“ماذا؟ أين وكيف التقيتِ به، ها؟”
كانت كانديس تلاحق أنري في كل مكان، تسأل بلا توقف.
منذ أن رأت الرجل يرافق أنري، هرعت نحو الباب الأمامي وكادت تتبعها حتى غرفتها.
عادة، لم تكن تهتم حتى لو عادت أنري للبيت أو لم تعد.
قالت أنري ببرود:
“قابلته بالصدفة.”
لكن كانديس لم تقتنع:
“لا. قصدي كيف صدفة؟ هل استدرجتِ ذلك السيد بطريقة ما؟ يا لكِ من فتاة ماكرة!”
تنهدت أنري بضيق:
“آه، يكفي…”
بدأ الأمر يزعجها حقًا.
“كانديس.”
التفتت أخيرًا ونظرت إليها مباشرة.
“إذا لم تنوي مساعدتي، على الأقل لا تزعجيني. توقفي عن الكلام معي.”
تجمدت كانديس من وقع كلماتها الحادة، واتسعت عيناها بدهشة.
ربّتت أنري بخفة على كتفها ثم دخلت غرفتها وصفقت الباب خلفها بقوة.
عندها فقط استعادت كانديس وعيها وصرخت من خلف الباب:
“هيه!”
شعرت أنري أن ضغط دمها يرتفع أكثر.
أخذت نفسًا عميقًا تحاول أن تهدأ، ثم بدأت تفتح لفافة اللوحة.
لكن صوته الساحر عاد يتردد في رأسها، كالهلاوس:
“إن تزوجتِ بي، فلن تضطري لرؤية زوجة أبيك أو أخواتك غير الشقيقات مجددًا.”
توقفت يداها قليلًا.
كان الأمر غريبًا… هل كان يعرف كيف سيكون استقبالها هنا بالضبط؟
لكنها طردت الفكرة سريعًا: لقد رفضته بالفعل.
هزّت رأسها وأكملت فك الغلاف.
“ستستمتعين بالكثير كدوقة.”
ارتجف قلبها من جديد.
“يا إلهي…”
للحظة، شعرت برغبة في أن تهرب من هذا البيت البائس، لتلحق بالرجل وتتحول إلى “دوقة”، مكانة لم تحلم بها كاثرين ولا كانديس.
ثم تساءلت: ما هو مقام “الدوق” في عالمها السابق؟
رجل أعمال ضخم، يملك المال والجاه معًا؟
ولو أصبحت دوقة، فهي تقريبًا مثل زوجة ملياردير.
وفوق ذلك، الرجل لم يكن وريثًا ثريًا فقط… بل كان قد ورث كل شيء بالفعل.
صُدمت وهي تدرك أن مقام الدوقة قد يوازي ملكة تقريبًا في زمن جوسون.
“ماذا رفضت أنا؟”
ألم يكن رفضها متسرعًا؟
تذكرت كلماته المستفزة حين قال إنه يريد “تجربتها ولو مرة واحدة”.
حتى لو لم تكن ملكة، شعرت بمرارة ندم غريبة.
هل السبب هذه اللوحة؟
نظرت إليها بعدما نزعت عنها الغلاف كله.
لوحة زيتية تساوي نصف عام من مصاريف المعيشة.
وبعد فترة سترتفع قيمتها أضعافًا، لأن الرسام سيتحول إلى نجم لامع.
“الآنسة أنري تستطيع أن تملك كل ما تشاء.”
عاد صوته العميق، المليء بالإغراء، يطن في أذنها.
وتذكرت نظرته… العميقة، التي تختبئ تحت شعره الأسود المصقول.
هزت رأسها بقوة لتبعد صورته.
لقد كان عرضًا رفضته وانتهى الأمر.
فحياة فاخرة كدوقة لم تعد تهمها الآن.
“سيخدمك عشرات الخدم المهرة.”
“يمكنك الذهاب حيثما تريدين، ولن تُجبري على فعل ما تكرهين.”
“سأشتري لكِ أي شيء، ما عدا نجمًا من السماء.”
انتفضت من شرودها فجأة.
“ولماذا لا نجم من السماء؟”
ابتسمت بسخرية صغيرة. جيد أنها قالت “لا”.
واسَت نفسها بهذا التفكير، ثم أخذت اللوحة وبدأت تدور في الغرفة تقيس أين ستعلقها.
“هي هدية، أشعر بالغرابة قليلًا… لكن لو بعتها لاحقًا سأشتري بيتًا وعربة!”
لكنها توقفت فجأة:
“لحظة… النساء غير المتزوجات لا يحق لهن امتلاك عقار، أليس كذلك؟”
✩₊˚.⋆☾⋆⁺₊✧✩₊˚.⋆☾⋆⁺₊✧
خيم عليها إحباط شديد.
حتى لو امتلكت المال، فهي قانونيًا تحت وصاية أبيها ولا يمكنها امتلاك بيت.
القوانين لا تعترف للنساء بأي حقوق.
“إذن، ما الفرق بيني وبين مارلين؟”
حتى اللوحة التي أهداها لها الدوق… تعود ملكيتها لوالدها.
وحتى لو تزوجت، فسيصبح كل ما تملك وما ترثه من نصيب زوجها.
تمددت على سريرها بضيق:
“آه…”
العالم غير عادل بحق النساء.
“يا كاتبة، لماذا كل هذا الواقعية المؤلمة؟”
ظنت أن اللوحة ستكون نعمة، لكنها مجرد وهم.
حتى أنها فكرت للحظة: لو كان ممكنًا أن تشتري هوية رجل فقط لتحمي ما تملك، لكانت فعلت.
“آنسة أنري!”
فتحت الباب باربرا فجأة، مندهشة:
“يا إلهي، ما زلتِ في السرير؟ عليك الاستعداد للحفل!”
غمرها الكسل، ودفنت رأسها في الوسادة:
“لا أريد الذهاب.”
لكن باربرا سحبت الغطاء بعناد:
“انهضي حالًا! السيدة والبنات يستعدن منذ الصباح!”
زمّت أنري شفتيها:
“لن أذهب…”
كانت تود البقاء وحدها في بيتٍ هادئ ليومٍ نادر كهذا.
باربرا توسلتها:
“ماذا؟ لن تذهبي؟ لو لم تحضري، من سيتزوج دوق بريستون؟”
تمتمت أنري بضيق:
“سيتوافق جيدًا مع الأميرة إلزي على أي حال.”
لكن بمجرد أن ذكرت باربرا “الأكل”، نهضت أنري فورًا.
ارتدت رداءً خفيفًا، بشعر مبعثر قليلًا، وخرجت.
البيت كله كان صاخبًا…
صرخات، شجار، محاولات لشد مشدّ الخصر لإيونيس.
وقفت أنري عند باب الغرفة تنظر باستغراب:
كاثرين تسحب الشرائط بكل قوتها، والخادمة من الناحية الأخرى، بينما إيونيس تئن بعينيها مغمضتين وترفرف ذراعاها مثل طفلة.
لكن أكثر ما استفز أنري كان صوت كانديس:
“على أي حال، لا فائدة. لا تستطيع ارتداء الفستان، ولن تذهب! من سيهتم بها؟ إنها فقط بدينة وهذا عار!”
ضيّقت أنري عينيها.
لكنها تجاهلت، وأكملت نزولها إلى الطابق الأول بهدوء غريب.
جلست، تناولت البطاطا والخبز والحساء، ثم شربت قهوتها ببطء.
باربرا ظلت تحدق بها، تشعر أن ثمة هدوءًا عاصفًا يحيط بها.
بعد الأكل، تمددت مجددًا، وأغمضت عينيها على صورة أندروميدا وبرسيوس.
أميرٌ قتل ميدوسا، وأنقذ أندروميدا من الوحش، وتزوجها.
“هل كانت سعيدة معه؟ ربما… وإلا لما أنجبت ستة أطفال منه.”
شعرت بالنعاس يثقلها أكثر فأكثر.
آخر ما سمعته هو ضجيج البيت وصوت باربرا تهمس:
“آنسة، هل حقًا لن تذهبي؟”
لكنها غفت بعمق.
وحين استيقظت فجأة… كان البيت ساكنًا على غير العادة.
ظنّت أن الليل قد حلّ، لكنها وجدت الشمس لا تزال في السماء.
لابد أن كاثرين والتوأمتين قد غادرن.
ابتسمت بارتياح، خرجت إلى الردهة، لكنها تجمدت مكان
ها:
“…؟”
التقت عيناها مباشرة بعيني إيونيس، التي كانت تمر قرب باب غرفتها.
وبدت إيونيس متفاجئة من ظهورها المفاجئ.
ـــــــ
للتواصل
الانستغرام : @the_dukes_wife_obsession
التعليقات لهذا الفصل " 16"