“هذا صحيح. يُقال إنه كان برعاية الماركيز سيكلامين، والماركيزة تشيد به أيضّا.”
في تلك اللحظة، اقترب غيلبرت بسرعة ولوّح بيده.
“صاحب السمو الدوق الأكبر، صاحبة السمو الدوقة الكبرى. لقد وصلتما في الوقت المناسب.”
خلف غيلبرت كان هناك شخص يرتدي رداء ساحر.
“إنه الساحر المدعو إلى قصر هوارد اليوم. انتهى البستاني من تجهيزه، والآن سيلقي تعويذة الإزهار.”
فخلع الساحر غطاء ردائه ليكشف عن وجهه وانحنى.
“ألبرت كيسيف يُحيي حاكمي الشمال.”
اتسعت عينا إليانا قليلاً عند ظهور شخص تعرفه جيدًا. ظهر أمامها حلقة من حياتها السابقة.
“انهض.”
وعند سماع كلمات فلينت، قال ألبرت مبتسمًا.
“إنه لشرف لي أن ألتقي بشخصين اشتهرا بحبهما الرومانسي في جميع أنحاء القارة.”
فرحت إليانا فرحًا شديدًا برؤية ألبرت حيًا. انعكس هذا الشعور جليًا في ابتسامتها الدافئة ونبرتها اللطيفة.
“أنا سعيدة برؤيتكَ أيضًا، ألبرت كيسيف.”
قال ألبرت مازحًا:
“الآن فهمتُ لماذا أمر صاحب السمو الدوق الأكبر بتفتح أزهار النرجس الوردية تحديدًا. سيدة بشعر بلون يفوق جمال أي زهرة، لا يمكن لأي زهرة أن تضاهي جمال صاحبة السمو الدوقة الكبرى.”
تم فرض صورة ألبرت الأكثر نضجًا من حياتها السابقة على ألبرت الحالي.
[الأميرة الإمبراطورية السابعة لزاكادور لها شعر أجمل من أي زهرة. سأحضر لها أزهار النرجس الوردية التي لا تنمو إلّا في شمال فيانتيكا.]
وبينما كانت الكلمات نفسها التي نطق بها ألبرت في وقت سابق تتدفق من فمها، ابتسمت إليانا ابتسامة عريضة.
مع أنها كانت تعلم أن كلماته الأخيرة كانت إطراء، إلّا أنها شعرت بالسعادة. كان الأمر كما لو أنه ألبرت نفسه الذي تقاسمت معه الكثير من الوقت كرفيق في حياتها السابقة.
“إذا كنتَ الساحر الذي جعل الزهور تتفتح في حفل زفافي. شكرًا لكَ.”
[لو كنتُ أعلم، لقابلتُ الساحر مُسبقًا.]
قالت إليانا ذلك بينما كانت تجهز للزفاف، كانت في حالة ذهول.
“لم أقم بعملي إلّا لأني تقاضيتُ أجرًا. أنا من أشكركِ، لأن جيوبي امتلأت.”
كان يلقي بألفاظ بذيئة أينما كان، تمامًا كما كان في حياتها السابقة. عندما ضحكت إليانا بصوت عال، عبّس فلينت للحظة.
أشارت إليانا، فأحضر كبير البستانيين مخطط الحديقة. فصّل المخطط الزهور التي ستتفتح في كل جزء من الحديقة الشاسعة. كان من الواضح أن إليانا قد عدّلته عدة مرات.
“إذا كنتِ سموكِ تحبين الزهور الوردية…. ما رأيكِ بأزهار الكرز في هذه المنطقة؟ إنها جميلة سواء عند تفتحها أو عند سقوطها، ولذلك تفضلها الكثيرات.”
أجابت إليانا دون تردّد.
“أزهار الكرز تعيد لي ذكريات سيئة، لذا لا أُحبها كثيرًا. أفضل النرجس الوردي من فضلك.”
كانت أزهار الكرز الزهرة المفضلة لزوجها في حياتها السابقة، مما أزعجها.
لم يُصر ألبرت، بل أجاب بلطف.
