سؤال خرج من فمي وأنا أفتح الباب بخفّةٍ وتُغطي يداي ملابس نومي برداء خفيف، أُخفي به ارتباكي قبل أي شيء آخر. الجو مشحون على غير العادة… غريب ومربك. لماذا ولي العهد، كاسيير، يقف على عتبة بابي؟ أهو أمرٌ رسمي؟ أم شخصيّ؟ لماذا الآن؟ انحنيتُ له بأدب جمّ، فيما ظلّ هو واقفًا بهدوئه المعتاد، وجهه الخالي من التعابير لم يتغير.
شعره الأبيض الناعم يشبه شعري، وتلك العينان الحمراوان العميقتان… هل هذا هو حقًا شقيقي الأكبر؟
“كلا”
أجاب بكلمة واحدة، صوته منخفض وثقيل، كأنّه يُخفي أكثر مما يُظهر.
“إذن، هل سيتفضّل جلالتُه بالدخول؟”
“ما سأقوله لن يأخذ وقتًا طويلًا… لذا لا حاجة للدخول، سمو الأميرة.”
“آه، حسنًا…”
“يبدو أن الأميرة ستتزوّج غدًا.”
ابتسمت، ابتسامة مزيّفة أتقنتها على مدار سنوات.
“أجل، بالطبع، إنه من أجل السلام… ومن أجل إمبراطوريتنا المبجّلة.”
أجبتُ بجملة مثالية، لا تخلو من التصنّع، أردت بها مجاراته، ربما لإرضائه… لا أعلم. سكن الصمت فجأة بيننا، لكنّ هذا السكون لم يكن هادئًا، بل بدا ثقيلاً كالجمر في الصدر. نظر إليّ، حاجباه مقطّبان، كأنّ شيئًا ما يزعجه.
“أشقاؤك…”
همس بها.
“نعم؟”
“سأعتني بالأمير والأميرة… لا داعي للقلق.”
تجمدّت، كالصخرة التي ضربتها عاصفة مفاجئة. هل… هل كان يستمع لمحادثتنا في غرفة الطعام؟ لماذا يبدو لطيفًا فجأة؟ ما مصلحته؟
“لماذا جلالتك سيفعل شيئًا غير متوقع كهذا؟”
“لأنهم… أشقائي أيضًا.”
في لحظة، لمعت عيناي الحمراوان بانفعال، تبرّقتا رغماً عني. الحمقاء… عودي إلى الواقع. لا تنخدعي بالكلمات اللطيفة. إنه ابن الإمبراطورة… عدوّنا الأبدي.
“إذن لماذا لم تساعدني في ذلك الوقت؟”
خرج سؤالي كطلقة، دون تفكير، دون حساب، أعرف أن الجو سيتكهرب… لكنني فقط لم أستطع التماسك. تلك الحادثة… تلك الليلة… ذلك الصمت. لقد خذلتني. توقّف. لم ينبس بحرف. اكتفى بهزّ خفيف في كتفه العريض، كأنّ كلماتي اخترقته. أنا أعلم، لا يمكنني الاعتماد عليك.
“شكرًا لاهتمام سموك بأشقائي. لكنهم أقوياء، ولا يحتاجون حماية لا تملك وقتًا لها… لا سيما من ولي عهد مشغول.”
بدت عيناه الحمراء تتقوّسان بانكسار، نظر إليّ وكأنني جرحت قلبه. هل أنا… هل أحلم؟ هل هذه نظرة حزن في عينيه؟!
“على أي حال، يجب أن أستعد للغد، جلالتك. إن انتهيت مما جئت لأجله… سأذهب للنوم.”
حاول قول شيء، لكن كلماته علِقت بين شفتيه. عاد وجهه إلى جمودِه المعتاد، واستدار بخطوات باردة، تاركًا خلفه صدى حوارٍ غريبٍ… غريبٍ جدًا. أغلقتُ الباب الأبيض وأسندتُ ظهري المرتجف عليه.
“هااااه…”
تنهدتُ تنهيدة طويلة وسقطتُ على الأرض. أنا لا أكرهه… لكنه لم يساعدني أيضًا. لم يؤذِنا، ولم يحمِنا… إنه حيادي جدًا، وهذا مؤلم.
⸻
الصباح التالي
“فيلي، حلوتي… تبدين كملاك نزل من السماء.”
قالتها الإمبراطورة بابتسامة الثعلب خاصّتها، بينما كانت جولي الصغيرة تقفز بفرح.
“أختي تبدو كأميرة!”
ابتسمتُ لها، لأجلها فقط. أجل، أنا أميرة فعلًا… لكن ليس بالطريقة التي تتصورينها. ارتديت فستانًا فاخرًا، أكثر مما أحب. لم أكن أعرف من سأتزوّج أصلًا… لذا لم أرتدِ فستان زفاف. عائلتي المزيّفة وقفت تودّعني، بابتسامات مصطنعة، باستثناء لوسيو.
“أريدك أن تكوني سعيدة هناك…”
قالها بصوتٍ مكسور، وكأنه يمنع دموعه من الانحدار.
“أنا أحبك.”
احتضنته بقوّة، حتى احمرّ وجهه خجلًا.
“هيي… الجميع يراقبنا!”
ضحكت. لا بأس، سأغضبك للمرة الأخيرة. تجاوزتُ بيريل وفينياس كأنهم غير موجودين. حتى فينياس، المهووس، لم يتفوّه بكلمة. انحنيتُ للإمبراطور: “إلى اللقاء جلالتك. أرجو أن يكون زواجي مفيدًا.”
ربّت على رأسي كأبٍ حنون… كم أنت بارع في التمثيل، يا أبي. هل هذه أول مرة تبتسم في وجهي؟ نظرت إلى كاسيير لوهلة، ثم رحلت، متوجهة نحو موكب إمبراطورية روفيل. مررنا عبر الحشود، الزهور والهتافات تُمطرنا.
“الأميرة المحبوبة التي ستنقذ الإمبراطورية.”
لكن الجميع كان مخطئًا.
⸻
العربة الفخمة كانت تليق بإمبراطورية روفيل، لكن نظرات الفرسان كانت تخترقني كالسكاكين.
“لماذا يتزوج سيدُنا من أميرة مغرورة؟”
“لقد باعوا الأميرة من أجل مصالحهم.”
“بالتأكيد ستكون رخيصة كعائلتها.”
أخفضتُ رأسي عن النافذة. تنفّسي ضاق، متلازمتي تقترب. روزي، أمامي، كانت قلقة، لكن لم تجرؤ على الكلام. لحسن الحظ، روزي وروديون جاءا معي. وجودهم يمنحني شعورًا بالأمان.
⸻
“سموك، لقد وصلنا إلى الميناء. تستطيع جلالتُها الخروج الآن.”
روديون، فارسي الشخصي، قالها بنبرة لطيفة. أخرجت رأسي، ورأيت وجهه المشرق لمجرد محادثتي. لم أنسَ حبّ شعب أندروميد لي… ولأشقائي. كانوا خائبين لأجلي. خرجت من العربة بأناقة، والنسيم البحري يُقبّل وجهي. شعور جميل…
“إنه لشرف لي لقاء الأميرة الأولى الجميلة.”
كان رجل أنيق يقف عند السفينة. شعره أزرق داكن مربوط، عيناه بنفس اللون، يرتدي نظارات مستديرة.
“من أنت؟”
“أنا ديلان، مساعد جلالة الإمبراطور في روفيل… يمكنك معاملتي بأريحية، سمو الأميرة.”
ابتسمت، لكني لم أصدق نواياه.
“شكرًا لجلالته على إرسال أفضل مساعد له.”
وضعت يدي في يده وصعدت إلى السفينة، فيما كانت ابتسامته المصطنعة تُحللني بدقة.
“أعذري وقاحتي، من هؤلاء؟”
سأل عن روزي وروديون، بنبرة فيها شيء من الريبة.
“هاهاها، إنهما خادمتي وفارسي الشخصي.”
انحنيا بأدب، وبدت على ديلان ملامح الفهم.
“إذن… هكذا هو الأمر.”
ما الذي قصده؟ تجاهلت.
⸻
بعد التوضيب، وقبل الغداء، طلبتُ تبديل غرفتي مع روزي.
“أحب النظر إلى البحر.”
قلت بابتسامة هادئة. وافق ديلان، رغم تردده. هل الأمر بهذه السهولة فعلًا؟ لا يهم.
⸻
في الليل، وبينما المطر يقرع السماء، رعدٌ هائل أيقظني. الجو مظلم، خانق. ليس بسبب العاصفة… بل بسبب صوت آخر. ضجيج في الممرات.
“آااااه!!”
صرخة رجل اخترقت سكون السفينة. أعرف هذا الصوت… روديون؟! فتحت الباب بجنون، ووجدت باب غرفة روزي مفتوحًا. نظرتُ… وإذا بجسد روديون ملقى أرضًا. صدمة اخترقتني. ماذا… ماذا يحدث؟! رجل ضخم يقف بجواره، عيناه الحادّتان تلمعان في الظلام، مُحدّقة نحوي. رغبة فورية بالتقيؤ اجتاحتني.
“مو… مولاتي! اهربي!!”
صرخ روديون
يتبع…. بقلم: ميف
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 3"