لوحت إليانا بالخنجر، فانسحبوا على الفور. في هذه الأثناء، رأوا وصف إليانا من خلال معطفها المتساقط، فقالوا بأصوات خائبة.
“أوه، ما هذا؟ إنها ليست هي.”
“لماذا تختبئين وتربكينا؟”
“اللعنة! شعرها وردي فاتح.”
وعندما رأى أحدهم الخنجر في يد إليانا، تحدث بلهجة تصالحية. كانت لهجة زاكادوريان واضحة.
“لن نؤذيكِ، لذا ضعي السكين جانبًا. لسنا مهتمين.”
خفضت إليانا حافة الخنجر، وساعدها على النهوض بينما كان يسأل.
“عذرًا، ألم تري امرأة بشعر أسود وعيون خضراء هنا؟ ربما كانت تهرب مثلكِ.”
ردت إليانا بلهجة زاكادوريان التي استخدمتها في حياتها السابقة.
“لم أرى أحدًا.”
“لكن إلى أين أنتِ ذاهبة بهذه السرعة؟ ماذا ستفعلين إذا صادفتِ وحشًا؟ هذه الغابة خطرة على امرأة مثلكِ.”
كذبت إليانا بشفتيها المرتعشتين.
“كان زوجي يضربني كل يوم، لذلك هربتُ سراً.”
عندما رأوا إليانا، وجهها مغطى بالطين، تخيلوا الأسوأ ونقروا بألسنتهم.
“من طريقة كلامها، يبدو أنها من زاكادور. يبدو أنها خُدعت من ثعلب من فيانتيكا وهربت، تسك تسك.”
“إن استطعتِ عودي إلى بلدكِ. من طريقة كلامكِ تبدين سيدة نبيلة، أي أب سيرفضكِ لو توسلتِ إليه حتى الموت؟”
أسدوا لإليانا نصائح كثيرة ثم اختفوا من تلقاء أنفسهم. حتى أنهم قدموا لها بلطف إرشادات للخروج من الغابة.
تنهدت إليانا بارتياح عندما نظرت إلى القرط في يدها. ظنًا منها أن وجهها لن يتعرف عليه الجميع، خلعت أقراطها وعادت إلى شعرها الوردي، كان اختيارًا ممتازا وكما هو متوقع، كانوا يبحثون عن امرأة ذات شعر أسود وعيون خضراء. غطت إليانا نفسها مجددًا بغطاء ردائها. وهربت ركضًا في الاتجاه الذي أشاروا إليه. شعرَت وكأنها على وشك الإغماء من قلة الهواء، لكنها لم تتوقف عن خطواتها. بعد ركض قصير تعثرت إليانا بجذع شجرة وسقطت على الأرض. تمددت على الأرض، تلهث، ثم انقلبت غريزيًا. كان الظلام دامسًا، لا ضوء قمر يُنير. وفوق كل ذلك، كان الجو باردًا جدًا. كان جسدها غارقًا في المطر، وشعرت بثقل. لم يُبدِ المطر الغزير أي علامة على التوقف، ارتجفت إليانا من البرد، وأحكمت قبضتها على يدها التي تحمل الخنجر، غرست النصل في الأرض كدعامة، ثم نهضت ببطء. كانت تلهث بشدة حتى شعرت أنها ستنهار في أي لحظة. كانت بحاجة لتهدئة نفسها والاحتماء من المطر. ما إن وقفت إليانا، حتى سمعت صوت مُريب قريب، تجمّدت إليانا في مكانها. ربما يكون الوحش الذي حذروها منه، انتابها شعور سيء. وتحقق توقعها عندما ظهر شيء غريب كثيف الشعر، ذو قرون. أشرقت عينا الوحش بشراسة. كانت مخالب الوحش المرفوعة حادة، لدرجة أنها بدت قادرة على تقسيم جسدها بضربة واحدة. وبعد أن حدد الوحش فريسته، انقضّ بسرعة على إليانا. فتح الوحش فمه ليبتلعها. لم تستطع إليانا، المذعورة، الصراخ، وهربت يائسة. لكن الوحش كان يتحرك بسرعة كبيرة. بالكاد تمكنت من تفاديه، لكنها شعرت بألم حارق في كتفها الأيسر. كانت مخالب الوحش أسرع من سرعتها في الهرب، شدة الألم جعلتها لاهثة.
دوى زئير الوحش المروع مجددًا، بعث قشعريرة في جسدها. انهمرت دموع إليانا من شدة الخوف.
“سوف أموت بهذه المخالب.”
كان عقلها مشوشًا، وظنت أن هذه هي نهايتها. كانت رائحة الدم قوية.
“هل من الممكن أن الألم كان شديدًا لدرجة أنني لم أعد أشعر به؟”
سمعت صوت ثقيل، كأن شيئًا ضخمًا سقط على الأرض. رفعت إليانا رأسها بدهشة، فرأت الوحش ميتًا أمامها.
كان واقفا أمام جثة الوحش هيئة شخص نحيل، استدار وكان يحمل السيف في غمده. في تلك اللحظة، ظهر القمر، مخفيًا خلف الغيوم منيرًا ما حولها. رأت امرأة بشعر أسود فاحم مربوط على شكل ذيل حصان وعينان خضراوان.
“هل أنتِ بخير؟”
اتسعت عينا إليانا عندما رأت وجه المرأة التي تمد يدها. كانت تعرفها.
تمتمت إليانا في نفسها: “فيفيان…”
كانت فيفيان وصيفة في قصر الإمبراطورة، وخدمت إليانا عن كتب في حياتها السابقة. وعندما فقدت إليانا طفلها، كانت هي الوصيفة التي تجرّأ زوجها الإمبراطور على النوم معها في قصر الإمبراطورة.
[لیا، ظننتُ أنها أنتِ. حقًا أنا أُحبُّكِ فقط. أنتِ تعلمين ذلك، أليس كذلك؟]
اعتذر ذلك الوغد قائلاً إنه ظن فيفيان إليانا. بعد ذلك، لم يبحث زوجها السابق عن فيفيان مجددًا، ولكن من تلك العلاقة، حملت فيفيان بطفل، وهجرها حبيبها الذي وعدها بمستقبل معه. صورة فيفيان، وهي تبكي وتتوسل أن تُقتَل لخيانتها سيدتها، قائلةً إنها لا تريد إنجاب طفل ذلك الوحش، كانت واضحة للغاية. ثم ماتت فيفيان وهي تلد طفلًا ميتًا.
“هل أنتِ مصدومة؟ معذرة، هل أنتِ بخير؟ الوحش مات بالفعل.”
تلك فيفيان نفسها وقفت أمامها الآن، مفعمة بالحياة بقوسها وجعبة السهام على ظهرها، وسيفها على خصرها، بدت محاربة قوية.
“هل تستطيعين النهوض؟”
أمسكت فيفيان بيد إليانا وسحبتها بقوة لمساعدتها على النهوض. تأوهت إليانا من ألم كتفها.
“أوه لا! هل آذيتِ نفسكِ؟”
[أوه لا جلالتكِ الإمبراطورة، هل أنتِ مصابة؟]
أطلقت إليانا ضحكة خفيفة. وفكرت: “مع أن السلوك ونبرة الصوت كانا مختلفين تمامًا، إلا أنها كانت فيفيان بلا شك.”
“أولًا، علينا الخروج من هنا. رائحة الدم ستجذب الوحوش. هؤلاء يعيشون في جماعات.”
ساعدت فيفيان إليانا على الانحناء للأمام لكن توازنها كان لا يزال يضعف. ثم حملتها فيفيان بين ذراعيها بحركة سريعة.
كان كتف إليانا، حيث خدشتها مخالب الوحش، يؤلمها بشدة. كان يحرقها كما لو أنه حارق، وكان الألم شديدًا. شعرت فيفيان بالدم يسيل، فخافت. تحركت فيفيان بسرعة، ولما رأت شجرة كبيرة، أنزلت إليانا تحتها. اتكأت إليانا على الشجرة، وشهقت من الألم. مزّقت فيفيان ثوب إليانا العلوي لتفحص الجرح في كتفها، عبّست من شدة الجرح المروع الذي امتد حتى ظهرها. ضغطت فيفيان بيدها على المنطقة النازفة بقوة. صرخة ألم خرجت من شفتي إليانا.
وضعت فيفيان المعطف الذي خلعته عن إليانا على فمها. ضغطت بقوة أكبر على الجرح لتوقف النزيف. شعرت إليانا وكأنها على وشك الإغماء من ألم كتفها الأيسر. حتى أن رؤيتها أصبحت ضبابية.
أخرجت فيفيان بعض الأعشاب من جيبها وسحقتها بحجر، ثم وضعتها على الجرح.
“إنه عشب طبي، سيخفف الألم قليلًا.”
كما قالت فيفيان، خفت حدة الألم تدريجيًا مع مرور الوقت. وبعد أن خف الألم اجتاحت إليانا قشعريرة شديدة، ارتعشت شفتاها وارتجف جسدها بشكل لا يمكن السيطرة عليه. أغمضت إليانا عينيها من تلقاء نفسها، وشعرت بضبابية في ذهنها. لكن فيفيان أمسكت بيدها بقوة، وحثتها على ألا تفقد وعيها. وظلت تتحدث إلى إليانا.
“اسمي فيفيان. مع أن بشرتي هكذا…”
“شاراي صحيح؟”
اتسعت عينا فيفيان عند سماع كلمات إليانا.
“كيف عرفتِ؟ بشرتي بيضاء.”
كان جميع القبائل البدوية في شاراي يمتلكون بشرة نحاسية، وهو ما كان يميزهم بوضوح عن سكان البر الرئيسي، الذين كان لديهم بشرة بيضاء. قالت فيفيان إنها، رغم كونها ابنة الزعيم شاراي تعرضت للتمييز بسبب بشرتها البيضاء. لم تعد تطيق الأمر، فهربت واستقرت في زاكادور. هذا ما قالته أخت فيفيان لإليانا، شاكرةً إياها على رعايتها لها.
“لهجتكِ… مختلفة بشكل غريب… عن لهجة الناس في البر الرئيسي…”
عند سماع كلمات إليانا المتلعثمة، ردت فيفيان بابتسامة مشرقة.
“أتحدث اللغة القارية، لكن لدي لهجة شاراي مميزة. مع ذلك، لا يتعرف عليها معظم الناس.”
امتلأ وجه فيفيان بالقلق عندما سعلت إليانا.
“أولًا، علينا انتظار توقف المطر قبل التحرك… أوه، هناك كهف. مع أنه بعيد بعض الشيء من الجيد الذهاب إليه على الأقل للتدفئة….”
في تلك اللحظة، تغيَّر وجه فيفيان تمامًا، وقفزت وسحبت سيفها.
“اللعنة هل هؤلاء هم ؟ كان يجب أن أقتلهم جميعًا!”
سُمع نباح كلب كان يقترب أكثر فأكثر.
كانت عينا إليانا ضبابيتين، جفناها ثقيلتان لدرجة أنها أرادت النوم. كان وعيها يتلاشى.
سُمع صوت معدني خافت وعالي النبرة لاصطدام السيوف.
“من أنتَ؟!”
عند صراخ فيفيان، لوّح الخصم بسيفه بقوة أكبر. ومرة أخرى، دوى صوت قتال بالسيف مهددًا. أرعبت رغبة الخصم العارمة في سفك الدماء فيفيان.
“أنا زوج المرأة التي اختطفتيها.”
عند سماع هذا الصوت العميق والمألوف، استعادت إليانا وعيها فجأة. لقد كان صوت فلينت فلینت هوارد.
“يا له من زوج! تكون زوجته في هذه الحالة!”
صرخت فيفيان بأعلى صوتها.
“أوه!”
رغم صراخها الشجاع، بدت على وجه فيفيان علامات صعوبة بالغة، بالكاد استطاعت صد سيف فلينت، لكن ذراعها كانت تصرخ من الألم. تصبب العرق على جبينها. صرَّت فيفيان على أسنانها وقاومت، لكن زخم فلينت كان هائلًا. حتى في شاراي، لم يكن هناك من يمتلك هذه المهارة. لو استمرت فيفيان على هذا المنوال، لطعنها فلينت في حلقها.
“توقفا!”
صرخت إليانا.
لكنهما ظلّا متمسكين بسيفيهما. كانت نية القتل واضحة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 76"