لم يكن قول دوق بايرون بأن ضباعًا تطمع في مهر بريوني تتقاطر الآن إلى شوبرِي لتتقدّم لها بالزواج، مبالغة.
فمنذ أن عاد دوق بايرون من زيارة إلى تياري هيفن، تلقّى جيديُون في الأيام الثلاثة التالية رسالة واحدة في كل يوم من شباب غرباء كانت اثنتان من هاتين الرسالتين من الفيكونت، والأخرى من كونت ومضمونها جميعًا واحد: رغبة في الزواج من بريوني.
كان قد ضاق ذرعًا بابنته العائدة من إيبوني مطرودةً كما لو كانت تطاردها اللعنة، ولم يرد رؤيتها لبضعة أيام لكن ما إن قرأ تلك الرسائل حتى تحسّن مزاجه قليلًا ابنته قد بلغت الثالثة والعشرين، وهي مطلّقة أيضًا، أي أنّها تجاوزت بالفعل ذروة جاذبيّتها كامرأة، ومع ذلك، لم يكن أصلها سيئًا، فإذا صُقِلت جيدًا وجرّدت من آثار استخدامها السابق، فلعلّه ينجح هذه المرة في تزويجها من عائلة أكثر منفعة.
“كونت دالمور لم يرقَ إلى مستوى التوقعات.”
كانت شوبرِي بعيدة كل البعد عن العاصمة بانشو، ومعزولة عن الأراضي المجاورة كذلك، ولذلك لم يكن جيديُون مطّلعًا على أخبار المجتمع المخملي وليس هذا لأن مكانته الاجتماعية منخفضة وحسب، بل بسبب طبيعته الفظة والخشنة، فقد كان النبلاء الذين أقام معهم علاقات عمل مضنية، يتحاشون الحفاظ على علاقات شخصية معه.
وكما هو الحال مع أمثاله من ذوي الطباع القاسية، لم يكن جيديُون يدرك ذلك وحده، وكان طِباعه تلك تزيده عزلةً وتؤجّج شعوره الفطري بالنقص.
في الواقع، حين زوّج بريوني من الكونت دالمور، كان يأمل أن تنهال عليه – وعلى بيت آل آرلينغتون كذلك – عناية النبلاء واهتمامهم لكنّ كونت دالمور، الذي تزوّج بريوني طمعًا في أموال جيديُون، ما إن تمّ الزواج، حتى انقطع عن التواصل مع آل آرلينغتون، عائلة بريوني من جهة والدها.
ولعل السبب في ذلك أن بريوني كانت تحتقر والدها، وتمنع التواصل بينه وبين دالمور.
“ليت الزواج القادم يكون مع عائلة أكثر تعاونًا……”
لكن، حتى لو بذل جيديُون قصارى جهده للعثور على عائلة تحافظ على علاقة وثيقة بآل آرلينغتون، فلن يجدي نفعًا ما لم تكن بريوني متعاونة من جهتها.
لذا، دعا ابنته لتناول العشاء معه.
لم يكن جيديُون يكترث كثيرًا لما تفعله بريوني منذ عودتها إلى تياري هيفن كان يرى أن من لم تستطع كسب قلب كونت فقير وانتهى بها الحال مطلّقة، فعليها أن تلازم غرفتها بهدوء وتدرس كيف تنال محبة الرجال.
لكن ابنته المتعجرفة لم تكن يومًا عند توقعاته، لذا سأل كبير الخدم هارولد عمّا كانت تفعله مؤخرًا.
قال هارولد، مترددًا:
“إما تقرأ الكتب في غرفتها، أو تخرج أحيانًا إلى شوبرِي.”
“وما الذي تفعله هناك؟”
“هـ… أرادت أن تلتقي ضحايا حادثة المنجم شخصيًا……”
هارولد لم يعرف كيف يتصرف وهو يجيب، بينما جيديُون نقر لسانه بضيق.
“وتركتها تعبث بتلك الأمور التافهة هكذا؟”
“أعتذر يا سيدي، خُيّل إليّ أنّ أفعال الآنسة قد تفيد في سمعة أعمالكم……”
“ومنذ متى أصبح خادم مثلك ينصح في شؤون تجارتي؟”
وبهذا أسكت جيديُون كبير الخدم، ثم أمر بأن يُحضَّر العشاء بما يوافق ذوق ابنته. من وجهة نظره، كان ذلك تنازلًا كبيرًا لمسايرتها، لكنه لم يُدرك أنه، بصفته سيد تياري هيفن، لم يُعر يومًا اهتمامًا لما تحبه بريوني، ولذلك لم يكن لدى الخدم أدنى فكرة عن ما تفضّله.
وعندما نزلت بريوني إلى غرفة الطعام في تمام الساعة السادسة، وقت العشاء، كبح جيديُون انزعاجه بصعوبة.
كانت ترتدي فستانًا بسيطًا بلون الزيتون شعرها مرفوع بإحكام، ووجنتاها خاليتان من أي لون، مما يدل على أنها لم تضع أيّ مساحيق تجميل.
إن كانت قد بدت على هذا النحو في إيبوني أيضًا، فليس غريبًا أن يكون الكونت دالمور قد رفضها.
دالمور كان شابًا وسيمًا من الطراز الرفيع بين أقرانه في مثل عمره، سليم البدن، وفي ذروة اهتمامه الجسدي والجنسي بالنساء ورغم فقره، كان يتمتع بلقب نبيل، ووسامة لافتة، فلا عجب أن النساء كنّ يتسابقن عليه لا بدّ أن في بانشو نساء أكثر أناقة وتهذيبًا من بريوني، ولو أرادت أن تبرز وسط أولئك النبيلات، لكان عليها أن تتزيّن بثياب باهظة وحُليّ فاخرة على الدوام.
قال جيديُون:
“أما كان من الأفضل أن ترتدي ملابس أكثر ملاءمة لهذه المناسبة التي نجلس فيها سويًا؟”
فأجابت بريوني بهدوء:
“إن أخبرتيني بالضبط كيف تودّ أن أبدو، فسأذهب وأبدّل ملابسي حالًا.”
هذه المرة، لم يستطع جيديُون إخفاء امتعاضه هذه هي المشكلة.
في صغرها، كانت بريوني ترد بـ”نعم، حاضر” وتطيع والدها طاعةً عمياء لكنها بعدما كبرت، أصبحت تردّ بهذه الطريقة، لا يُعلم إن كانت تعلّمت ذلك من مكان ما، أم ورثته عن تلك المزعجة كونستانس.
“وأين ذهبت كل تلك الملابس التي اشتريتها لك حين أرسلتك إلى إيبوني؟ هل من المعقول أن ترتدي مثل هذا اللباس الباهت؟”
“تلك الملابس كانت غير مريحة، فكنت أرتديها فقط في الخروج أو عند استقبال الضيوف.”
“حسنًا، كفى.”
لوّح جيديُون بيده، وأشار إلى الطعام الذي بدأ الطباخ يقدّمه.
“فلنأكل قبل أن يبرد.”
أمسكت بريوني الملعقة بصمت ولأن الطاهي لم يكن يعرف ما تحبه، أعدّ أطباقًا متنوعة على أمل أن يوافق أحدها مزاجها، فتحوّلت مائدة العشاء الثنائية إلى ما يشبه مأدبة احتفال.
حين رأى جيديُون ابنته تعبث بالطعام ولا تأكله، شعر بالغضب.
كل هذا من أجلها، فهل سيؤذيها لو شكرتني فحسب؟
قال:
“بالمناسبة، ألم يأتِ اللورد ويرديل لزيارتك مرة أخرى؟”
كان لورد ويرديل، دوق بايرون، قد قرر المكوث في المدينة للاستجمام بعد قدومه إلى شوبرِي أرسل جيديُون إليه يطلب منه الإقامة في تياري هيفن كضيف، لكنه رفض بأدب قائلاً: “ليس من اللائق أن يمكث خاطب محتمَل تحت سقف واحد مع الآنسة آرلينغتون.”
قالت بريوني:
“ولِمَ سيزورني مجددًا؟”
“لأنه يرغب في الزواج منك، طبعًا.”
عند تلك الكلمات، حدّقت بريوني فيه بعينيها الكهرمانيتين، المشابهتين تمامًا لعيني والدتها، وكأنّ لديها ما تقوله لكن گيديُون لم يكن من نوع الآباء الذين يلاحظون ردّات فعل أبنائهم بدقّة.
قال:
“تلقيت ثلاث رسائل في الأيام الثلاثة الماضية.”
“حقًا؟”
“كلها من رجال يرغبون في الزواج بك، أحدهم كونت واثنان فيكونت إن أردتِ قراءتها، فاطلبي من هارولد أن يجلبها لك.”
“وماذا سأفعل بقراءتها؟”
“هؤلاء هم خطّابك يا صغيرتي، عليك أن تَقرئي ما كتبوه وتلتقي أولًا بمن يروق لك.”
“لكنني لا أنوي مقابلة أيٍّ منهم.”
انحنى جيديُون عبر الطاولة قليلًا وقال:
“إذًا، هل تفكرين في قبول عرض زواج اللورد ويرديل؟”
كان جيديُون في الخارج عندما جاء دوق بايرون، لذا لم تسنح له فرصة رؤية هذا الرجل الشهير يُقال إنه أصغر وأوسم دوق في المملكة حاليًا، وإن كانت ابنته تمتلك عقلًا وعينين، فلا شك أنه سيكون الخيار الأفضل لها.
لكن…
“إن كنا نتحدث عن دوق، فلا بد أن يتجاوز مهره ثلاثة أضعاف ما دفعناه لدالمور……”
لقد أرسل مهرًا لابنته إلى إيبوني، يوازي قيمة أرض الدوقية وما فيها من موارد ومباني، ثلاث مرات على الأقل لكن إيبوني، مهما كبرت، لا تُقارن بحجمها مع شوبرِي سوى بسبعة أضعاف أما ويرديل، الذي يحكمه دوق بايرون، فهو ليس مجرد أرض، بل مقاطعة كاملة.
فلعلّه يضطر لإرسال مهر يعادل عشرة أضعاف مهر دالمور سيكون ذلك عبئًا كبيرًا على جيديُون، لكن إن فكّر في المكاسب التي سيجنيها من تزويج ابنته لعائلة دوقية، فلن يُعدّ ذلك خسارة.
قالت بريوني:
“أما كنتَ تفضّل دائمًا أن يكون مكانة الخاطب عالية قدر الإمكان، أبي؟”
“ويرديل لا يُقارن بإيبوني لا أعلم كم يطلب من مهر.”
وضعت برايوني الملعقة، وكان نصف الحساء لا يزال في الطبق، ثم قالت:
“بما أنك ذكرت أمر المهر – أودّ أن أسأل، لماذا طلبتَ من لورد إيبوني أن يعيد المهر كاملًا؟”
“لأنه أخذكِ في أزهى أيامك، ثم لم يُرزق منك بطفل، وأعادك إليّ مطلّقة لا يستحق المهر.”
“لكن، ماذا إن كانت مسؤولية الطلاق تقع عليّ أنا؟”
“على أي حال، أعاد المال، وهذا يكفي لا فائدة من الحديث في هذا الأمر الآن بل دعينا نعد إلى موضوع خطابك ثلاث رسائل ليست إلا البداية، وستتوالى بعدها عشرات، ومن المرهق الردّ على كل منها، لذا لدي فكرة.”
“……”
“ما رأيك أن نقيم حفلاً في تياري هيفن؟”
عندما وسّع جيديون المنزل، جعل القاعة فسيحة للغاية، فرش الأرضية بالرخام، وزيّن الجدران بالأحجار الكريمة كان يفتخر بأن حتى بيوت النبلاء في المملكة نادرًا ما تمتلك قاعة بهذه الروعة.
“…ولمَ ستُقيم ذلك الحفل؟”
“طبعًا، لأجل دعوة خُطّابكِ وعرضكِ عليهم إن أرسلت غدًا شخصًا إلى فانشو وأحضرت خيّاطًا من الدرجة الأولى، ثم وظّفت مزيدًا من الخادمات للتحضير للحفل، فبإمكاننا إقامته بعد أسبوعين.”
حسب اعتقاد جيديون، فإن هذه الطريقة تُمكّنه من اتخاذ قرار أدق بدلًا من الحكم على الخُطّاب الغامضين بناءً على رسائلهم فقط كان يريد التمعّن جيدًا في مَن سيكون أكثر تعاونًا معه ومع عائلة آل ألينغتون، وأي إقليم سيكون التحالف معه أكثر نفعًا له أما بالنسبة لبريوني، فلقاء جميع الرجال دفعة واحدة واختيار من يروق لها من بينهم كان خيارًا أكثر كفاءة.
وبينما كان راضيًا عن فكرته وهمَّ بشرب النبيذ الذي سكبه له هارولد، حدث ما لم يتوقعه.
“لن أتزوج أيًّا من أولئك الخُطّاب.”
“…ماذا؟”
التقت عيناه بعيني ابنته، وقد ازداد وجه بريوني شحوبًا، وبدت عيناها أكثر عمقًا حتى غدت الملامح من حولهما باهتة، وكأنّهما الشيء الوحيد الظاهر في وجهها.
“ولن أحضر الحفل أيضًا.”
“الحفل الذي سيُقام من أجل إيجاد زوجٍ لكِ؟”
“هذا لا يختلف عن بيع العبيد.”
لم يكن جيديون يدرك أن ارتجاف صوتها، وهي المعروفة بهدوئها الدائم، كان نابعًا من شعورها بالإذلال.
“عبيد؟”
ارتفع صوته.
“أنا من يدفع المال، فكيف يُعدّ ذلك بيعًا للعبيد؟”
“لأنكم تحاولون أن تُظهروا للخُطّاب كم أنا شابة… وكم أنني ‘ذات قيمة’.”
جيديون لم يجد ما يقوله إن لم يكن الأمر كذلك، فكيف عساه يُزوّج مطلّقة مثلها مجددًا؟ بل وحتى العذراوات، الأمر سيّان كلّ آنسة نبيلة، حين تبلغ سنّ الزواج، تظهر لأول مرة في المجتمع، تعرض وجهها وفستانها أمام الرجال غير المتزوجين على أمل أن يختارها أحدهم زوجةً له.
في الواقع، يُنفق النبلاء معظم أموالهم على تجهيز بناتهم للظهور الأول في المجتمع، سعيًا للحصول على زوج أفضل وفي المقابل، يبذل الخطّاب جهدهم في البحث عن عروس أفضل بين المرشحات.
من وجهة نظر جيديون، لم يكن هناك وسيلة أفضل من الحفل لتحقيق أهداف الطرفين—بريوني والخُطّاب لكنه لم يفهم لماذا تعارضه هذه الابنة العنيدة والحمقاء مجددًا.
“إذاً، هل تنوين البقاء في المنزل وترك أمر زواجك لرجل كتب أفضل رسالة؟ ثم ينتهي بك الأمر مجددًا إلى الزواج بشخص مثل دالمور، والعودة مطلقة خلال عام واحد؟”
“لا لن أتزوج مرة أخرى أبدًا.”
“إذاً، تنوين البقاء في هذا البيت تتطفلين عليّ وتستهلكين أموالي؟”
“أعطني عملًا أقوم به.”
نظر جيديون إلى ابنته التي كانت تُحدّق فيه مباشرة دون خضوع، جبهتها متصلّبة بإصرار، وشفاهها مطبقة بقوة.
“عمل…؟”
“لقد أصبحت راشدة الآن، وأمي لم تَعُد موجودة، لذا فأنا ربّة هذا المنزل في إيبوني، كنت أؤدي مهامي كسيدة الإقليم وحتى في تياري هيفن، هناك أشياء يمكنني القيام بها—”
“كل ما عليكِ فعله هو أن تختاري أفضل الخُطّاب في الحفل وتغادري هذا البيت بأسرع ما يمكن! لا أن تخرجي بين عُمّال المناجم وتلطّخي سمعتي بهذا الشكل البشع!”
ضرب الطاولة بيده ونتيجة لذلك، انقلب الكأس، فلطّخ النبيذ الأحمر مفرش الطاولة الأبيض نظرت بريوني إلى تلك البقعة، ثم سألت ببطء وألم:
“…لماذا تكرهني هكذا، أبي؟”
“هل سبق لي أن حاولت أن أُحبّكِ أصلًا؟”
كانت الابنة تشبه أمها؛ نساء آل ألينغتون لم يعرفن قط كيف يُدلّلن الرجال حين طلب جيديون الزواج من كونستانس، قبلت عرض الزواج، لكن بعد فترة قصيرة من زواجهما بدأت تنفر منه تدريجيًا، رغم أن لقبه كان مجرد “نائب بارون”، وكانت كونستانس من طبقة النبلاء بينما هو من عامة الشعب نظرت إليه بازدراء وتصرفت ببرودٍ ومبالغة في الترفع.
كان جيديون يكره زوجته الباردة المتعالية، وعندما بدأت ترفض النوم معه، لجأ إلى ضربها بشكل خفيف ومتكرر وُلدت بريوني من إحدى تلك الليالي عندما علمت كونستانس بحملها، حاولت إجهاض الجنين سرًا، لكن محاولتها فشلت وانكشفت الحقيقة عندها كرهها جيديون تمامًا تدهورت صحة كونستانس أكثر فأكثر، حتى توفيت أثناء الولادة
والطفلة التي وُلدت كانت للأسف، نسخة طبق الأصل عن كونستانس، في لون الشعر والعينين.
“أنا ابنتك يا أبي ألا يجب أن تكون أنت من يحاول أن يُحبني؟”
هبّ جيديون واقفًا نهضت بريوني أيضًا دون أن تتراجع كان وجهها في تلك اللحظة مطابقًا تمامًا لوجه كونستانس يوم ضربها لأول مرة ولهذا السبب، فعل جيديون الشيء ذاته كما فعل مع زوجته.
اقترب من ابنته وصفعها بقوة على وجهها.
“يا سيدي! تماسَكْ، ما الذي—!”
كان كبير الخدم قد دخل القاعة حاملاً زجاجة النبيذ لملء الكأس، فشهق من هول ما رأى كانت بريوني قد رفعت يدها إلى وجهها، لكنّها لم تبكِ، رغم كل شيء.
“أنتِ حقًّا تُشبهين أمكِ في كل ما تفعلينه.”
“…”
“تتصرّفين كما لو أنكِ نقيّة وعالية المقام، وتنظرين إليّ باحتقار لكن في النهاية، الشيء الوحيد الذي تعرفينه هو الزواج وإنجاب الأطفال.”
“…إن كان الأمر كذلك، فأعطني إرث والدتي.”
“مولاي، أرجوك!”
أمسك هارولد بذراع جيديون مستميتًا، مانعًا إياه من توجيه صفعة أخرى زمجر جيديون غاضبًا:
“إرث؟ إرث كونستانس؟”
وقفت بريوني بثبات، رغم أن جسدها كان يرتجف.
“لدي الحق في ذلك الإرث … إن أعطيتني إياه، فلن أضطر بعد الآن إلى أن أعيش في هذا البيت آكلة من مالك، ولن أحتاج إلى حضور حفلك ذلك لاختيار زوج.”
“اخرجي! أخرجي من أمامي حالًا!”
أزاح جيديون كبير الخدم أخيرًا.
“هارولد! احبس بريوني في غرفتها! لا تُعطها شيئًا حتى تستفيق!”
“لكن يا سيدي…”
لم يتمكن كبير الخدم، الذي رافق بريوني منذ طفولتها، من أن يقول بوضوح: “الآنسة لم تَعُد طفلة.” تردّد في الكلام، وتملّكه الارتباك، وكاد ينهار تحت وطأة الموقف… لولا أن بريوني تدخلت وأنقذته بنفسها.
“…هارولد، سأصعد إلى غرفتي بنفسي.”
“يا لها من فتاة قاسية.”
تمتم جيديون بريوني لم تبدُ وكأنها سمعته كانت تضغط على خدّها المتورّم بيدها، واستدارت ببطء كالشبح ولم يستطع كبير الخدم، الذي كان يشعر بالألم والقلق في آنٍ معًا، سوى أن يراقبها وهي تبتعد.
“لو أنها فقط قبلت بخطبة من اللورد ويردايل، لكان كل شيء قد انتهى بسلام…”
لكن هارولد كان يعرف تمامًا شخصية سيدته الصغيرة بريوني لم تكن لتكذب كذبة قد تُؤذي الآخرين، وكانت تملك عزيمة حديدية تُصرّ بها على كل ما قررته، سواء كان شيئًا ستفعله أو لا تفعله.
كانت لطيفة مع الضعفاء، وصلبة أمام الأقوياء ومن وجهة نظر هارولد، لم يكن هناك من هو أصلح منها لتولي أمر هذا المنزل وربما لهذا السبب بالتحديد، كانت تصطدم دومًا بجيديون.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات