لكن، كما لو أنّ إرادتها تُتجاهل، بقي رأسها مثبتًا على ذلك الكائن الأسود بصلابة.
كأنّ شبحًا سيطر عليها، لم تستطع سوى التحديق في عينيه الذّهبيّتين بعجز، دون أن تتحرّك بإرادتها.
‘ما… ما هذا؟’
حاولت الصّراخ، لكن شفتيها التصقتا فلم تخرج كلمة واحدة.
كان الكائن الأسود يحدّق بها بهدوء.
كانت عيناه، كما لو أنّهما تحملان شعلة متقدّة، تتوهّجان بنور متذبذب.
كأنّه غاضب من شيء ما.
في تلك اللحظة، شعرت بإرادة قويّة تسحقها، كأنّها تُطبع في أعماق وعيها.
『أطيعي رايلي إليستاين.』
حين حاولت غريزيًّا رفض الأمر، اجتاحها خوف مرعب.
سال لعابها، وارتجف جسدها بطريقة غير عقلانيّة.
لم يكن أمام جينيفر خيار. كأنّه حقيقة مطلقة يجب قبولها.
عندما استسلم وعيها لهذا الواقع، بدأ جسدها يستعيد حالته تدريجيًّا.
“آهـ.. آغ…”
رفعت جينيفر رأسها وهي تلهث. يبدو أنّها جثت على الأرض في الرّواق دون أن تدرك.
زال الهدوء الغريب.
عادت أصوات النّاس المارّين وأصوات العصافير.
“سيّدتي! هل أنتِ بخير؟”
رأى خادم جينيفر وهي تجلس فجأة في الرّواق، فهرع لمساعدتها.
“أنا… بخير…”
أثناء إجابتها، شعرت بشيء غريب. لقد كان هناك شيء أمامها للتوّ.
لكن، ما كان ذلك الشيء؟
هزّت رأسها. يبدو أنّها شعرت بدوخة لحظيّة ورأت سرابًا.
الأهمّ الآن هو الذّهاب إلى الجناح الجنوبيّ حيث الدوقة الأمّ.
سارعت جينيفر بخطواتها.
وفي غضون ذلك، نسيت حتّى فكرة رؤيتها لسراب.
* * *
كانت الحديقة الخلفيّة مزيّنة بشكل مقبول، لكن في نظر رايلي، كانت أقلّ بكثير من حديقة قلعة إليستاين.
موقع القصر في الجزء الشّماليّ، وهذا الإهمال الواضح للأميرة الكبرى، هل له سبب محدّد؟
بينما كانت تفكّر هكذا، تحدّثت إيديليكا أولًا:
“يبدو أنّنا بعيدون بما فيه الكفاية الآن.”
“حسنًا.”
“لا بدّ أنّكِ تتساءلين لماذا أريد بيع الجواهر لجمع النّقود.”
أومأت رايلي برأسها قليلًا، فابتسمت الأميرة الكبرى بهدوء:
“أريد مغادرة الدّوقيّة والاختفاء.”
“………..!”
“أريد جمع ما يكفي من المال لأعيش بمفردي بعيدًا.”
“هذا…”
كان كلامًا غير منطقيّ من البداية إلى النّهاية، مجرّد هراء طفوليّ.
كيف لفتاة في منتصف المراهقة أن تختفي وتعيش بأمان دون هويّتها؟
كان ذلك مجرّد أمل خياليّ.
لاحظت إيديليكا ارتباك رايلي، فأردفت:
“نعم، تظنّين أنّه كلام غير منطقيّ، أليس كذلك؟”
“…..!”
“لكن لا بأس. إذا حصلتُ على المال، لديّ طريقة للهروب.”
“طريقة للهروب؟”
“نعم.”
وضعت إيديليكا على طاولة المظلّة تمثالًا زجاجيًّا ملونًا على شكل أيل ذكر، مزيّن بقرن أسود.
‘هذا الرّمز…’
اتسعت عينا رايلي، فتحدّثت الأميرة إلى التمثال:
“بويل، أجب.”
[آه، أحضرتِ تلك الفتاة التي قيل إنّها كشفت هويّتكِ على الفور؟]
خرج صوت صبيانيّ مرح من التمثال.
يبدو أنّه أداة سحريّة للاتّصال، لكن رايلي خمّنت أنّها أداة أكثر تطورًا من المعتاد.
على عكس أدوات الاتّصال السّحريّة الأخرى التي تُشوّه الصّوت، كان الصّوت واضحًا كما لو أنّ المتحدّث بجانبها. تقنية كهذه ستكون بالتّأكيد آمنة تمامًا.
“اختر كلامك بعناية. سيّدة إليستاين، هذا المعلم بولتون، وريث برج السّحر.”
“……..!”
سحبت رايلي نفسًا عميقًا.
كانت تخميناتها صحيحة.
القرن الأسود للأيل هو رمز برج السّحر.
المعلم بولتون شخصيّة معروفة بكونه عبقريّ السّحر.
قبل فترة، أصبح موضوع حديث الإمبراطوريّة لتأمينه منصب وريث البرج في سنّ مبكرة.
“…أنا رايلي إليستاين، تشرّفتُ بمعرفتك.”
[هه، لا داعي للتّكلّف. مرحبًا، أيّتها الفتاة الصّغيرة.]
“بويل، أصلح أسلوبك…! احترم الآداب.”
[لماذا تتوقّعين من شخص من برج السّحر أن يتبع آداب النّبلاء؟ الفتاة الصّغيرة يمكنها أن تتحدّث معي بصراحة.]
“لا، بما أنّك أكبر منّي بكثير، فهذا مناسب.”
[همم.]
أصدر بولتون صوتًا ينمّ عن اهتمامه بردّ رايلي.
تنهّدت إيديليكا طويلًا واعتذرت نيابة عنه:
“آسفة، إنّه حقًا شخص مزعج… لكنّه لا يحمل ضغينة، فلا تتردّدي في معاملته بصراحة دون تكلّف.”
[ديليكا، ألستِ قاسية بعض الشّيء؟]
“راجع تصرّفاتك أوّلًا.”
من خلال الحوار، أدركت رايلي أنّهما صديقان مقرّبان جدًا.
“هل أنتما صديقان؟”
“صديقان؟ بل ربّما علاقة كارما سيّئة.”
[هذا قاسٍ جدًا. نحن أصدقاء طفولة، نوعًا ما.]
لم تنفِ إيديليكا تفسير بولتون، بل أومأت بكتفيها. يبدو أنّهما بالفعل مقرّبان.
من السّياق، استنتجت رايلي شيئًا.
“إذن، صديقكِ المعلم بولتون هو…’طرريقة الهروب’ التي تحدّثتِ عنها؟”
“نعم، أنتِ ذكيّة حقًا.”
مع وجود وريث برج السّحر كداعم، ستكون سلامة إيديليكا ومعيشتها مضمونة. كان ذلك منطقيًّا، لكن…
“إذن، ألا يعني ذلك أنّكِ لستِ بحاجة إلى المال؟”
[آه، هذا شرط وضعته أنا. نوع من الرّهان.]
أوضح بولتون بسخرية:
[أنا لستُ متصدّقًا، ولا يوجد سبب لتلبية طلب متهوّر كهذا. بالطّبع، أنا واثق من قدرتي على إخفائها مدى الحياة، لكن ديليكا هي الوريثة الأولى للدّوقيّة.]
“صحيح.”
[لذا طلبتُ منها جمع المال. سواء أخذته من ثروتها دون لفت الانتباه، أو بأيّ طريقة أخرى، إذا أظهرت هذا القدر من القدرة والعزيمة، سأعترف بها. وبالمناسبة، أخذ أجر العمل يناسبني أيضًا.]
لكن من نبرة بولتون، لم يبدُ أنّه يؤمن بقدرة إيديليكا على تحقيق هذا الشّرط.
ربّما كان الشّرط مجرّد وسيلة لإخبار وريثة الدّوقيّة أن تتوقّف عن التصرّف بطيش وتهدأ.
[لكنّها حاولت بيع الجواهر بغباء، فكشفتها الفتاة الصّغيرة، أليس كذلك؟ لحسن الحظّ أنّكِ من كشفتها، وإلا لو سُحبت إلى الحرّاس بتهمة السّلوك المشبوه، ماذا كنتِ ستفعلين؟]
“كنتُ واثقة من قدرتي على الهروب…”
[نعم، نعم، بفضل الأدوات السّحريّة التي أعطيتكِ إيّاها.]
[على أيّ حال، سمعتُ أنّ ديليكا كُشفت من قبلكِ، ثم سألتني إن كنتُ سأعترف بالمال الذي تحصل عليه من صفقة معكِ. حسنًا، الصّفقات تتطلّب مهارة، لذا سأعترف بها، لكن وضعتُ شرطًا.]
“شرط؟”
[أن تشرح ديليكا بوضوح سبب حاجتها للمال.]
“…….”
[فكّري في الأمر. إذا قدّمتِ المال، فإنّ وريثة الدّوق ستهرب؟ من سيوافق على ذلك؟]
كان بولتون محقًّا.
حتّى رايلي، التي أرادت بناء علاقة مع إيديليكا، لم تكن تنوي مساعدتها على الهروب من منصبها كأميرة كبرى.
كانت إيديليكا مطأطئة الرأس، فلم تظهر تعابيرها.
يبدو أنّ بولتون يرى تصرّفاتها مجرّد هروب من الواقع أو نزوة.
لكن رايلي شعرت بحدس أنّ الأمر ليس بهذه البساطة.
“صاحبة السّمو الأميرة.”
“نعم، تعتقدين أنّه أمر سخيف، أليس كذلك؟ أتفهّم.”
“لا، ليس هذا… أريد أن أعرف السّبب الحقيقيّ.”
نظرت رايلي إلى إيديليكا بثبات:
“السّبب الذي يجعل صاحبة السّمو مضطرّة لمغادرة الدّوقيّة.”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل "32"