مارغريت ضحكت بشدّة وكأنّها شيطانة تكاد تمزّق فمها من الابتسامة.
بهذا، أصبح لقب البارون تحت سيطرتها تقريبًا.
بصراحة، كانت تتوقّع أنّ المعلومات المفيدة ستأتي بعد وقت طويل، لذا استعدّت لانتظار أطول.
تذكّرت حوارها مع أحد أتباع الماركيز:
– “إلى أيّ مدى يريد الماركيز معلومات منّي؟”
– “سيكون راضيًا إذا كانت معلومات تكفي لضمان الفوز في مزاد منجم الياقوت هذا.”
– “……”
– “بالطبع، لا يتوقّع الماركيز الحصول على معلومات بهذا الحجم منذ البداية. الفكرة هي أن تتراكم إنجازاتك على المدى الطويل.”
لذلك، لم تكن آمالها كبيرة عندما حاولت استخدام رايلي لاستخلاص المعلومات.
لكن أن تحصل على هكذا صيد ثمين منذ البداية!
‘غدًا، سأرسل الرسالة فورًا.’
للأمان، كانت تملك أداة اتصال سحريّة، لكن إرسال رسالة عاديّة مموّهة بمحتوى مشفّر كان الخيار الأكثر أمانًا.
أمسكت مارغريت يدها بإثارة تفيض بالعرق.
لقد تخيّلت مستقبلًا تتخلّص فيه من دور المربّية المزعج، وتصبح زوجة بارون مرموقة، تنقل اللقب إلى ابنها، وتعيش بكبرياء.
***
لكن في صباح اليوم التالي، شعرت مارغريت بجوّ غير عادي.
كان قصر الدوق هادئًا عادةً، لكنّه الآن مضطرب، ويبدو أنّ الخدم يُستدعَون إلى مكان ما بأعداد كبيرة.
أوقفت إحدى الخادمات وسألتها عن الوضع:
“هل حدث شيء؟”
“لقد أُمِرنا بعدم البوح بشيء، لذا لا أعرف بالضبط… لكنّ الأوامر جاءت بتشديد الرقابة على الدخول والخروج.”
“أريد إرسال رسالة إلى عائلتي، هل هذا صعب أيضًا؟”
“نعم، الرسائل تُعتبر جزءًا من التواصل الخارجي، وهي ممنوعة لمدّة أسبوعين على الأقل.”
كان قصر الدوق مغلقًا بطبيعته، لكن هذا الوضع بدا غريبًا.
وكما لو كان يؤكّد حدسها، جاءت رايلي إلى مارغريت بعد الإفطار بخبر يائس:
“مارغريت… هذا أمر خطير.”
“ما الذي حدث، يا آنسة؟”
“لقد وُجدت أداة سحريّة مشبوهة في المكتب…! الدوق قال ذلك!”
“ماذا…!”
“لم يُكتشف أنّني من فعلت ذلك…! تصرّفتُ وكأنّني لا أعرف شيئًا!”
أوضحت رايلي وهي تنكمش خائفة.
في قصر الدوق، يُجرَى أحيانًا تنظيف شامل مع تغيير أماكن الأثاث، ويبدو أنّهم عثروا على أداة سحريّة مدفونة تحت أريكة أثناء نقلها.
“لا يعرفون من فعلها أو متى، لذا يفتّشون الخدم الآن كما لو كانوا يصطادون فئرانًا.”
“تسك…”
“إذا لم يجدوا شيئًا بعد تفتيش الخدم، قد يفتّشون أمتعتنا أو أجسادنا. ألا تعتقدين أنّه يجب التخلّص من الأداة السحريّة التي تملكينها؟”
كانت ملاحظتها صحيحة.
إذا استمرّ الوضع هكذا، ستصل أنظار الشك إلى العروس الجديدة أو مربّيتها عاجلًا أم آجلًا.
ارتجفت رايلي خوفًا، يبدو أنّها تخشى تعنيف مارغريت أو ألم الأداة السحريّة.
صرّت مارغريت على أسنانها.
كانت ترغب في إفراغ غضبها على رايلي الآن، لكن الوضع الحالي كان أولويّة.
فكّرت بسرعة وقرّرت:
“لنذهب إلى غرفتكِ، يا آنسة.”
“ماذا…؟ لماذا…؟”
“هناك أمر مهم يجب التواصل بشأنه.”
حتّى لو تخلّصت من الأدوات السحريّة وتظاهرت بالجهل، يجب إيصال المعلومات التي تملكها إلى جانب الماركيز مالبرن بسرعة.
لم يبقَ سوى أقلّ من أسبوعين على المزاد.
إذا لم تتواصل قبل ذلك، ستصبح المعلومات الثمينة التي حصلت عليها بلا قيمة.
لكن استخدام أداة الاتصال السحريّة الآن، مع هذا الحراسة المشدّدة، سيكون بمثابة اعتراف بالذنب.
لذا، المكان الوحيد الآمن من كاشف السحر داخل القصر هو الأماكن الخاصة بأصحاب العائلة، مثل غرف النوم.
عادةً ما تُحيط العائلات النبيلة أماكنها الخاصة بدوائر سحريّة تمنع التدخّل الخارجي، وبالتالي لا يمكن كشف السحر المستخدم داخلها من الخارج.
كانت هذه ثغرة أمنيّة، لكنّها بالنسبة لمارغريت فرصة ذهبيّة.
جمعت كلّ الأدوات السحريّة، أخفتها في جسدها، وأسرعت إلى غرفة رايلي، تسحبها بقوّة.
ما إن دخلت غرفة نوم رايلي، فعّلت أداة الاتصال السحريّة بسرعة:
[ما الأمر؟]
“أبلغكم، لقد حصلتُ على معلومات تتعلّق بمبلغ العرض في مزاد المنجم الذي ذكرتموه.”
[ها! أسرع ممّا توقّعتُ. لابأس بكِ.]
“شكرًا.”
[إذن، أبلغيني فورًا. أم سترسلينها برسالة؟]
“لا. قبل ذلك، أريد منكم وعدًا.”
[وعد؟]
“الوعد بمنحي لقب البارون.”
[أتحاولين المساومة بوقاحة؟]
“إنّه أمر مهم بالنسبة لي!”
[هه… حسنًا، أبلغي وسأنتظر. تواصلي مجدّدًا بعد نصف يوم.]
انقطع الاتصال بنبرة منزعجة.
عضّت مارغريت أظافرها بتوتر.
كانت تأمل إنهاء الأمر باتصال واحد، لكنّ الأمور لم تسر كما خطّطت، فغضبت.
كانت محاولتها للحصول على الوعد أولًا نتيجة تفكير دقيق.
إذا اكتُشف أنّ إليستاين قد كشفت الأدأة، ستنخفض قيمة المعلومات، وقد يستخدم الماركيز مالبرن ذلك كذريعة لعدم مكافأتها.
لذا، أرادت ضمان وعد لقب البارون أولًا قبل التعامل مع العواقب.
في تلك اللحظة، سألتها رايلي بنظرات متقلّبة:
“آمم… لقب البارون؟ ما معنى هذا؟ لا يمكن أن يكون والدي قادرًا على منحه…”
“……”
“مهلًا! مارغريت، هل تبيعين المعلومات لشخص آخر غير والدي…؟”
شتمت مارغريت في سرّها.
هذه الفتاة دائمًا ما تكون سريعة البديهة.
“قُلتِ إنّ عملي الجاد سيكون مفيدًا لعائلة الفيكونت… لكن هذا مختلف!”
“آه، اصمتي، بحقّ خالق السماء.”
“……!”
تخلّت مارغريت عن أدنى مظاهر الأدب، وواجهت رايلي بوجه غاضب.
“أغلقي فمكِ وكفي عن الكلام. إذا نطقتِ بكلمة واحدة لا داعي لها، سترين مصيرًا مروّعًا.”
“ماذا…”
“ألم تكفيكِ معاناتكِ الماضية؟”
“……!”
بذكر أداة الخضوع، اصفرّ وجه رايلي.
لكنّها عضّت شفتيها وصرخت مجدّدًا:
“هذا ليس صحيحًا! إذا كان لمساعدة عائلتي، قد أتقبّل…!”
“ماذا قلتِ؟”
“سأخبر الدوق فورًا…”
“أيتها…!”
مع صوت كالكهرباء، تشنّجت رايلي وانهارت.
كانت مارغريت قد استخدمت أداة الخضوع عليها دون ضبط القوّة.
“كرّري كلامكِ مرّة أخرى! إذا كنتِ تملكين الجرأة!”
بنبرتها الخبيثة، تمتمت رايلي بهدوء وهي مطأطئة رأسها:
“…تُضيّعين جهدكِ.”
“ماذا؟”
لم تفهم مارغريت كلماتها، فتجمّدت للحظة.
رفعت رايلي رأسها بابتسامة باردة:
“أعني أنّكِ انتهيتِ.”
“ماذا… آه!”
شعرت بضغط مفاجئ يسحق جسدها، ففزعت.
عندما استفاقت، وجدت رجالًا بملابس سوداء ظهروا من الظلال يقيّدونها.
ربطوها بسرعة وأعلنوا ببرود:
“تمّ التعرّف على المجرمة التي عطّلت عائلة الدوق وألحقت الأذى بأحد أفرادها. بناءً على قانون الإقطاعيّة، سيتمّ احتجازها.”
“ماذا! أنا فقط نفّذت الأوامر…”
“أغلقوا فمها أيضًا.”
“حاضر، يا قائد!”
حاولت مارغريت الصراخ، لكن فمها أُغلق أوّلًا.
‘لا يعقل! هل كان فخًا؟ هذه الفتاة… هل يمكن أن تكون هي؟’
تداعت أسئلة لا حصر لها في ذهنها دون إجابة.
أرادت أن ترى وجه رايلي للمرّة الأخيرة، لكنّ قناعًا أُلبِسَ على عينيها كما يُفعل بالمحكوم عليهم، فغرقت في الظلام.
شعرت بخوف غريزي بأنّها لن ترى النور مجدّدًا.
لم يكن هناك مخرج من هذا الرعب.
***
تنفّست رايلي الصعداء وهي تراقب اختفاء مارغريت من المكان.
“هل أنتِ بخير؟”
ساند سيرجو رايلي، وكان مختبئًا تحسّبًا لأي طارئ.
“آه! أنا بخير. شكرًا لقلقك.”
“……”
تمتم سيرجو بشيء غير راضٍ، وشفتاه مغلقتان:
“…لا تبدين بخير.”
“ماذا؟”
“لم تخبريني أنّ تلك المربّية تملك أداة سحريّة تهاجم الناس…”
“آه.”
أدركت رايلي أنّ وجه زوجها لم يكن مستاءً فحسب، بل غاضبًا أكثر.
التعليقات لهذا الفصل "17"