“في الواقع، أعتقد أيضًا أن زهور النرجس الوردية تناسب سموكِ.”
أشارت إليانا إلى نقاط معينة على خريطة الحديقة بإصبعها وهمست، في حين استجاب ألبرت وتكرّرت هذه العملية.
“لا تقلقي يا صاحبة السمو مع أنني أخجل من قول ذلك، إلّا أن سحر الإزهار هو تخصصي. سأريكِ الحديقة التي تريديها خلال أسبوع.”
“ألبرت كيسف متواضع جدًا. مع أنني أجهل السحر، إلّا أنني أعلم أن جعل زهور بهذا الحجم تتفتح دفعة واحدة ليس بالأمر السهل. إضافة إلى ذلك، كانت نضارة ورائحة الزهور متفوقة بكثير على سحر الإزهار الذي يقوم به أي ساحر عادي.”
عرفت إليانا أن ألبرت لم يكن ساحرًا يتلقى فقط عمولات لإنشاء حدائق للمنازل النبيلة.
في حياتها السابقة، كان ألبرت غالبّا ما يجعل الزهور تتفتح لرفع معنويات إليانا، وفكرة رؤية ذلك مرة أخرى تجعل قلبها ينبض بسرعة.
“أنا سعيد جدًا. مع أنكِ ستتمكنين من رؤية الحديقة كاملة خلال أسبوع، لكن إن أردتِ، يمكنني إنجازها في وقت أقرب.”
“لا يمكننا استخلاص ساحر عبقري من حديقة صغيرة. خذ وقتكَ واعمل براحة دون تسرع.”
على الرغم من أنهما لم يتبادلا سوى الكلمات اللازمة للمهمة، إلّا أن الاثنين بدا قريبين جدًا.
ظن فلينت أنها المرة الأولى التي يرى فيها إليانا تتحدث بحرية مع شخص التقته للتو، بدا الأمر كما لو أنهما قريبان بالفعل. اتسعت عينا جين أيضًا، كما لو كانت تفكر في الأمر نفسه.
لطالما أظهرت إليانا لطفًا وطيبةً تجاه الجميع، لكنها كانت تضع حدودًا واضحة. كان من النادر جدًا رؤيتها وهي تنحني وتركز على الآخرين بهذه الطريقة.
بالطبع، كان السحرة، المولودون بمواهب استثنائية، موضع ترحيب في كل مكان. حتى أكثر النبلاء غطرسة عاملوا السحرة بلطف. لذلك، لم يكن من المستغرب أن إليانا أيضًا اهتمت اهتمامًا بالغًا بالساحر ألبرت.
لكن فلينت شعر بشيء غريب. مع أنه لم يكن غريبًا على الإطلاق. ربما لأنه أدرك أن طبيعة إليانا الحقيقية جافة نوعًا ما.
“ههه مجرد حديقة؟ أليست حديقة ستستمتعين بها سموكِ طوال حياتكِ؟ الآن سأريكِ مهاراتي. راقبيها.”
كان ألبرت كيسف، رغم تحفظه، مرنًا ووقحًا. أما شارلوت، فكانت مثالاً للساحرة المتطلبة والمتحفظة. لكن ألبرت كيسف بدا بارعًا جدًا في التعامل مع السيدات.
“قالوا إنه كان فاسق جورجيا سمعته لم تتغيّر.”
لقد سخر فلينت دون أن يدرك ذلك.
“إذا كان هناك أي شخص حساس للسحر، يرجى التراجع قليلاً.”
تراجعت إليانا خطوة إلى الوراء، ووضع ألبرت يديه بين يديه وبدأ يهمس بتعويذة سحرية.
كانت طريقة إلقائه للسحر مختلفة بعض الشيء عن حياتها السابقة، مما أثار دهشة إليانا. كان ألبرت عبقريًا، يستطيع إلقاء السحر بحركة بسيطة أو نظرة دون الحاجة إلى تشبيك يديه أو أداء سلسلة من الحركات.
فكرت إليانا: “ألم يصل إلى هذا المستوى بعد؟”
في لحظة ما، انبعث ضوء أبيض، وغمر سحر قوي جزءً من الحديقة. انقطعت أفكار إليانا وهي تشاهد البراعم تنبت، والسيقان والأوراق تنمو أمام عينيها. لم يتوقف السحر عند هذا الحد. كان ظهور البراعم الجميلة وتفتح الأزهار الكامل مشهدًا بديعًا في لحظة، انتشر عطر زهري رقيق في كل مكان. كان مشهدًا عذبًا كزهور تتفتح طبيعيًا.
قطف ألبرت زهرة نرجس وردية باهتة وقدمها لإليانا. كانت حركة سلسة كالماء.
“الزهور المزروعة بالسحر سيكون لها رائحة أضعف من تلك المزروعة بشكل طبيعي. إلّا أنني أفتخر بأن زهوري ليست بالعادية. من الآن فصاعدًا، سأعتني بزهوركِ يا سيدة ليا.”
كتمت إليانا ابتسامتها وأخذت الزهرة.
“رائحتها طيبة جدًا ممتاز يا ساحر.”
عندما ابتسمت إليانا على نطاق واسع، نظر إليها ألبرت دون أن يدرك ذلك ثم نظر بعيدًا.
ألقى ألبرت تعويذة الإزهار مرة أخرى، مما أدى إلى إزهار قسم آخر من الزهور. وبعد أن ألقى تعويذة الحفاظ على حيوية الزهور لفترة طويلة، كان يتصبب عرقًا بغزارة. لم يكن هناك داع لفعل كل هذا، ولم يكن ينوي ذلك، لكن ألبرت، دون أن يدرك بذل كل جهده. كاد منظر الدوقة الكبرى وهي تبتسم ابتسامة عريضة أن يفقده تركيزه للحظة لو رآه زملاؤه في برج السحر، لسخروا منه.
“أنا آسف فقط لأن قدرتي محدودة للغاية ولا أستطيع أن أجعلهم يزهرون جميعًا في وقت واحد.”
ابتسمت إليانا مرة أخرى لتواضع ألبرت، وأثنت عليه.
“هذا مذهل بالفعل. لم أر ساحرًا قط يُزهر هذا الكم من الزهور.”
“أنا مسرور.”
أخذ ألبرت نفسًا عميقًا بدا منهكًا، ربما لأنه عمل ضعف ما كان متوقعا اليوم.
أخرجت إليانا منديلًا من جيبها، فسحبت جين يدها التي كانت قد مدّتها لتعطيها إياه، أدركت أن إليانا تريد أن تعطيها إياه مباشرة.
شعر ألبرت بالتكريم عندما تلقى المنديل المطرز بالزهور الصغيرة ومسح عرقه.
“شكرًا لكِ صاحبة السمو الدوقة الكبرى.”
“مرحباً بكَ.”
أمرت إليانا كبير الخدم.
“غيلبرت، جهز غرفة للساحر وضع تحت تصرفه عددًا كافيًا من الخدم ليرتاح.”
عندما سمع غيلبرت تعليمات الدوقة الكبرى انزعج.
لم يتضمن العقد بندا لتوفير السكن بل ذكر دفع تكاليف الإقامة أثناء العمل.
قال ألبرت.
“لا داعي لذلك يا صاحبة السمو أقدر اهتمامكِ، ولكن لدي مكان للإقامة. كما حصلتُ على ما يكفي من المال للإقامة في فندق فاخر.”
“ومع ذلك، ما هو الفندق الذي يُضاهي قصر هوارد العظيم؟ لا تنكر ذلك.”
عندما أصرت إليانا، بدا ألبرت منزعجًا بعض الشيء. في تلك اللحظة، التقت عيناه بعيني فلينت.
كان فلينت رجلاً ذا حضور مهيب لدرجة أن نظرة واحدة كانت تشعره بسلطته. كان ذلك يليق بحاكم الشمال، أعظم محاربي فيانتيكا. كان الدوق الأكبر هوارد يقف وكأنه يحمي الدوقة الكبرى، ويراقب الساحر.
وبينما تلاقت نظراتهما، ابتسم ألبرت ابتسامة ودية. إلّا أن وجه الدوق الأكبر هوارد الوسيم لم يبد أي انفعال. كان وجهه الخالي من التعابير ينضح ببرودته المعهودة.
بطريقة ما شعر ألبرت بالنظرة الشرسة، فأبعد نظره عنه بحذر. ثم التفت إلى إليانا.
“كيف لي أن أجرؤ على البقاء في منزل الدوق الأكبر هوارد؟ لا يسعني إلّا أن أشكر سيدة الشمال على اهتمامها بساحر متواضع سأعتبره شرفًا لي مدى الحياة.”
وعلى عكس توقعات ألبرت أصرت إليانا مرة أخرى.
“إن كنتَ ممتنًا، فابقَ. سيكون سكنكَ في الملحق، لذا لن يكون هناك أي إزعاج. استرح بسلام.”
لاحظت إليانا أن ألبرت يُولي اهتمامًا لفلينت.
ولطمأنته، تابعت إليانا.
“الملحق واسع جدًا حتى لو كانت هناك امرأة نبيلة شابة، فلن يكون هناك أي تداخل في الحركات.”
“هاها… حقًا…؟”
ابتسم ألبرت ابتسامة غامضة.
لم تكن مشكلة أن تقيم شابة نبيلة في الملحق. فهو أيضًا من أصل نبيل؛ فما المشكلة في وجود شابة نبيلة من الضواحي؟ اضافة الى ذلك، كانت حسن نية سيدة الشمال أمرًا إيجابيا، لا سلبيًا أبدًا. المشكلة كانت أن سيد الشمال المخيف كان ينظر إليه بعدم موافقة.
باعتباره فلينت هوارد، فمن المؤكد أنه كان قد حقق في ماضيه قبل توظيفه، وكان من الواضح أنه كان على حذر لأن زوجته كانت صديقة لفاسق جورجيا. لم يكن ألبرت جبانًا، لكنه لم تكن لديه الشجاعة لمعارضة دوق الشمال الأكبر. لم تكن هذه العاصمة، بل قلب الشمال، حيث امتدت سيطرة الدوق الأكبر هوارد بالكامل. لم يكن هناك أي صراع، وبصراحة، لم يكن ألبرت يريد أن يقع في العار.
“أُقدّر لطف سموكِ، الدوقة الكبرى، ولكن بما أن هذه أول زيارة لي لدوقية الكبرى، لدي رغبة عارمة في استكشافها بصفتي غريبًا، إذا دخلتُ وخرجتُ باستمرار من قصر الدوقية سيشعر الخدم بعدم ارتياح شديد. أنا آسف.”
وعندما رفض ألبرت العرض مرة أخرى بشكل غير مباشر، شعرت إليانا بالحزن الشديد.
“لماذا أنتَ آسف؟ يبدو أنني ضغطتُ عليكَ بصراحة، لم أرى ساحرًا من قبل، وأجد هذا ساحرًا جدًا….”
شعرت إليانا بخيبة أمل شديدة. مع أنها كانت تعلم أن ارتباطاتها السابقة ستنتهي بهذه الحياة، إلّا أنها كانت سعيدة للغاية بالعثور على ألبرت حيًا. أرادت أيضًا أن تخبر الساحر الجريء بأن المنافسة على عرش زاكادور خطيرة للغاية، وأنه لا ينبغي له أن يبدي أي اهتمام بذلك على الإطلاق، بالطبع، كانت تعلم أنه لن ينصت إليها، لكن هذا سيطمئنها.
“لا أستطيع فعل شيء. أنتَ ساحر مشغول جدًا.”
فتح فلينت فمه عند رؤية وجه إليانا الحزين.
“ألبرت كيسيف هل يمكنكَ البقاء من أجل زوجتي؟”
تفاجأ ألبرت وفكر: “ما الفائدة من الطلب مع هذا التعبير على وجهه؟”
“زوجتي تشعر بالوحدة منذ زواجها، لذا سأكون ممتنًا لو استطعتَ مرافقتها. حتى لو اقتصر الأمر على الملحق، سأحرص على توفير كل ما تحتاجه لرعاية ساحر بمكانة كيسف من فضلك.”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات