الجزء الذي اختلف كثيرًا في وضع الأميرة الكبرى عن ما جاء في العمل الأصلي.

أريدُ حلّ اللغز حول ذلك.

‘لنحاول تذكّر المزيد من ذكريات العمل الأصلي. و… لا أعلم إن كانت الجنيّات ستجيب، لكن دعنا نسألهنّ أيضًا.’

قد يكون من الصواب تجاهل الأمر لأنّها مشغولة بأمورها الخاصّة.

لكنّ رايلي لم تُرد قطع علاقتها بهذه الطريقة.

كما أنّ عائلة إليستاين، التي كانت تخشاها في البداية، أصبحت الآن تُشعرها بالامتنان والتقدير، فهل يمكن أن يحدث الشيء نفسه مع إيديليكا؟

ألم تُغيّر مصير فانيل ويوان؟

يجب أن يكون مصير الفتاة أمامها مشابهًا.

* * *

عندما دخلت جينيفر إلى مسكن الدوقة الكبرى، واجهت والدتها، الكونتيسة راوم.

نظرت إليها الكونتيسة بتعبير صلب.

“ما الذي تفعلينه هنا في هذا الوقت؟ ألم أقل لكِ أن تراقبي بعناية حديث الأميرة الكبرى مع تلك الفتاة الصغيرة من عائلة إليستاين؟”

ما إن سمعت هذا الكلام حتّى برزت شفتا جينيفر.

“بالطبع، كنتُ سأفعل ذلك! لكن، الأمر هو…”

تمتمت قائلة إنّ الأميرة الكبرى إيديليكا، على غير عادتها، طردتها وأمرتها برعاية الدوقة الكبرى المريضة.

“ها… أنتِ حقًا غبيّة. هل تنفذين ذلك حرفيًّا؟”

“إذن، ماذا أفعل؟ إنّها أوامر الأميرة الكبرى، وإذا عصيتُها قد أُعاقب.”

عندما تحدّثت جينيفر بعبوس، هزّت الكونتيسة راوم رأسها بنزعة.

“لهذا أقول إنّكِ ما زلتِ ناقصة كثيرًا. تعالي إلى هنا أوّلًا.”

قبل أن تبدأ بالموعظة، أخذت ابنتها إلى غرفة الشاي حيث لا تتواجد آذان بشريّة.

“ألا يجب أن نُحيّي الدوقة الكبرى؟”

“لقد غطت في النوم قبل قليل. يبدو أنّ صحّتها ليست سيّئة، فأخبري الأميرة الكبرى بذلك.”

“سأفعل.”

“هيو، الأمر المهمّ ليس هذا.”

جلست الكونتيسة راوم في مسكن الدوقة الكبرى كما لو كان منزلها، واضعةً ساقًا فوق أخرى بارتياح.

“هل تتذكّرين ما قلته لكِ؟”

“قلتِ إنّ هذه الدوقيّة الكبرى ستصبح قريبًا كأنّها ملك لمملكة دونوفان.”

“نعم، صحيح. وسنكون نحن من يجعل ذلك يحدث. بتزويج تلك الفتاة الغبيّة إيديليكا بالدوق توسيس.”

ظهرت ابتسامة ساخرة على شفتي الكونتيسة راوم المطليّتين بكثافة.

“سيصبح الدوق توسيس الملك الفعليّ لمملكة دونوفان وسيّد دوقيّة كورويما الكبرى. ألا يعني ذلك أنّنا سنكون كمن أسّسوا دولة؟”

على الرغم من أنّ كلامها كان يُلمّح إلى الخيانة، إلّا أنّها تحدّثت دون تردّد.

كانت الكونتيسة راوم من أصل دونوفانيّ.

بفضل مهاراتها في التصرّف، أصبحت خادمة لدوقة كورويما الكبرى التي أضعفتها الولادة، وكسبت ثقتها بخدمتها بكلّ الطرق.

وفي الوقت نفسه، كانت تُسرّب المعلومات المهمّة خلسة إلى موطنها الأصليّ، مملكة دونوفان.

كان من المفترض أن ينتهي الأمر عند هذا الحدّ، لكن الدوق سقط كأنّها معجزة حدثت لأجلهم.

كانت فرصة مغرية لمملكة دونوفان.

وضع الدوق توسيس خطّة لابتلاع الدوقيّة الكبرى من خلال زواج سياسيّ.

وأضافت الكونتيسة راوم الطموحة قوتها إلى طموحه.

“نعم. كلامكِ صحيح، أمّي. سأتصرّف بمزيد من الحذر.”

“جيّد، هذا صحيح.”

“لكن الأميرة الكبرى حذرة جدًّا. إنّها تُبدي موقفًا سلبيًّا تجاه الزواج باستمرار. ماذا لو رفضت حتّى النهاية؟”

“هم.”

“وحتّى لو تمّ الزواج قسرًا، قد ترفض الأميرة الكبرى السياسات التي تطلبها دونوفان. ففي النهاية، هي من تملك حقّ وضع الختم.”

عند سماع ذلك، رفعت الكونتيسة راوم زاوية فمها.

“كنتُ سأخبركِ قريبًا… في الواقع، لديّ سلاح سرّي.”

“سلاح سرّي؟”

أخرجت من ثيابها شيئًا يشبه زجاجة عطر رفيعة.

كان السائل بداخلها يحمل لونًا أسود مقلقًا.

“دواء يُدمّر عقل الإنسان تدريجيًّا.”

عندما فتحت جينيفر عينيها بدهشة، ابتسمت الكونتيسة راوم بخفّة.

