Chapters
Comments
- 5 2025-09-24
- 4 2025-09-24
- 3 - المرأة المثابرة 2025-09-17
- 2 - سيا السابقة، فيليسيا الحالية 2025-09-17
- 1 - استدعاء الأشرار، من الأشرار، وللأشرار 2025-09-16
الفصل 4: تحية إلى “أولد بوي”
لم يستطع كارتر أن يميز ما إذا كان يجلس الآن أمام سيدة رصينة، أم أمام جندي مثله خاض غمار ساحات المعارك القاسية، ويهوى إطلاق النكات السوقية.
إلى هذا الحد بدت كلمات سيا صادمة بالنسبة إليه.
“م- مهلاً لحظة. آنسة كليفر، أعتذر، لكن جلالته مرهق هذا المساء، وعليه أن ينال قسطاً وافراً من الراحة. كما تعلمين، لقد سار طويلاً في الموكب، لذا سيكون من الأفضل له أن يخلد إلى النوم باكراً.”
عند كلمات كارتر الذي بالكاد استعاد وعيه، التفتت سيا إلى إيفين وكأنها في موقف حرج.
حتى إيفين نفسه لم يتوقع أن يتدخل كارتر بهذه الطريقة، فانكشفت مشاعره المستاءة كما هي.
“أيها القائد ووريك، هذه الفتاة أرادت فقط أن تسلّي جلالته لئلا يصيبه الملل…”
“على أية حال، يمكنكم رؤيته غداً، أليس كذلك؟ جلالته لن يغادر هذا المكان غداً مباشرة.”
وما إن أنهى كلامه حتى نهض ليونارد، وكأنه يعلن تأييده لرأي كارتر.
“فلننهِ الأمر هنا.”
توجه ليونارد نحو غرفة النوم التي اعتاد إيفين أن يستخدمها، متجاهلاً انحناءات الحاضرين.
ارتسمت على شفتيه ابتسامة غامضة، كانت أشبه بابتسامة صيّاد عند ظهور فريسته.
وحين تأكدت سيا من أن ليونارد قد رحل تماماً، أطرقت رأسها إلى الأسفل.
بدت مكسورة الروح، شديدة البؤس، حتى أن كتفيها ارتجفا بأسى.
لكنها في الحقيقة كانت ترتعش محاولة كبح ضحكتها. كل شيء يسير وفق الخطة.
فهذا كله لم يكن سوى تمهيد للعملية التي ستجري غداً تحت الاسم الرمزي ‘تحية إلى أولد بوي’.
“ههه… لن تقاوم الابتعاد عني يا جلالتك.”
همست سيا بصوت منخفض لم يسمعه أحد، ولم يجرؤ أي شخص على مواساتها.
ففي هذه القاعة، باستثناء إيفين، لم يكن بوسع أحد أن يقبل فكرة أن يتقاسم ليونارد وسيا الفراش نفسه.
صفع!
تلقّت سيا صفعة قوية من إيفين، فتهاوت جالسة على الأرض.
ارتعشت يده المرتفعة، وكأنه يهم بضربها مرة أخرى، لكنه توقف.
فسيا، في النهاية، كانت المرافقة المقررة للإمبراطور، ولم يكن مسموحاً بترك جروح واضحة على جسدها.
“أيتها الحمقاء الحقيرة! أن تكوني من نسلي هو لعنة بعينها!”
نفّس إيفين عن غضبه ثم أنزل يده.
“ما قصة هذه الملابس وتلك الزينة والحلي؟ والعطر أيضاً! لم يكن عليّ أن أجعل من فتاة تجهل أبسط قواعد الأدب ابنة لي. لا تملكين سوى هذا الجسد، ومع ذلك تظهرين في القاعة بتلك الهيئة! هل تعمدتِ تشويه سمعتي علناً؟”
كان جباناً حقيراً بطبعه، لكن انفعاله هذه المرة ازداد بسبب قلقه من فشله الليلة في إنجاز ما خطط له.
فحتى لو كانت هيئة سيا رثة، لو أنها فقط دخلت غرفة ليونارد، لما كان مزاجه قد ساء إلى هذا الحد.
“لو أنني بسببك خرجت من عين ذلك الرجل…”
“يا صاحب السعادة، ليس هذا وقت قول مثل تلك الكلمات.”
في مكتبة الكونت كان إيفين وسيا وغروفر معاً. أمسكت سيا بخدها الذي ضُربت، ورفعت عينيها بخفة نحو غروفر.
ومن سلوكه في تلك اللحظة أدركت أن هناك من يحرّك إيفين من وراء الستار.
فالشخص الذي كان يتحدث عنه إيفين بحماسة، ‘ذلك الرجل’، لم يكن الإمبراطور. ولهذا سارع غروفر إلى إسكات إيفين، كي لا يمنح سيا مزيداً من المعلومات.
ثبتت سيا بصرها الحاد على إيفين كليفر.
كان هناك من يعارض الإمبراطور، واتخذ من إيفين كليفر كبش فداء. ولعل إيفين ظن أنه سيجني مكاسب من هذه اللعبة، لكن ذلك محال.
فحتى إن نجحت خطة الاغتيال، فمصير إيفين سيكون الموت شنقاً بتهمة قتل الإمبراطور.
وربما سينفذ الحكم سريعاً، وسيُدعى أن إيفين هو من دبّر كل شيء، بحجة تحقيق العدالة، بينما في الحقيقة يتم الاستيلاء على عرش الإمبراطور.
ومن الواضح أن هذه المؤامرة لم تولد حديثاً.
هناك من كان يتوقع أو دبّر بمهارة أن يقيم الإمبراطور في شيرفيسيا، الواقعة في طريق عودته من طلب معونة مملكة أليس.
ثم إن ابنة غير شرعية مثل فيليسيا، اعترفت بها العائلة قبل عامين لتصبح ابنة الكونت، وهذا وحده يكشف أن الخطة موضوعة منذ سنتين على الأقل.
سنتان من الانتظار بصبر قاتل كي يمر ليونارد من شيرفيسيا.
فهل كان الأمر بدافع الحقد؟ أم الطمع في السلطة؟ أم كلاهما معاً؟
ارتسمت ابتسامة دقيقة على محيا سيا، وقد تأكدت من شيء واحد.
عرش الإمبراطور هو موضع تهديد دائم لحياة صاحبه. لكن بعد أن قُتلَت جميع نسائه واحدة تلو الأخرى، صار واضحاً أن شخصاً بالغ الحذر هو من يحرّك كل هذه السلسلة من الأحداث.
رفعت سيا جسدها ببطء، وبدا عليها الانهزام وهي تنظر إلى إيفين وغروفر.
انكمش عنقها، وتهدلت كتفاها، حتى غدت مظهرها مثيراً للشفقة.
ارتجفت مثل غزالة صغيرة، خائفة مما قد يقترب من عنف جديد.
“أ- أنا فقط أردت الرحيل مع جيرارد في أقرب وقت ممكن. يجب أن أقتل الإمبراطور ولو قبل يوم واحد فقط…”
باغت إيفين سيا، فوضع كفه على شفتيها محكماً إغلاقها، فيما تدور عيناه يميناً ويساراً وتعابيره تتصلب بوجه شرس.
“قلت لك لا تستخفي بلسانك! أهذا قليل، حتى تضاف إليه حماقتك؟! أغلقي فمك فوراً! ما عليك فعله لا يتعدى أن تفتحي ساقيك أمام الإمبراطور وتدلليْه، ثم حين يغفل على الفراش تطعنينه وتنتهين. فهمتِ؟!”
كادت سيا أن تبتسم رغم أن فمها مسدود بيد إيفين.
لقد أفرغ خطة كاملة وبالتفصيل أكثر مما قالت هي، ثم لم يتورع عن وصفها بالحمقاء والسوقية!
كانت قد تفوهت بما قالت عمداً، أما هو فلم يَعِ أنه كشف كل ما في جعبته.
“أعتذر.”
أزاحت سيا يده عنها برفق، وتمتمت بكلمات اعتذار. عندها اقترب غروفر، ووضع يده على كتفها.
“لم يكن ذلك عن قصد، صحيح؟ فأنت لا تحبين الألم، أليس كذلك؟”
كان في نبرته ضغط مبطن، لكن سيا هزت رأسها نافياً لتؤكد براءتها.
“لِمَ أفعل ذلك أصلاً؟ كل ما أردته هو أن أظهر أمام جلالته بمظهر لائق، فاجتهدت على طريقتي… أ- أعدكم أنني غداً لن أرتكب أي خطأ. حقاً. فقط كنت أظن، بحكم مستواي المتواضع، أن ارتداء ما هو أجمل وأغلى سيجعلني أسرع في استمالة جلالته.”
