هل هذا أحد كوابيسي؟ ما الذي يحدث؟ يجب أن أستيقظ… الآن.
لكن ما رأته عيناي كان ضرباً من الجنون. لوهلة، لم أُصدّق أن تلك الرؤية حقيقية. أقنعت نفسي بأن الغرابة التي أعيشها لا تعدو أن تكون حلمًا من آثار النوم على متن هذه السفينة الضخمة، في مكان غريب علي.
“مولاتي! اهربي!”
صرخة روديون العالية مزقت وهمي، وأعادتني للواقع. ذلك الرجل الملثم، لم أرَ منه سوى عينيه البرتقالية البراقة، اتجه نحوي مسرعًا بعد أن سحب خنجره من صدر روديون بقسوة قاتلة.
“آهــاااهـعع!!”
صرخة روديون، تأوهه الموجع، حطّما قلبي. منظره كان موحشًا… لا يُحتمل. اقترب الملثم مني بخفة قاتل محترف. أصبحت هدفه القادم بعد روديون. ياللسخف… هذا ليس حلماً. وإن حاولت الهرب، من سينقذني؟
“أميرة!”
صوت لم أتوقع يومًا أن أشعر بهذه الراحة عند سماعه، كان صوت ديلان. أضاء المصباح الذي في يده المكان، ليكشف لنا وجه الملثم، الذي ارتبك قليلًا ثم بدأ بالركض، متواريًا في أنحاء السفينة.
“أمسكوا به!”
صرخ ديلان، فتجاوزني الفرسان المرافقون له بسرعة خاطفة، لاحقين القاتل الهارب. اندفعتُ نحو جسد روديون الملقى أرضًا. أنفاسه المتقطعة بالكاد تُسمع. جسده، الفارس الضخم ذو الإرادة الحديدية، أصبح بارداً كثلج الشتاء. الإصابة كانت قاتلة… الخنجر اخترق صدره بعمق. لا أمل. أمسكتُ بيده الخشنة، الباردة، بيأس لا يوصف.
“روديون، هل تسمعني؟ تماسك!”
كنت أطلب المستحيل… لكنني أردت أن أكذب على نفسي، حتى النهاية.
“أميرة… هل أنتِ بخير؟”
سألني، وهو في آخر لحظاته. عضضتُ شفتي بألم.
“أنت تتألم، ومع ذلك تسأل عني؟”
ابتسم… بتعب، بحنان. تلك النظرة ملأت قلبي حزناً. كان شاحبًا أكثر من أي وقت مضى.
“هذا هو… واجب الفارس.”
همس بها، ثم بدأت أنفاسه بالتلاشي شيئًا فشيئًا. أمسكته بقوة، ضغطتُ على يده وكأنني أتمسك بروحه، لكن دون جدوى.
“روديون؟… روديون!”
هززته، لا استجابة. وضعت أذني على صدره… كان صامتًا.
“روديووووون!!!”
صرخت، بكيت، انهارت قواي. كل الذكريات عادت، اختلطت في ذهني، أحكمت الخناق على قلبي. وضع ديلان يده برفق على كتفي المرتجف.
“أميرة، عودي إلى صوابك…”
لكنني لم أكن أسمع، كان عقلي في مكان آخر.
“أين روزي؟”
سألت فجأة. ذلك الغياب أثار في نفسي قلقًا غريبًا. تجهم ديلان. عيناه أظهرتا أنه لا يعلم، وهذا ما أرعبني أكثر. كلمات روديون الأخيرة عنها، الغرفة المفتوحة… ارتجف عمودي الفقري. ركضت نحو غرفتها، ديلان خلفي بمصباحه، ينير الطريق. كل شيء بدا طبيعيًا، حتى رأيت السرير. الغطاء الأبيض… أصبح قرمزيًا. اقتربتُ، لم أستطع منع نفسي.
“أميرة، انتظري!”
صوته التحذيري لم يمنعني. ما إن رفعت الغطاء، حتى تجمد الزمن. جسدها الصغير كان غارقًا في الطعنات، لا تُعد ولا تُحصى. وجهها… مشوه، بلا ملامح. ماتت في نومها.
“آاااهعع!!”
صراخي ملأ السفينة، ركبتي انهارتا.
“لماذا أحضرتكما معي؟”
بدأت أقتلع خصلي من شعري الفضي، في نوبة غضب هستيرية.
“أميرة!”
ديلان أمسك يدي ليوقفني، حاول تهدئتي، لكنني دفعته.
“ابتعد!… هل أنا الهدف القادم؟”
كنت مشوشة. هل تريد روفيل التخلص مني؟ لماذا؟ كيف؟
“جلالتك، أرجوكِ… لسنا نحن من فعل هذا!”
“اتركوني…”
لم أعد أستطيع حتى التفكير.
“فقط للحظات…”
قالها وهو يخرج، أغلق الباب، بقي خلفه، يراقب الوضع. حدقت في الأرض، لم أجرؤ على النظر مجددًا إلى روزي. الآن، أنا وحدي. هل كان هذا هدف روفيل؟ لكن لا… سيكون من الغباء إشعال الشكوك ضدهم بهذا الشكل. جلست، وضغطت على جسدي بقوة.
“أريد الاستيقاظ من هذا الكابوس…”
روزي لم تكن مجرد خادمة. كانت من أقرب المقربين لأمي الراحلة. أحبتنا بصدق، ورافقتني بإرادتها… والآن، أصبحت ذكرى. استعدت صفاء ذهني. لا… القاتل ليس من روفيل. ثم، صوت أقدام وهمسات خارج الغرفة. الفرسان عادوا. فتحت الباب بسرعة، وجه ديلان متوتر، عيون الفرسان منخفضة، يملؤها الندم.
“ما الذي حلّ بالفاعل؟”
سألت بجمود. صمت. جثا ديلان على ركبته.
“لقد هرب إلى أعماق المحيط… ابتلعه البحر. لم نتمكن من الإمساك به.”
تبعه الفرسان، انحنوا. لو كنت أميرة مدللة كما يظن الجميع، لكان قطع الأذرع هو أقل عقاب. لكنني لست كذلك، وعائلتي ليست بصفّي. لم يكرهني فرسان روفيل فقط، بل تخلّوا عن واجبهم. لهذا تولّى روديون الحراسة وحده. الآن، هو ميت… وروزي كذلك.
“أنا لست مهتمة بكم. افعلوا ما شئتم.”
قلت ببرود، واستدرت.
“أميرة، لا يمكنك—”
“بعد هذه الرحلة، لا أريد رؤية وجه أحد منكم.”
نظرت لهم بنظرتي الأخيرة، الحمراء من الحزن والسهر. ارتجفت أكتافهم، تصلب ديلان مكانه.
“بام!”
أغلقت الباب بقوة، وتركتهم خلفي يغرقون في تأنيب الضمير.
⸻
“طق طق.”
بزغت شمس الصباح. توقفت السفينة. ديلان، ذلك الرجل الواثق، كان يتصبب عرقًا وهو يطرق الباب. كان قد فشل. لم يكرهني فعليًا، لكن مشاعره طغت على حكمه. الآن، أدرك أنه قد أذنب. الباب فُتح… لم يكن يتوقع أن أكون أنا من فتحت له. عيناه اتسعتا. ارتديت فستان حداد أسود، غطى جسدي.
“ا—”
فتح فمه، ثم صمت. نظرت إليه، بعينين فقدتا بريقهما.
“هل هنالك مشكلة؟”
“كلا… لا مشكلة.”
“وصلنا يا أميرة…”
“جثث روزي وروديون؟”
“قمنا بما طلبتِ تمامًا… سنأخذها معنا للدفن.”
مدّ يده لمساعدتي. تجاهلته، ومررت بجانبه كأنني أمر من أمام قطعة أثاث. تصلب في مكانه. لم يحرك ساكنًا.
⸻
خرجتُ من الغرفة، عينيّ منتفختان. لم أنم. نظرات الفرسان مليئة بالفضول والتوتر. دخولي روفيل بزي الحداد كان بمثابة صفعة. قد يظنون أنني أبالغ. لكن روزي وروديون… لم يكونا مجرد خادمة وفارس. كنتُ بحاجة لقول شيء دون قول شيء… وكان هذا لباس الحداد. شعرت ببعض الراحة، فالآن الجميع يعرف حجم تقصيرهم. نظرت نحو الميناء، نحو الأراضي البعيدة عن أندروميد، التي اختفت خلف البحر. بدأ الفرسان بإنزال التوابيت. رؤية نعشي روزي وروديون جعلت الألم يتجدد.
خطوات ديلان خلفي. مد يده مجددًا للنزول. لم أرفض. المرسى كان مليئًا بالناس، وأي خطأ مني سيكون مادة دسمة للشائعات. لن أسمح بذلك.
يتبع… بقلم: ميف
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 4"