“أنتَ فعلتَ هذا؟ ولماذا لم تُنظَّف آثار الاحتراق؟”
“لأنها ليست آثار احتراق.”
الذي أجاب كان شان. كان قد اختفى للحظات ثم عاد محمّلاً بكومةٍ كبيرة من ملفاتٍ غير مرتبة.
تفحّصت فانيسا حجارة الزينة بدقة. والواقع أنها بدت وكأنها متآكلةٌ ومحفورة من الداخل بشكلٍ غريب.
“…..هل احترقت بالفعل؟”
كان فيلياس يبدو وكأنه يشعر بخجلٍ شديد.
“هذا فقط….حصل بلا وعي…..ليس بدافع التمرد أو شيءٍ كهذا.”
“أي نار هذه بالضبط لتصل إلى حد حرق الصخور..…؟”
وعندما فكرت بالأمر، تذكرت أن أنقاض قصر لانغ هي الأخرى كانت شبه منصهرة.
“ألم تقل يا دوق أنكَ ستشرح لي ما يخص حريق القصر؟”
“أم…..لا أدري إن كان هذا وقتًا مناسبًا.”
لكن فانيسا لم تكن تنوي التأجيل أكثر. فحتى لو تجاهلت أشياء كثيرة، فهذا الأمر تحديدًا لا يمكن تجاوزه.
فنظرت إليه بحدة وذراعاها متشابكتان وسألته بإصرار،
“لماذا أضرمت النار في منزلنا؟”
“دعيني أنا أجيب. فحضرة الدوق سيبدأ بالمراوغة كعادته.”
تدخل شان فجأة. فتجهم فيلياس لكن شان لم يُظهر أي توتر.
“الأمر بسبب توأم فاليندورف. أيهما كان..…؟ آه، الكونت أوسكار فاليندورف. يمتلك القدرة على قراءة ذاكرة المكان.”
“ذاكرة المكان..…؟”
“هي نفس قدرة السيد سوريل. يمكنه رؤية الأحداث التي وقعت في مكانٍ ما وكأنها مشاهدٌ مصوّرة. رغم وجود بعض الحدود بالطبع.”
“لحظة….السير سوريل؟ كيف..…”
نظرت فانيسا بلا تفكير إلى فيلياس ثم ارتبكت وأشاحت بنظرها فورًا. فقد كان يحدق في شان بنظرة تحذيرٍ واضحة.
لكن شان التقط نظرة فيلياس واكتفى بالنفخ باستهزاء.
“لا تتشدد هكذا. على أية حال، ستقيم الآنسة في القلعة لبعض الوقت، وسيكون الأمر مسألة وقتٍ قبل أن تعرف. على كل حال، قدرة الكونت تعتمد على وسيط مادي…..كالجدران أو الأثاث. لذلك إذا أحرقتَ المكان بالكامل، فلن يعود هناك ما يمكنه قراءته.”
هزّت فانيسا رأسها دون وعي. فمع مثل هذه القدرة، ما فائدة تزوير الأدلة؟
‘لكن هذا الرجل…..إلى أي حدٍ يعرف الأمور؟’
بحسب علمها، كان شان يعمل تحت إمرة فيلياس منذ ثلاث سنوات. وبما أن جميع من سبقوه لم يصمدوا أكثر من عام، فهذا الشاب القادم من الجنوب لم يكن شخصًا عاديًا على ما يبدو.
“هيّا.”
وضع شان كومةً الملفات على المكتب.
“والآن…..بعد أن انتهينا من الأحاديث الجانبية، هل تعرفان ما هذا؟”
رفعت فانيسا يدها بلمعان و تحدّثت بحماس،
“أعرف! ممتلكاتٌ مخفية!”
“خطأ!”
“دفاتر حسابٍ مزدوجة!”
“خطأ!”
نظر فيلياس إليهما بانزعاجٍ وكأنه لا يصدق مدى انسجامهما.
“آنسة فانيسا….بماذا تظنينني؟..…”
تخلت فانيسا عن محاولة التخمين وفتحت مجموعة الملفات.
كانت مجرد مستنداتٍ متفرقة. سجلات دخول وخروج لشخصٍ ما، قوائم دعوات لفعالياتٍ معينة، طلبات نقل أشياء ما، وبضع رسائل مختلفة الخط.
كان أكثر من نصفها مكتوبًا بلغةٍ أجنبية لا تفهمها، إلا أن تصنيفها كان سهلًا.
“هذه هي تكاليف الفرص الضائعة، هذا ما هي.”
قال شان ذلك وهو يربت على كومة الملفات.
“آه، فهمت.”
“هناك عددٌ غريب من المستندات المتكررة. معظمها وثائق مطلوبة من باب العرف الإداري…..لكن بما أن التوقيع واحد، فهذا يعني أن الموظف المسؤول لم يتغير. لقد مرت ست سنواتٍ منذ تولّي الدوق منصبه في أشوكا، أليس كذلك؟ ومع ذلك، حتى الأسبوع الماضي فقط، كانت نفس الرسائل تتكرر مرارًا.”
“هذا بالضبط هو السبب!”
صاح شان. و كان تعبيره متحمسا تقريبا.
“أتفهمين الآن يا آنسة؟ في هذا الحصن اللعين لا أحد! ولا شخصٌ واحد! يأخذ كلامي على محمل الجد! لماذا؟! لأنهم جميعًا يفكرون فقط في كيفية طعن شخصٍ ما وقتله!”
