كما سمعت طوال حياتها، كان على فانيسا أن تجد زوجاً لائقاً. أن تتزوج نبيلاً رفيع المقام أو ثرياً، حتى تتحرر من والدها وديونه.
كان ذلك الطريق الوحيد.
ثم ماذا بعد؟ هل تنتهي فائدتها بمجرد ذلك؟
ربما…..ربما هناك طريقٌ آخر. هكذا فكرت ذات مرة.
طريقةٌ واحدة أخرى.
وقفت فانيسا على الدرابزين بدافع اللحظة.
الذكريات التالية مشوشةٌ كأنها انسكبت في الماء. لذا ظنتها مجرد حلم.
بينما كانت تنظر إلى القناة السوداء، قالت لنفسها: لا، ليس بعد. يمكنني فعل هذا لاحقاً متى ما شئت.
وعندما استدارت، كان هناك رجلٌ بملابس سوداء بلا وجه ينظر إليها.
“كنتُ فقط أراقبكِ. لو كنتِ قد قفزتِ حقاً، ربما كنتُ ناديتُ الحرس، لكن بصراحة…..لم يكن يهمني ما سيحدث، ولم أكن أنوي إنقاذكِ. لكنكِ…..التفتِّ إليّ. ثم…..ابتسمتِ.”
لكن فانيسا كانت قد فكّرت في عقلها المشوش: إذاً جاء الموت ليأخذني.
ثم…..
“آسفة، سمو الدوق. أنا تقريباً لا أتذكر شيئاً من ذلك الوقت.”
“كنتُ أظن أنكِ ستكونين كذلك. كانت لحظةً قصيرة جداً أيضاً.”
ابتسم فيلياس وهو ينظر إلى فانيسا. وكان ضوء النار يتراقص في عينيه المنحنيتين بجمال.
“ربما كنتِ تعتبرينني…..روح الموت أو شيئاً من هذا القبيل. تجاوزتِ الدرابزين واقتربتِ مني، ثم قلتِ: ‘لنلتقي مجدداً’. صعبٌ شرح ذلك، لكن…..منذ ذلك اليوم لم أستطع إخراجكِ من رأسي.”
“إذاً حينها…..لماذا لم تكلمني؟”
“لأنني لم أرَ شخصاً مثلكِ من قبل. اقترابكِ مني مبتلةً بمطر الشتاء وابتسامتكِ…..كان مخيفاً حقاً..…و جميلةً جداً.”
همس بصوتٍ يكاد يتألم. فلم تستطع فانيسا قول كلمةٍ واحدة.
“ثم بعد قليل جاء السيد مايسون وأخذكِ. هناك عرفت اسمكِ. بالطبع لم أكن أنوي البحث عنكِ. كنتُ فقط…..أريد الاحتفاظ بتلك اللحظة. ظننتها ستكون عزائي. تعرفين كيف كان شعوري عندما التقيتكِ مجدداً في العاصمة الإمبراطورية.”
‘هل احتفظ فيلياس في حياته السابقة حقاً بتلك اللحظة؟’
بينما كانت هي تعيش حياةً سطحية دون أن تعرف حتى بوجوده، هل كان ينظر إلى نجوم الجبال ويتذكرها؟
[نجمتي.] كان يكتب ذلك في رسائله…..
ثم رفعت فانيسا رأسها إلى السماء الليلية. اتضح أن أول لقاءٍ بينها وبين فيلياس لم يكن يوم قتلها، بل يوم اختارت أن تعيش.
في تلك اللحظة، انطفأت آخر شرارةٍ مع صوت خفيف. وفي اللحظة التالية، كانا في ظلام دامس.
“آه، يبدو أن العرض انتهى.”
قال فيلياس ذلك و كأن شيئاً لم يكن.
ومضة-
و عندما فتحت عينيها، كان هناك لهيبٌ أحمر صغير يطفو فوق يده.
“هل نعود الآن، يا نجمتي؟”
“…..فيلياس.”
اتسعت عيناه كأنه تفاجأ بندائها. لكنه أجاب بصوتٍ حلو لا نهائي،
“نعم، فانيسا.”
ثم…..أغمضت فانيسا عينيها دون كلام.
و كانت الريح تهب فوق برج المراقبة. ريحٌ باردة زرقاء لليلة أوائل الصيف.
وكانت هناك أصابع طويلة لامست أذنها بلطف. و شعرت باللهيب يقترب من خلف جفنيها.
“لقد التقينا مجدداً.”
همس، ثم قبل شفتي فانيسا بلطفٍ شديد، كأنها أثمن شيءٍ في العالم.
* * *
غرفة فيلياس كانت…..غريبة.
لا يمكن وصفها إلا كذلك، لأنه لم يكن هناك أي ذوقٍ أو نظام يمكن اكتشافه في هذه الغرفة.
الأثاث قليلٌ جداً مقارنةً بحجم الغرفة، وكل قطعة فارغة تماماً.
الخزانات والمكتبة كذلك. لا ذوق، ولا أثر لحياةٍ يومية.
وحدها المدفأة الغارقة في الرماد تحمل كومة كتبٍ وكراتٍ ورق مجعدة.
يبدو أن حتى الخدم لم يجرؤوا على لمسها، فالغبار حولها مُمسحٌ بحذر شديد.
“هل ينام هنا فعلاً؟”
بعد الإفطار، ذهب فيلياس فوراً إلى مكتبه مع شان – الذي ظل طوال الوجبة يحدق بعيونٍ زرقاء حادة –.
قال أنه سيعود قبل الغداء، ثم قبّل خد فانيسا مراتٍ عديدة. و لم تتحمل فانيسا أخيراً فدفعته بعيداً.
“آه، كفى حقاً! توقف الآن!”
“مرةً واحدة فقط…..”
“كفى!”
فأصبح فيلياس فجأةً متجهم الملامح.
“حسنًا. إذاً لنلتقي عند الغداء.”
وقبل أن ينهض من مكانه، قبّل شفتي فانيسا بسرعة.
و من خلف فيلياس، رأت فانيسا شان يمسك رأسه كأنه يتألم. بينما نظر إليها فيلياس نظرةً تكاد تكون مخمورة وهو يتحدّث،
“يمكنكِ التجول في أي مكانٍ داخل الحصن، لكن خارج الأسوار خطير، فلا تخرجي من دون مرافقٍ من فضلكِ.”
ثم، وبينما كانت فانيسا تتجول وحدها في الحصن، وجدت نفسها قد تسللت إلى غرفة السيد في المبنى الرئيسي.
جلست أمام المدفأة وأمسكت كتاباً.
كان مكتوباً بلغة أجنبية لا تعرفها فانيسا. و يبدو أنها لغةٌ من أقصى الشرق.
فتحته عشوائياً. كانت هناك كتاباتٌ بخط يده السيء الشهير مبعثرةً هنا وهناك. بلغةٍ أجنبية أيضاً.
هل يجيد فيلياس لغة أقصى الشرق؟
النبلاء الإمبراطوريون لا يتعلمون اللغات الأجنبية. فلا حاجة لهم بها، وتعلّم لغة دولة ضعيفة يُعتبر إهانةً لكبريائهم.
“آنسة لانغ!”
الذي أطل برأسه من بين الباب المفتوح كان ولي العهد. يبدو أنه جاء من تمرين الصباح، فالرقبة والصدر محمران من الشمس تحت القميص الأبيض.
“صباح الخير، سموك.”
“آه، أنتِ في عرين الوحش منذ الصباح الباكر. هل تفقدتِ تحت السرير؟”
“تحت السرير…..؟”
نظرت فانيسا للأسفل دون تفكير، ثم انتفضت مذعورةً وتراجعت. فقد كانت عينان بلا حياة تحدقان بها من الظلام.
“……؟”
و عندما نظرت مجدداً، اكتشفت أنه مجرد تذكار صيد. نموذجٌ مزيف.
“يا إلهي…..”
“أوه…..هل كان هناك شيءٌ فعلاً؟ كنتُ فقط أمزح….”
عندما رفعت فانيسا رأس الغزال المزيف، ضحك ولي العهد بدهشةٍ واضحة.
“إذا حاولتُ فهمه سأخسر مرة أخرى…..آه، بالمناسبة، آنسة لانغ، هل ترغبين في مرافقتي لزيارة الميناء؟ يبدو أن سفينةً تجارية وصلت من يونو.”
“يونو.”
أومأت فانيسا برأسها.
لا يُعرف الكثير عن يونو في أقصى الشرق. لكن بعد عامين تقريباً، ستصبح بعض السلع الفاخرة رائجةً في العاصمة لفترةٍ قصيرة فقط.
‘في هذا التوقيت تقريباً….حان الوقت لظهور ذلك الشيء.’
أسرعت فانيسا في الاستعداد للخروج. و بعد قليل، كانت العربة التي يركبانها تعبر منطقة التجارة المزدحمة متجهةً نحو طريق الساحل في منطقة التجارة.
“آنسة لانغ.”
من طرف يد ولي العهد، امتد البحر خارج نافذة العربة المتحركة.
كان يوماً مشمساً. و أشعة الشمس المتدفقة تنعكس على الأمواج فتُعمي العين.
ارتدت فانيسا اليوم فستان فلانيل شرقي يكشف الكاحلين. و لو كان هذا في العاصمة لنالت نظرات ازدراء لعدم الأناقة، لكنها الآن كانت تشعر وكأنها في إجازة.
ولي العهد أيضاً لم يرتدِ الزي الرسمي الكامل، فشعرت فانيسا حقاً وكأنها في رحلةٍ سرية.
‘بالطبع بالنسبة لهذا الشخص، هي رحلةٌ سرية فعلاً.’
عندما التقت أعينهما، ابتسم ولي العهد بلطف. فهربت فانيسا بنظرها بسرعة.
كلماته المحبة التي يلقيها كأنها عابرة، ما زالت لا تستطيع التأكد مما تعنيه بالضبط.
لكن إذا كان هناك ولو ذرة صدقٍ فيها، فعليها الآن أن ترفضه بشكل صحيح.
كانت لا تريد أن تؤذيه مجدداً، لكن لا يوجد رفضٌ في العالم بلا ألم.
ما إن وصلا إلى الميناء ونزلا من العربة، حتى برزت أمامهما سفينةٌ شراعية ضخمة لتوّها رست. أكثر تسطحاً من سفن الإمبراطورية، وشكل الأشرعة مختلف.
وكان العمال يصعدون وينزلون من السفينة بحمولاتهم، منسجمين في حركتهم السريعة.
ويحملون أقمشةً لامعة وصناديق منسوجة من الخشب تُحمل على العربات، ويتجمع المتفرجون تدريجياً أمام هذا المشهد الغريب.
و كان التجار الذين يريدون استغلال الفرصة يجرون أكشاكهم، ينصبون المظلات، ويضعون اللافتات في ضجيجٍ كبير.
_________________________
يمااااااه بوستين في فصل! ماعلينا اهم شي يوم نادته باسمه🤏🏻 ويوم ييوسها في خدها واجد 🤏🏻 ذي حلوه مره ليته بعد باس جبهتها
المهم ليته دخل عليها يوم راحت لغرفته خير ليه دخل ذا النشبه😭
ولقاؤهم الاول مره واو احل حسبته ملك موت؟ حب رايع
المشكله انه داري وفاهمها✨
والي يروع هي كانت بتىْتحر صدق💀 ليت ابوها مافطس وعذبه فيلياس
التعليقات لهذا الفصل " 45"