“على أي حال، هل تودّين الدخول قليلًا؟ أشعر أننا لم نحظَ بوقتٍ للحديث سويًا منذ مدة.”
“هَه….همم، لا يبدو الوقت مناسبًا الآن. سأعود لاحقًا.”
“فانيسا.”
كان في صوته رجاءٌ جعلها تُسقط يدها التي كانت تخفي وجهها. و قد كان فيلياس يبدو وكأنه على وشك البكاء.
“….سامحيني.”
“ماذا؟”
“قبل يومين….أعتقد أن أعصابي كانت متوترةً بعض الشيء. تحدثتُ معكِ وكأنني أستجوبكِ، لكنني لم أقصد ذلك. أعلم أنكِ لن تفعلي شيئًا أحمق. ولو أردنا الدقة، فأنا من كان مخطئًا.…”
“لحظة، لحظة. ما الذي تقوله بالضبط؟”
فتردد فيلياس قليلًا، يراقب تعابيرها.
“ألستيِ….غاضبةً بخصوص جهاز الاتصال؟”
آه، صحيح.
كانت قد نسيت ذلك وسط كل الفوضى—أنه أهداها جهاز الاتصال متظاهرًا بأنه مجرد زينة.
“حسنًا….لم يكن الأمر مريحًا بالنسبة لي. كان بإمكانكَ أن تخبرني من البداية بكل بساطة.”
لكن فيلياس لم يستطع رفع رأسه.
“لم أرد أن أجعلكِ قلقة. آنذاك….لم تكن الأوضاع جيدة. وكون الجهاز يعمل فقط عندما تتعرضين للأذى….بدا هذا نذيرًا سيئًا..…”
“حتى مع ذلك، ما فعلته يُعدّ خداعًا. وليست هذه أول مرةٍ يحدث فيها شيء كهذا.”
“…….”
ثم تنهدت فانيسا.
“على الأقل لندخل ونتحدث.”
ابتعد فيلياس بخضوع، لكن ما إن أُغلق الباب خلف فانيسا حتى اقترب منها بسرعة.
“فيلياس؟”
اقترب منها وكأنه ينهار، وعانق جسدها بقوة.
“سامحيني.…”
دفن وجهه في كتفها. وحين حاولت دفعه بعيدًا، لامس خدّه البارد أسفل فكّها. فانتفضت إذ شعرت بوخزٍ يسري في عنقها.
وبينما ما يزال يدفن وجهه عند كتفها، همس،
“في قاعة الاجتماع قبل قليل…..ظللتِ تتجنبين النظر إليّ.”
“آه، هذا فقط لأن.…”
لأن تصرفه ‘كدوقٍ حقيقي’ كان غريبًا عنها—هذا كل شيء.
لكن من الصعب شرح ذلك وهما بهذا القرب.
وقد كان تنفّسه يلامس بشرتها بينما يتمتم،
“عندما رأيتكِ هكذا….شعرتُ وكأنني….أريد الموت حقًا.…”
“أه، فيلياس؟”
“قبل عشرة أيام، تجاوزتُ حدودي أيضًا. أنتِ حتى بكيتِ حينها….ومع ذلك تركتكِ وحدكِ في الصباح..…”
“لا، إذا قلتها بتلك الطريقة، فهذا—”
“رجاءً، لا تغضبي يا فانيسا. أرجوكِ. لن أحاول….الهروب بتلك الطريقة مرةً أخرى.”
مع ارتفاع الدفء بينهما فقدت فانيسا قدرتها على التفكير. بينما كانت يداه تحوطان ظهرها بقبضةٍ ثابتة.
“انظر….لستُ غاضبة إلى تلك الدرجة، فدعنا—”
ثم، عندما لامست شفتاه بشرتها الرقيقة—
“…..؟”
شعرت برطوبة على كتفها. هل يبكي؟
مستحيل…..
ثم رفع فيلياس رأسه فجأة.
“آه.”
و كان وجهه مغطّى بالدم.
“يبدو….أنكَ تنزف من الأنف.”
قالت فانيسا ذلك بذهولٍ خفيف. وبعد لحظة صمت، تراجع فيلياس خطوةً وهو يغطي وجهه بيده.
“هذا ليس ما تفكرين به.”
“…..وما الذي كنتُ أفكر به؟”
“ليس لأنني….رغبت بكِ— أعني، صحيح، لكن….هذا ليس السبب. الحقيقة أنني….آه، شربت السم قبل مدة قصيرة.”
أخرجت فانيسا منديلها محاولةً مسح الدم عن وجه فيلياس، لكنّه تراجع قليلًا مبتعدًا عن يدها.
“سيتّسخ.”
“…..؟ المنديل موجودٌ أصلًا ليُتَّسخ.”
“آه، لكن دمي….يصعب إزالته.”
“….ستشتري لي واحدًا جديدًا.”
رفعت يدها ومسحت الدم عنه بنفسها. وفي النهاية، استسلم فيلياس وتركها تمسح وجهه بهدوء.
عندها فقط لاحظت القميص الأبيض الملقى على السرير، وقد تناثرت عليه بقع الدم الحمراء.
‘إذًا…..هذا ما كان يقصده بأنه اتّسخ.’
“حسنًا، الآن اشرح لي. ماذا تقصد بأنكَ شربت السم؟”
أدار فيلياس عينيه، ثم ردّ وكأنه تذكّر شيئًا للتو.
“آه، بالمناسبة…..هل أخبرتكِ أنني حصلتُ على العقد؟”
“العقد..…؟”
أي عقد؟ لا يمكن…..عقد الاستيراد الحصري؟
“أعلم أنكِ أردتِ الاجتماع الرسمي، لكن….بما أن الموقف حساس، رأيت أنه إن حصلت على موافقةٍ مسبقة فلن يكون من السهل التراجع عنها. سنلتقي بالدوق ميدو في القلعة الأسبوع القادم لتوقيع الاتفاق رسميًا. هل كنتُ متهورًا؟”
فتجمدت الكلمات في حلق فانيسا.
“لـ….لا يمكن أنكَ أخفته أو هدّدتَه، صحيح؟”
ابتسم فيلياس بهدوء، وقد عاد إلى ملامحه الصفاء بعد توقف النزيف.
“لو احتجتُ لفعلت، لكن في الحقيقة….هم من رحّبوا بالأمر.”
“حسنًا….جيد، لكن مع ذلك…..”
“هل هناك ما يزعجكِ؟”
كان أمامها الكثير من الأمور للحل. كانت تظن أنها ستحضّر لكل شيء أثناء الاستعداد للاجتماع.
لكن لم تتوقع أن تتسارع الأمور بهذا الشكل.
“حتى لو كان الأمر صفقة خاصة…..من الذي سيتولاها؟ هل يمكن أن نجد قافلةً موثوقة الآن؟ صحيحٌ أن إيرفِن ماهر، لكنه كان قرصانًا سابقًا، وسيكون هناك اعتراض—”
“فانيسا.”
“نعم؟”
أمسك فيلياس وجهها بكلتا يديه، وجعلها تنظر إليه مباشرة.
“أنتِ.”
“….ماذا؟”
“أنتِ من يجب أن يتولى هذا. إنها فرصتكِ أنتِ، ومن الطبيعي أن تكوني أنتِ من يستفيد منها.”
“أه….صحيح….ربما.…”
نعم، لم يكن هناك سببٌ يمنعها. وإذا كان سيتم تعيين رئيس قافلة اسمي فقط، فلا مانع أن تكون هي.
ومجرّد التفكير بذلك جعل شعورًا غريبًا يملأ صدرها—
شعورٌ بأنها حققت شيئًا مهمًا، ليس لسداد دين، ولا لمصلحة شخصية، بل لصالح هذه المدينة وصاحبها.
صحيحٌ أنّ هذا مجرد بداية…..
“كيف يمكنني أن أتحمّل هذا الجمال.”
تمتم فيلياس هكذا وهو يحدّق في ابتسامتها، و كانت يديه ما تزالان تحيطان بوجهها. ثم انحنى وقبّل شفتيها المصدومتين.
“….هاه؟! ماذا تفعل فجأة!”
تمتمت وهي تحمرّ حتى أذنيها، فحدّق فيها فيلياس بنظرةٍ مشوشة.
“أريد منعكِ من مغادرة غرفتي.”
“…….”
“لكن إن فعلت….ستكرهينني، أليس كذلك؟”
“أنا أكرهكَ أساسًا.”
فابتسم بابتسامةً ضيقة العينين.
“كذب.”
“لا— لا تغيّر الموضوع! قل لي فقط: ماذا تقصد أنكَ شربت السم؟ والبس ثيابكَ بسرعة!”
“هل تريدينني حقًا أن أرتديها؟”
“ما هذا الكلام؟”
“منذ قليل…..لم تنزلي نظركِ عن خصري.”
“….إلبس ملابسكَ قبل أن أغضب!”
“يا للخسارة.”
ثم جلست فانيسا على طرف السرير تراقب ظهره بينما يرتدي قميصًا جديدًا مشدودًا.
“إذًا…..هل زرتَ الطبيب؟”
“همم، عرضتُ نفسي على طبيب الفيلق. قال أنني أبدو بخيرٍ من هنا، وطلب ألا أقترب منه.”
“هاه؟”
“لقد نقلوه من منصبه هربًا مني.”
“لماذا..…؟”
“إنها قصة طريفة، سأخبركِ بها لاحقًا. لكن….ما الذي كنتِ تبحثين عنه في غرفتي؟”
‘آه، صحيح.’
كانت قد جاءت للبحث في الكتب المكدّسة قرب الموقد، لكنها الآن تستطيع أن تسأله مباشرة.
“ليرا، ابنة الدوق ميدو. لديها الكثير من الأسئلة عن الإمبراطورة الراحلة. وتريد إن أمكن أن تسألكَ بنفسها….”
التفت إليها فيلياس بنظرةٍ مستغربة.
“الإمبراطورة الراحلة.…؟ ولماذا تسألني أنا؟”
“لا، ليس قصدي الإمبراطورة الأم. أعني…..السيّدة شيريو.”
“…..آه.”
تردد قليلًا، ثم رفع كتفيه بلا مبالاة.
“للأسف…..لا أملك الكثير من المعلومات. توفيت في سن قريبة من سني الحالية، لذلك من الطبيعي ألا أتذكرها….وفوق ذلك، لم يكن أحدٌ في القصر يرغب بذكرها. حتى الآن….يطلقون عليها ‘تلك الأجنبية’ في المجالس الخاصة. أظن أن هذا يشرح لكِ الوضع.”
قال ذلك ببساطةٍ تامة، وهو يغلق أزرار قميصه واحدًا تلو الآخر.
________________
بكل بساطه؟ ماتقولها امي؟ يوجع
المهم اشوا انها دخلت وهو موجود وخلتنا نشوف هالرخص😭
يوم ضمها وهو يعتذر احلا شييييييي وليته صدق بكى بس خساره طلع دم تـء
ويوم صرفها عن سالفة السم واستانست استانس هو بعد🤏🏻 عااااااااااااااااااا متى العرس ياخي
التعليقات لهذا الفصل " 69"