انفجرت فانيسا ضاحكة، بينما كان فيلياس يحدق من النافذة مستسلماً تماماً.
“إذاً…..تقصد أن سير كل شيءٍ عبر المستندات فقط أمرٌ غير فعّال، صحيح؟”
“بالضبط! سأعطيكِ مثالًا بسيطًا. هنا، هذه مراسلاتٌ بيننا وبين ليونا في القارة الشمالية. نتفاوض على تعديل ضريبة سلعةٍ فاخرة، ولقد أمضينا نصف عام نتجادل بالرسائل حول بضعة أرقامٍ بعد الفاصلة! لو جمعنا مديرَي الأشغال والجمارك وجعلناهما يشربان كأسين، لحُلّ الأمر خلال ساعةٍ أو ساعتين أو ثلاث!”
رفع شان حزمةً أخرى من الأوراق ولوّح بها فوق رأسه.
“هل ترغبان برؤية هذا أيضًا؟ إنها طلبات تعاون من يونو في أقصى الشرق. إحدى سيدات النبلاء ترغب في الإقامة في أشوكا للدراسة. فرصةٌ عظيمة لتوسيع الأعمال! لكن هل تعلمان كم من الوقت والمال نضيعهما فقط لتوثيق وترجمة الأوراق المطلوبة حسب البروتوكول؟”
“الوقت هو المال. والمال…..هو المال. يبدو أن الكثير من الذهب يضيع هباء.”
“آه، آنسة…..أظن أننا سنتفاهم جيدًا.”
“لقد تجاوزتَ حدودكَ.”
تمتم فيلياس وهو ما زال يحدق خارج النافذة. فتنحنح شان بخفة.
“إذاً، ما تحتاجه المنطقة هو فعالياتٍ اجتماعية.”
خصوصًا في مقاطعةٍ معزولة مثل أشوكا، فالعلاقات مع مختلف الإدارات ستكون ذات قيمة كبيرة.
ولعل هذا هو السبب الذي جعله يهدد بالاستقالة عندما كان الدوق في العاصمة، مقابل الحصول على بعض الشروط.
ومن المؤكد أيضًا أن كل هؤلاء المرسلين يتوقون لفرصة لمقابلة اللورد.
ثم تفحصت فانيسا أسماء أصحاب الرسائل.
“ربما تكون مأدبةً بسيطة مناسبة. لكن..…”
نظرت إلى فيلياس بطرف عينها. و كانت ملامحه تصرخ بوضوح: “أريد أن أبقى وحدي.”
فضرب شان كومة الأوراق براحته بقوة.
“لكن في مثل هذا الوقت تمامًا! تهبط ملاكٌ من السماء! شكراً لقدومكِ يا آنسة!”
بمعنى آخر، هو يطلب من فانيسا الإشراف على الفعاليات الاجتماعية في الحصن.
“ولكن بأي صفة؟ فأنا أيضًا مجرد ضيفةٍ هنا.”
“آه، هذا يمكن تدبيره لاحقًا. فوق كل ذلك، أنتِ ابنة كونتٍ من العاصمة! بالنسبة لنبلاء هذه المنطقة، العاصمة حلمٌ بعيد المنال. من ذا الذي يجرؤ على الاعتراض؟”
“آنسة فانيسا.”
ثم تحدث فيلياس أخيرًا بعد صمت طويل.
“إن رغبتِ فسأتبع قراركِ….لكنني…..أنا لا أريده.”
“لا تريده؟”
هل سبق له أن قال أنه لا يريد اقتراحًا لفانيسا؟ هي أيضًا لا تحب التجمعات الاجتماعية، لكن رد فعله أيقظ داخلها روح التحدي.
“قد يكون ممتعًا على غير المتوقع.”
رفعت فانيسا نظرها إليه بعينين لامعتين.
“لكن….أنا حقًا….لا أريد..…”
“لا تريد يا سيدي؟!”
“هل قلتَ لي للتو أنكَ…..لا تريد؟”
خرج الكلام من فمها دون قصد. فانحنى كتفا فيلياس باستسلام.
“لكن…..لم أركِ لمدة شهرٍ كامل. أردتُ…..قضاء بعض الوقت معكِ وحدنا.”
“لكننا كنا معًا منذ الصباح!”
“لكن طوال الوقت كان فريتز يتدخل…..أو كنا نتحدث عن العمل….وأنا….لا أحب ذلك..…”
“من أنتَ؟”
صرخ شان وقد شحب وجهه، موجّهًا قلمه إلى فيلياس.
“من أنتَ بحق؟! أين أخفيت سيدنا الحقيقي؟! هل هذه قوة؟! هل هذه أيضًا إحدى قدراتكَ؟!”
حينها مدّ فيلياس يديه ووضعهما على أذني فانيسا مغلقًا عليهما.
_______________________
تكفون يجننووووووون 😭 فيلياس بكل ذا الجثة قاعد يتدلع 😭 ببكي
شان يجنن قاعد يشبك فانيسا وهي ماتدري عاهااااهاهاها
المهم فيلياس مفروض ياخذها فرصة كذا فانيسا بتقعد عنده واجد✨
التعليقات لهذا الفصل " 41"