أمسك دوق بايرون بذراع بريوني ربما كان ذلك تصرفًا فيه تجاوز للحدود حتى من جانبه، لكن بريوني كانت قد فقدت وعيها لدرجة أنها لم كانت لتشعر بشيء حتى لو كان قد ضمّها بين ذراعيه.
“لون وجهك شاحب للغاية لِمَ لا نخرج لاستنشاق بعض الهواء؟”
“أنت تكذب أليس كذلك؟”
نظرت إلى عينيه الزرقاوين لم يكن فيهما سوى القلق الصادق تجاهها.
لكنها لم تصدق لم تستطع أن تصدق.
كييث، لأي سبب كان، لم يكن من أولئك الذين يتمردون على العائلة المالكة.
لو كان من النوع الذي يسعى لتحقيق مصلحته بالخيانة، لكان قد بدأ باستغلال سكان أرضه حين بدأت عائلة دالمر بالتراجع.
لكن رغم أن عائلة دالمر كانت من طبقة النبلاء الفقراء، فإن مستوى معيشة سكان إيبوني لم يكن أقل من سكان المناطق الأخرى وكان رجلاً لم يسيء أبدًا إلى أي شخص يعمل تحت خدمته.
كيف لرجل كهذا أن يخون بلاده وجلالة الملكة…؟
“أعتذر لإخافتك لكن يا الآنسة آرلينغتون، ما مصلحتي في الكذب عليك؟”
“ألستم تظنون أن تشويه سمعة زوجي السابق سيسهل عليكم الزواج بي؟”
أبدى الدوق تعبيرًا صادقًا يدل على الإعجاب.
“يا لها من طريقة ذكية! لم أفكر بها قط حتى ذكرتِها حضرتك.”
“لن ينفع أنا لن أتزوج بلورد ويرديل.”
“وحيث إنك بهذا القدر من الإصرار، فما جدوى كذبي؟ ثم إن ما أخبرتك به لا يعلمه حتى الآن سوى عدد قليل جدًا من النبلاء، وأنا أحدهم فقط أما ما يتداوله المجتمع عن تهمة اعتقال لورد إيبوني فليس حقيقيًّا.”
“فلماذا إذن أخبرني لورد ويرديل بتلك الحقيقة؟”
وحين همَّ بالكلام، رفعت بريوني يدها تقاطعه.
“لا تقول إنك أخبرتيني لأني من سألت لو كانت تلك المعلومة يجب أن تبقى سرًا بين قلّة من النبلاء، فبإمكان لورد ويرديل أن يخفيها.”
“إنني عاجز أمامك لورد إيبوني، الذي طلق الآنسة آرلينغتون، لا بد أنه أحمق.”
لم تقل بريوني شيئًا ولما بدا أنه تخلّى عن محاولة استدرار رد فعل منها، تابع الدوق حديثه:
“حتى أولئك القلائل الذين يعلمون بهذا الأمر، لا يعتقدون فعلًا أن لورد إيبوني قد خطط لخيانة حقيقية لذا فإن السؤال الحقيقي هو: لماذا تم اعتقاله؟ ومن الذي أوحى لجلالة الملكة بإمكانية ضلوعه في خيانة؟”
“……هل هناك من يكرهه؟”
“لا يمكن أن تكره شخصًا بالكاد تعرفه لقد ذاع صيت لورد إيبوني بين النبلاء فقط بعد أن تزوجتِه، آنسة آرلينغتون لكن في هذا المملكة، هناك الكثير ممن يسعون لاستغلال من لا يعرفونه ربما كان أحدهم من لفّق له التهمة، أو أحدهم سيربح شيئًا من زواله.”
“إيبوني منطقة عادية أرباحها تتحسن تدريجيًا، لكنها لا تزال أقل من المتوسط لا أفهم من المستفيد من زوال لورد إيبوني.”
“وأنت بهذا الذكاء، كيف لا تدركين ذلك؟”
تنهد دوق بايرون.
“من المستفيد من اختفاء لورد إيبوني؟ كل شاب في المملكة يريد الزواج بالآنسة آرلينغتون، بالطبع.”
عندها فقط أدركت بريوني ما كان يقصده.
مهما كان كييث طيبًا ومتفهمًا، فالحقيقة هي أنه اختار الزواج منها ليُنقذ عائلة دالمر المتدهورة وكان المهر الذي أرسله السير جيديون آرلينغتون لابنته الوحيدة قد أصبح حديث الناس.
لكن، ماذا لو اختفى كونت دالمر؟ أو طلق هو وزوجته؟
لن يكون هناك فرصة أعظم للنبلاء الطامعين في مهر بريوني.
“لكن… أنا قد طلّقته بالفعل حتى لو حاول أحدهم الآن تشويه سمعته…”
“من يدري؟ ربما كانت هناك مؤامرة قديمة لم تظهر نتائجها إلا الآن، أو لعل هناك من يتمنى رؤيته يسقط تمامًا.”
تمسّكت بريوني بكوب الشاي البارد بين يديها وهي تفكر:
إن كانت مكيدة… فقد يكون هناك أمل لإنقاذ كييث.
لكنها لم تشأ أن يُفضح هذا التفكير أمام الرجل الواقف أمامها.
فهو لا يعلم سبب طلاقها من كييث بل لعلّه ذكر ما يقوله المجتمع من شائعات حول الطلاق على أمل أن تعترف له هي بالحقيقة.
