في قلب الدفيئة الزجاجية المفعمة بروائح الأزهار العذبة، حيث يعبق الجو بعبير اللوبيليا المزرقة، كانت الإمبراطورة السابقة تمضي وقتها المفضل. أجواء المكان، المعتدلة طوال العام، كانت تبعث على الراحة وتبدد ثقل الأيام، حتى أصبحت هذه الزاوية الصغيرة من القصر ملاذها الأخير. قال ريموند بنبرة فيها شيء من القلق:
“لماذا تهتم الأم بزواجي؟”
رفعت الإمبراطورة السابقة عينيها بنظرة صارمة، وقد تلاشى من وجهها أي أثر للابتسامة. تركت فنجانها المزخرف على الطاولة، وأجابت بثبات:
“وهل يفكر جلالتك بالبقاء عازباً طوال حياته؟”
ثم تابعت بعد لحظة من الترقب:
“إن زواجك من أندروميد سيعزز مكانتك كإمبراطور، ويعيد العلاقات القديمة. ما الفائدة من تزويج هوغو إن كنتَ أنت من يملك التاج؟”
ضغطت على كلماتها بغضب مكتوم، ثم قالت:
“هل تؤكد جلالتك الشائعات عن ابتعادك عن النساء؟”
لم يرد. اكتفى الإمبراطور ريموند بتكتيف ذراعيه، وأشاح ببصره بعيداً، مثبتاً موقفه بصمت لا يحتاج إلى شرح. احتدم الجو. وجهها الشاحب احمر غضباً، وعيناها الزرقاوان اشتدتا ضيقاً.
قالت: “هوغو يحب أدورا. هذا الزواج سيدمره. أنتما فقط تمزقان قلبين عاشقين.”
ضحك فجأة، ضحكة صافية لم تتناسب مع الموقف.
“لماذا تضحك؟”
سألته بانزعاج ظاهر. قال مبتسماً بتهكم:
“منذ متى بدأت الأم تهتم بما يناسب هوغو؟”
ضحكته الساحرة أربكت الخادمات، اللواتي لم يعرفن كيف يتصرفن أمام مشهد يتأرجح بين التوتر والتهكم. نهض، وتركها تغرق في صمتها الحزين، والظلال تتلاشى خلفه رويداً.
⸻
في ممرات القصر، تردد صدى خطواته الغاضبة، وأصاب الفرسان بالذعر.
“هل قالت له شيئاً؟”
“إنها المرة الأولى التي نراه بهذا الغضب.”
“جلالته… مخيف!”
كان ريموند معروفاً باتزانه ورباطة جأشه. بعكس غيره من الأباطرة، لم يكن سريع الغضب، حتى في أحلك الظروف. لكن علاقته بالإمبراطورة السابقة كانت شوكة لا تزول من حلقه. دفع باب غرفته بقوة كادت تخلعه من مكانه. نيكولاي، وزيره، قال وهو يبتسم كعادته: “أوه، جلالتك، لقد وصـ—”
لكنه لم يُكمل، فقد أُمسك بياقته ودُفع بعنف إلى الحائط. زمجر ريموند:
“لماذا فعلت ذلك؟”
أدرك نيكولاي ما يعنيه، ولم يتردد في الرد: “لا أحد يستحق العرش أكثر من جلالتك.”
قبض الإمبراطور على ياقة الوزير بقوة أشد، وضرب الحائط بقبضته الثانية.
“منذ متى بدأ وزيري بتبديل ولائه؟”
تنفس نيكولاي بصعوبة، لكنه تمسك بكلامه: “لم أفعل شيئاً خاطئاً. فقط، أوافق جلالة الإمبراطورة السابقة الرأي. فكرة تنصيب هوغو إمبراطوراً بعدك… مضحكة.”
“قلت لك، كف!”
صاح ريموند. لكن الوزير تمادى، وقد بدا أن كبته طال أكثر مما يجب:
“جلالتك لست شاذاً، ولا تحمل أي عيب. أنت فقط تبحث عن مخرج لتترك العرش. أليس كذلك؟”
توهجت عينا ريموند، وحلّ صمت مرعب. ترك ياقة نيكولاي أخيراً، ثم سأل بصوت خافت: “هل تألمت؟”
مسح الوزير على عنقه وقال بابتسامة: “كلا. شكراً على اهتمامك.”
استعاد مظهره المعتاد، ونفض ثيابه، وكأن شيئاً لم يحدث. ثم قال: “جلالتك… الأميرة دخلت روفيل بزي حداد.”
تجمد الإمبراطور. “تمزح؟ كيف عرفت وهي قد دخلت منذ ساعة فقط؟”
“كلا، سمعت أن مرافقيها قُتلا في هجوم على السفينة.”
“أين كان الفرسان؟!”
صرخ الإمبراطور، وهو يضغط على الأوراق التي تحولت إلى فتات بين يديه.
⸻
مع الظهيرة، وصلت العربة إلى بوابة قصر روفيل الرئيسي. لم أرغب بتبديل ملابسي. لم أكن أريد إخفاء حزني. مد ديلان يده لمساعدتي في النزول. لم أستطع إلا أن أتذكر روديون، قبل صعود السفينة… كان حريصاً على إمساكي.
لم أنطق. تجاهلت يد ديلان، وهبطت وحدي. حين وطأت قدمي الأرض، اتسعت عيناي بدهشة. كان قصر روفيل رائعاً، فخمًا بشكل لا يُصدق. الهواء منعش، الزهور تملأ الطريق، والنوافير منحوته بأيدٍ بارعة. داخله، الرخام الأبيض اللامع والسجاد الأحمر المطرز بالأسود عزز فخامته. علّقت صور العائلة المالكة على الجدران المزخرفة، استوقفتني صورة تجمعهم جميعاً.
كانت شعورهم السوداء، بخلاف مظهرنا الرقيق الملائكي، توحي بالقوة والوقار. قلبي خفق بلا إرادة. توقفت أمام الباب الرئيسي لغرفة الإمبراطور. ديلان فتح فمه أخيراً بعد صمت طويل:
“وداعاً… جلالتك.”
لم أعلق. لم أرد حتى على وداعه. دخلت القاعة بخطى واثقة وخفضت بصري. لم أرفع عيني عنه.
أعلنته: “تحياتي لجلالة إمبراطور روفيل العظيم، أنا الأميرة الأولى فيليا أوردو دي أندروميد.”
أجاب بصوته العميق: “فلترفع الأميرة رأسها.”
رفعت رأسي ببطء، ورأيت الرجل الذي لا يشبه أحداً. شعره الأسود مصفف، وعضلاته بارزة تحت الثياب الرسمية. عيناه الزرقاوان… كبحر عميق. أخيراً،
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 6"