبل أن أرحل.’
أوشكت أنياب الريكلوبس أن تنكشف، إشارة إلى هجوم وشيك.
ابتلع أنفاسه المضطربة وأغمض عينيه.
كان ينوي الاستسلام لكل شيء، لكن في تلك اللحظة.
[تماسك. إن أردت أن تعيش.]
صوت غريب دوّى في الفراغ.
رفع رأسه، فإذا بشيء أسود يدور في الهواء، يعكس ضوء القمر خلفه.
“آه، عذرًا على التطفل.”
ظهر أشخاص من حيث لا يدري، دفعوه جانبًا وتقدموا.
تجمد ريو وهو يحدق في أرديتهم المتموجة.
“أغابيرت…؟”
الفرقة المرتزقة الجديدة التي ظهرت فجأة كالشهاب، وذاع صيتها في أرجاء القارة بسرعة هائلة…
يجوبون العالم ويكتبون التاريخ في كل مكان، لكن ما يثير الريبة أن شعار فرقتهم على الزي الرسمي لم يكن سوى قزم وردي الشكل غريب المظهر.
“أيها الشاب، هل أنت بخير؟”
حدّق ريو مذهولًا بالشيخ الذي اقترب منه.
ذلك الشيخ، مرتديًا زي أغابيرت، نقر بلسانه وبدأ يفحص الجرح في عنق ريو.
وفي تلك الأثناء، كان الجدال يحتدم في المقدمة.
“بيل، تحرك. حان دوري هذه المرة لأُري تييه ما لدي.”
“ما الذي تقوله! لقد رأيناك تتبختر بمطرقتك مئات المرات! ابتعد من طريقي، هذه المرة سأُظهر مهارتي الحقيقية!”
“…بصراحة، أنت لا تزال ضعيفًا.”
“هذا رأيك فقط، أيها الخنزير الذي صارت حتى دماغه عضلات!”
“هاه! كفى! توقفوا عن الشجار. لو رآكم القائد فستقع مصيبة!”
حتى مع سكب الشيخ مطهّر الجروح على رقبته، لم يستطع ريو أن يتحرك.
‘هل هذا… ممكن؟’
أفراد أغابيرت كانوا يتجادلون بصوت عالٍ، لكنهم في الوقت نفسه يصدّون ضربات الريكلوبس بيد واحدة فقط.
مع كل صرير تصادم أنياب الوحش في الهواء، كان جسد ريو يرتجف.
فالريكلوبس ليس وحشًا يمكن الاستهانة به.
لقد قضوا للتو على أربعين من رفاقه المرتزقة.
لكن هؤلاء… كانوا يصدون هجماته كأنها لعبة أطفال…
ولم ينته الأمر عند هذا الحد.
“كفىااااا!”
في تلك اللحظة، انبثق شيء فجأة من بين الشجيرات ومرّ مسرعًا أمام ريو.
فتح فمه ذاهلًا مما رأى.
قوام صغير.
شَعر أشقر فاتح منسدل كخيوط حريرية.
وحقيبة ظهر وردية معلقة على كتفيها.
‘…طفلة؟’
طفلة لا تنسجم أبدًا مع هذا المكان وقفت، واضعة يديها على خصرها.
“ألم تتفقوا جميعًا على عدم الشجار! وإلا فسوف تطرد تييه الجميع من أغابيرت!”
توقف الأعضاء المتخاصمون دفعة واحدة.
فقال أضخمهم، وهو يقبض بوحشية على عنق أحد الريكلوبس:
“تطردينا؟ تييه… ما الذي تعنينه بهذا؟”
“عوضًا عن مقاتلة الوحوش، كيف تتشاجرون مع بعضكم البعض؟! هناك جرحى بيننا أيضًا! ومن بينكم، الشخص الوحيد الذي يستحق ملصق ‘أحسنت’ هو جدي نوردكس!”
عند تلك الكلمات، شحب وجه الرجل الضخم.
أما بقية الأعضاء فاكتفوا بتنحنح متكلف متجنبين نظرات الطفلة.
نفخت وجنتيها وأخرجت كلماتها بتذمر:
“أنتم لا تفعلون سوى الشجار يومًا بعد يوم… هكذا كيف سنجمع عشرين عضوًا في الفرقة؟ عشرين ناقص خمسة يساوي خمسة عشر، وما زال أمامنا عدد كبير! يجب أن نكمل العدد بسرعة كي نذهب إلى مركز التسجيل ونصبح فرقة مرتزقة كبرى…”
لكن كلماتها لم تكتمل؛ إذ نهض فجأة أحد وحوش الريكلوبس المطروح أرضًا.
أبرز الوحش أنيابه، أمال رأسه، ثم اندفع نحو أصغر هدف أمامه.
تبادل أعضاء أغابيرت نظرات مذهولة.
ريو بدوره قفز واقفًا بشكل غريزي.
مدّ يده نحو الطفلة على عجل، لكنه لم يستطع أن يعترض طريق الريكلوبس المندفع.
“اهربي—!”
صرخ ريو مذعورًا، وفي تلك اللحظة:
“ها قد حدث مجددًا، لأنكم تماطلون وتضيعون الوقت.”
زفرت الطفلة بعمق، وفي عينيها ومضة غريبة.
فرررش—
بدأ شيء ما يندفع بسرعة من باطن الأرض الرطبة بندى الليل.
بقي ريو مشدوهًا، فمه نصف مفتوح.
الذي خرج من تحت التربة لم يكن سوى هياكل عظمية بيضاء خالية من اللحم.
‘واحد… لا، اثنان، ثلاثة… خمسة، عشرة…’
سالت قطرة عرق بارد على مؤخرة عنقه.
عشرات العظام المتلوية أمسكت فجأة بسيقان الريكلوبس المسرع، فأسقطته أرضًا.
ثم راحت تجرّ فخذيه وجذعه، ساحبة جسده إلى الحفرة التي انفتحت في التربة.
وفيما انقشع الغيم الذي كان يحجب القمر، دوّى في الغابة صراخ الوحش المدفون حيًّا.
“آهيوهيو.”
لم تستدر الطفلة نحو ريو إلا بعدما اختفى الوحش تمامًا تحت الأرض.
وضعت يدها على صدرها وقالت مطمئنة:
“لولا أصدقائي العظام، لكان الأمر خطيرًا جدًا.”
الاسم الغريب الذي أطلقته على الهياكل العظمية جعل عيني ريو تتسعان لحظةً، ثم تقدمت الطفلة نحوه.
“مرحبًا، يا عم!”
حيّته بانحناءة مهذبة، ثم رفعت إصبعيها بجدية بالغة:
“من الآن لديك خياران. الأول، أن تنسى كل ما حدث هنا وتعود إلى بيتك. أعلم أن فقدان رفاقك أمر محزن، لكن هذه هي الحياة…”
أومأ الشيخ الذي عالج جرح ريو برأسه تأكيدًا.
“أما الخيار الثاني، فهو أن تنضم إلى فرقة تييه، أغابيرت!”
اهتزت نظرات ريو.
أغابيرت… لا شك أنهم هم بالفعل.
لكن تلك الطفلة— ألم تقل قبل قليل إن أغابيرت هي فرقتها؟
‘أليس قائد أغابيرت هو ملك الأرواح بلا جدال؟’
هل يُعقل أن تكون الشائعات صحيحة؟
سأل ريو غير مصدّق:
“أأنتِ ملك الأرواح؟”
ارتسمت ابتسامة مشرقة على وجهها.
“نعم! هذا أنا، تييه!”
تساقط قلبه في أعماقه.
ملك الأرواح، الساحر العظيم الذي ظهر فجأة ذات يوم.
أقوى مستحضر أرواح في التاريخ، لم يشهد له العالم مثيلًا.
القارة، بل العالم أجمع، تساءلوا عنه.
فقد أسس فرقة <أغابيرت>، التي خلال شهرين فقط تربعت على المركز الأول في التصنيف القاري وحققت معدل فتح حصون الأحجار السحرية بنسبة 100%.
ومع ذلك، لم يعرف أحد حتى الآن هوية ملك الأرواح الحقيقية.
‘لكن الآن…’
ابتلع ريو ريقه وهو يحدّق في الطفلة.
لقد مضى زمن طويل منذ أن بدأت الأحجار السحرية بالظهور في كل أنحاء العالم.
ومن حولها ما انفكّت الشقوق تنفتح، وتنبثق منها الوحوش.
وحين بدأت تلك المخلوقات بغزو القرى والمدن، حلّ ما سُمّي بعصر المرتزقة العظيم.
إذ لم يكن الفرسان ولا الجيش المركزي قادرين وحدهم على التعامل مع الأحجار السحرية التي نبتت حتى في قلب المدن.
عالم يحتاج إلى مرتزقة أقوياء.
ومن الطبيعي أن تتركز الأنظار على ملك الأرواح الوحشي وفرقة المرتزقة التي يقودها.
“يا عم، ألا تريد الانضمام إلى نقابتنا أنت أيضًا؟ نحن لدينا زي رسمي في غاية الجمال. أنا التي طلبت أن يُضاف عليه ‘تانيبانغ’!”
اشتد خفقان قلب ريو أكثر فأكثر.
‘إذن اسم ذلك القزم الوردي المطرَّز على زيهم هو تانيبانغ؟’
لم يكن يتوقع شيئًا كهذا.
لكن شيئًا واحدًا صار واضحًا.
السبب وراء أن أحدًا لم يعرف حتى الآن حقيقة هوية ملك الأرواح.
“وبالطبع، حتى لو رفضت، فلا بأس! تييه ستمحو ذاكرتك ثم تعيدك إلى موطنك بأمان.”
ملك الأرواح ذاك، الذي يتحكم بحرية في فنون استحضار الأرواح، ويستدعي الجثث كيف يشاء،
ويجتاح حصون الأحجار السحرية في كل مكان كمن يطرد الذباب…
“آه! وإذا انضممت إلى فرقتنا، يمكنك أحيانًا النوم حتى وقت متأخر! أليس رائعًا؟”
“…لماذا؟”
“لأن من الساعة العاشرة صباحًا وحتى الرابعة عصرًا عليّ أن أذهب إلى صفوف تييه التعليمية… لذلك لا نعمل إلا ليلًا. هيهي.”
كانت فعلًا طفلة صغيرة.
طفلة لا يتجاوز عمرها على الأرجح خمس سنوات.
ولكي نفهم كل هذه القصة، كان لا بد من العودة إلى ما قبل شهرين.
تحديدًا قبل شهرين،
في كوريا الجنوبية، في حي جونغنو.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 1"