بصرف النّظر عن مدى غرابة الأصوات التي سمعتها، تظلّ تِلك أصواتًا صادرة من فنائي الخلفي.
فما الّذي أخشاه؟
كما أن جسدي بدأ يتكيف مع قوّتي الداخليّة التي ورغم كونها ضعيفة إلا أنّها ستكفي لمواجهة بضعة أصوات غريبة، لا؟
كتمت ضحكتِي والتقطتُ السّيف الخشبي المُلقى على الأرض.
“أهذا للإحتياط؟”
“نعم.”
“هل يمكنني استخدامه؟”
“بمَ ستستخدمينه؟”
وضعتُ شالي على الأرض والتقطت السيف عوضًا عن الرّد، وما إن لمست سطحه الخشبيّ حتى أدركت كم هي طويلةٌ الفترة التي مرّت عليّ منذ حملت واحدًا بين يداي، فنشر ذلك بعض العواطف فيّ…
كلّا! عند التّفكير في الأمر، لم يمرّ وقتٌ طويل حقًا! إذ حملتٌ واحدًا في ذاك اليوم؛ لأوضّح له أساسيات فن المبارزة.
لكنّ ذلك كان فقط لإظهار الشّكل المناسب لإمساك السيف، والأمر مختلِف اليوم.
حرّكت السّيف في ضربة واحِدة سريعة لقطع الهواء وتبِع ذلك صوتٌ صدر من حركة السّيف.
-ششك-
وبدى أن هناك حركة لحِقت ذلك فأدرت معصمي بشكلٍ بطيء ليدور السّيف الخفيف مع يدي.
أصبحت عينا كاسيون أكثر حدّة حين أدرت السّيف واستعدت إيقاع تنفّسي، أظن أن هذا ما يجعل التّفاعل مع الأشخاص سريعي البديهة أكثر سهولة، إذ أنّه فهِم واستعدّ رغم عدم قولي لشيء.
نقرت على الجانب الحاد من السيف على كعب حذاء واحد ، ثم تكلمت.
“أيجب عليكَ أن تسأل حقًا؟ سأقدّم لك مساعدةً في التّدريب، دعنا نتبارز.”
* * *
-صراخ-
اصطدمت الحافّتان الحادّتان للسّيفين الخشبيّين وأنتج ذلك ضجيجًا عاليًا.
اصطدم السيفان وخشنا حبيباتهما الخشبية على الرغم من نحتهما بسلاسة.
انفصلت السيوف التي اصطدمت بقوة مما دفع أقدام كاسيون على الأرض بضعة خطوات.
كانت آثار أقدامه السميكة محفورةً على الأرض الرطبة النديّة.
وفي المقابل وقفت روزيتا في نفس المكان.
بدا معصمها النّحيف أرق من السّيف الذي كانت تحمله فلم يكن بوسعه إلّا أن يتساءل من أين أتت قوتها.
“معصمك ضعيف، حين اصطدم سيفانا سابقًا استمر بالإنحناء للخلف، وكذلك مرفقك”.
كان صوتها ثابتًا على الرّغم من تبادلهم ضربات سيوفهم عدّة مرات بالفعل.
أشارت إلى كوع كاسيون بطرف سيفها وتأرجحت في هذا الاتجاه بدون أي ضيق في التّنفس.
كان بوسعه رؤية مسار طرف سيفها بوضوح، لكن لا زال لم يقدر على تجنبه.
صرّ مرفقه المتيبس بعيدًا عن الهجوم، فاندفع سيفها بدلًا من ذلك لكن بدلاً نحو المنطقة القريبة من كتفه.
بجوار كتفه، وإذا أردنا الدّقة فبجوار وجهه.
أطلق كاسيون شهقةً وهو يحدّق بالسّيف الخشبي المصقول.
“كنتَ لتكون ميتًا إذا ما كانت هذه سيوفًا حقيقيةً.”
كانت روزيتّا قد قالت تلك الكلمات ل عدّة مرات بالفعل خلال جلسة المبارزة القصيرة هذه، وبدا صدى كلماتها يتردد في أذنيه.
“أنا … أستسلم.”
إنها خسارته العاشرة، كانت حبّات العرق تتساقط على الأرض وتنقر الأرض كما لو كانت قطرات مطر.
سحبت روزيتا سيفها بتعبير غير متأثر.
“ليس هناك أي تدفّق لحركات معصميك ومرفقيك وحتى كتفيك، لهذا تكون متيبّسًا لا مرنًا، لا ينبغي أن يعتمد استخدام السّيوف على القوّة وحدها”.
حاول كاسيون على الفور إدارة السّيف في يده بناءً على كلمات روزيتا.
كما قالت تمامًا! جعلته الطّريقة التي كان يحرّك بها السّيف يشعر بالحرج.
يبدو أنّه لم يحرز أي تقدّم خلال جلسات التدريب الرسمية…
من المعروف أنّه كان فارسًا ذو خلفيّةٍ منخفضة، وظهر من العدم فجأة، بصدق؟ من المثير للسّخرية أن نطلق عليه لقب فارس.
لا شك أن الآخرين سخروا منه لحصوله على منصب “الفارس المرافق” لمجرد صلته بأميرة الدوقية.
عرف كاسيون هذا.
لن يرغب في رؤية شخص مثله يدخل صفوف الفرسان لو كان في مكانهم.
ومع ذلك، لم تكن لديه رغبة في مجادلة أي شخص فيما يتعلق بالإنصاف والمساواة أو أي شيء من هذا القبيل.
كل ما كان عليه فعله هو حماية حياة روزيتا، وتحمّل أي نظرات مريرة لمجرّد القيام بما يحتاج إلى القيام به.
وحتى مع ذلك، كان مضرًا لتقدّمه أن لا أحد يود مبارزته.
الشّخص الذي يشبه الفزاعة وبالكاد يمكنه الوقوف فقط هو شخص لن يكون قادرًا على التدرّب بشكل صحيح.
كان هناك أيضًا حد لأي تحركات يمكن أن يقوم بها.
بغض النظر عن مدى إتقانه من ناحية نظريّة، يبقى غير قادرٍ على معرفة شعور مبادلة الضّربات -ذاك عندما تلتقي قوّة بأخرى.
لذا حين تصادم، سيفه مع روزيتا اليوم أدرك عيوبه واحدةً تلو الأخرى.
كان متحمّسًا حقًا.
هذه هي مرّته الأولى في تجربة الشّعور بهكذا إنجاز، إنجاز اكتشافه لما ينقصه.
من خلال هذه التجربة، إذا استطاع ايجاد نقاط ضعفه، وإذا كان بإمكانه التّخلص من الأشياء التي يمكن أن تقتله يومًا ما …
كان من الممتع رؤية كيف صار بإمكانه تحديد عيوبه والتدرّب تدريجيًّا للتّغلب عليها.
لكن من ناحية أخرى شعر بالعار أيضًا.
عليه أن يبدأ برأجحة سيفه مرّةً تلو الأخرى ما إن تشرق شمس الغد.
“حسنًا، يجب أن أحاول فعل ما بوسعي اليوم.”
كان متأسّفًا تجاه روزيتا لأنّها ضيّعت وقت في منتصف الليل، لكنه أراد حقًا أن يبذل جهده قدر المستطاع اتعريف جسده بهذا الإحساس.
ومع ذلك، يبدو أن جسده لن يتعاون معه بشكل صحيح.
بينما كان يحاول التدرّب بشكل أفضل على حركات ذراعه أثناء إدارة السيف في يده ، تجهم كاسيون من الألم المفاجئ الذي اندلع.
“اغه.”
“ما الخطب؟”
كانت روزيتا تراقب من مسافة بعيدة لكن ما إن سمعت صوت تأوّه حتى اقتربت منه فاجأةً.
“لا شيء، أنا بخير.”
هزّ كاسيون رأسه وأخفى يده خلف ظهره سريعًا، لكن ما كان لروزيتا أن تصدّقه طبعًا
“ما الذي تعنيه بلا شيء؟ دعنى ارى.”
أمسكت يدها البيضاء بمعصم كاسيون و سحبته إلى الأمام.
عندما تُرك السّيف ليسقط على الأرض، قامت بفتح راحة يده، وكلّ ما تطلّبه الأمر هو نظرةٌ واحدة لتلاحظ كيف امتلأت يده بالجروح.
حدّقت روزيتا في يد كاسيون لفترة دون أن تنبس بأي كلمة.
يدان خشنتان على العكس تمامًا من يداها النّاعمتان والرّقيقتان.
“…أنت تنزف!.”
“ليس بالشيء الكبير، أنا بخير.”
أتى صوتها الصّارم على الفور وبدى كما لو كان يوبّخ الخدعة التي حاول التمسك بها قائلًا “كلّا لستَ بخير.”
ثم سمحت روزيتا لتنهيدة قصيرة بالخروج، وتركت السّيف من يدها.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 52"