استدار الاثنان في الوقت نفسه. و كان خادم بيت سيري يركض نحوهما وهو يلهث.
“سيدي! والدكَ يطلبكَ على وجه السرعة! عُد فورًا إلى القصر!”
فتأوه مايسون بعدم رضا.
“يبدو أن عليّ الذهاب. اسمعي جيدًا يا فانيسا. أعرف أنكِ لستِ غبية، لكن ذلك الرجل هو الدوق الأكبر الموقر. حتى صغار الحي يعرفون كم يبدّل الأمير كونراد عشيقاته. وما الذي يضمن أن ذاك الرجل لن يكون مثله؟”
قال ذلك بجدية واضحة، لكن فانيسا انفجرت بضحكةٍ خفيفة.
كانت تعرف تاريخ كونراد النسائي أكثر من أي أحد، لكن من نتحدث عنه الآن هو فيلياس، أليس كذلك؟
“أنتَ لا تعرفه جيدًا. سمو الدوق ليس من هذا النوع.”
“قد يكون. لكن وضعكِ ووضعه مختلفان. إن تصرفتِ بتهاون، فستلتصق بكِ الفضائح في لمح البصر.”
“أتقول أن عليّ الزواج لتجنّب الفضيحة؟”
تحرّك الخادم بقلقٍ وهو يراقب الاثنين. فتنهدت فانيسا.
“اذهب إلى البيت الآن. وتذكر هذا جيدًا. كوني غير مخطوبةٍ سببه أنني لا أريد ذلك. ليس لأن سمو الدوق لم يتقدم لي.”
قالت فانيسا ذلك بنبرةٍ حازمة.
“أفهم ما تقصدين، لكن-”
“إن كنتَ تفهم، فأنهِ هذا الحديث. وتوقف عن لعب دور الوصي عليّ. لقد خرجتُ أخيرًا إلى العالم الحقيقي، ولا أريد أن تُقيَّد حياتي بشيءٍ كزواج.”
ظل مايسون متجهمًا، لكنه في النهاية أومأ برأسه.
“سأتواصل معكِ قريبًا. وإن لم تمانعي، تعالي لزيارة البيت مرةً أخرى. إليسيا تشتاق لرؤيتكِ أيضًا.”
ودّعت فانيسا مايسون، وحين استدارت من جديد، رأت فيلياس واقفًا في الموضع الذي كانت تقوم فيه يومًا شجرة حديقةٍ كبيرة.
و كان يحدّق بهدوءٍ في هيكل الطابق الثاني غير المكتمل.
“….متى جئتَ؟”
فاستدار فيلياس نحوها وابتسم.
“لا تقلقي، لم أتنصّت على حديثكما.”
“…….”
‘إذا فكرتُ بالأمر….لا بد أنه كان يراقب في ذلك اليوم أيضًا.’
فكرت فانيسا. إن كان كلام مايسون صحيحًا، فإن فيلياس كان قد شاهد اعترافه كاملًا عند القناة الكبرى يوم التقيا لأول مرة.
وربما لهذا السبب ظل يتحفّظ تجاه مايسون طوال الوقت.
“الخادم الذي جاء قبل قليل، أنتَ من أرسلته، أليس كذلك؟”
حين سألتْه، تمتم فيلياس بتردد وكأنه في موقفٍ محرج.
“يبدو أنكِ صرتِ تعرفينني جيدًا.”
‘هل يُفترض أن أجد هذا لطيفًا.…؟’
اقتربت فانيسا ووقفت إلى جواره. و في الموضع الذي كان ينظر إليه، كانت تقع غرفتها يومًا ما.
“بماذا كنتَ تفكر؟”
و خفض فيلياس بصره بهدوء.
“تمنيتُ لو أنني….استطعتُ إنقاذكِ في وقتٍ أبكر.”
ثم رفع عينيه ونظر إليها. فمدّت فانيسا ذراعها بهدوء وأمسكت يده. و لامست كفها آثار حروقٍ خشنة.