“……إن كان الأمر كذلك، فلا يجب أن أثق بأحد.”
“ولِمَ تظنين ذلك؟”
“بحسب كلامك ، أنا أشبه بالإوزة التي تبيض ذهبًا، ومن يطمعون بي قد يكونون من لفقوا التهمة لزوجي السابق وإن كان أحدهم على هذا القدر من الطمع، فما المانع أن يتهم زوجته السابقة أيضًا؟”
“تفكير سليم لكن، آنسة آرلينغتون، أرجو ألا تنسي أنني جئت إلى شوبري لأطلب يدك شخصيًا.”
“بما أنك لا تنخدعين بالكلام المعسول، فسأكون صريحًا أنا بحاجة إلى المهر الذي سيمنحه السير جيديون لابنته الوحيدة، نعم لكن من بين كل من يسعون لنفس الهدف، لن تجدي أفضل مني لا من حيث الشكل، ولا السن، ولا المكانة.”
يا له من ثقة بالنفس، أن يضع المظهر في المرتبة الأولى.
فلما وقفا جنبًا إلى جنب، كان طوله وقامته مماثلين تقريبًا لكييث.
“لابد أن هناك خطيبات أفضل مني بكثير للورد ويرديل.”
“هناك الكثير من السيدات النبيلات ذوات المكانة العالية يَكْنِنَ الود تجاهي،وجميعهن متشابهات إلى حدٍّ كبير.”
“فلتتزوج إذًا بمن تشبهك أكثر.”
قالتها بنبرة عابرة كنصيحة، لكن يبدو أن عبارتها أثّرت فيه.
فنظر إليها بتمعن.
“……ما الذي حدث حقًا بينك وبين لورد إيبوني؟”
“لم نكن متوافقين هذا كل ما في الأمر.”
“وهل يريحك أن يُحاكم ويُعدم بهذه البساطة؟”
“إن كان الأمر متعلقًا بتهمة الخيانة، فهو بريء وإن ثبتت براءته، فسوف يُطلق سراحه.”
“لكن تلك التهمة تزعجك… أليس كذلك؟”
كانت بريوني تعلم سبب قلقه.
حتى لو لم تكن منخرطة في السياسة أو المجتمع، فهي ليست جاهلة لدرجة ألا تدرك أن “الخيانة” تمس أعصاب جلالة الملكة.
قبل خمس سنوات فقط، تم إعدام أحد أفراد العائلة المالكة بطريقة مروعة بسبب تهمة التآمر.
فإذا تم اعتقال شخص حاليًا بالتهمة نفسها، فلا بد للجهات المعنية أن تبذل قصارى جهدها لإثبات الجريمة، وإلا انعكس الأمر عليهم.
“……هل التقيت جلالة الملكة شخصيًا، لورد ويرديل؟”
“أتسألين عمّا قالته جلالتها بشأن لورد إيبوني؟”
ابتسم ابتسامة ماكرة رجل لا يُؤمن جانبه.
لكن بريوني أومأت بصراحة.
“إن أخبرتني، فماذا سأحصل منك مقابل ذلك، آنسة آرلينغتون؟”
“إن كنت تقصد الخطبة، فقد رفضت بالفعل.”
“ما رأيك أن تمنحيني فرصة أخرى لشرح سبب وجوب زواجنا؟”
لم يكن عرضًا سيئًا.
فدوق بايرون كان بارعًا في الحديث، وكان من الممتع التحدث معه.
“موافقـة.”
“في الواقع، جلالة الملكة لم تقل حرفًا واحدًا.”
“هل يُعدّ ذلك نذير شؤم؟”
“لا أحد في هذه المملكة يستطيع قراءة أفكار جلالة الملكة.”
كان تعبيره جادًا.
ومن ذلك استنتجت بريوني أنه لا يلتقي بها فحسب، بل يدخل القصر بشكل دوري.
أما كييث، فبحسب علمها، لم يقابل الملكة قط ولو فعل، لأخبرها بذلك بالتأكيد.
ويبدو أن دوق بايرون أراد الآن الحصول على مقابل إجابته فورًا.
“آنسة آرلينغتون، أنا لا أريد مهرًا فقط، بل أريد أيضًا زوجة ذكية مثلك. خبر طلاق لورد وسيدة إيبوني قد انتشر بالفعل في كل المجتمع والآن، لا بد أن الضباع الجشعة الطامعة في المهر قد بدأت تزحف إلى شوبري لتتقدم لكِ إن لم ترغبي في أن تكوني موضوع القيل والقال مجددًا، فالأفضل أن تتزوجي رجلًا ذا مكانة ونفوذ مثلي ……وأنا أستطيع أن أساعد أيضًا في إنقاذ لورد إيبوني.”
“شكرًا لتوضيحك.”
“ألن تفكري في الأمر حتى؟”
لقد فكرت.
شاب يكاد يكون في عمر كييث، وسيم لدرجة مبهرة، يشرح لها بحماسة وبطريقة عقلانية لماذا يجب أن يتزوجا لم يكن هناك ما يمنعها من التفكير ولو مرة.
لكن الجواب كان معروفًا منذ البداية.
فهي ليست من النوع الذي يخدع نفسه.
لو كانت من أولئك الذين يقبلون ما يبدو أفضل دون مقاومة، لكانت قد عاشت حياة أكثر هدوءًا.
“أظن أن ذلك غير ممكن رافقتك السلامة، لورد ويرديل.”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات