“لا ما زلتُ أحب صاحب السمو هيريس.”

كان وجهها كوجه عاشقة. حدقت بها إليانا للحظة، ثم قالت مباشرة.

“أنتِ صغيرة جدًا على أن تكوني ولية العهد. ليس لدي القدرة على وضعكِ في غرفة نوم ولي العهد.”

ابتسمت إليزا وقالت.

“إذا أصبحتُ وصيفة الدوقة الكبرى، ألن يكون لدي فرصة قليلة؟”

“لسوء الحظ، لدي بالفعل وصيفة.”

“لديكِ واحدة فقط. هل يعقل أن سيدة الشمال لديها وصيفة واحدة فقط؟”

نظرت إليانا إلى إليزا وأجابت بهدوء.

“حسنا، إذا كنتِ تريدين هذا، فسأعطيكِ إياه. فالتفاخر ضروري.”

شعرت إليانا ببعض القلق حيال الصدام المحتمل مع جين، لكن إن تسببت إليزا في أي مشكلة، فستطردها. إضافة إلى ذلك، أوضحت لها أنها لا تستطيع مساعدتها في أن تصبح ولية العهد، لذا لن تطلب منها مطالب غير معقولة.

بعد أن انتهت من حديثها مع إليزا، جلست إليانا على كرسيها. ما إن غادرت إليزا الغرفة، حتى اقتربت منها جين بخطوات سريعة. كان القلق واضحًا على وجهها. 

“العمل مع إليزا؟!”

“لا تقلقي لدي خطة. لن تجد إليزا وقتًا لإزعاجكٓ.”

“السماء مظلمة جدًا اليوم. هل ستمطر…؟”

في الحديقة، همست جين وهي تنظر إلى السماء. 

“رغم أنها منتصف النهار، كانت السماء مظلمة. هل من الممكن أن يهطل المطر؟”

“يبدو أن هناك مطرًا غزيرًا، الحمد لله أننا نصبنا مظلة لحمايتنا من الشمس. إينا، أحضري مظلات للجميع وجهزيها.”

“نعم آنستي.”

توجهت إينا والخدم الآخرون إلى المخزن لإحضار المظلات. استدارت جين ونظرت إلى الطاولة التي كان الاجتماع يُعقد عليها. كانت المظلة التي تغطيها سميكة بما يكفي لحمايتها من المطر الغزير.

تحت القماش الأزرق، برز شخص لافت. إنه الأمير السابع مارسيل زاكادور الذي يحضر الاجتماع لأول مرة كان جماله باهرًا لدرجة أنه بدا وكأنه محاط بهالة.

في تلك اللحظة، ألقى الأمير السابع الوسيم قنبلة على التجمع المضطرب بالفعل.

“إيزابيلا زاكادور؟ لم تقض الأميرة الثانية لروزانا ليلة زفافها معي، لذا فهي لیست زوجة الأمير السابع.”

انزعج فريق زاكادور من تصريح مارسيل المتفجر. لم يعد باستيان قادرًا على الحفاظ على رباطة جأشه، بالكاد تعافى من ضربة إليزا أمس، والآن أخوه الأصغر يفسد كل شيء!

أرادت فيانتيكا الحصول على أقصى تعويض عن وفاة إيزابيلا، في حين أراد زاكادور تجنب ذلك أو التقليل منه. إذا توفي أحد الزوجين قبل قداس الزفاف، رغم إقامة المراسم، يمكن إبطال الزواج إذا اتفقت العائلتان لو أحدهما، هل من المنطقي العودة إلى سوق الزواج؟ هناك فرق كبير بين وجود تاريخ زواج وعدمه. كان العريس، الذي توفيت زوجته ليلة زفافهما، يدعي أنه أعزب. مارسيل وإيزابيلا، فقد تزوجا، لكن لم يُحتفل بقداس الزفاف، مما جعل هذا الادعاء ممكنًا. إلا أن الوضع كان غير عادي لأن العريس والعروس كانا يتشاركان غرفة الزفاف. إذا أُلغي زواجهما، ستطالب فيانتيكا بالحصول على تعويض إيزابيلا على الصعيد الوطني عن وفاتها. إضافة ٱلى ذلك، كانت الابنة الكبرى لعائلة روسانا الدوقية، إحدى مؤسسي فيانتيكا، لو حُسب المبلغ نقدًا، لكانت التكلفة باهظة. ولهذا السبب، حاولت زاكادور أن تجعلها زاكادوريان بمجرد وفاة إيزابيلا، ووضعها في سجل العائلة الإمبراطورية والإشارة إليها باعتبارها الأميرة السابعة. لو جعلوها زاكادوريان، فإنهم يستطيعون إنهاء الأمر ببساطة عن طريق إعادة المهر إلى والدها، دوق روسانا. بطبيعة الحال، لم يرد الإمبراطور ليوبولد ذلك. لذا، كان الجانب المكلف الوحيد بإدارة وفد زاكادور هو فيانتيكا. إذا ادعت فيانتيكا أن إيزابيلا كانت عذراء لأن قداس الزفاف لم يتم الاحتفال به فهل كان الطرف الآخر يرد بأنهما قضيا ليلة الزفاف بالفعل؟ فيانتيكا، بلد يسوده الحب عند الزواج، كان من الممكن أن تُثار خلافات حول ما إذا كان قد تم الاحتفال بقداس الزفاف أم لا. لكن زاكادور لم يكن كذلك، فقد أولت أهمية بالغة لعفة النساء.

بعد أن أغضبت إليانا الإمبراطور بتعذيبها وقتلها جواسيسه، خططت للحصول على نتائج من هذا الوفد. رفضت إرسال عروس بالفعل، لكن كان لا بد من التعامل مع مسألة التعويض بحذر شديد.

لكن مارسيل كان يضع حبل المشنقة حول عنقه، بزعمه أنه لم يصمد أكثر من ليلة الزفاف. بالنسبة لزاكادور، كان الأمر صعبا، أما بالنسبة لفيانتيكا، فكانت فرصة قيمة.

لكن إليانا شعرت بعدم الارتياح. فكرت: “لماذا يفعل ذلك؟”

بدلاً من إليانا المتوترة، كان فلينت هو من تقدم للأمام.

“إذا لم يتم إقامة قداس الزفاف ولم يقضيا ليلة الزفاف، فهذا يعني أن الأمر عبارة عن فيانتيكا كاملة.”

وما إن انتهى فلينت من حديثه حتى استأنف مسؤولو فيانتيكا هجومهم.

“مات أحد كبار فيانتيكا. على عائلة زاكادور الإمبراطورية أن تتحمل المسؤولية الكاملة عن الوضع الأمني غير المستقر.”

“مسؤولية؟”

قال مارسيل بكسل.

“إذا كان الأمر كذلك، فعلى فيانتيكا أيضًا أن تتحمل مسؤولية احتيالها بتغيير العروس بإرادتها. ظننتُ أنني سأتزوج الأميرة الأولى لروسانا.”

تحولت أنظار الجميع فجأة إلى إليانا. عبس فلينت على نظرة مارسيل التي كانت توحي برغبته في امرأة متزوجة.

“احتيال؟ كلامكَ مبالغ فيه قلنا إننا سنرسل أميرة من روسانا، لكننا لم نحدد أنها ستكون الأولى. راجع الرسائل المتبادلة بين البلدين.”

وعندما رد أحد مسؤولي فيانتيكا، حرك مارسيل شفتيه.

“أليس الاتفاق الشفهي اتفاقًا؟ أتذكر في مولكيا، عندما عقدنا اجتماعًا سريًا بشأن تحالف الزواج، تحدثنا عن أميرة روسانا الأولى. كنتُ هناك، هل تقول إني كذبتُ؟”

انضم مبعوثو زاكادور إلى الهجوم عندما تعرض أميرهم للهجوم.

“صحيح كيف يجرؤون على إرسال الأميرة الثانية بدلا من الأولى؟ فيانتيكا لم ترسل العروس المناسبة منذ البداية. بينما اقترحنا نحن أميرنا السابع النبيل عريسًا لها.”

هذه المرة تحدثت إليانا بصوت غاضب.

“هل تقول إن أختي لم تكن عروسًا مناسبة؟ لم أكن أعلم أنكَ بهذه الوقاحة، تهين المتوفاة.”

أصبح الجو متوترًا بعد كلام إليانا.

“هذا ليس موضوعًا مهمًا لهذا الاجتماع. المهم هنا هو أن سمو الأمير السابع لم يقض ليلة زفافه مع أختي. إضافة الى ذلك، لم يُقام قداس زفاف، لذا لا يمكن أن تكون الأميرة السابعة.”

أمام تصريح إليانا البارد، رد مبعوث زاكادور بغطرسة.

“لكن الأميرة إيزابيلا موجودة بالفعل في سلسلة نسب العائلة الإمبراطورية في زاکادور.”

“إذا كانت عذراء عفيفة ولم يقام لها قداس زواج، فكيف يعتبر زواجًا صحيحًا؟ إذا كانت في سجل النسب، يمكن محوها.”

“كيف تجرؤين على اقتراح تغيير نسب الإمبراطورية. لا سابقة لذلك في زاكادور.”

ابتسمت إليانا وأجابت.

“أعلم أنه في عهد الجد الأكبر الإمبراطور زاكادور الحالي، أُدرجت الأميرة فلورنسا المحظية الثالثة، ثم شُطبت من سجل العائلة الإمبراطورية، والسبب هو وفاتها المفاجئة. وأعتقد أنه في تلك الحالة، أُقيم قداس الزفاف.”

عندها، انزعج مسؤولو زاكادور. الأمير باستيان، أحد أفراد العائلة المالكة، الذي كان يعرف القصة، فتح عينيه على مصراعيهما.

“كيف يمكن لأجنبية أن تعرف تاريخ العائلة الإمبراطورية في زاكادور؟”

“بما أن هناك سابقة، فلا مشكلة في محو اسمها من سجل العائلة الإمبراطورية. نطالب عائلة زاكادور الإمبراطورية بتعويض عن وفاة الأميرة روسانا، إحدى أفراد فيانتيكا، قبل إتمام الزواج.”

قال باستیان بوجه محير.

“الدوقة الكبرى، أعتقد أن هناك حاجة إلى محادثة أعمق حول هذا التعويض.”

في تلك اللحظة، قفز فلينت وسحب سيفًا متوسط الحجم من ردائه.

“لا كيف تجرؤ على حمل السلاح في اجتماع؟”

قاطع صوت خنجر طائر كلام مبعوث زاكادور. انحرف الخنجر الحاد بسيف فلينت، وارتد أمام باستيان مباشرة. وكما لو كان ذلك مسبقًا، بدأت أسلحة حادة عديدة بالتحليق.

كان وجه إليانا مرتبكًا. مع كل وسائل الحماية التي كانت جهزتها، كيف يمكن أن يحدث هجوم؟ صرخت بصوت عالٍ.

“الجميع، تحت الطاولة ابدأوا بالأمراء.”

بما أنه لم يسمح لأحد بحمل السلاح في الاجتماعات، لم تكن لديهم حتى وسائل دفاع كافية. اضطروا للاختباء تحت الطاولة.

“إنه هجوم. على جميع الحراس العودة إلى مواقعهم احموا الدوقة الكبرى والمبعوثين أولًا!”

بأمر فلينت حاصر الحراس الخيمة كأنهم يحمونها. لكن قتلة ملثمين ظهروا من كل جانب. شق أحدهم طريقه بين الحراس واندفع إلى داخل الخيمة، لوح فلينت بسيفه، لكن القاتل كان أسرع وألقى بخنجر. كان الخنجر يحمل سمًا أسودًا على طرفه، انطلق مباشرة نحو باستيان. عندما رأته إليانا، أمسكت بمارسيل واستخدمته درعًا. قُذف جسد مارسيل إلى الأمام أمام باستيان، انغرز الخنجر في ظهر مارسيل وسقط جسده بين ذراعي إليانا.

كان هناك شعور بالخيانة في عيون مارسيل الزرقاء.

“ليا، كيف يمكنكِ أن تفعلي هذا بي!”