كانت الإمبراطورة ليليان رافاييل دي أندروميد، نجمة الإمبراطورية المضيئة، امرأة يشع من حضورها الحنان والهيبة، ذات عينين ذهبيتين كالشمس عند شروقها، وشعر ناري يشتعل بجمال غامض، ووجه شاحب تزينه ابتسامة دافئة لا تغيب. ملكة بعدل، وأم بحب لا يُضاهى. رغم أن قلوب الجميع كانت تنبض لها، إلا أن قلبًا واحدًا… القلب الذي رغبت أن ينبض باسمها، ظل صامتًا. لم يدم السلام طويلاً. فالمأساة جاءت مع ولادة الأميرة الصغيرة.
— “أمي!.. أمي! آهـهـهـهـ!”
صوت لوسيو، الصبي ذو الأعوام القليلة، شقّ صمت القاعة. كانت الخادمات قد أخذن الطفلة، بينما ظل هو يصرخ ويبكي بجنون. الطبيب انحنى، وجهه شاحب، والحزن يتناثر من ملامحه.
— “لـ…لوسيو… هل ستقلقني حتى بعد موتي؟”
صوتها المتعب كان يهمس كما لو أن كل كلمة تُنتزع من روحها. كانت مستلقية، جسدها ضعيف ساخن، منهك من الولادة.
— “أمي، لا تقولي ذلك…”
تمسكت بيدها الباردة، أظافري ترتجف. حاولت أن لا أتصرف كطفلة… لكنني كنت كذلك. —
“فيفي… اعتني بأخويكِ… أريدكما أن تبلغا بفخر، وأن تتذكروا أنني… كنت أحبكم. جوليانا تحتاج للحب… أخبروها أن أمها كانت تحبها، أيضًا…”
يدها بدأت ترتخي ببطء. عيناها الذهبيتان انطفأتا كما ينطفئ قنديل في مهبّ الريح. تنفسها خفت… إلى أن غاب.
— “مولاتي!!”
صرخات الخادمات ملأت القاعة. الطبيب ركع، الخدم بكوا، لوسيو قفز نحوها، تشبث بجسدها المتجمد، وأنا… كنتُ حجرًا. حتى في لحظتها الأخيرة… لم يظهر والدي. دامت الجنازة سبعة أيام. حزن عظيم عمّ إمبراطورية أندروميد بأكملها. الكبير والصغير، الجميع ذرف الدموع عليها… عدا رجل واحد. الرجل الذي انتظرت منه حبًا لم يأتِ قط. أخفيت دموعي في الظلال، أمام الناس، أمام إخوتي، وحتى أمام نفسي.
— “إذن، أنتِ هنا بعد كل هذا.”
وقفت خلف لوسيو ، مبتسمة بتعب، مزيفة ببراعة. وجدت لوسيو مختبئًا في السقيفة الزجاجية، تلك التي كانت المفضلة لدى والدتنا.
— “ما الذي تريدينه، أختي؟”
كان صوته مشحونًا بالضيق، التفّ عني.
— “هكذا يتصرف ولي العهد المستقبلي؟”
سخرت بخفة. احمر وجهه، وقفز.
— “أنا لست طفلاً! وأنتِ لستِ كبيرة حقًا!”
مشاغبته أعادت دفئًا مؤلمًا إلى قلبي. مدت يدي لعبث بشعره، فضحك بضيق. رأيته… شعره الناري كأمي. عينا جوليانا الذهبيتان… مثلها تمامًا. وأنا؟ شعري أبيض. عيناي حمراء. صورة طبق الأصل عن أبي… الرجل الذي كرهته. تمنيت لو ورثت أي شيء منها.
— “هااه، سيدتي!”
دخلت روزي، لهاثها يسبقها.
“الدوقة فالنتاين حضرت إلى القصر الرئيسي!”
انفتح فمي، وانفتح فم لوسيو كذلك. كنا نعرف القصة… صديقة والدتنا المقربة، التي تحوّل الحب بينها إلى خلافٍ طويل. لم نظنها ستظهر في الجنازة. لم نظن أنها ستظهر أبدًا. لكنها لم تأتِ لتقول وداعًا. كان خلف باب قاعة الاجتماعات صخب، وحين تسللنا لرؤية ما يحدث، وجدنا الإمبراطور، جالسًا كعادته، بهيبته الباردة، ونظراته الحادة. كانت الدوقة فالنتاين واقفة أمامه، ممسكة بيد طفل.
— “إنه ابنك، يا جلالتك.”
ارتج جسدي. ذلك الطفل… شعره الأبيض، عيناه الحمراوان… كأنني أنظر في مرآة معكوسة.
— “كم عمره؟”
— “في الحادية عشرة.”
أكبر مني بعام. إذن… العلاقة بين الدوقة وأبي سبقت زواجه من والدتي؟ ضحك الإمبراطور، لأول مرة منذ موت والدتي.
— “إذن، يبدو أن طفلي… سيكون ولي العهد.”
انهارت الأرض من تحت قدمي. لم يضحك هكذا معنا قط. أسبوعان، وتم ترتيب زواج الإمبراطور من الدوقة. القصة تكشفت: كانت حاملاً، لكنه تزوج أمي. فأخفت الطفل، وربّاه زوجها الراحل. لماذا ظهرت الآن؟ وفي غرفة أخرى، قابلنا طفلي الدوقة: بيريل، بملامح دمية مرصعة بالذهب، وفينياس، ذلك الفتى ذو الشعر الذهبي والعينين الزرقاوين. ابتسامته لم تدخل قلبي. نظراته… لم تبعث الطمأنينة.
— “كونوا إخوة جيدين لبعضكم.”
يا لها من أمنية جوفاء…
⸻
الوقت الحاضر
— “فيلي؟”
ذلك الصوت… الخشن، البارد. حين أسمعه، أشعر وكأن ظلي يُسحب من جسدي. فينياس. وقف أمامي، مطويّ الذراعين، بانزعاج ظاهر.
— “ما الذي تفعله هنا؟”
ابتسمت كعادتي حين أقابله… بابتسامة مريرة، منزوعة الروح. اقترب فجأة، كأنه لم يكن هناك قبل لحظة. قبض على معصمي بقوة.
— “هل ما سمعته صحيح؟”
— “إن كنت تقصد زفافي، فهو من أجل السلام.”
— “لن أسمح بذلك.”
سحبني إليه، صدره مفتول، يضم جسدي كأنني… ملكه. كأنني شيء لا يحق له أحد سواه. كرهت تلك اللمسة. كرهت أن أكون هنا.
— “الأمر شكلي. جلالته… يكره النساء، كما تعلم.”
ابتعدت عنه بخفة، بابتسامة كاذبة. الزواج قد لا يتم فعلاً… وقد يتم. ربما مع الإمبراطور، أو شقيقه. لا فارق. لكن فينياس… لم يكن يقبل هذه الحقيقة.
— “سأُخرجك من هذا الجحيم.”
قالها بانكسارٍ عميق، بينما كان يقبّل يديّ كأنني ملكة قلبه. لكن قلبي لم يكن له.
⸻
في العشاء الأخير…
— “هل ستذهبين للأبد؟”
سألت جوليانا، تلك الصغيرة ذات القلب النقي، بينما لوسيو يطالعني بصمت مشوب بالغضب.
— “إن كان زوجي رحيماً، سنلتقي.”
كنت أحاول أن أبتسم. فقط، أُطعم نفسي لقيمات أخيرة من الذكرى.
— “لكن… جلالته لم يرغب بالزواج.”
صوت لوسيو كان جادًا، كالسيف.
— “ربما لن أتزوجه، ربما أخوه.”
— “هل أنتِ دمية؟!”
ضرب المائدة، صوته يُزلزل المكان. كنتُ أراه… أخي الصغير، فارسًا. لا أصدق كم كبر.
— “كل هذا لأجل الإمبراطورية.”
جملة قلّلت حتى من وقعها. قلّلت من قلقي. لكن خوفي الحقيقي… كان عليهما. هل ستؤذيهما الإمبراطورة الجديدة؟ هل سيتكرر ما حدث لي؟ ابتلعت ريقي، وأنا أرتجف. رؤيتهما جعلتني أنهار من الداخل.
— “لا تقلقا، أنا بخير.”
كذبة صغيرة… تقي روحي من الانهيار. وحين فاجآني بالهدية… صندوق موسيقى، يعزف تهويدة أمي… كدتُ أنهار. بكيت من الداخل. احتضنتهما بكل قوتي، وكأنني أقول وداعًا للعالم.
— “أنتما أثمن ما لديّ…”
قالتها شفتاي قبل أن ترتجف. لكن حين سُمع صوت الباب… أدركت شيئًا. كان أحدهم يراقب.
⸻
في الليل، بينما كنت أستعد للغد… طُرق الباب. ببطء. ليس طَرق روزي. لا أحد يطرق هكذا. قلبي تسارع.
— “من؟”
— “أنا.”
كان صوته… ولي العهد كاسيير.
يتبع… بقلم: ميف
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 2"