“كل ألاعيبك تبقى في قبضتي. لا تظني أن الاعتياد على الألم سيجعلك أقوى. الألم لا يعتاد عليه المرء، بل يزداد منه خوفاً ورعباً حتى تذوب إرادته. أفترغبين أن تعيشي مثل دمية بلا روح؟”
كان غروفر يتحدث بلباقة، لكن برودة صوته كشفت صدق تهديده: إن تجرأت على الخداع، سينزل عليها العقاب المعروف.
ارتعشت عينا سيا بفزع، وانهمرت دموعها.
“أرجوك… أي شيء إلا هذا.”
وبينما تبكي، أخذت طبقات مساحيق التجميل تذوب مجدداً، مما جعل إيفين ينقر لسانه بضيق.
“سأرسل إليك غداً خادمة من العاصمة كلاتري. إياك أن تظهري بتلك الهيئة المزرية مرة أخرى. فهمتِ؟”
“نعم… سمعاً وطاعة. حقاً آسفة إن سببت لكم الحرج.”
أجابت سيا بانصياع، ثم خرجت من المكتبة.
مسحت دموعها المتساقطة على وجنتيها وابتسمت بسخرية.
‘آه، كان عليّ أن أصبح ممثلة. بهذا الأداء كان بوسعي أن أكون من أعظم ممثلات جيلها.’
وبينما هي تمدح مهارتها التمثيلية في سرها، أحست بنظرات تراقبها. ثبتت عينيها إلى الأمام دون أن ترمش.
كان يكفي أن تدير رأسها لتكتشف من يراقب المكتبة، لكنها لم تقع في ذلك الفخ الساذج.
بل تابعت سيرها بخطوات هادئة متجهة نحو غرفتها.
كان من المفترض أن تهبط إلى السجن السفلي حيث يُحتجز جاي، لكنها رأت أن الوقت الآن غير مناسب.
***
في الصباح الباكر، وبينما كان كارتر يحضر ثياباً نظيفة لليونارد، فتح باب غرفة النوم ليجد أمامه شابة فاتنة تحمل على صينية أدوات الغَسل.
“أليس الجو جميلاً اليوم؟”
ابتسامتها مشرقة، وعيناها الزرقاوان صافيتان كنسيم الفجر.
شعرها الذهبي البراق، وكأنه يحتكر كل نور الشمس وحده، انسدل على كتفيها بلمعان يخطف البصر حتى يصعب التحديق فيه طويلاً.
بشرتها البيضاء وشفاهها الحمراء البارزة، مع وجهها على هيئة قلب وجبهة بارزة، كل ذلك جعل حتى ملامحها الجانبية آية في الجمال.
أما عبيرها، فلم يكن من أثر عطر، بل فواحاً طبيعياً عذباً، حتى خُيّل لكارتر أنه دخل بيت زهور في أوج تفتحها.
وفوق هذا كله، كان جسدها متناسقاً.
فستانها المصنوع من حرير رقيق، منسدل بخفة حتى قدميها، يبرز جمالها من دون أي حُلي أو زينة إضافية. بل خُيّل له أن أي زينة أخرى ستنقص من فتنتها.
“ج- جميل حقاً.”
أجاب كارتر بذهول، فما كان من سيا إلا أن أمالت رأسها قليلاً بابتسامة ودودة.
“نعم، أليس كذلك؟ إنه يوم مثالي للخروج. هل تسمح لي بالدخول؟ جئت لأحضر لجلالته ماء الغَسل.”
شعر كارتر أن صوتها مألوف، لكنه لم يميز هويتها.
حين تجاوزته بخطوات رشيقة ودخلت، كان ليونارد قد ارتدى ثيابه بالفعل.
“مولاي، صباح الخير. هل كانت ليلتك هانئة؟”
ألقت عليه التحية، فرماها بنظرة سريعة قبل أن يعيد بصره إلى الأمام.
“اليوم قللت من مبالغتك.”
دهشت سيا من نفاذ بصيرة ليونارد الذي تعرف عليها من أول وهلة.
فجمالها هذا كان كفيلاً بأن يتركه مسحوراً مثل كارتر الواقف عند الباب، مشدوهاً.
خشيت أن يكون قد تذكر لقائهما العابر على الأسوار حين تلاقت نظراتهما، فبادرت قائلة:
“آه؟ أعتذر. لقد قيل لي بالأمس أنني بالغت، لذا اخترت اليوم لباساً عملياً، حتى أتمكن من خدمة جلالتك بسهولة.”
“هكذا إذن.”
“هل تسمح لي أن أساعدك في غسل الوجه؟”
أومأ ليونارد بصمت. وضعت سيا الأدوات على الطاولة وسكبت ماءً فاترًا في وعاء خزفي.
تقدّم ليغسل وجهه، فتراجعت خطوة إلى الوراء.
وحين لم يظهر أي رد فعل تجاهها، اطمأنت وظنت أنه لم يتعرف عليها.
انتظرت حاملة منشفة رقيقة، ثم مدت يدها بها فور أن أنهى غسله.
وبينما يمسح ليونارد وجهه، فكرت سيا:
‘وسيم بشكل مخيف. حتى لو لم يكن إمبراطوراً، لكان هذا الوجه كافياً ليجعله محط قلوب النساء جميعاً.’
حين رفعت عينيها وجدته يثبت نظره عليها. لم ترحب بالصمت، فسارعت لتغيير الجو بحديث:
“بما أن الطقس رائع اليوم، ما رأي جلالتك بالخروج للصيد؟ على عكس كلاتري، هنا تُصطاد أسماك لذيذة جداً. ما رأيك أن تتناول الغداء هناك؟”
قبل أن يجيب ليونارد، تدخل كارتر مسرعاً:
“أيتها الفتاة! هذا إمبراطور الأمة، وليس من شأن خادمة عادية أن تقترح مثل هذا!”
كان يصدق تماماً أن سيا جاءت لإغواء الإمبراطور. فالتحول الذي طرأ عليها بين الأمس واليوم كان مذهلاً، ومن الطبيعي أن يثير الشبهات.
“لكنني خادمته. ألا يحق لي أن أقترح ما يسليه؟”
“يكفيك أن تخدميه وحسب.”
“البقاء داخل القصر طوال الوقت سيكون مملاً لجلالته. ما دمنا سنمكث هنا أياماً قليلة كي ينال الجنود قسطاً من الراحة، فقد رغبت فقط أن يكون جلالته سعيداً بعض الشيء.”
قطّب كارتر حاجبيه باستياء.
“وما شأن خادمة بأن تهتم بمثل هذا…”
“كارتِر، هذه فيليسيا كليفر.”
“ماذا؟! لا… لا يعقل، أنتِ؟!”
ابتسمت سيا ببراءة، فيما أصيب كارتر بالذهول.
في تلك اللحظة أدرك كارتر بوضوح: للنساء، مساحيق التجميل أسلحة قوية.
شعر كارتر بضعف شديد في نفسه، إذ لم يستطع أن يميّز بين الوجه المزيَّن بالمكياج وذلك الخالي منه، لكن الفرق الشاسع بينهما دفعه إلى اتخاذ قرار جديد.
قرار مفاده أنه عند عودته إلى العاصمة، سيتعين عليه دراسة فنون التجميل.
“استعدوا.”
عند كلمات ليونارد، ابتسمت سيا ابتسامة أكثر جمالاً، وانحنت قليلاً برأسها، ثم أخذت ماء الغسل الذي استخدمه ليونارد وغادرت. لقد كان ذلك نوعاً من مراعاتها الخاصة، لتمنح كارتر وقتاً يستعيد فيه توازنه بعد الصدمة.
“كارتر، ما الذي يجعلك مضطرباً هكذا؟”
“لـ، لكن… هل هي حقاً الوجه نفسه؟ لقد كانت قبيحة البارحة.”
“كانت لطيفة حتى البارحة.”
“ماذا؟ جلالتك، ما الذي تقوله؟ هذا مخيف.”
لم يتمالك كارتر نفسه من الذهول، وحاول أن يستوضح ما إذا كان ليونارد يتحدث بجدية، لكن ملامح الأخير بقيت خالية تماماً من أي تعبير.
للمرة الأولى، تجرأ كارتر على طرح تساؤل مباشرة أمام وجه ليونارد. كان هذا بحق حدثاً تاريخياً.
“الصيد، هه. ذلك قد يكون جيداً أيضاً.”
وبما أنه كان يشعر بالملل فعلاً، قرر ليونارد أن يقضي يومه كما اقترحت سيا.
“مفهوم. سأذهب لأستعد.”
وإذ لم ينل جواباً شافياً يوضح ما إذا كان الأمر مزاحاً أم حقيقة، تمالك كارتر مشاعره وانحنى. كان ذلك نوعاً من الاستسلام: ‘كيف لي أن أميز حقيقة نوايا ليونارد؟’
في ساحة الصيد، كان ثمة وادٍ صغير، ومجرى ماء صافٍ يجري بوضوح، كاشفاً عن خضرة الربيع بكل شفافية.
ولأنها كانت أيام الربيع، فقد كان البعوض أقل إزعاجاً، والعشب لم يزدهر بعد بكثافة، لذا لم يكن العثور على آثار الحيوانات صعباً.
وبينما انشغل بعض الجنود بالصيد، كان ليونارد وسيا يمضيان الوقت في الصيد بالسنارة.
وكان ليونارد بارعاً إلى حد ما، وبدا بوضوح أنه يتمتع بمهارة صائد محترف.
إذ بدا أنه إذا ركّز في أمر واحد، فإنه يغوص فيه حتى النهاية، من دون أن ينطق بكلمة واحدة.
وما دام قليل الكلام بطبعه، فإن انغماسه بالصيد جعله كأنما ألصق غراءً على شفتيه.
وبينما كانا يصطادان، راحت الشمس تميل إلى الغروب، ولم يبقَ في المكان سوى الحرس الملكي المناوب، وليونارد وسيا. جلست سيا على صخرة، تستمتع بمراقبة ملامح وجهه الجانبية عن قرب.
لم يكن ممكناً أن تُدرك جوهر شخص ما بمجرد نصف يوم من صحبته.
فسيا كانت تخصص وقتاً طويلاً للتعرف على خصومها، حتى تتجمع المعلومات الكافية لتقودها إلى نتيجة أكيدة.
فذلك كان أسلوبها في النجاة، لأنها إن لم تفعل، ستُلتهم لا محالة.
رفعت سيا رأسها إلى السماء الصافية، وكانت تعلم أن الظلام سيحل قريباً. لقد حان وقت تنفيذ عملية ‘تحية إلى أولد بوي’ قبل أن يتأخر الوقت.
“جلالتك…”
رفعت سيا جسدها عن الصخرة، وتقدمت خطوة باتجاه ليونارد. لكنه لم يلتفت، بل بقي يحدّق في طُعم صنارته.
“هل يمكنني أن أجرب أنا أيضاً اصطياد سمكة؟”
“افعلي.”
بموافقة ليونارد، ابتسمت سيا بخبث، ثم تقدمت بخفة نحو جدول الماء حيث لم يكن التيار سريعاً.
رفعت تنورتها وربطتها بطريقة بدت وكأنها تنورة مزدوجة، لتنتفخ حول الوركين والفخذين، بحيث تكشف ركبتيها. كان ذلك أنسب للدخول إلى الماء.
وكان الماء بارداً، إذ إن الجو لا يزال أشبه بالشتاء في أوائل الربيع، فشعرت أصابع قدميها تتجمد من شدّة البرودة عند أول ملامسة.
لكنها لم تكن تنوي البقاء فيه طويلاً إلى حد إصابتها بالتجمد، لذا انحنت بهدوء وأخذت تفتش بعينيها في أعماق الجدول.
وبتركيز عميق، ضمّت كفيها لتصنع تجويفاً صغيراً، ثم التقطت ببطء سمكة صغيرة من نوع البيرامي.
ارتفعت زاوية شفتيها في ابتسامة واسعة. كانت تلك ابتسامة شخص على وشك القيام بمزحة لذيذة.
وكظمت سيا ضحكتها، وراحت تصطاد المزيد من الأسماك الصغيرة، ثم وضعتها في السلة الموضوعة بجانب الجدول، حيث راحت السمكات الصغيرة تقفز بشدة.
عندها، أحست بحركة خلفها. كان أحدهم يقترب.
“آنسة كليفر! ما الذي تفعلينه داخل الماء؟ ولماذا تكشفين ساقيك بهذا الشكل؟ إن كنتِ سيدة حقيقية فلا بد أن…”
عند سماع صوت كارتر يقترب، اتسعت ابتسامة سيا أكثر. قبل أن تستدير، نظرت ببرود إلى السمكة الصغيرة التي ترتعش في كفها.
لقد كانت ابتسامة أشد قسوة من أي شيء آخر في هذا العالم.
ثم بسرعة، وضعت السمكة بين أسنانها.
واستدارت فجأة مبتسمة.
وبين شفتيها المنفرجتين مثل من يلتقط صورة ويقول ‘تشيز!’، راحت السمكة الصغيرة ترفرف بذيلها بين أسنانها الأمامية.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات