عند كلمات إليانا الباردة، ارتجفت جين ونهضت من مكانها. لم تختف العادات الشائعة المترسخة في جسدها بسهولة. فرغم أنها كانت مقدرًا لها أن تصبح سيدة نبيلة، إلّا أن ذلك لم يكن أمرًا يمكن تصحيحه بين عشية وضحاها.
شعرت جين بعدم الأمان بشكل متزايد، خاصة بعد سماع تقدّم أوليفر. كان قد تحرّى عن ماضيها، سألها عن تفاصيلها واحدة تلو الأخرى. استطاعت جين الإجابة دون تردّد عندما سألها عن سبب مغادرتها المنزل. لم تكن قلقة بشأن تحقيقهم في ماضيها. لكنها وجدت صعوبة في إعطاء إجابة مُفصّلة عن سبب انتقالها المفاجئ إلى العاصمة، بعد عملها في قصر ماركيز مرموق في الجنوب. حتى عندما أجابت بصعوبة عن بقائها في قصر ذلك الماركيز بعد انتحار السيد الشاب الذي كانت تخدمه بسبب الماركيزة، ضايقها أوليفر متسائلاً عن علاقة ذلك بأي شيء. إليانا، التي كانت تراقب هي من أوقفت أوليفر مصرّاً على معرفة ما إذا كانت قد تسبّبت في أي مشكلة. قالت إليانا بصرامة. “جين، ستصبحين سيدة نبيلة، على الأقل من منزل كونت. لا تحني رأسكِ بسهولة.” “هل يمكنني حقا أن أصبح ابنة كونت؟” كان أسلاف جين عائلة بارونية، شعرت بالعزلة والبعد.كان الأمر بعدم انحناء رأسها بهذه السهولة أصعب عليها. فقد عاشت حياتها كلها ورأسها منحني. “ولكن يا صاحبة السمو كيف أجرؤ على رفع رأسي أمامكِ؟” بعد كلمات جين، التي نطقت بها بحذر شديد، فكرت إليانا في تعيين معلمة لها في أقرب وقت ممكن. فرغم أنها كانت تقرأ كتبًا في الآداب، بدا أنها بحاجة إلى تعليم مناسب. “اجلسي. جئتُ لأتحدّث إليكِ، لا لأوبخكِ.” “نعم يا صاحبة السمو.” أمالت جين إبريق الشاي وملأت الكوب. راقبتها إليانا وأشارت. “عليك إرخاء يدكِ قليلاً. ارفعي إبريق الشاي قليلاً. هذا كل شيء. هذا هو الارتفاع.” بفضل تعاليم إليانا المتقطعة، تحسن وضع جين تدريجيًا. شعرت إليانا أن الأمر يستحق التعلم، فرفعت كوب الشاي إلى شفتيها. “لا يهمني ما هو ماضيكِ.” عند سماع كلمات إليانا، خفضت جين نظرها. “حتى لو قتلتِ السيد الشاب الذي خدمتيه في الجنوب، فلن أهتم.” “صاحبة السمو!” ابتسمت إليانا قليلاً لوجه جين الشاحب. “سأُعيّن لكِ معلمةً، في الوقت الحالي، توقفي عن خدمتي، وادرسي وتعلّمي بجد.” “نعم؟” “إذًا كنتِ تعتقدين أنكِ ستصبحين سيدة نبيلة بمجرد تبنيكِ؟” جين، التي لم تكن تفكر في التعليم، فتحت فمها. “وافقت الفيكونتيسة سوليفان على منحكِ بعض الوقت، تتمتع بسمعة طيبة في الشمال في آداب السلوك، لذا ستعلّمكِ جيدّا.” “إنها معلمة الآداب الشهيرة التي تُدرّس الأمير بافل” لقد تفاجأت جين. كانت الفيكونتيسة سوليفان معلمة آداب مشهورة في الشمال. لم يقتصر الأمر على مجتمع الشمال، بل حتى الشابات النبيلات الطامحات إلى الانضمام إلى مجتمع العاصمة، دُعين لتلقي دروسها. كانت فيرونيكا هايرن أيضًا ظهرت لأول مرة في مجتمع العاصمة بعد تلقي التعليم من الفيكونتيسة سوليفان. عندما علمت الفيكونتيسة سوليفان أن فيرونيكا طُردت من حفل الشاي بسبب عدم احترامها لإليانا، أرسلت إلى فيرونيكا رسالة تنصحها فيها، خطوة بخطوة بالاعتذار بأدب. “عندما تنضمين إلى المجتمع لأول مرة، سأكون مرافقتكِ. عليكِ أن تتعلمي جيدًا حتى لا تُحرجي كوصيفة الدوقة الكبرى هوارد.” “نعم أفهم….” شعرت جين بثقل غريب على كتفيها. كان تبنّيها من قبل أحد بيوت المقاطعة عبئًا في حد ذاته، لكن منصب وصيفة دوقة هوارد الكبرى بدا أيضًا مسؤولية جسيمة. كانت العديد من الشابات النبيلات يتوقن إلى أن يصبحن وصيفات لشخصيات نبيلة رفيعة. كإليزا فالين. في تلك اللحظة سُمع طرق على الباب ودخلت خادمة بسرعة. كانت إيدنا، التي ذهبت للثرثرة في وقت سابق. “صاحبة السموّ، انتهى درس الأمير بافل في الإتيكيت هل أرافق الفيكونتيسة سوليفان إلى الصالون؟” “لا هنا.” “نعم أفهم.” بعد لحظات، دخلت الفيكونتيسة سوليفان غرفة جين بأناقة لا تشوبها شائبة. فكرت جين: “حقًا، كانت مثالاً لمعلمة آداب مشهورة.” ‘أوفيليا سوليفان تستقبل صاحبة السمو الدوقة الكبرى هوارد.” “ارفعي رأسكِ. هذه جين، وصيفتي المستقبلية. أظن أنكِ التقيت بها من قبل، أليس كذلك؟” عندما التقت جين بالفيكونتيسة سوليفان، ظهرت عليها علامات الذهول. وعندما نهضت جين فجأة، تحولت نظرة الفيكونتيسة سوليفان نحوها توتّرت جين وأخفضت رأسها بعمق بينما دقّقت نظرها فيها من رأسها إلى أخمص قدميها. “إذًا هذه هي الآنسة جين.” ابتسمت الفيكونتيسة سوليفان ابتسامة خفيفة. انعكس لطفها على وجهها. لكن عينيها كانتا حادتين للغاية. “أوفيليا، سأترك لكِ جين. إنها فتاة أهتم لأمرها حقًا.” “سأبذل قصارى جهدي. إنه لشرف عظيم أن أتمكن من التواصل مع وصيفة صاحبة السمو الدوقة الكبرى.” كانت أوفيليا سوليفان سيدة، على غير عادتها في الشمال، تستخدم صوتًا منخفضًا جدًا. وكما هو متوقع من معلمة آداب مشهورة، كانت كل حركة من حركاتها أنيقة للغاية. عندما رأت إليانا المرأة التي تُجسّد الآداب التي تعلّمتها بنفسها بالطريقة الصعبة، غمرها الحنين للحظة. كان جميع مدرسي الإتيكيت صارمين، وبموافقة الوالدين، كان العقاب البدني يُستخدم سرًا. لكن أوفيليا سوليفان لم ترفع سوطًا قط أثناء دروسها. إذا طالبتها عائلة طالب بإتقان الإتيكيت في وقت قصير، حتى لو كسرت ساقيه، كانت تعيد جميع الرسوم الدراسية وتنسحب. “كما سترين هناك الكثير لتتعلمه. سيتعين عليكِ بذل بعض الجهد.” “سيكون الجهد مثمرًا. سأرد ثقتكِ بي وأوكليني أمر الفتاة، بعد الأمير.” نهضت إليانا ببطء من كرسيها. أما الفيكونتيسة سوليفان، التي كانت تراقب تحركات الدوقة الكبرى، فقد ابتلعت ريقها للحظة. حركة تنورة إليانا الرقيقة، واهتزاز شعرها بخفة، وحتى رموشها وهي ترمش، كلها أناقة. بدا الأمر كما لو أن كل شيء كان دقيقًا. لم يكن هذا تقليدًا للأناقة، بل أسلوبًا طبيعيًا كالتنفس. أدركت لماذا حظيت ابنة الدوق روسانا الأولى بإشادة المجتمع واعتبارها مثالًا للآداب. كانت أوفيليا سوليفان تتمتع بنظرة ثاقبة استثنائية، وبصفتها خبيرة في آداب السلوك، فقد أدركت ذلك بوضوح أكبر. تمتمت في نفسها: “كانت أناقة الدوقة الكبرى مثالية لدرجة أنها خانقة.” “جين، التعليم يبدأ اليوم.” دفعت إليانا جين نحو درس الإتيكيت، ثم غادرت الغرفة بهدوء. أما الفيكونتيسة سوليفان التي كانت تراقب إليانا في ذهول، فقد استعادت رباطة جأشها وبدأت الدرس مع جين. “آنسة جين، سمعتُ أنكِ قرأتِ كتاب الآداب. هل يمكننا التحقق من مدى إتقانكِ له؟” مع بداية تعليم الفيكونتيسة سوليفان، انغمست جين في هاوية الآداب والثقافة.
استمتع ألبرت الساحر الضيف، بمعاملة ضيف شرف في قصر هوارد الدوقي. لم يفوّت فرصة استكشاف كل ركن من أركان القصر النبيل. كان روتين الساحر الضيف رتيبًا. كان يُلقي تعويذة الزهور بناء على طلبه في الحديقة، ويتجول، وينغمس في أبحاثه السحرية. بفضل هذا استمتع ماكس خادم ألبرت الشخصي، بالروتين الأكثر استرخاء على الإطلاق. لم يطلب الساحر منه الكثير ولم يكن صعب الإرضاء، كان يحب التأمل بمفرده ويمنحه وقتًا فراغًا دون إجباره على البقاء في الغرفة. في تلك اللحظات شعر ماكس بأنه ساحر مستقل حقًا. اضافة الى ذلك، كان ألبرت اجتماعيًا أكثر من غيره من السحرة. وكثيرًا ما كان يُرى في الملحق، يتجاذب أطراف الحديث ويضحك مع الخدم. كان ألبرت يُزهر الزهور الذابلة بسحره، أو يُصلح الأشياء التي كسرها الخدم سهوًا. وقد سُر العديد من الخدم بلطف الضيف. كانت إليزا بالين، التي كانت تقيم في الملحق نفسه، شابة سريعة الغضب، وهو ما جعل لطف ألبرت وبساطته يبرزان بشكل أكبر. [هل سمو الدوقة الكبرى بخير؟] اضافة الى ذلك، كان ألبرت يسأل دائمًا عن صحة الدوقة الكبرى. وهذا يتناقض تمامًا مع إليزا، التي لم تذهب قط لتحية الدوقة الكبرى. “عليّ الذهاب ماكس استرح اليوم.” ارتدى ألبرت معطفه، كأنه على وشك المغادرة. لم يسأل ماكس إن كان بحاجة إلى مُرشد. وكان ألبرت قد رفضه بالفعل في اليوم الأول من إقامته. [لا أحتاج إلى دليل. أُحب أن أتجول أينما تأخذني قدماي. وجود مرافق جيد أيضًا، لكن لدي ما يكفي من المهارات لحماية نفسي.] في ذلك الوقت، كان ماكس في حيرة من أمره، لقلة خبرته أمره الدوق الأكبر بتعيين مرشد ومرافق له. طلب ماكس المساعدة من مدير الملحق الذي ينتمي إليه. طمأن المدير الخبير الخادم الشاب، قائلاً إنه سيبلغ سمو الدوقة الكبرى بنفسه. وبعد أن تلقت الدوقة الكبرى تقريراً يفيد برفض الساحر للدليل والمرافق، ردت بشكل طبيعي. [لقد تم تعيينه لراحة الساحر، لذلك إذا قال أنه لا يحتاج إليه، فعليه أن يتركه.] [آه الدوقة الكبرى ليست منزعجة من رفض الساحر لطف هوارد. يا له من ارتياح] كان مدير الملحق يستعد للمغادرة بنظرة ارتياح. [اكتشف موعد خروج الساحر، وأخبر إيدنا.] [نعم يا صاحبة السمو.] كان ألبرت يُغادر قصر هوارد كل يومين كان جدوله منتظمًا. تمكن المدير من معرفة مواعيد مغادرة ألبرت بسهولة. كان ألبرت يُغادر قصر هوارد بهدوء بعد الغداء. كانت جولات الساحر قصيرة، لكن لم يكن من غير المعتاد أحيانًا أن يعود متأخرًا. غادر ألبرت اليوم قصر هوارد أيضًا. توقف عند مقهى شاي في زقاق منعزل متفرع من شارع العقار المزدحم، على عكس مقاهي الشاي الشائعة ذات النوافذ المفتوحة، كان هذا المقهى ذا جو كئيب، حيث كانت جميع الأبواب والنوافذ مغلقة بإحكام. كان حارس ذو مظهر عابس يقف يحرس المنشأة، لكن ألبرت دخل دون أن ينزعج. في الواقع، رحّب الحارس بأدب بالزبون المألوف الذي اعتاد رؤيته مؤخرًا. لم يكن مقهى الشاي مفتوحًا، بل كان مقسمًا إلى غرف مغلقة. فتح ألبرت باب إحدى الغرف ودخل. في الداخل، كان رجل وسيم باهر يجلس متربعًا على طاولة. صُدم ألبرت للحظة وهو يرى هذا الشخص لأول مرة. كان الرجل أمامه أشبه بتحفة فنية، منحوتة بإتقان، كان الرجل الوسيم ذو الوجه البشوش يُمسد شعره الذهبي بأصابعه الشاحبة. كانت أصابعه نحيلة وطويلة، في غاية الجمال. لم ير ألبرت قط رجل بهذا الجمال، كان جذابًا قادرًا على إغواء أي امرأة إذا عزم على ذلك. سقطت عيناه الزرقاوان، كأنهما مُرصعتان بالياقوت الأزرق الفاخر، على ألبرت. انحنت عيناه الزرقاوان بأناقة، وتدفق صوته الشجي. “يُسعدني رؤيتكَ مرة أخرى.” “عفوًا؟” -كان ألبرت في حيرة: “من الواضح أنها كانت المرة الأولى التي أراه فيها، لكن الرجل تحدث كما لو كان يعرفني. هل رأيته في مكان ما؟” هدأ ألبرت على الفور وسلّم عليه بأدب. أدرك أن هذا الرجل هو الزبون الحقيقي. والشخص الذي كان يراه دائمًا كان يقف خلف الرجل الوسيم. “تشرفت بلقائك. أنا ألبرت كيسيف.” أشار الشخص، الذي أعطى ألبرت المهمة غير المهمة المتمثلة في إلقاء السحر في حديقة قصر هوارد، إليه بالجلوس. الرجل ذو الجمال الباهر، الذي أشرق لا يتوهج فحسب، حرّك شفتيه الممتلئتين، انساب صوت عذب. “هل جعلتَ أشجار الكرز في الحديقة تُزهر؟ إنها أزهارها المفضلة.”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات