“زيت الطاقة السحريّة… يتمّ استيراده فقط من مملكة دونوفان…”

زيت الطاقة السحريّة.

كان مصدر الطاقة المستخدم في الأدوات السحريّة.

إذا كان الياقوت يلعب دور المكوّن الأساسي، فإنّ زيت الطاقة السحريّة يلعب دور الوقود.

كانت مملكة دونوفان الوحيدة في القارّة التي تمتلك إنتاجًا من زيت الطاقة السحريّة كافيًا للتصدير، وليس فقط للاستهلاك المحليّ. 

ونظرًا لأنّ إمبراطوريّة لانكرس ليست دولة منتجة للزيت، فإنّها تعتمد على الاستيراد.

“إذن، هل يعني ذلك…؟”

كما لو كان يدعم شعور إيديليكا السيّء، واصلت صوفيا حديثها.

“عقد توزيع زيت الطاقة السحريّة سينتهي قريبًا، وإذا لم يتمّ إتمام خطوبتكِ مع الدوق توسيس، فلن يتمّ تجديد هذا العقد…”

“…!”

“إذا حدث ذلك، ستكون كارثة على إمبراطوريّة لانكرس… حتّى وإن كنتِ طفلة، يمكنكِ تخيّل مدى خطورة ذلك، أليس كذلك؟”

“هذا… هذا ظلم! ومملكة دونوفان تعتمد أيضًا على بعض المنتجات من بلادنا. الإمبراطوريّة لن تتجاهل ذلك. إذا قطعوا التجارة القائمة بيننا، سيكونون في مأزق، لذا يمكننا التفاوض بشكل مناسب…”

“كلّ ذلك يمكن حله إذا تزوّجتِ.”

“…!”

“حتّى العائلة الإمبراطوريّة لم تعارض هذه الخطوبة. ماذا تعتقدين أنّ هذا يعني…؟”

أمسكت إيديليكا يدها المرتجفة بقوّة لتهدئتها.

كانت العائلة الإمبراطوريّة أيضًا في وضع سياسيّ معقّد حاليًا. 

كانت الأوضاع فوضويّة بسبب الصراعات بين الأطراف المتنافسة على ولاية العهد.

في مثل هذه الظروف، لم يكن لديهم القدرة على خوض نزاع تجاريّ مزعج مع مملكة دونوفان، المصدّر الثمين لزيت الطاقة السحريّة.

كان من الواضح أنّ العائلة الإمبراطوريّة تخطّط لاستخدام إيديليكا والدوقيّة الكبرى كبش فداء لتهدئة هذه المسألة.

أذرفت الدوقة الكبرى دموعًا مرّة أخرى.

“الأمر معقّد ومزعج وصعب… لكنّني فكّرت بجديّة واخترت هذا الحلّ.”

“….”

“لكن لماذا لا تطيعينني… أنتِ ابنتي!”

“….”

“أنا متعبة جدًّا… مرهقة…”

انهارت صوفيا على الأريكة. 

كانت ضعيفة الجسد أصلًا، ويبدو أنّها استنفدت طاقتها بالصراخ والبكاء.

“استدعي سيزان…”

“….”

عند سماع اسم الكونتيسة راوم يتكرّر كالعادة، عضّت إيديليكا شفتيها.

لم يكن هناك فائدة من مواصلة الحديث.

لقد تحدّثت على أمل أن تصل هذه الكلمات إلى رئيسة الخادمات.

كان من الجيّد أنّها اكتشفت تفاصيل أكثر عن خلفيّة هذه الخطوبة، لكن إيديليكا شعرت باليأس.

إذا كانت كلمات صوفيا صحيحة، فإنّ الهروب لن يحلّ المشكلة.

كان زيت الطاقة السحريّة هو المصدر الذي يحرّك الأدوات السحريّة.

إذا توقّف استيراد زيت الطاقة السحريّة، فإنّ الصناعات الأساسيّة التي تدعم هذا البلد ستهتزّ من جذورها.

حتّى لو هربت إيديليكا إلى برج السحر وحاولت إيجاد خطوبة جديدة، فإنّ العائلة الإمبراطوريّة لن تتجاهل ذلك.

لقد مال ميزان الإمبراطوريّة بالفعل نحو التضحية بإيديليكا والدوقيّة الكبرى بدلًا من خوض نزاع تجاريّ مزعج مع مملكة دونوفان.

في طريق عودتها إلى الجناح الشماليّ، استمرت إيديليكا في التفكير بجديّة.

كانت تعتقد أنّ إلغاء الخطوبة هو الطريق لصالح الدوقيّة الكبرى والإمبراطوريّة.

لكن إذا لم يكن الأمر كذلك…

ألن يكون هذا الهروب مجرّد فعل غير مسؤول يتخلّى عن المسؤوليّة التي تقع على عاتقها؟

“إذا قبلتُ الخطوبة… وبدلًا من ذلك، سيطرتُ على الدوق توسيس لمنعه من القيام بأيّ أعمال مشبوهة…”

لن يكون ذلك سهلًا. 

لكن لم يكن هناك حلّ آخر واضح.

عضّت إيديليكا شفتيها بقوّة.

* * *

في صباح اليوم التالي.

تلقّت رايلي رسالة مباشرة من إيديليكا.

كانت رسالة عبر أداة سحريّة مشابهة لتلك التي استخدمتها للتواصل مع فولتون.

بصقت أداة سحريّة على شكل رأس غزال مذكرة صغيرة من فمها.

「يبدو أنني… قد أضطرّ إلى التخلّي عن الهروب.」 

تنهّدت رايلي وهي تنظر إلى الرسالة التي تحمل قدرًا من اليأس والألم. 

يبدو أنّ ‘السبب’ قد جاء أسرع ممّا توقّعت.

‘كانت قضيّة استيراد زيت الطاقة السحريّة.’

كانت هذه المعلومات التي حصلت عليها من الجنيّة أمس.

الدواء الذي يجعل الإنسان أبله لا يعمل بسرعة.

بل يدمّر الإنسان تدريجيًّا على مدى نصف عام تقريبًا. 

لكن أن تفقد إيديليكا عقلها بسبب هذا الدواء يعني أنّ هناك سببًا جعلها تبقى في قصر الدوق الأكبر لفترة طويلة دون الهروب.

لأنّ مملكة دونوفان هدّدت بعدم تجديد عقد توزيع زيت الطاقة السحريّة إذا فشلت خطوبة الأميرة الكبرى.

كانت هذه مشكلة خطيرة، تعادل توقّف وظائف الأدوات السحريّة بالكامل.

كان سبب رغبة إيديليكا في الهروب من الأساس هو حرصها، كدوقة كبرى مستقبلًا، على منع الدوقيّة الكبرى والإمبراطوريّة من أن تكونا تحت سيطرة قوى أجنبيّة.

‘بما أنّ شخصيّتها تحمل هذا القدر من المسؤوليّة، فمن المحتمل أنّها قرّرت المضيّ في الخطوبة مع محاولة السيطرة على دوق دونوفان قدر الإمكان لمنعه من ابتلاع بلادنا.’

لكن إذا كانت هذه هي المشكلة، فيمكن حلّها.

لأنّه من المقرّر قريبًا اكتشاف مصدر لزيت الطاقة السحريّة في إمبراطوريّة لانكرس أيضًا 

‘كنتُ أنوي شراء تلك الأرض مسبقًا لكسب المال، فهذه فرصة لتحقيق هدفين بحجر واحد.’

إذن، يجب حلّ هذا الوضع مع الأخذ في الاعتبار كلّ شيء.

أمسكت رايلي بقلم الريشة وبدأت كتابة رسالة.

كانت رسالة موجّهة إلى خليفة رئيس برج السحر، فولتون.

* * *

“هم.”

فرك فولتون ذقنه وهو يتفقّد الرسالة السحريّة من رايلي.

كانت طفلة ذكيّة ومدهشة أكثر ممّا توقّع.

في البداية، عندما قالت إيديليكا إنّها كشفت هويّتها بسهولة، فكّر في معالجة الأمر بإخافتها قليلًا حسب الوضع.

لكن في هذه الفترة القصيرة، لم تكتفِ بكسب قلب إيديليكا، بل رأت من خلال نواياها الحقيقيّة كما لو كانت تطعنها…

بل وأرسلت رسالة تقول إنّها تنوي استكشاف المزيد من خلفيّة المعلومات التي أخبرتهم بها إيديليكا.

كانت ذكيّة لدرجة لا تُشعر بأنّها طفلة صغيرة.

بما أنّه منتمٍ إلى برج السحر، فقد رأى فولتون الكثير من العباقرة والموهوبين، لكنّها كانت مختلفة عنهم.

على أيّ حال، كان سعيدًا بأنّ إيديليكا اكتسبت صديقة ذكيّة.

تذكّر القصة التي سمعها أمس، فعبس وجهه.

‘… كان ذلك خطأي.’

برج السحر، كمجموعة منعزلة عن السياسة، كان لديه حدود في المعلومات التي يمكن الحصول عليها.

على الرغم من أنّه عاد إلى المجتمع بعد التدريب وحاول استكشاف الأوضاع، إلّا أنّ ذلك كان ناقصًا حتمًا. 

خاصّة أنّ الخطوبة التي طُرحت على إيديليكا جاءت من مملكة دونوفان الأجنبيّة، مما جعل الأمر أكثر صعوبة.

شعر فولتون بنقصه وأدار نظره إلى النافذة.

كان الطقس مشمسًا بلا غيوم.

كان اليوم الذي التقى فيه إيديليكا لأوّل مرّة مشمسًا جدًّا أيضًا.

* * *

كان فولتون ابنًا غير شرعيّ لماركيز معيّن.

توفّيت الخادمة التي أنجبته بسرعة، ولم يبقَ سواه.

لم يستطع الماركيز التخلّص من طفل يحمل دمه، لكن زوجة الماركيز عارضت الاعتراف به كابن غير شرعيّ وتربيته.

في النهاية، ترك الماركيز فولتون مهجورًا. 

كان عليه أن يعيش كشبح في قصر الماركيز، محصورًا في العلّيّة.

حتّى الخدم كانوا يتجاهلونه، فلم يكن يتلقّى معاملة لائقة، وكان من الشائع أن يُنسوه ويتركوه يتضور جوعًا.

كانت اللحظات الوحيدة التي شعر فيها فولتون بالسعادة هي عندما كان يتسلّل إلى مكتبة القصر ويقرأ الكتب.

كانت المعرفة دائمًا تجعله غنيًّا. 

في أحد الأيام.

كانت الأجواء في قصر الماركيز مضطربة لأنّ ضيفًا مهمًا كان قادمًا. 

في مثل هذه الأيام، كانت المكتبة خالية من الناس، لذا كان جالسًا فيها يقرأ.

عادةً ما كان يختار الكتب بحذر خوفًا من أن يُكتشف، لكنّه اختار كتابًا ضخمّا لم يستطع لمسه من قبل، وكان متحمّسًا جدًّا.

بينما كان فولتون جالسًا في ركن المكتبة، منغمسًا في الكتاب بحماس، ظهر ظلّ فوق رأسه فجأة.

“هل أنتَ ابن سيد هذا القصر؟”

كان سؤالًا بنبرة متعجرفة قليلًا، على عكس الصوت الطفوليّ.

لم يكن فولتون قد لاحظ اقتراب أحد لأنّه كان منغمسًا في القراءة، فانتفض ورفع رأسه.

كانت فتاة صغيرة تقف بجانبه، تنظر إليه وهو جالس على الأرض.

شعر أحمر متّقد كالنار، وعينان زرقاوان تحملان برودة هائلة على النقيض تمامًا.

كان ذلك أوّل لقاء له مع إيديليكا.