“أظن أنني كنت محظوظة فحسب. كنت أنظر إلى لوحة بوينتر عن أندروميدا، وصادفت الدوق واقفاً أمامها مباشرة. بطريقة ما، أشعر أن تلك اللوحة قد ربطتني بالدوق.”
احمرّ وجه أنري.
إن التعبير الخجول الذي كانت تمثّله جعلها تشعر بالحرج هي نفسها. بدا مظهرها كمظهر فتاة يافعة تعيش أول حب في حياتها.
ومن أنري، استشعرت الدوقة الكبرى ولورانس أن ما بينهما كان رومانسية حقيقية، مليئة بالصدق.
أما إدون، فقد ازدادت قناعته بأن هذه المرأة عديمة الخجل حقاً.
كادت براعة تمثيل أنري أن تثير دموعه للحظة.
“همم!”
تنحنح إدون بصوتٍ عالٍ.
فاتجهت أنظار الدوقة الكبرى ولورانس نحوه في الوقت ذاته.
“إذن لهذا السبب كانت الآنسة أنري تحدق في تلك اللوحة طويلاً. أن تتمكن من تمييز مثل هذه التحفة الفنية بهذا الوضوح… أمر مدهش.”
وعلى وقع مديحه البارد، رمت أنري نظرةً غاضبة نحوه مجدداً.
وفي تلك الأثناء، خفق قلب الدوقة الكبرى بقوة أكبر تجاه أنري.
إذن لم يكن الأمر مجرد حظ أو مصادفة حين خمّنت اللوحة الفائزة؟
لورانس، بدوره، رمش بدهشة.
كان الجو بين الدوق وخطيبته المستقبلية يشبه تبادل الفضل بينهما عن قصد.
فأظهر مهاراته الاجتماعية من جديد:
“إن الجميع هنا مذهلون حقاً! لم أرَ من قبل أسرةً تملك مثل هذه البصيرة الفنية، بمن فيهم الكنة المستقبلية هاها!”
وهكذا كرّم لورانس الدوقة المستقبلية، كما الدوق والدوقة الكبرى.
“إنها حقاً أسرة استثنائية.”
✩‧₊˚༺☆༻*ੈ✩‧₊˚
[الفنان الفائز هذا العام: إدوارد بوينتر.]
في اليوم التالي عند الظهيرة.
جلست أنري في غرفة الاستقبال، تنشر صحيفة الصباح بين يديها من جديد.
وقد سُطّرت فيها أسماء الفائزين في معرض الأكاديمية الملكية للفنون.
وكما توقّعت، كان الفائز هو بوينتر.
وفي أسفل القائمة، ظهر تعليق موجز من تجار الفن.
من بينها ما كتبه لورانس نفسه:
[وفي الوقت نفسه، تأكد أن جميع اللوحات الخمس التي تقدم بها إدوارد بوينتر للمعرض قد اشتراها منزل دوق بريستون.
إن هذه الرعاية لا يمكن نسبها إلى مجرد حظ، بل جاءت ثمرة جهود الدوق والدوقة والكنة المستقبلية معاً. لقد كان للخبرة الطويلة وحكمة الدوقة دورٌ أساسي في تحقيق هذا الإنجاز العظيم.
علاوة على ذلك، ومع بروز الدوقة الجديدة، التي تملك فهماً عميقاً للفن إلى جانب الدوقة الكبرى، من المتوقع أن يسهم منزل دوق بريستون بمزيد من الإسهامات في عالم الفن، ليصبحوا حقاً آل ميديتشي الطبقة الراقية…]
كان الجزء التالي استعراضاً من المديح المكرر بألفاظ مختلفة، حتى احمر وجه أنري خجلاً وهي تقرأ عبارات الثناء المبالغ فيها التي صاغها لورانس.
وقد حضرت الدوقة الكبرى إلى دار مايفير في الصباح، وهي تعجز عن إخفاء فرحتها.
كان شرفاً عظيماً أن يرتبط اسم عائلتها بمثل هذا الحدث المجيد، حتى إنها اغرورقت عيناها بالدموع تأثراً.
مراتٍ ومرات شكرت أنري، وسألتها باهتمام إن كانت تحب النظر إلى اللوحات دائماً، ومتى بدأت شغفها بها.
ومع ذلك، لم تذكر شيئاً بعد عن عرض مجموعتها الخاصة.
ما زال الطريق طويلاً. آه…
طوت أنري الصحيفة بهدوء، ووضعتها جانباً.
حين اشترت اللوحة في المعرض، لم يخطر ببالها أنها ستتزوج إدون.
ولم تتوقع أيضاً أن تحصل على لوحة أندروميدا كهدية.
لكن حين منحها إدون (الذي لم تكن تعلم أنه البطل حينها) حرية اختيار لوحة، أرادت أن تختار عملاً لفنان سيصبح مشهوراً مستقبلاً.
«لم أكن ألعب دور الطيبة، أردت فقط أن أترك شيئاً إضافياً لذلك الرجل المزعج.»
غير أنها تلقت اللوحة هدية، وإذا بها تسهم في تعزيز سمعة منزل بريستون. يا للدهشة!
ارتبكت أنري، لكنها حاولت أن تبقى متواضعة، كابحةً حماسها.
وفي كل الأحوال، نيل رضا الدوقة الكبرى كان نتيجة حسنة.
“آنستي.”
دخلت السيدة تشيستر إلى غرفة الاستقبال في تلك اللحظة.
فتغيّر تعبير أنري سريعاً، ونهضت من الأريكة.
وقد تبعتها امرأتان شابتان.
“يسرّنا لقاؤك يا آنسة.”
“سعيدة برؤية الجميع. لقد كنت في انتظاركن!”
تألقت عينا أنري وهي تتلفت من حولها.
خدمٌ يخصونني أنا!
كنّ خادمتي الملابس، المسؤولات عن مظهرها وارتدائها.
وقد لمعت عينا أنري بفرح لا يقل عن لمعة أعين الخادمات الجديدات.
بدأت السيدة تشيستر تقديمهن لأنري.
ولأنها جمعت الفريق على عجل، فقد اضطرت لدفع مكافآت إضافية بجانب رواتبهن.
كان في صوتها لمسة انفعال، كأنها تجمع فريق الأحلام.
“بما أن علينا مواكبة ذوق آنسة شابة، فقد كوّنت فريقاً يتميز بالحس العصري. هنا الآنسة أناييس، تخرجت بامتياز من مدرسة لارونا للخياطة، و…”
فتقدمت أناييس بخطوة لتحيي أنري، فردّت الأخيرة التحية.
وحين تراجعت أناييس، واصلت السيدة تشيستر حديثها:
“أما هذه، الآنسة بونيتا، فقد تخرجت أيضاً من لارونا، وعملت خمس سنوات في بوتيك شارلوت وأودري في العاصمة، وهي أيضاً موهوبة للغاية.”
لكن في داخلها، كانت مبتهجة متحمسة، كأرجل بجعة تخفق تحت الماء فرحاً.
«يا إلهي، إنهن حقاً الخادمات اللاتي حلمت بهن!»
فالتخرج من مدرسة لارونا كان بمثابة ضمانٍ للعمل في بيوت النبلاء الكبار أو أرقى البوتيكات.
إنها مؤسسة مرموقة جداً في مجال الخياطة، ذات سمعة مشهودة.
وكانت فتيات الطبقة الوسطى وما دونها يصطففن للدخول إليها.
غير أن الرسوم كانت باهظة، والمنافسة شرسة، فلم يكن التخرج سهلاً أبداً.
أما التخرج بامتياز، فكان أصعب بكثير.
وكان بين معلماتها سيدة مسنّة اعتزلت بعد أن صممت ثياباً للملكة نفسها.
«موهوبة من مدرسة كهذه تصبح خادمتي الشخصية…؟»
وأما بوتيك شارلوت وأودري؟
فقد كان هناك عدة بوتيكات يفضلها النبلاء الرفيعو الشأن.
لكن شارلوت وأودري كانا مشهورَين بحسّهما الفريد في الذوق والتصميم، حتى إنهما أثّرا بقوة في صيحات الموضة.
«وموهوبة عملت في محل كهذا لخمس سنوات تصبح خادمتي أنا…؟»
لم تتصور أنري قط أن عائلة الدوق ستستقدم لها خادمات بهذا القدر من الكفاءة والابتكار.
فأخفت دهشتها وفرحتها، وضمت يديها بتواضع قائلة:
“لأجل أن أكون مع مثل هؤلاء المميزات، عليّ أن أجتهد لأكون مصدر فخر لكنّ جميعاً.”
وما إن أنهت كلامها بابتسامة، حتى ساد جو غير متوقع بين الحاضرات.
…مصدر فخر الخادمات!
لم تكن هناك أسر نبيلة كثيرة مثل أسرة دوق بريستون، تمتلك الشرف والسلطة والثروة معاً.
بل إن الخادمات اللواتي يبنين مسيرتهن المهنية في مثل هذه الأسرة، غالباً ما ينتقلن لاحقاً إلى وظائف أفضل أو ينلن تقديراً كبيراً لمهارتهن.
بل وترددت شائعات بأن الدوقة الكبرى نفسها تكتب توصيات رفيعة الجودة، حتى إن معظم الخادمات كنّ يتمنين العمل لدى آل بريستون.
إذ كان خطاب توصية منها كفيلاً بفتح أبواب القصر الملكي ذاته.
لهذا، وما إن شاع الخبر قبل يومين فقط عن تعيين دوقة جديدة في الحفل، حتى باتت الخادمات يترقبن بلهفة إعلان التوظيف.
وحين يدخل شخص جديد، فمن المعتاد تعيين خدم جدد.
وفعلاً، طلبت أسرة الدوق على عجل موظفات للملابس والاعتناء بالمظهر.
ولم تستطع سوى واحدة فقط أن تلتحق بالمنزل بعد منافسة بلغت خمسين إلى واحدة.
أما أناييس، فقد شعرت بالحظ العظيم بعد تخرجها من لارونا أن تعمل في قصر بريستون.
وبونيتا أيضاً غمرتها السعادة وهي تنتقل إلى وظيفة أفضل من التي شغلتها في شارلوت وأودري.
كانت ترتجف حين تتذكر مطالب سيدات النبلاء المتعجرفات اللواتي تعاملت معهن في البوتيك.
لكن ما إن التقت الدوقة المستقبلية، وجدتها طيبة ولطيفة.
أن تكون مصدر فخرٍ لخادماتها… شعرتن جميعاً بالشرف لمجرد وجودها.
كاد الدمع يترقرق في أعينهن وهن يفكرن: لماذا ظهرت هذه السيدة الطيبة الآن فقط؟
في غرفة الاستقبال، تبادلت النساء نظرات متألقة كنجوم الليل.
تأملت أنري خادماتها بفخر ورضا، بينما غمرتهن التطلعات.
“فلنُبذل حقاً أقصى ما عندنا، هوهوهو.”
وفي النهاية، ابتسمت أنري حتى انحنت عيناها كالهلال، وأمسكت بأيديهن، وتبادلت معهن الأحضان واحدة تلو الأخرى.
✩‧₊˚༺☆༻*ੈ✩‧₊˚
«الأسرة الدوقية العريقة، فستان الدوقة الجديدة…»
انطلقت خادمات أنري إلى العمل فوراً.
بدأن يتأملن بعناية تصميم فستان زفاف الدوقة الجديدة.
وبالطبع، ستتولى البوتيكات الشهيرة الخياطة الفعلية، غير أن دور خادمات السيدة كان أن يُبلورن التصميم بما يعكس ذوق سيدتهن وجو العائلة.
لقد التزم الخدم التزاماً عميقاً بمهمة تصميم فستان أنري.
فهذا حفل زفاف سيترقبه الجميع.
إنه الظهور الأول لدوقة بريستون، شخصية تُعجب بها سيدات النبلاء.
وإذا نال الفستان الاعتراف في حدث كهذا، فمن الطبيعي أن تتعزز سمعة الخادمات ومكانتهن.
سواء استمررن في خدمة السيدات أو عدن إلى البوتيك، فإن التجربة لا تضاهى.
لذلك كان عليهن أن ينجحن.
والحق أن الدوقة الكبرى، لو لم تكن تكترث بمستقبل نساء الطبقة الوسطى، لما منحت خادمات شابات فرصة المشاركة في تصميم فستان الدوقة.
وقد اجتمعن في مكان واحد، تتوالى المناقشات، ويغمرهن جو من الترقب وهن يرسمن التصاميم.
وبينما مرّت أنري بجوار ورشتهن، ألقت نظرة خاطفة إلى الداخل.
لكن أياً منهن لم يلحظ وجودها، لشدة انغماسهن في العمل.
لا بد أنهن بذلن جهداً كبيراً في مجالاتهن.
وفوق ذلك، كانت مهاراتهن استثنائية.
فمع أن مكانتهن متواضعة، إلا أنهن جميعاً محترفات مدرَّبات.
وأخيراً، بعد عشرة أيام…
اكتمل الفستان، جامعاً بين فخر الخادمات الشابات المتخرجات من أفضل مدرسة، وهيبة أسرة بريستون، وجاذبية الدوقة الجد
يدة.
ومع تبقي يومين فقط على حفل الزفاف، لم تستطع أنري النوم، إذ كانت تفكر باستمرار في لحظة تقبيلها لإدون.
…من دون أن تدري، كانت الدعوة إلى الزفاف قد وصلت أيضاً إلى العائلة الملكية.
ـــــــ
للتواصل
الانستغرام : @the_dukes_wife_obsession
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 31"