انتزع داميان الرسالة من يد لافندر، أكد هوية المرسل والمستقبل، ثم مزق الظرف. عندما تضررت الرسالة، أطلقت لافندر وجين صرخة مكتومة.
مسح دامیان محتويات الرسالة ثم جعدها تمامًا، كما لو كان يعبث بقمامة. دس داميان الرسالة في جيبه بلا مبالاة.
[سأتولى هذا الأمر. من الآن فصاعدًا، تولّيا أنتما مسؤولية الرقابة على الرسائل. لا تزعجا أبي بمثل هذه الأمور التافهة.]
[لكن، أيها الدوق الشاب…..]
[لماذا؟ على أي حال، إليانا لن تعرف بوجود هذه الرسالة. إن كنتما لا تريدان أن تعانيا من إساءة والدي، فتعاملا مع هذا الأمر بأنفسكما. بالمناسبة، والدي في مزاج سيء للغاية اليوم.]
وعندما سمعتا أن الدوق كان في مزاج سيئ، فرت الاثنتان كالسهام.
بعد أن انتهت جين من تذكر ما حدث، اتصلت بإليانا بحذر.
“آنستي.”
في تلك اللحظة، كانت إليانا تحمل دعوة هوارد التي تلقتها سابقًا للحضور الى مأدبة، ورسالة فلينت الأخيرة جنبًا إلى جنب مقارنةً خط اليد. عند اتصال جين، أدارت إليانا رأسها.
“تلك الرسالة، رسالة الدوق الأكبر هوارد… الرسالة التي لا تحتوي على أي رسومات على الشمع.”
أظهرت إليانا نظرة مفاجأة للحظة.
“لقد قللتُ من شأن خادماتي كثيرًا.”
في حياتها السابقة، سلمتها وصيفة رسالة بالخطأ من شخص انتحل صفة شخص آخر. تذكرت قول الوصيفة إنها لم تتمكن من فحص الشمع واحدًا تلو الآخر لكثرة الرسائل، حتى لو فعلت ذلك وصيفات القصر الإمبراطوري، بمستوى تعليمهن العالي، فمن الطبيعي أن تفعله خادمة شابة من عامة الشعب أيضًا. الآن بعد أن فكرت أليانا في الأمر، كانت فيفيان، وصيفة القصر الإمبراطوري.
هدأت إليانا وقالت بصوت بارد.
“لقد علمتِ أنني تلاعبتُ بالرسالة، ومع ذلك لمستيها على أي حال.”
عند هذه الكلمات، أصبحت جين خائفة وانحنت.
“لا، هذا غير صحيح لم نكن نعرف الكثير لكن حالة الرسالة كانت غريبة، وأردنا أن نسأل الدوق… أنا آسفة يا آنسة…..”
ارتجفت جين وأسندت رأسها على الأرض نقرت إليانا بلسانها وقالت.
“انهضي. إنها معجزة أن تبقي على قيد الحياة بعد أن سلمتِ رسالة كهذه لأبي.”
لم يكن هناك شيء داخل ذلك الظرف. لقد نسخت إليانا ببساطة خط الرسالة بيدها بدقة على ظرف فارغ.
“بالمناسبة، هل وصلت تلك الرسالة المزيفة إلى يد الأب؟ أتمنى لو رميتيه ونسيتيه كقمامة.”
تأوهت إليانا، إذ شعرت أن ذلك ليس علامة جيدة.
“في بعض الأحيان قد يؤدي الحكم اللحظي الذي نعتبره غير مهم إلى نتائج خاطئة.”
اشتكت إليانا مرة أخرى، ولاحظت جين حالتها، فقالت.
“أردنا أن نعطيه إياه، ولكن…. الدوق الشاب أخذه بعيدًا.”
“ماذا؟! دامیان؟”
ارتفع صوت إليانا. وفور ردة فعلها، قلبت جين عينيها وروت ما حدث. وبينما كانت إليانا تستمع إلى القصة غاصت في أفكارها، وبرزت فرضیتان.
“هل أخبر داميان والده بتلك الرسالة، مضيفًا إليها هراء؟ أم أعتبرها هراء لا معنى له ونساها من تلقاء نفسه؟”
“ومع ذلك يا آنسة، فإن اعتراض الدوق الشاب للرسالة كان على طريقته الخاصة، لحمايتكِ….”
“اسكتي كلامكِ هراء.”
عند سماع كلمات إليانا القاسية، تمتمت جين بالاعتذار.
“لم يستطع أن يري الأب الرسالة التي جعدها لأنه فقد أعصابه، لا يوجد شيء بداخلها.”
نقرت إليانا على الرسالة بإصبعها.
“لماذا يعطي والده رسالة مزيفة بلا ختم؟ هذا سيجعله يبدو أكثر سخرية.”
نظرت إليانا إلى رسالة فلينت مرة أخرى. وفكرت: “لقد تطابقت تمامًا مع الكتابة اليدوية الموجودة على مغلف الدعوة. لقد كتبه بنفسه، وهي مهمة كان بإمكانه أن يفوضها إلى كبير الخدم. على النقيض من ذلك، لم تكن دعوة مأدبة هوارد التي وزعها ولي العهد في حفل شاي الإمبراطورة تحمل خط يد فلينت كانت جميعها نسخًا، وللاحتياط، راجعتُ رسائل دعوات فلينت في التجمعات الاجتماعية الأخرى، حتى الدعوة التي عرضتها سيدة بفخر لم يكن فيها أي أثر لخط يد فلينت. ربما كانت رسالتي هي الوحيدة.”
سُرت إليانا بالمعاملة الخاصة التي خصها بها. لكن عندما فكرت في الدعوات التي وزعها ولي العهد كإعلانات، شعرت بالقلق، إذ بدا لها أنها تؤكد أنها كانت في الواقع وليمة اختيار عروس.
فكرت إليانا: “لهذا السبب لم أُرسل ردًا. في الواقع، كانت رسالة فلينت قصيرة وموجزة للغاية، فلم يكن هناك الكثير للرد عليه. بصراحة، لم يكن لدي ما أقوله لفلينت سوى موضوع الزواج. إن لم يكن ينوي الزواج، فعليّ التراجع، وأشعر أنه إن كان سيرفضني، فعليّ الإسراع في ذلك. لا توجد طريقة لفهم ما يفكر فيه.”
تمتمت إليانا لنفسها، وهي تحاول تخمين مكان فلينت: “هل ذهب شمالًا؟ كان الدوق الأكبر هوارد لا يزور العاصمة إلا عند انشغاله بأعمال مهمة، ويقضي معظم وقته في ساحات المعارك أو في الشمال. ويبدو أن انعزاله المتكرر في الشمال يدل على شعوره القوي بالمسؤولية تجاه إقليمه. ربما كان ينبغي لي أن أكتب له ردًا.”
في تلك اللحظة، سُمع طرق على الباب. وبينما هرعت جين نحوه لترى من الواقف، تثاءبت إليانا وهي ترتشف شايها.
“آنسة، وصلت السيدة ماريان دي بريليانت. أخبرتني أن طلبكِ جاهز كما وصل أحد من إليجانت غاليري. هل اتصلتِ بهم؟”
ردت إليانا بخفة على سؤال جين.
“نعم، أريهم غرفتي الآن.”
لم تطلب إليانا فساتين فحسب، بل ملابس ضرورية أخرى من دار أزياء بريليانت. كما طلبت مجوهرات من متجر السيدة ماريان. وبعد فترة وجيزة، دخلت السيدة ماريان وموظف من متجر المجوهرات إليجانت إلى غرفة إليانا.
زادت إليانا من نشاطها الاجتماعي فور سماعها خبر أن وفد زاكادور أحضر رفات الدوقة الكبرى هوارد الراحلة. كانت في تلك اللحظة حاضرةً في المأدبة الكبرى التي أقيمت في قصر الماركيز فيريتين تستمع باهتمام بالغ.
فكرت إليانا: “كنتُ بحاجة لمعرفة سبب إرسال زاكادور وفدًا. هل جاءوا ليعرضوا عليه الزواج الذي فُرض عليّ في حياتي السابقة؟”
“يقولون أن جلالته منع وقد زاكادور من الدخول إلى القصر.”
“في البداية فقط، ثم سمح لهم بالدخول.”
“غضب الشمس تجاه وفد زاكادور شديد. مسؤول في وزارة الخارجية جبهته مجروحة….”
“ولكن كان من غير الواضح ما إذا كان هذا تحالفًا مؤقتًا أم سلامًا جديًا.”
“إنه السلام. إنهم يسعون بلا شك إلى سلام حقيقي.”
“سلام ماذا؟ هل تعتقدين أن فيانتيكا ستسقط مجددًا؟ أليسوا هم من حاولوا خداعنا بعد اقتراح السلام؟”
“لهذا السبب سيفعلون الأمر على النحو الصحيح. على سبيل المثال، إرسال كل دولة شابًا رفيع المستوى للدراسة في الأخرى، أو تحالف زواج….”
“إن كان الأمر يتعلق بالدراسة، فربما، ولكن لم يحدث زواج قط في التاريخ يا له من هراء.”
في مجتمع يعج بالمعلومات والأقاويل، كان على إليانا أن تجمعها بدقة لتقترب من الحقيقة. كانت هذه أمورًا تفعلها يوميًا في حياتها السابقة، لكنها الآن تشعر بصداع.
“يقال إن جلالته رحب بوفد زاكادور الأجواء بين البلدين ممتازة.”
“ألم يقل جلالته إن ذلك صحيح في المرة السابقة؟ كيف نثق بهؤلاء زاكادور الوقحين؟”
كان هناك الكثير من المعلومات والتنوع الكبير حتى أصبح الأمر فوضى في حد ذاته. حتى أن إليانا فكرت في استطلاع رأي الدوق الأكبر هوارد. فبصفته رجلاً يشغل منصبًا هامًا في وزارة الشؤون العسكرية، قد يتمكن من الحصول على معلومات دقيقة. لكنها تذكرت غيابه فقررت عدم القيام بذلك.
بحثت إليانا عن سبب غياب فلينت: “لقد رحل سراً حتى أن الكثيرين لم يعلموا بغيابه! لا بد أن شيئا ما قد حدث في الشمال مشكلة على الحدود؟ شاراي؟ قبائل بربرية أخرى؟”
كان ولي العهد مستاء للغاية لأن صديقه ذهب شمالاً دون سابق إنذار، وظل يتذمر.
“قد عاد إلى ذلك الشمال اللعين مرة أخرى. في وليمة هوارد هذه، أجد فلينت يختفي كالعسل المختبئ في الشمال.”
شعرت إليانا أيضًا برغبة في التذمر منه. ورغم أن الموقف كان محبطًا، إلا أنها كانت تقدر حسه القوي بالمسؤولية تجاه منطقته، لذلك، أضافت بلطف.
“إنه حارس الشمال يا صاحب السمو. الدوق الأكبر رجل يتمتع بحس عال من المسؤولية تجاه رعيته.”
عند سماع صوت إليانا التفت هيريس برأسه وعندما التقت نظراتهما، ابتسمت له إليانا ابتسامة رقيقة. حدق هيريس بإليانا، ثم سعل قليلاً وقال بجدية.
“أميرة روسانا محقة. سيكون لديه أيضًا شعور قوي بالمسؤولية تجاه زوجته.”
بطريقة ما، قالها هيريس بصوت عالٍ بما يكفي لسماع السيدات الأخريات. حاولت إليانا مواصلة الحديث مع ولي العهد، لكن السيدات الأخريات كن أسرع.
“ثم سيعود في الوقت المناسب لحضور المأدبة!”
“سمعتُ أن ولي العهد طلب شخصيًا من جلالته فتح القصر. لا بد أنه أمر رائع!”
“بذلتُ جهدًا كبيرًا من أجل صديقي الوحيد. لذا آمل أن تزين السيدات المكان بحضورهن.”
يبدو أن اليوم ليس اليوم المناسب. لقد انحرفت المحادثة تماما عن مسارها. أخذت إليانا مشروبها وانتقلت تلقائيًا إلى مجموعة أخرى. الآن، كان هيريس يتحدث عن روعة مأدبة هوارد.
لم تكن أليانا مهتمة على الإطلاق.
“ما يجعلني متأكدًا من السلام هو ازدياد حجم التجارة، القوافل سعيدة لأنها تستطيع الآن أن تفعل علنًا ما كانت تفعله سرًا، وكأن أعينها معصوبة.”
“سأبدأ بالاستثمار أيضًا. كنتُ أنتظر هذا اليوم بفارغ الصبر.”
وكان موضوع المحادثة مع النبلاء الآخرين مماثلاً.