كانت ابنتها لا تزال ساذجة في بعض الجوانب.

“كنتُ أنوي وضعه شيئًا فشيئًا. إذا خلطنا قطرة منه في الطعام، ستصبح الأميرة الكبرى غبيّة خلال سنة أو سنتين.”

“هل هناك احتمال لاكتشاف السمّ…”

“لا داعي للقلق. لا يؤثّر على الحياة، لذا لا يُعتبر سمًا، ولا توجد طريقة لاكتشافه. إنّه ‘دواء’ طُوّر سرًّا في مملكة دونوفان.”

“هكذا إذن. هل…”

اتّجهت نظرة جينيفر دون وعي نحو القصر الداخليّ حيث تنام الدوقة الكبرى.

كانت عيناها تسألان إن كانت والدتها قد استخدمت نفس الحيلة على الدوقة الكبرى.

لوّحت الكونتيسة راوم بيدها.

“إذا أصبحت الأميرة الكبرى الآن غبيّة تمامًا، سيكون ذلك مشكلة بالنسبة لنا أيضًا، أليس كذلك؟ يجب أن تكون سليمة حتّى نتمكّن من الظهور كوكلاء لها. إنّها تعتمد عليّ بما فيه الكفاية دون الحاجة إلى مثل هذه الحيل.”

“أنتِ مذهلة حقًا، أمّي.”

“كلّ هذا من أجل مستقبلكِ ومستقبل عائلتنا، أليس كذلك؟”

سلّمت الكونتيسة راوم زجاجة الدواء إلى ابنتها.

تلقّت جينيفر الزجاجة بيد مرتعشة، ثمّ أمسكتها بقوّة خوفًا من أن تسقط.

“الزجاجة التي في يدكِ هي بمثابة قوتنا.”

“…..!”

“ستقرّرين متى تستخدمين هذا الدواء. سيكون تعليمًا جيّدًا لتتعلّمي كيفيّة التعامل مع القوّة والسلطة بنفسكِ.”

كان صوتها واثقًا كما لو كانت تُدرّس فنّ الحكم.

“حتّى الآن، أولئك الوزراء الذين كانوا يحتقروننا يحاولون الآن بشتّى الطرق كسب ودي بعد سقوط الدوق… فقط انتظري.”

“…..”

“مستقبلنا لن ينتهي عند كوننا مجرّد مقرّبين من الدوقة الكبرى. يجب أن نصبح الحكّام الفعليّين للدوقيّة الكبرى حتّى تستحقّ المخاطرة.”

اتّكأت الكونتيسة راوم ببطء على ظهر الأريكة، رافعة ذقنها.

كانت عيناها غارقتين في نشوة، كأنّ الدوقيّة الكبرى تحت قدميها بالفعل.

* * *

أنهت جينيفر التحيّة الرسميّة وأسرعت خطاها نحو مسكن إيديليكا.

‘هل حدث شيء في غيابي؟ على أيّ حال، هي مجرّد فتاة صغيرة من عائلة متواضعة، وعائلة إليستاين نفسها منعزلة عن السياسة المركزيّة، لذا ربّما كانت مجرّد دردشة.’

كان من المرجّح أن تكون الأميرة الكبرى قد دعت رايلي إليستاين من باب الفضول أو لتمضية الوقت.

ومع ذلك، كما قالت والدتها، كان عليها، كابنة عائلة ستصبح الحاكمة الفعليّة لهذا البلد، أن تكون صلبة في ضبط الأمور.

‘قبل استخدام هذا الدواء، أريد أن أثبت تفوّقي في العلاقة بقدراتي الخاصّة.’

حتّى لا تتجرّأ إيديليكا على طردها أو دعوة ضيوف دون استشارتها.

شعرت بالفخر بنفسها لأنّها تفكّر في السيطرة على الأميرة الكبرى دون الاعتماد الكلّي على الدواء الذي أعطته إيّاها والدتها، وخطت نحو الجناح الشماليّ.

‘هم؟’

لكن، بشكل غير متوقّع، رأت تلك الفتاة الصغيرة من عائلة إليستاين تقترب من الرواق البعيد.

بما أنّها كانت تخرج بمساعدة خادمة، يبدو أنّها كانت عائدة إلى منزلها.

‘ما هذا؟ ستعود بالفعل؟ يبدو أنّها أغضبت الأميرة الكبرى الطائشة في هذه الفترة. لم تكن خصمًا يستحقّ القلق.’

رفعت جينيفر شفتيها بسخرية.

كانت تنوي توجيه تعليق ساخر أخير لها وهي في طريقها.

في تلك اللحظة، رأتها رايلي أيضًا وغمزت بعينيها.

تقاطع الاثنان اللذان كانا يسيران في اتّجاهين متعاكسين، وألقت رايلي تحيّة رسميّة.

“أعتذر لم أتمكّن من التحدّث طويلًا، أراكِ لاحقًا.”

كانت جينيفر على وشك الردّ بكلام ساخر، لكن…

‘هاه، ما هذا؟’

شعرت بضغط غامض يحيط بجسدها.

كأنّ قوّة هائلة تضغط على أطرافها، وتُحرّك عقلها، وتسيطر على أفكارها.

『اخضعي لرايلي إليستاين.』

كأنّ هذه الكلمات هي الحقيقة المطلقة التي يجب اتّباعها.

خلافًا لإرادتها، انحنى رأس جينيفر تلقائيًّا.

ونطق فمها بالكلمات بشكل طبيعيّ.

“… أعتذر عن وقاحتي السابقة، سيّدة إليستاين.”

كان صوتًا مليئًا بالندم والتوبة العميقين.