كان صوت جين يحمل توقعًا خافتًا. سألتها إليانا عدة مرات إن كان فلينت موجودًا. فسّرت جين ذلك على أنه شوق عاشقة، فتألقت عيناها. لكن إليانا غطت نفسها بالبطانية أدركت جين أهمية هذا الفعل، فشعرت بالإحباط لكنها همست لها ألا تقلق وابتعدت عن السرير.
وعادت جين إلى فلينت وقالت بعفوية.
“السيدة غارقة في النوم. لماذا لا تعود غدًا يا صاحب السمو؟”
استقرت عينا فلينت الرماديتان على جين. ورغم شعورها بالذنب، تابعت جين بوقاحة.
“لقد استعادت وعيها تمامًا، لكنها غلبها النعاس مؤخرًا… فحصها طبيب العائلة لفترة وجيزة فقط ثم غادر. جلست قليلًا، لكنها بدت منهكة للغاية… لم تعد تعاني من نوبات ذعر، لكنها حسّاسة للغاية.”
صمت فلينت للحظة ثم قال.
“إنها لا تريد رؤيتي.”
جين، بعد أن تم القبض عليها في كذبها، احنت رأسها في ندم.
لم يكن كذبة جين الخرقاء هو ما فضح أمرها، بل كان اختلاف سلوكها. في الصباح، سمحت جين لفلينت بالدخول الذي مرّ لرؤية إليانا قبل ذهابه إلى العمل، وسألته إن كان يرغب برؤيتها ولو للحظة. وكونها الآن طلبت منه فجأة العودة في اليوم التالي، قاد فلينت إلى هذا الاستنتاج.
قال فلينت بصوت أعلى قليلاً حتى تتمكن إليانا من سماعه.
“أردتُ رؤية وجهكِ مستيقظةً. وأردتُ أيضًا الاعتذار.”
لم تحاول جين منعه من رفع صوته أمام المريضة.
“أنا آسف على الرسائل قرأتها كلها.”
في تلك اللحظة انفتحت عينا إليانا، التي كانت تتظاهر بالنوم، فجأة. كانت في وضعية لا يراها فلينت الذي كان يقف عند مدخل الغرفة.
لم تكن إليانا قد قررت بعد كيف ستواجه فلينت. هل تُعبّر عن امتنانها بوجه فخور، أم تذرف الدموع لتثير تعاطفه؟ أم تحتج، كامرأة محرجة عاجزة عن رفع رأسها؟ لم تستطع أن تخمّن رد الفعل المناسب.
“لكن يا آنسة إليانا، لا يجب نشر هذه الرسائل أبدًا. أسلوب كهذا لن…..”
توقّف فلينت. لقد سمع صوت إليانا الصغير.
“هل أنتَ محبط؟ لأن أميرة روسانا المحترمة لم تُربَّ تربية نبيلة على الإطلاق.”
لهذا السبب أغوت إليانا فلينت، وفي تلك الليلة أجبرته على عقد الزواج. إضافة إلى ذلك، لم تكشف عن كونها إبنة غير شرعية. لذا، بمعنى ما، ارتكبت احتيالاً.
سمعت وقع خطوات فلينت كان يقترب أكثر فأكثر، شعرت إليانا بضعف ثقتها بمواجهته، فسحبت البطانية حولها وقالت بسرعة.
“حتى لو سألتني المزيد من الأسئلة، كل ما أستطيع قوله هو أنني تمامًا كما رأيتني ذلك اليوم، إذا قرأتَ الرسائل، ستعرف ذلك بشكل أفضل.”
“أنا مجرد مُلك لأبي، وتظاهره بحبي والاهتمام بي علنًا… ليس إلا محاولة منه لبناء صورتي الخاصة وزيادة قيمتي كمنتج. كل أناقتي وكل ما يعجب به الجميع كان بفضل سوط أبي.”
كان صوت إليانا الجاف يحتوي على ازدراء الذات.
“كما قلت يا صاحب السمو، لقد مارستُ الأخلاق الحميدة طوال حياتي. بهذه الطريقة لن أُجلد.”
لم تكن إليانا تعرف لماذا تقول كل هذا، هل كانت تخشى أن يُعيدها إلى والدها؟ لكن في الحقيقة، لم يكن لدى إليانا ما تقوله. كانت في حيرة من أمرها، لا تعرف ماذا تقول ولا كيف تتصرف أحيانًا، كان هذا الارتباك يجعلها تتكلم دون سيطرة.
ظل فلينت صامتًا. شعرت إليانا أن قلبها ينبض بسرعة غير عادية، فأمسكت بالبطانية بقوة أكبر. شعرت حقًا بأنها ضئيلة الأهمية.
“لابد أن الأمر كان صعبًا جدًا عليكِ.”
انكسر الصمت، وفي اللحظة التي سمعت فيها صوت فلينت الذي بدا وكأنه الخلاص مرة أخرى، اختفت القوة تماما من يديها التي تمسك البطانية.
كان صوت فلينت منخفضًا ومتوازنًا كعادته، لم يكن في مضمون كلماته ما يثير الاهتمام. لكنها كانت أيضًا كلمات لم ينطق بها أحد قط. شعرت إليانا بالغثيان ظنت أن الحساء الذي تناولته قد أزعجها. كما شعرت بضيق في صدرها.
“لا تتحدثي عن الأمور الصعبة مرة أخرى.”
شعرت إليانا برفع البطانية، كانت لمسة قوية، لكنها لم تشعرها بالتهديد. في اللحظة التي التقت فيها بعيون فلينت الرمادية الفضية، أصبحت إليانا بلا كلام.
“لن يتكرر هذا أبدًا. من الآن فصاعدًا، لن تتمكن عائلة دوقية روسانا من لمسكِ.”
مع أن نبرة فلينت لم تكن عاطفية إطلاقا، شعرت إليانا بغصة في حلقها. انهمرت الدموع من عينيها الزمرديتين، ارتجفت يد فلينت
“يمكنكَ أن تقول أنكَ لا تريد أن يكون لديكَ امرأة مثل هذه كدوقة كبرى.”
كانت إليانا تؤذي نفسها باستمرار بكلماتها.
“حاليًا، الوضع ليس جيدًا… عندما يهدأ الرأي العام… عندها يمكننا تغيير الوضع. ليس الأمر كما لو أن عقود الزواج الفاشلة لا توجد سوابق…. لذا….”
مع أنها كانت تعلم أن عليها التمسك ببنطال فلينت لإتمام الزواج، إلا أن إليانا فقدت كل ثقتها. ففي النهاية، كان كل ما يهم هو ألا تعود إلى عائلة روسانا الدوقية، كان هذا هو الهدف الوحيد من الزواج.
“السيدة إليانا.”
قاطعها فلينت مناديًا باسمها، بدا وجه إليانا حزينًا جدًا. أخفضت إليانا رأسها وكبحت دموعها. وقالت بصوت مرتجف لكنه حازم
“إذًا…. أولا، يجب أن نكشف حقيقة والدي الآن. أرجو أن تسمح لي أن أكشف كل شيء للمجتمع. لقد بذلتُ جهدًا كبيرًا في حياتي الاجتماعية من أجل هذا اليوم.”
“لن أفضحكِ للعالم فقط لأستعيد سمعتي فورًا، أوضحت ذلك اليوم. من الآن فصاعدًا، دعي الأمر لي.”
تعني هذه الكلمات أن فلينت لم يكن لديه أي نية للتراجع عن الزواج، على الرغم من أنهما لم يقوما بإجراء المراسم أو تسجيل الزواج.
“يا صاحب السمو عليكَ أن تتخذ قرارًا حكيمًا. كيف تصبح رجلًا بلا خجل وترتكب جريمة اختطاف للزواج؟ عار واحد يكفيني.”
“أنتِ تحاولين حقًا تحويلي إلى جبان.”
كان صوت فلينت باردًا. وعلى النقيض من عينيها المرتعشتين تحدثت إليانا بقوة.
“إذا كنا نتحدث عن الجبناء، فأنا المقصودة. من يجرؤ على انتقاد سموكَ؟ سموكَ هو البطل الذي أنقذني من أب شرير. لماذا تريد أن تسلك الطريق الصعب بينما هناك طريق سهل؟ لا يجب أن تُجرّ إلى مكائد والدي.”
“أنتِ تطلبين مني أن أستخدمكِ كدرع وأختبئ خلفكِ أنا لا أقاتل بهذه الطريقة.”
إلى جانب فرحها لعدم نية فلينت إلغاء الزواج، شعرت إليانا بالإحباط، أرادت أن تتغلب على هذا العناد، وكان عقلها مضطربًا. سيطرت عليها المشاعر.
“إذا كان زوجي في ورطة بسببي فما المانع من أن أكون درعه؟!”
في تلك اللحظة، ارتخى عبوس فلينت، وامتلأت عيناه الرماديتين بعينا إليانا الزمرديتين بشغف. فنظر فلينت بعيدًا وقال.
“لم أقل إنه سيء. سأتقبّل مشاعر الآنسة إليانا.”
أصبح صوت فلينت أكثر هدوءً من ذي قبل. لكن إليانا شعرت بالإحباط أكثر.
“بيننا، أنا من يلعب دور الدرع آنسة إليانا، من فضلكِ ركزي على استعادة صحتكِ.”
“أنا…”
قاطع فلينت إليانا.
“قررتُ عندما أخرجتكِ من قصر روسانا، لن أسمح لرويانا بلمس شعرة واحدة منكِ مرة أخرى. وهذا ينطبق على الجميع أيضا. لن أظهركٓ للعالم لإثبات براءتي.”
أضاف فلينت.
“إذا قمنا بتحليلها، فأنا لستُ بريئًا لأنني اقتحمتُ منزل شخص آخر.”
لقد قال فلينت ذلك على سبيل المزاح، لكن إليانا كانت جادة.
“يا صاحب السمو الدوق الأكبر لا تستهن بالسلطة السياسية لوالدي. سيجُرّ شرفكَ إلى الوحل. وهو يفعل ذلك بالفعل.”
قال فلينت بلا مبالاة.
“قيل لي أيضًا أنني ابن أحد الرهائن ذوي الرتبة المنخفضة، فماذا عن كوني مختطفًا؟”
ظهر على وجه إليانا تعبيرًا غير مرتاح، عندما تذكرت الإهانات التي وجهها لها والدها.
“لنقل إنني أُعميتُ من قبل الآنسة إليانا، وجُننتُ من الحب. يوجد الكثير من الرجال مثل ذلك، أليس كذلك؟”
كانت هذه هي الكلمات التي أوكلها إليه هيريس قبل مغادرته. أراد ولي العهد حل هذا الموقف بحجة رومانسية، وهي أن الدوق الأكبر هوارد قد وقع في الحب. بل أضاف هيريس أن الأمر ليس مفاجئًا، إذ كان لدى إليانا عدد كبير من الرجال الذين يطمعون بها. وقال إنه كلما فعل شخص ما هذا التصرف، بدا أكثر صدقًا.
“لكن يا صاحب السمو، إنها طريقة سهلة لإيذاء والدي فورًا. أعلم أن كرامتي كدوقة كبرى، ستُهان كثيرًا.”
“السيدة إليانا.”
قاطع فلينت إليانا مرة أخرى عبست إليانا، لكن فلينت تجاهلها وأكمل حديثه.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 61"