أسندت فانيسا رأسها بخفةٍ على كتفه. فابتسم فيلياس ابتسامةً صغيرة كأنه وجد ذلك لطيفًا.
“آه، وأيضًا….رغم تأخري، أود أن أعتذر.”
“عن ماذا؟”
“في ذلك الوقت كان الوضع طارئًا….وكان حرق هذا البيت أمرًا لا مفر منه، لكن….أفكر الآن أنه كان بإمكاني التشاور معكِ مسبقًا.”
“همم….لا بأس. حين أنظر إليه الآن….أدركتُ الأمر بوضوح. كان من الجيد أنني غادرتُ هذا البيت.”
لم تدرك فانيسا ذلك إلا بعد أن رأت البيت الذي اختفى وقد أُعيد بناؤه.
في حياتها السابقة، لم تغادر هذا المكان حقًا ولو مرة. حتى لحظة موتها، كانت مقيّدةً بعنف الكونت لانغ وقمعه.
والآن فقط، خرجت إلى العالم الحقيقي.
“هل تريدين أن أُحرقه لكِ مجددًا؟”
عند كلمات فيلياس، انفجرت ضاحكة. رغم أن القائل لا يبدو أنه كان يمزح تمامًا….
“لا داعي. وفي الحقيقة، أظن أن كلام مايسون له وجاهته. وجود مكانٍ يمكن العودة إليه أمرٌ جيد، أليس كذلك؟ حتى لو ليس الآن، إن عدتُ يومًا إلى العاصمة….فامتلاك بيتٍ باسمي سيكون أفضل.”
“…….”
فانفلتت الأصابع المتشابكة ببطء.
“فيلياس؟”
ثم التف ذراعه حول خصرها من الخلف، وجذبها إليه بقوةٍ حتى واجهها مباشرة.
وبعينين شاحبتين تبعثان القشعريرة، نظر إليها.
“أنتِ لن تذهبي إلى أي مكان.”
فتجمّدت فانيسا عند صوته المنخفض الذي بدا وكأنه يتردّد في الأرجاء.
وفي اللحظة التالية، ارتسمت على وجه فيلياس ابتسامةٌ بعينين ناعمة.
“لو قلتُ ذلك هكذا، ستكرهينني، أليس كذلك؟”
“ما هذا فعلًا….”
“يا ملاكي.”
ثم طبع فيلياس قبلةً على خد فانيسا.
“هل نعود الآن؟”
و ضمّها إليه بقوة. ولاحظت فانيسا أن أنفاسه صارت مضطربةً تتصاعد وتهبط بلا انتظام.
وكذلك كانت يداه اللتان تسلقتا ظهرها ترتجفان على نحوٍ ملحوظ.
***
كان الجناح المنفصل الذي ستقيم فيه فانيسا هذه المرة قريبًا جدًا من القصر الرئيسي. إلى حد أن من يتمتع ببصرٍ حاد يمكنه أن يلمح داخل القصر الرئيسي من خلف الحديقة.
كان هذا المبنى الكلاسيكي الجميل يُعرف شائعًا بقصر بيسينتي، وهو اسمٌ مأخوذ من الدوق بيسينتي، شقيق الإمبراطور السابع للإمبراطورية.
لم يكن الإمبراطور السابع الابن الشرعي الأكبر، لكنه انتصر في صراعٍ دموي مع إخوته وانتزع العرش في النهاية. ويُقال أن شعوره بالذنب جعله يعاني من جنون الارتياب طوال حياته.
أما شقيقه الأصغر الوحيد الذي نجا، بيسينتي، فلم يتمكن هو الآخر من الإفلات من رقابة أخيه طوال عمره.
وعندما سُجن في هذا القصر ودُسّ له السم، لم يكن قد تجاوز الثانية عشرة من عمره.
تعاقب على ملكية قصر بيسينتي عبر الأجيال إخوة الإمبراطور وأخواته، أو أفرادٌ من الفروع الجانبية الموهوبين.
و لم يكن أحدٌ يصرّح بذلك علنًا، لكنهم كانوا أولئك الذين يُحتمل أن يتآمروا على العرش، ولهذا كان لا بد من إبقائهم دائمًا في مكانٍ تطاله عين الإمبراطور.
حين دخلت فانيسا القصر في حياتها السابقة، كان صاحب قصر بيسينتي هو فيلياس. لكنه نادرًا ما كان يمكث في العاصمة لأكثر من يوم، لذا كان هذا المكان غالبًا ما يُترك خاليًا ومهجورًا.
‘كنتُ أظن أن ترك مكانٍ جميلٍ كهذا فارغًا أمرٌ مؤسف.’
كانت فانيسا تجلس في الحديقة التي يغمرها ضوء الشمس، تقلّب صفحات جريدة الصباح. وكانت نيكولا تجلس قبالتها، تحمل ديوان شعر.
قبل يومين، وبوساطة البارون سيري، أبرمت فانيسا اتفاقين مبدئيين شفهيين مع اثنين من أكبر التجار.
في الظروف المعتادة، لكانت منشغلةً بتنسيق الآراء ومناقشة التفاصيل، لكن الوقت الحالي لم يكن مناسبًا لرسم مخططٍ شامل. فذكرى تأسيس الإمبراطورية كانت مناسبةً كبرى تحظى باهتمام الدول الأجنبية أيضًا، وغالبًا ما كانت تتغير الضرائب أو القوانين قبل المهرجان أو بعده.
أما المشكلات القانونية الصغيرة التي تتطلب المرور على الإدارات، فقد تكفّل بها فيلياس—أو بالأحرى شان—مما أتاح لفانيسا أن تستمتع بصباحٍ هادئ بعد زمنٍ طويل.
و على العكس من ذلك، بدا فيلياس منشغلًا على الدوام، وكأن لديه ما لا يحصى من الأمور.
وبحسب ما سمعته من سوريل، فإن السبب كان اقتراب حملة الشتاء.
“هل يمكن أن يكون تقديم موعد مجيئكم إلى العاصمة أيضًا بسبب الحملة؟”
سألت نيكولا وهي تقلّب الصفحات بملل.
“لا أدري….”
بدا وكأنه يجهّز مفاجأة، لذلك آثرت فانيسا ألا تسأل.
‘لكن على هذا النحو، ألن أكون مجرد ضيفةٍ مقيمة؟’
حسنًا، لا بأس بذلك أيضًا.
ثم وضعت فانيسا الجريدة التي أنهت قراءتها.
“بالمناسبة يا نيكولا، ما هذا الديوان؟ ألم تكوني تكرهين الشعر الكلاسيكي؟”
“آه، وجدته في مكتبة هذا المكان. الغلاف أعجبني، فاستعرته.”
وأشارت نيكولا إلى الغلاف الباهت اللون. وفي تلك اللحظة، لمحت فانيسا خط يدٍ مألوفًا على إحدى الصفحات الداخلية.
“….هل يمكنني أن أراه لحظة؟”
قلبت فانيسا الغلاف. و كان اسمٌ واحد مكتوبًا بالحبر الأسود.
[فيلياس ليونهارت بيسينتي فون سايران.]
___________________
بيسينتي؟ مب انه اسم واحد فاطس عمره 12؟ شلون صار اسم فيلياس ذاه وش يارب بلا كذا لعب بزران
المهم ياناس فيلياس كذااااب واضح سمع كل شي بس حلاله
وشكله طلع هوسه فجأه ثم سوا نفسه يمزح بس شكله لا😭 ذاه لو تقول فانيسا بأرجع خلاص احتمال كبير يكلبشها ثم يبكي ويقول معليش بس مقدر
وشسمه يومك مخليها في قصرك طيب اقعد معها لو شوي وين طاير له غش
التعليقات لهذا الفصل " 84"