“هووو…”
تنهّدت رايلي بعمق، فتموّج شعرها الفضّي الوفير.
نظر يوان إلى السيدة الصغيرة، التي بدت وكأنّها تحمل هموم العالم، وابتسم وسأل:
“هل كان تغيير الفساتين مرهقًا جدًا؟”
“لم أجرب في حياتي ارتداء وخلع هذا الكمّ من الملابس.”
“لحسن الحظّ، لاحظ الدوق أنّكِ متعبة وتوقّف في الوقت المناسب.”
“حقًا…”
بما أنّ ابنه يفتقر إلى الودّ، يبدو أنّ والتر استمتع كثيرًا بلعبة تلبيس رايلي كما لو كانت ابنته.
لم يتوقّف عن تغيير ملابسها إلّا بعد أن أدرك أنّها منهكة.
لكنّ إعلانه عن شراء كلّ الفساتين المصمّمة أثار دهشتها.
“لا أعتقد أنّني بحاجة إلى كلّ هذه الفساتين.”
“يمكنكِ ارتداؤها حتّى بعد العودة من العاصمة. فكّري في الأمر كاستثمار للمستقبل.”
“أشعر أنّه سيُصرّ على شراء المزيد من الملابس والمجوهرات في العاصمة.”
لم ينكر يوان ذلك، واكتفى بابتسامة غامضة.
“بالمناسبة، ألا يُصمّم لسيرجو ملابس جديدة؟”
“همم… هو يجد هذه الأمور مزعجة، وعلى عكسكِ، لديه بالفعل خزانة مجهّزة. لكنّ صمّمت له بضع بدلات هذه المرّة.”
“فهمت.”
“هل شعرتِ بالإحباط لأنّ سيرجو لم يظهر اليوم؟”
كان عرض أزياء رايلي – إن جاز التعبير – مقتصرًا على عمّال المتجر ووالتر ويوان وبعض الخدم.
ادّعى سيرجو أنّه مريض، لكن رايلي خمّنت أنّه تحوّل إلى ثعلب مجدّدًا.
“لا، أبدًا! سيرجو ضعيف الجسم عادةً، أليس كذلك؟ من الجنون أن أشعر بالإحباط من شخص مريض.”
“نعم… نشكر تسامحكِ، يا سيدتي الصغيرة.”
ارتسم على وجه يوان تعبير يشبه الاعتذار، ربّما لمعرفته بالحقيقة.
غيّرت رايلي الموضوع لتجنيب يوان الحرج:
“بالمناسبة، أنتَ أيضًا ستذهب إلى العاصمة، أليس كذلك؟”
“نعم، صحيح. يجب أن أساعد الدوق… وأخطّط لأخذ أختي معي.”
‘أخت؟’
انتبهت رايلي فجأة.
أخت يوان هي الشخصيّة التي ستُسبّب تحوّله إلى شرير.
في القصّة الأصليّة، ستُختطَف من قبل منظّمة إجراميّة.
إذن، أليس من المرجّح أن يحدث شيء عندما تكون بعيدة عن المنزل؟
إذا كانت رحلة العاصمة هي نقطة التحوّل…
هدّأت رايلي خفقان قلبها وسألت بهدوء:
“هل تأخذ أختك في رحلة معك إلى العاصمة؟ أنتَ أخ رائع، يا يوان.”
“ليس الأمر كذلك. عادةً ما نذهب إلى العاصمة بانتظام لفحوصات صحيّة، وتزامن التوقيت هذه المرّة.”
“فحوصات صحيّة؟”
“نعم. كانت أختي ضعيفة جدًا في طفولتها… قيل إنّها قد لا تعيش حتّى البلوغ.”
“آه…”
“لحسن الحظّ، أصبحت بالغة مؤخّرًا، وتلقّت شهادة شفاء منذ زمن. لكن كأخ، لا يزال القلق يساورني، لذا أصرّ على فحصها مرّة سنويًا على الأقل.”
“أفهم، لا بدّ أن تكون قلقًا.”
حتّى لو شُفيت، قد تظلّ ضعيفة البنية.
أصبح تدليله لأخته مفهومًا.
‘نعم، هناك أخوة مثل هؤلاء في العالم…’
ابتلعت رايلي شعورًا مريرًا.
على أيّ حال، يجب منع حدوث مكروه لأخت يوان الثمينة.
قبل حساب الأضرار التي قد تلحق بعائلة إليستاين إذا غادر يوان، أرادت رايلي تجنيب هذا المساعد اللطيف أيّ حزن.
قرّرت رايلي فعل ما تستطيع.
“يوان…”
“نعم، يا سيدتي الصغيرة.”
“إذا لم يكن هناك مانع… هل يمكنني مقابلة أختك؟”
“أختي؟”
“نعم! بما أنّنا سنذهب إلى العاصمة معًا، أريد التعرّف عليها مسبقًا… وربّما نقضي وقتًا معًا أو نتحدّث.”
لن يكون لدى يوان، الذي سيكون مشغولًا في العاصمة، وقت لرعاية أخته.
إذن، يمكنها هي قضاء الوقت معها والحرص على سلامتها.
كان هذا اقتراحًا مدروسًا.
“هل هذا مناسب؟ أختي أكبر منكِ بكثير، قد تجدينها مملّة. إذا أردتِ صديقة من عمرك، يمكنني البحث…”
“لا! لطالما تمنّيت أن يكون لي أخت كبرى. وبما أنّها أختك، أريد أن أصبح صديقتها.”
غاصت عينا يوان للحظة، إذ تذكّر خلفيّة رايلي العائليّة القاسية.
أجاب بأدب دون إظهار الشفقة:
“فهمت. إذا كنتِ موافقة، سأعرّفكما بكلّ سرور.”
“آه! سأحرص على عدم إرهاقها أو مضايقتها.”
“لا أقلق بشأن ذلك.”
ابتسم يوان بلطف.
“أرجو أن تتفقا جيّدًا.”
“نعم!”
“إذا كنتِ موافقة، هل أدعوها لتناول الشاي بعد الظهر؟”
“أوه، لا بأس بالنسبة لي، لكن هل يناسبها التوقيت؟”
“عادةً ما تكون في المنزل، فلا مشكلة. سأتأكّد وأخبركِ.”
“نعم!”
ستحرص على حماية أخت يوان، التي ربّما تكون فتاة مريضة وجميلة، من أيّ مكروه!
احتفظت رايلي بهذه المهمّة الجديدة في قلبها لرحلة العاصمة.
***
عندما عادت رايلي إلى غرفتها بعد حديثها مع يوان، تفاجأت بزائر غير متوقّع:
“ووف!”
“يا إلهي، كامانغ؟”
كان زوجها ينبح بجانبها، ظهر فجأة من العدم.
“يبدو أنّني لم أرَك منذ زمن! هل أنتَ بخير؟”
“ووف، ووف.”
“قبل فترة، قابلتُ ثعلبًا كبيرًا يشبهك. إنّه من عائلتك، أليس كذلك؟ لستَ كلبًا، بل ثعلبًا صغيرًا!”
“غرر.”
عند ذكر والده، أدار كامانغ رأسه بنزق.
يبدو أنّه متمرّد بعض الشيء.
“لمَ جئت؟ هل تريد شيئًا تأكله؟”
بالطبع، لا يمكنها إطعام زوجها طعام الحيوانات، فكان سؤالًا عفويًا.
تجاهل كامانغ السؤال ودار حول رايلي.
‘همم…؟’
دفن أنفه في دانتيل تنّورتها للحظة، ثمّ رفع عينيه إليها.
بدت حركته وكأنّه…
يُفحص مظهرها بفستانها الجديد.
“آه، هل تشمّ رائحة الملابس الجديدة؟ صحيح، هذا فستان جديد اشتراه لي أبي اليوم.”
“وونغ.”
يبدو أنّها أصابت.
“قال أبي إنّ هذا الفستان الوردي هو الأجمل عليّ وطلب منّي ارتداؤه… هل يبدو غريبًا؟”
“كيانغ، كيانغ!”
نبح الثعلب الصغير بقوّة، كما لو يقول إنّه ليس كذلك أبدًا.
حتّى دون كلام، شعرت أنّه يمدح الفستان ويراه مناسبًا لها.
‘هل جاء عمدًا لأنّه شعر بالأسف لعدم حضوره اختيار الفساتين؟’
ربّما كان تخمينًا، لكن إذا كان صحيحًا، فهو أمر مفرح وتشعر بالإمتنان له.
شعرت بمزيج من الحرج والإثارة.
“أتمنّى ألّا يكون غريبًا! بالمناسبة، سأتناول الشاي لاحقًا مع أخت يوان. أريد أن أبدو جميلة وأصبح صديقتها.”
عند سماع ذلك، رفع كامانغ أذنيه ونظر إليها.
بدا أنّه يتفاعل مع عبارة “أصبح صديقتها”، لكن رايلي لم تلحظ.
“لذا، لن أتمكّن من اللعب معك طويلًا اليوم. سنلتقي لاحقًا!”
“……”
لم يُصدر الثعلب الصغير أيّ صوت، بل اقترب من قدميها، كما لو يطلب مرافقتها.
“أوه… هل تريد القدوم معي؟”
“ووف.”
“لكن إذا تبعتَني هكذا، قد تُفاجئ أخت يوان…”
فكّرت رايلي لحظة، ثمّ جلست القرفصاء وفتحت ذراعيها:
“آه! إذن، هل تريد أن أحملك؟”
“كيانغ!”
أصدر الثعلب صرخة مفاجأة.
ندمت رايلي فورًا.
بما أنّه في هيئة حيوان، نسيت للحظة أنّه صبي.
لن يُعجبه أن يُحمَل في حضن فتاة من عمره.
“آه، إذا كنتَ لا تريد، لا بأس…”
“……”
لكن قبل أن تخفض رايلي ذراعيها، قفز الثعلب إلى حضنها.
التعليقات لهذا الفصل "20"