لم تستطع إليانا فهم كيف تبلور تحالف الزواج من أجل السلام: “لماذا كنتُ حزينة إلى هذا الحد في حياتي السابقة؟ كان يحبطني أن ذكرياتي الماضية لم تجدي نفعًا.”
بينما كانت إليانا على وشك الانسحاب إلى زاوية، اقتربت منها سيدتان وسلمتا عليها باحترام كانتا الشابتين اللتين كانتا صديقتيها في المعبد. عادت تعابير وجه إليانا إلى تعابير شخصية عامة.
“السيدة إليانا، كم سررتُ برؤيتكِ هنا لقد مر وقت طويل.”
“متى ستعودين إلى المعبد؟ كلنا ننتظركِ بفارغ الصبر.”
كن سيدات من بيوت نافذة، مدعوات إلى وليمة اليوم. كانت إليانا تعطي الأولوية للأنشطة الاجتماعية مؤخرًا، مما قلل من زياراتها للمعبد. ولعل ذلك هو ما دفعهن إلى الترحيب بها بحماس أكبر. كما ردت إليانا بلطف.
عند سماع إليانا، بدأت السيدتان بالسؤال عن سلامتها أيضا. ردت إليانا بشكل مناسب، ثم سألتهما عما يتحدثان.
“حسنا، من التحالف بالطبع. نأمل في السلام.”
“كما تم الاعتراف رسميًا بشاراي كأمة في الفاتيكان.”
“إذا كان هذا صحيحًا حقا، فأعتقد أنه باعتبارنا نعبد نفس الرب، يتعين علينا إظهار الإحسان.”
لم تشير السيدتان اللتان تنتميان إلى الفصيل المعتدل في المعبد، إلى قبيلة شاراي كقبيلة بربرية. فوجئت إليانا بخبر شاراي، فسألت مرة أخرى.
“إذًا هذا هو سبب ذهاب شخصيات شاراي الرئيسية إلى الفاتيكان. هل يعني هذا أنهم تجاوزوا محاكم التفتيش بأكملها؟”
“نعم. يقال إنهم نجوا من محاكم التفتيش دون مشاكل على الأقل، هذا ما تقوله الشائعات.”
“ويقال أيضًا أنهم أقروه بالإجماع.”
أصبح وجه إليانا قلقًا.
“جميع الأخوات والإخوة أظهروا نفس التعبير الذي أظهرته أميرة روسانا عندما سمعوا هذا الخبر.”
“وهناك أيضا بعض الكهنة الذين يثيرون قضايا مع محاكم التفتيش.”
لم يكن قلق إليانا على شاراي.
فكرت إليانا: “شاراي بالفعل؟ يبدو سريعًا جدًا… هل هذه الذاكرة دقيقة؟”
ذكرياتها عن حياتها السابقة قبل الزواج لم تكن دقيقة، ناهيك عن ضبابية ذكرياتها، فالمعلومات التي اكتسبتها بسبب هذا الجهل لا يمكن أن تكون كاملة.
فكرت إليانا: “كنت أنا وزوجي في حياتي السابقة رمزًا للسلام. كيف تم هذا الزواج؟ إن لم أفهم، فعليّ التخمين. حياتي كلها تعتمد على ذلك. قبل أن أتزوج وأذهب إلى زاكادور، حقق الدوق الأكبر هوارد انتصارًا عظيما. أشاد الجميع بشجاعته العظيمة. كان الدوق الأكبر هوارد يشارك في حملات عسكرية باستمرار، ولم يهزم قط. لم تكن الانتصارات العظيمة مجرد انتصار واحد أو اثنين. مهما حاولتُ جاهدةً لم أستطع تذكر اسم المكان الذي غزاه الدوق الأكبر هوارد قبل زواجي. لم يكن ذلك أمرًا أستطيع تخمينه بديهيًا.”
“آه سيدة إليانا لقد زرتُ عقارنا مؤخرًا.”
كان اسمها صوفيا بيدفون ابنة الكونت، حولت إليانا نظرها بلا مبالاة.
“رأيتُ شخصًا من زاكادور في معبد عقارنا أخفى وجهه جيدًا، لكن من أنا؟ أنا صوفيا بيدفون صاحبة النظرة الثاقبة التي تقبض على الكهنة الفاسدين الذين يتقاضون الرشاوى وتكشفهم.”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات