كانت تفكّر فقط في استخدام الأداة السّحريّة لإخضاعها، لكنّ رايلي سبقتها واعتذرت أوّلًا.
“……أخطأتِ؟”
“آه… ما حدثَ اليوم، ذلك الألم الشّديد… أنتِ من فعلته، أليس كذلك…؟”
“……”
“حين زال الألم، بدأتُ أفكّر. إن لم يكن مرضًا مفاجئًا، فلا يمكن أن يكون ألم الرّأس في تلك اللّحظة مجرّد صدفة…”
بالفعل، كانت هذه الفتاة دائمًا خجولة، لكنّها لم تكن غبيّة.
بينما كانت مارغريت تلوي شفتيها، صرخت رايلي مجدّدًا، ربّما بسبب قلقها من صمتها:
“كان ذلك مؤلمًا جدًّا…! أخاف أن يتكرّر الأمر…”
“نعم، تخمينكِ صحيح. إن أردتُ، يمكنني أن أجعلكِ تشعرين بالألم نفسه متى شئت.”
“……!”
شهقت رايلي وتراجعت خطوةً إلى الخلف.
فكّرت مارغريت في تفعيل الأداة السّحريّة مجدّدًا لتكون عبرةً وتنفيسًا لغضبها، لكنّها تمالكت نفسها.
الأداة تحتاج وقتًا لإعادة شحن المانا، فالإفراط في استخدامها ليس جيّدًا.
في تلك اللّحظة، قالت رايلي بالضّبط ما كانت مارغريت تريده.
“سأفعل أيّ شيء تأمرينني به!”
“حسنًا. لو كنتِ استسلمتِ منذ البداية، لكان ذلك أفضل بكثير. أنا أيضًا أتألّم حين أُسبّب لكِ الأذى دون داعٍ. كلّ هذا من أجل تأديبكِ.”
بالطّبع، كانت هذه كلماتٍ فارغة.
معظم العقوبات التي تُبرَّر بالتّأديب لم تكن سوى ذرائع لتفريغ إحباطات مارغريت.
“ماذا… ماذا عليّ أن أفعل…؟ أمام طفلةٍ مثلي… من المستحيل أن يتحدّث الدّوق عن أعمالٍ مهمّة…”
“لا داعي للقلق بشأن ذلك.”
ابتسمت مارغريت بمكر.
“قد لا يتحدّث الدّوق عن أمورٍ مهمّة أمامكِ، لكنّ دخولكِ إلى مكتبه لن يكون صعبًا، أليس كذلك؟”
“آمم، ربّما…”
“سأعطيكِ أداةً سحريّةً لاحقًا. كلّ ما عليكِ هو التّظاهر بأنّكِ تتجوّلين في المكتب وتزرعينها خلسة…”
خوفًا من أن ترتكب رايلي خطأً أحمق يُكشَف، شرحت مارغريت عمليّة زرع الأداة بعناية.
في الأحوال العاديّة، كان ذلك سيُزعجها، لكنّها الآن مستمتعة.
لقب البارون كان يلوح أمام عينيها.
بمجرّد أن تحصل عليه، ستتحرّر من حياة التّابع الذي ينظّف فوضى عائلة الفيكونت الغبيّة، وستعيش بسعادة.
في غمرة هذا الفرح، لم تلحظ مارغريت أنّ عيني رايلي كانتا مملوءتين بإرادةٍ صلبة.
***
تلك اللّيلة.
استقبلت رايلي زائرًا غير متوقّع.
“أوه! ألم يكن من المفترض أن تأتي غدًا؟”
“آمم، أردتُ رؤية زوجة ابني بسرعة، فأسرعتُ.”
كان والد زوجها، يبتسم بمرحٍ لا يتناسب مع ملامحه.
حدّقت رايلي فيه بذهول، فبدت على والتر علامات الارتباك.
“ربّما كان عليّ الانتظار حتّى الصباح؟ لقد كنتُ متحمّسًا جدًّا ونسيتُ أنّ الوقت قد تأخّر…”
“لا، لا بأس! لو أخبرتني مسبقًا، لكنتُ استقبلتكَ بنفسي.”
“لا يمكنني إزعاج صغيرتي. اطمأننتُ الآن بعد أن رأيتكِ.”
ثمّ أشار إلى أنّه سيعود بعد أن أنهى تحيّته.
يبدو أنّه جاء فعلًا فقط لتحيّة زوجة ابنه فور عودته إلى قصر الدّوق.
‘ربّما أسرعَ بسبب ما حدثَ في النهار…’
ربّما لاحظ اضطهاد مربّيتها لها، فاهتمّ بالأمر.
شعرت فجأةً بضرورة إزالة هذا الورم الخبيث الذي يهدّد عائلة إليستاين الطيبة.
“ألم يأتِ السيد سيرجو معكَ؟”
“آمم، ذهب ذلك الفتى مباشرةً إلى مسكنه. ستتمكّنين من رؤيته غدًا.”
على الأرجح، لم تستقرّ المانا لديه بعد، فهو لا يزال في هيئة حيوان.
أومأت رايلي دون أن تُظهر تخمينها.
“آسف على الإزعاج في وقتٍ متأخّر. سأعود الآن.”
“آه…! أبي!”
“نعم!”
بدت السّعادة واضحةً على وجهه حين نادتْه “أبي”، كأنّ ذيله كان سيُهزّ بقوّة لو كان في هيئة ثعلب.
“كنتُ أودّ مناقشة أمرٍ ما، هل يمكننا الحديث الآن؟”
“……”
لمع بريقٌ باردٌ في عينيه الذّهبيّتين للحظةٍ ثمّ تبدّد.
“بالطّبع، إن كان لصغيرتي شيءٌ تريد قوله، سأجد وقتًا مهما كان.”
“شكرًا.”
كما يُقال، يُزال القرن في الحديد السّاخن.
(م: مثل كوري زي دق الحديد وهو ساخن)
كانت خطتها تتطلّب مناقشة الأمر مع والتر على أيّ حال.
أمسكت يدها المرتجفة بقوّة، وقادتْه إلى الغرفة الدّاخليّة حيث لا توجد آذان تسترق السّمع.
***
“إذًا، ما القصّة التي تريدين مناقشتها؟ تحدّثي براحتكِ.”
جلس والتر على الأريكة المقابلة، يبتسم بلطفٍ وهو يسأل رايلي.
حرّكتْ رايلي شفتيها، ثمّ بدأت:
“ربّما يصعب تصديق كلام طفلةٍ مثلي…”
“ما هذا الكلام؟ هل هناك شيءٌ غير مريح في قصر الدّوق؟ هل الخدم ينقصهم التّوقير…؟”
“لا، ليس ذلك على الإطلاق! الجميع يعاملني بلطفٍ شديد.”
“إذًا…”
ابتلعت رايلي ريقها، وفتحت فمها بعزم:
“كما تلقّيت تقريرًا مسبقًا، جاءت مربّيتي إلى قصر الدّوق اليوم.”
“نعم، بما أنّ القصر قد يكون غريبًا عليكِ، قالت عائلة فيكونت بيتينسي إنّها تريد مساعدتكِ على التّكيّف.”
“لكنّ مربّيتي… لم تأتِ لهذا السّبب فقط.”
“هل تقصدين أنّ لها غرضًا آخر؟”
“نعم.”
لكي لا يبدو كلامها كهراء طفلة، وضعتْ قوّةً في عينيها وتابعت بصرامة.
“يبدو أنّ والدي… يريد من مربّيتي جمع معلوماتٍ من قصر الدّوق ونقلها.”
“……!”
لم تستطع رايلي مواجهة وجه والد زوجها المذهول، فأطرقتْ رأسها.
بالنّسبة للدّوق، لا بدّ أنّ هذا أمرٌ صادمٌ ومروّع.
–” على مر التّاريخ… كانت هناك حالاتٌ لزوجات رؤساء إليستاين بخيانة العائلة بطرقٍ مشينة. للأسف.”
– “كلّما كانت الزوجة من عائلةٍ رفيعة، زادت احتماليّة ذلك.”
– “لم نُعلن ذلك علنًا، لكنّ والدة سيرجو، زوجتي السّابقة… فعلتْ ذلك أيضًا.”
لقد خُدِع من زوجته المتوفّاة، والآن زوجة ابنه متورّطة في مثل هذا الأمر.
كان هذا موضوعًا كفيلًا بجعله يرغب في طردها فورًا.
لذلك، فكّرت رايلي في البداية بإخفاء الحقيقة وحلّ المشكلة بمفردها.
لكن، كطفلةٍ صغيرة، حدود قدراتها واضحة، وإن انكشف الأمر لاحقًا، سيشعر الدّوق بخيانةٍ أكبر.
لذا، رأتْ أنّ الأفضل هو كشف كلّ شيء للدّوق قبل أن تتطوّر الأمور.
لكن، إن أبلغتْ عن الخيانة فقط، فستُطرد من القصر وينتهي الأمر.
كان عليها إثبات “قيمتها” لتجنّب الطّرد.
“بالطّبع، لا أريد فعل ذلك! لذا، أفكّر في استغلال هذا لمساعدتك!”
“……مساعدتي؟”
“نعم! مربّيتي أمرتني بزرع أداةٍ سحريّة في مكتبك لسرقة المعلومات. لكنّ والدي ليس لديه الثّروة لشراء أداةٍ كهذه.”
نطقتْ باستنتاجاتها بوضوح:
“حتّى قبل الثّروة، هو ليس بالجرأة أو الذّكاء لمحاولة سرقة معلومات من قصر الدّوق. إذًا…”
“……”
“لا بدّ أنّ هناك داعمًا أكبر يتلاعب بوالدي ويستهدف عائلة إليستاين.”
“……!”
كان الوضع واضحًا.
“لم أتلقَّ الأداة بعد، لكن حين أحصل عليها، سأسلّمها لك فورًا. بما أنّها أداةٌ خاصّة، قد نتمكّن من تتبّع مصدرها واكتشاف الدّاعم. يمكننا أيضًا خداعهم ليظنّوا أنّ خطتهم نجحت، ثمّ نُفاجئهم!”
“……”
“إن لزم الأمر، سأجمع المزيد من المعلومات. لذلك استخدمني.”
ظلّت رايلي تُمسك قبضتيها بقوّة دون أن ترفع رأسها.
كانت هذه “الصّفقة” التي فكّرت فيها بيأسٍ لضمان بقائها.
على الرّغم من صغر سنّها، كانت واثقةً من قدرتها على إنجاز هذا.
لأن لديها ذكريات حياتها السّابقة الآن.
لكن…
“في المقابل، لا ترجعني إلى عائلة الفيكونت…”
على الرّغم من محاولتها التّظاهر بالثّبات، خرجت توسّلاتها الأخيرة بصوتٍ مرتجف.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات