كان لها شعرٌ قصير بني يتمايل بخفّة، ووجهٌ أبيض نحيل، وجسدٌ صغير.
لم تكن فانيسا قد انتبهت إليها وهي مختبئةٌ خلف أمها، لكنها كانت شابةً جميلة ولطيفة تشبه الدمى.
“هذا.…”
ترددت قليلًا ثم قالت شيئًا بصوتٍ خافت موجَّهٌ إلى فيلياس. كانت اللغة من الشرق الأقصى، فلم تفهم فانيسا شيئًا.
عقد فيلياس حاجبيه قليلًا ثم أومأ برأسه. وبعد أن غادرت الفتاة مسرعة، سألت فانيسا،
“ماذا قالت؟”
“آه.”
بدا على فيلياس أنه مترددٌ قليلًا لسببٍ ما.
“قالت أنها تريد رؤية الحصن من الداخل. ولكن.…”
“نعم؟”
“هل أخبرتكِ من قبل؟ أنني تعلمت لغتهم.”
“رأيت كتبًا كثيرةً مكتوبةً بالشرقية في الحصن. فخمنت فقط. هل كان الأمر سرًا؟”
“ليس سرًا…..لكنها ليست هوايةً نبيلة جدًّا.”
“وهل تراكَ تعتقد نفسكَ نبيلًا فعلًا؟”
ابتسم فيلياس.
“أعلم أن ما أقوله قد يبدو غبيًا. لكن….في النهاية أنا نصف أجنبي. لا أستطيع الادعاء أن دمي إمبراطوري خالص….وهذا ليس….حسنًا، ليس أمرًا يبدو جذابًا.”
“أنتَ وُلدتَ في العاصمة الإمبراطورية ونشأتَ كأمير. لا أرى أين دمكَ الأجنبي في الأمر.”
نظر فيلياس إلى وجه فانيسا لحظة دون أن يتكلم.
“كلامكِ لطيف. أحب سماعه منكِ.”
“تقصد كلمة ‘أنتَ’؟”
“نعم، وحتى عندما تقولينها باحتقارٍ هكذا.”
فعضّت فانيسا شفتها.
“….أتعرف أن هذا غير طبيعي؟”
“هل تعتقدين فعلًا أنه مشكلة؟ لأن وجهكِ لا يقول ذلك. بل على العكس..…”
أمسك فيلياس بيد فانيسا. وجذبها نحوه بلطف.
“أنتِ تحبين هذا. عندما أتصرف معكِ بهذه الطريقة.”
همس بذلك وهو يطأطئ رأسه ناحيتها….
“لااا! هذا لا يجوز! لسنا في مكان مناسبٍ لهذا!”
و لوّحت فانيسا بيديها بجنون.
“لكن..…”
“حتى لو نظرت إليّ هكذا، لن يحصل!”
في تلك اللحظة لوّح وليّ العهد من بعيد. و كان قد ابتعد مبكرًا بعدما تعرّف على نبلاء يونو.
“آنسة لانغ! ماذا تفعلان هناك؟ شكله…..مريب؟!”
سارت فانيسا في المقدمة، تحاول جاهدَةً إخفاء ارتباكها.
بينما كان وليّ العهد يتفرج على مجموعة من الأهداف المنصوبة داخل سياج مؤقت، وعلى أشخاصٍ يصطفون بانتظار دورهم.
يبدو أنهم كانوا يلعبون لعبةً من أجل الفوز بجائزةٍ ما، لكن الأجواء كانت غريبةً ومتوترة.
“إنه رمي الفؤوس! آه، كم اشتقتُ لهذا..…”
“تر…..ترمين ماذا بالضبط؟”
“لا تعرف؟ يقولون أن البحّارة هم من بدأوه. كان رائجًا جدًا في العاصمة عندما كنتُ صغيرة.”
“هل تريدون التجربة؟ يمكنكم المشاركة معًا.”
اقترب شيخٌ صغير يحمل فأسين وسألهم. فتبادلت نظراتٌ قلقة بين وليّ العهد وفيلياس.
“هل لدى أحدكم نقودٌ معدنية؟ ليس دنانير ذهبية.”
“آنسة لانغ….أظن أن..…”
“لا تثقان بي؟ كنت أتدرّب كل يومٍ مع مايسون وأنا صغيرة! كنت بطلةً حيّنا.”
“ها هو مايسون مرةً أخرى.”
“ماذا؟”
سألت فانيسا، لكن فيلياس لم يجب. و ظل مبتسمًا، لكن نبرته صارت باردةً قليلًا،
“فريتز، أعطني بعض القطع.”
“…..أنتَ تعرف أن شخصيتكَ أصبحت أغرب مؤخرًا، صحيح؟”
كان لكل منهم ثلاث محاولات. وبدأ وليّ العهد أولًا.
“هل هذا…..آمنٌ حقًا؟”
سأل وهو ينظر إلى فانيسا من خلف السور. ولا تزال ملامحه قلقة.
“طبعًا! هل سمعتَ يومًا عن أحداً مات بفأس طائش هنا؟”
“هذا….ليس جوابًا مطمئنًا..…”
“ابدأ!”
سقطت الفأس الأولى أرضًا قبل أن تصل للهدف. أما الثانية فمرت على الحافة. أما الثالثة فقد أصابت منتصف الهدف تمامًا.
فالتفت وليّ العهد بوجهٍ مبتهج.
“ليست نتيجةً سيئة للمرة الأولى! التالي هو….”
“أنا سأرمي.”
دفع فيلياس ولي العهد بذراعه.
“لا تستخدم قدرتكَ!”
“لن أستخدمها. اصمت.”
خطف الفأس كما لو كان ينتزعه وخلال رمياتٍ متتالية بلا أي تصويب، ألقاها جميعًا.
أصاب الفأس الأول الهدف، وكذلك الثاني. أما الفأس الثالث…..فقد حطم الهدف بالكامل.
لوّح العجوز الذي كان يراقب بذراعيه.
“آه، هذا لاغٍ! هذا لاغٍ تمامًا! كيف تحطم الهدف؟! ونحن أصلًا نعاني من قلة البدائل!”
استدار فيلياس. وما إن فتح فمه ليقول شيئًا للعجوز حتى سارعت فانيسا للتدخل.
“حسنًا، تنحّوا يا سادتي! سأريكم مهارة البطل!”
قذفت فانيسا فأس اليد في الهواء ثم التقطته بخفة، ثم أضافت إليه بضع دوراناتٍ في الهواء وسط تصفيق المتفرجين.
الأول، الثاني، الثالث. أصابت الفؤوس الثلاثة الهدف بدقةٍ تامة، ثم استدارت فانيسا مزهُوّة.
و ابتسم الرجلان اللذان كانا يراقبانها في الوقت ذاته، ويبدو أن التوتر قد تبدد.
في تلك اللحظة،
“سيدي!”
أقبل خادم ولي العهد مسرعًا وهمس له بشيءٍ ما، فتجمّد وجهه ثم التفت إلى فيلياس.
“يا دوق، يبدو أننا بحاجةٍ لاجتماع.”
قال ذلك ورحل ولي العهد أولًا مغادرًا الميناء. فعبس فيلياس قليلًا، لكنه سرعان ما ابتسم لفانيسا بلطف.
“…..أعتذر، لكن يجب أن أذهب أولًا. التابع بانتظاركِ بالقرب من هنا. الرجاء ألا تتأخري في العودة.”
وطبع قبلةً على جبين فانيسا ثم استدار وغادر.
بقيت فانيسا وحدها للحظة تحدق بشرود، ثم التفتت إلى العجوز بجانبها وسألته،
“أليست هناك جائزة؟”
فصفق العجوز بيديه ثم أخرج ثلاث فؤوسٍ كبيرة من الصندوق.
“سأعطيكِ فأس الذهب، وفأس الفضة، وفأس الحديد!”
بالطبع لم تكن ذهبًا ولا فضة، مجرد طلاء رديء. فنفخت فانيسا بامتعاض.
“سآخذ فأس الحديد فقط.”
“آه! يا لها من فتاةٍ صادقة! سأعطيك الذهب والفضة والحديد جميعًا!”
“آه، كفى! قلت لكَ لا أريد!”
***
بعد قليل، عندما عادت فانيسا إلى الحصن وهي تعانق فأس الحديد، لمحت سوريل يركض صاعدًا السلالم على عجل.
“السيد سوريل!”
انتفض سوريل عند رؤيتها، ثم بدأ يركض صعودًا بسرعة أكبر.
“هل تهرب لمجرد أنكَ رأيتني؟ يا سيد سوريل!”
ركضت فانيسا خلفه. و التفت سوريل بطرف عينه، و عندما أدرك أنها تطارده أطلق صرخةً حادة.
و لم تستمر المطاردة طويلاً.
“أمسكت بكَ.”
أخيرًا عثرت فانيسا عليه مختبئًا وراء منصة في إحدى قاعات الاجتماعات. و كان وجه سوريل شاحبًا جدًا.
“آ….آنسة….فقط، ضعي ذلك جانبًا أولًا..…”
“……؟ آه.”
عندها فقط أدركت فانيسا أنها كانت لا تزال تعانق فأس الحديد.
“آه…..لا تقل لي أنكَ هربت بسبب هذا؟”
“طبعًا! وإلا، فما السبب الذي يدعوني للهرب؟”
“لا أظن ذلك.”
تنهدت فانيسا، ثم وضعت الفأس جانبًا.
لماذا يعقّد الجميع الأمور هكذا؟
“أنت فقدتَ شيئًا، صحيح؟”
دار سوريل بعينيه في كل اتجاه، ثم تنهد باستسلام، وجلس على الأرض منهارًا.
“…..من أين تريدين أن أبدأ الشرح؟”
“ماذا يعني من أين؟ طبعًا من البداية.”
“لو قلتِها هكذا فلن أعرف ما أقول.”
هز سوريل كتفيه وهو يتكلم.
‘أها، هكذا إذاً…..’
يعني أنه سيجيب فقط بقدر ما تعرفه هي. وليس لديها سوى نظارة الأوبرا كدليل.
وقفت فانيسا أمامه ويداها على صدرها.
“إذاً…..لنبدأ من البداية حقًا، ما رأيكَ؟”
“..…؟”
كانت تشعر منذ البداية بأن هناك شيئًا غريبًا. ذلك التصرف المتغطرس قليلًا، واسم “سوريل”. كانت متأكدةً أنها سمعته في مكانٍ ما.
هي لا ترغب في نبش أسرار أنساب الناس، لكن بما أن الأمر وصل إلى هنا، لا بأس بالتأكد. وإرباكه ودفعه للكلام مكسبٌ إضافي.
“هل يحتفظ الدوق بكَ قربه ليوازن نفوذ الدوق باستيَان؟ أم العكس؟”
“آه…..هذا موضوعٌ بعيدٌ تمامًا عما كنا نتحدث عنه. ألم نكن نتحدث عن نظارة الأوبرا؟”
“قلت لكَ، لنبدأ من البداية.”
“ما علاقته هذا بكِ…..يا آنسة؟”
“أحب أن أعرف. في الحقيقة…..أعجبتني منطقة أشوكا. ولو قام الدوق باستيَان بتبنّيكَ رسميًا وطالب بحقوق البارون سوريل الراحل، ألا يمكن أن ينتقل ملك الأرض إليه؟”
______________________
العب سوريل طلع نبيل؟
ماعلينا
شفتوا الي شفته؟ بوسة الجبه يانااااااااااااااااس😭🤏🏻
ولي العهد شكله بدا يفهمها؟ ايه عسا بعد
المهم ليت فانيسا فلقت واحد بالفاس✨
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 48"