“أما زلتِ تصدقين كلامي؟ يبدو أن لديكِ جانبًا ساذجًا يا أختي.”
“……يا له من فتى مقزز.”
كانت نبرتها أقرب إلى اللعنة، لكن فيلياس لم يضطرب.
“جئت لأن لدي سؤالًا، إيفانجلين.”
وبنظرة متأملة لا تُشبه نظرة طفل، حدّق فيلياس في إيفانجلين.
“محاولة التسميم هذه المرة، كانت من فعلكِ وحدكِ، أليس كذلك؟”
ساد صمتٌ قصير.
“……لا أفهم ما الذي تتحدث عنه.”
“هذه إجابةٌ جاهزة على ما يبدو، حسنًا، على أي حال أتمنى أن تكفي عن العبث بالطعام من الآن فصاعدًا، فأنا في سنّ النمو ودائمًا ما أكون جائعًا، ثم إنكِ حين تكونين بهذه السذاجة، فإن الخدم الأبرياء هم من يدفعون الثمن في كل مرة.”
و لم تفعل إيفانجلين سوى أن تحدق فيه بعينين محمرتين دون أن تنبس ببنت شفة.
فتنفّس فيلياس الصعداء، وكان يهمّ بالنهوض من مكانه.
“لستُ أنا.”
“….…”
“هذه المرة لستُ أنا حقًا، لا أعلم من الفاعل، و……لم أحاول قتلكَ مؤخرًا، صدّق أو لا تصدّق فذلك شأنكَ.”
أمال فيلياس رأسه قليلًا وهو ينظر إلى أخته غير الشقيقة.
“……هل يمكنني أن أسألكِ شيئًا آخر؟”
“ما دمتَ ستفعل ما يحلو لكَ، فلماذا تسأل أصلًا؟”
“قبل خمس سنوات…….”
انتفضت إيفانجلين، وتشوهت ملامحها، ولم يُعرف إن كان الشعور الذي طفا على وجهها ذنبًا أم ضيقًا.
“في ذلك اليوم، حين حاولتِ قتلي، كان بسبب سلطتي، أليس كذلك؟ لأن أمثالِي وأمثال وريث عائلة فاليندورف إذا استمروا في الولادة فلن تنتهي الحرب أبدًا.”
“هاه.”
أطلقت إيفانجلين ضحكةً جوفاء.
“كيف تقول كلامًا كهذا بهذا الوجه؟ هل أنتَ فعلًا أخي؟ أم أنكَ مُلتقط من جحيمٍ ما؟”
و لم يبالِ فيلياس.
“إن كنتِ تكرهين الحرب إلى هذا الحد، أفلا يكون من الأسهل أن تنهِي حياتكِ بنفسكِ؟”
“ماذا؟”
“أنتِ أدرى من غيركِ أن اختفائي وحدي لن يُنهي شيئًا، ستظلين تتنقلين في الجبهات حتى تموتي يا إيفانجلين، فلماذا لا تعجّلين ذلك الموعد؟”
فشحب وجه إيفانجلين، وعضّت على أسنانها.
“……اخرج.”
و هزّ فيلياس رأسه.
“لستُ ألومكِ، ولا أسخر منكِ، أنا فقط أتساءل بصدق، أنتِ تعلمين أنني شخصٌ معطوب إلى حدٍّ ما.”
وبعد صمتٍ طويل تحدّثت إيفانجلين.
“حتى لو متُّ، فلن يتغير العالم.”
كان على وجه فيلياس تعبيرٌ يعجز عن الفهم.
“وما علاقة ذلك؟ العالم بعد موتكِ لن يعود لكِ أصلًا.”
“أنتَ على الأرجح لن تفهم، لأنكَ فتى لا يملك معنى للمحبة.”
“إن متُّ، فماذا سيحدث بعد ذلك؟ عائلتي، أصدقائي……فريتز الصغير؟ ذاك الطفل سيُساق يومًا إلى ساحة الحرب أيضًا، وكما عانيتُ أنا……سيعاني هو كذلك.”
“….…”
“وأنتَ أيضًا يا ليون، ستتألّم، وستُعدّ كل تلك المعاناة أمرًا مفروغًا منه، آه، ربما لا يعنيكَ هذا أصلًا، لأنكَ لن تفكر في من سيبقون بعدكَ.”
“……الأمر معقّد.”
“صحيح، ألم أقل لكَ أنكَ لن تفهم؟ لأنكَ لن تحب أحدًا، ولن تعتبر أحدًا عزيزًا طوال حياتكَ، ولن تحاول حماية أحد، ستكتفي بإشعال نيران الحرب حيثما يأمركَ والدكَ، فأنتَ خُلقتَ منذ البداية لهذا الغرض.”
قبضت فانيسا على يدها دون شعور.
‘لا تستمع، لا تستمع إلى هذا الكلام البائس،.’
أرادت أن تقول ذلك للصبي، لكن كل هذا لم يكن سوى ذكرى قديمة.
كان الصبي جالسًا شاردًا ينظر إلى كفّه، وكانت آثار الحروق المألوفة واضحةً فيها.
“شكرًا لكِ، إيفانجلين.”
ثم نهض، وغادر الغرفة بلا تردد.
ومن خلف ظهر الصبي انفجرت إيفانجلين في بكاءٍ طويل كالصراخ.
***
حين فتحت فانيسا عينيها كانت على السرير. فرفعت يدها ومسحت الدموع المنهمرة.
‘أظنني رأيتُ حلمًا ما……لكنني لا أتذكر شيئًا على الإطلاق……’
ثم استفاقت فجأة ونهضت من مكانها.
“ليا!”
وكأنها كانت في مكانٍ قريب، إذ ما لبثت ليا أن ركضت إليها.
“هل ناديتِني يا سيدتي؟”
“أين الدوق؟”
لم تجب ليا، واكتفت بهزّ رأسها نفيًا.
مرّ أسبوعٌ كامل منذ أن غادر فيلياس إلى جزر المرتزقة، ولم يعد حتى الآن دون أي خبر.
“يجب أن أتحدث مع شان.”
فساعدتها ليا في الاستعداد للخروج، وكانت فانيسا تحاول تهدئة قلبها الذي ينبض بعنف.
قيل لها إن تأخر عودة فيلياس أمرٌ يحدث أحيانًا، لكن ذلك الإحساس المشؤوم الذي لا سبب واضحٌ له لم يسمح لفانيسا بأن تطمئن.
___________________
فيلياس صار له شي😦؟
الحلم واو شلون وليه وكيف شافت ذا الذكريات لايكون فيلياس؟ ولا ولي العهد وقوته الغريبه ذي؟ وليه قامت وهي ماتتذكر! وطلعت ايفانجلين صدق مجنونه من الحرب
التعليقات لهذا الفصل " 63"