قالت ذلك بلا تمهّل، وكانت تريد أن تجرحه بالكلام إذ أنه حتى هو لكان قد فهم أنها تسخر.
لكن بدلًا من الجدال، خلع فيلياس عباءته بهدوء. و انسدل شعره فوق كتفيه، وبدون إدراكٍ منه التقطت فانيسا نفسها وقد توقفت أنفاسها.
وجهه بدا غير واقعيٍ من النقاء. لم يكن أيّ من تخيلاتها السابقه يماثل هذا المشهد؛ ملامحه كانت باردة من بعيد لكن عينيه كانت تخترقانها.
سحب يخبث سكين الصيد، وأمسك بشعره بيده ثم قطعه دون تردد.
طرطق-
رما فيلياس الخصل المقطوعة بلا مبالاة على الأرض، ونظرت فانيسا لها مذهولةً قبل أن ترفع رأسها مجددًا.
بينما ظل فيلياس يحدق بها، مثابرًا كما لو أن العالم كله لا يعني له شيئاً بدونها.
“هل سبق أن قتلتَ شخصاً ما لانتقامٍ شخصي؟”
تساءلت فانيسا، فنفى فيلياس بعد تفكيرٍ وجيز.
“ألم يبقَ لديكِ المزيد لتسألي عنه؟”
“ما المقصود؟”
“سألتِ إن كنت قد قتلتُ أحدًا. لكنكِ لم تسألي أنني سأقتل في المستقبل.”
رد سكونه البارد بابتسامة، فضحكت فانيسا بسخرية مُرة.
ثم أكمل الكلام هادئًا.
“إن سألتِ بهذا المعنى، آنسة فانيسا، فسأفعل. أياً كان، من أجل متعتكِ. لذا.…”
“لذا؟”
“ناديني باسمي الآن.”
عندما ارتسمت تلك الابتسامة على محيّاه، فقدت فانيسا لوهلة القدرة على الكلام.
صارت واضحةً لديها أسباب همس النبلاء في المدينة بأنه مجنون.
ففي هذه اللحظة بدا له أن لا شيء مهمٌ سوى فانيسا. ولأجل متعتها، سيقوم بأي شيء.
أخذت فانيسا نفسًا عميقًا صغيرًا.
“قبل ذلك…..أجبني على شيءٍ واحد فقط، سمو الدوق.”
“اسألي عن أي شيء.”
“كل هذا كان مجرد استفزازٍ لكَ من الدوق، أليس كذلك؟ أن تصل إلى هنا…..لم يكن أمرًا صعبًا عليكَ أصلًا. فلماذا لم تظهر إلا الآن؟ بما أن…..أنت كنتَ تعلم كل شيء. أن الأمور كانت ستؤول إلى هذا على أي حال.”
بعد صمتٍ قصير، تكلم فيلياس.
“كما قلت لكِ…..كنت أحاول تسوية الأمور بأقل قدر ممكن من…..العنف. تتذكرين ما حدث آخر مرة واجهتُ فيها دوق فالندورف.”
“…..كيف أنسى.”
“كان بإمكاني أن أقتحم المكان وأثير الفوضى، لكنكِ كنتِ تريدين أن يبقى مايسون حيًا. لذا…..تعيّن علي أولًا تفكيك شبكات الاتجار بالبشر داخل العاصمة. لأن ما سيفعله الدوق كان واضحًا.”
‘هل ذلك مجنون الذي قضى على كل منظمات الاتجار بالبشر في المنطقة هو فيلياس؟’
كان الدوق قد قالها وكأنها مسألةٌ مزعجة.
إذًا…..الجميع. قضى عليهم جميعًا.
“كلهُم…..جميعًا؟”
ابتسم فيلياس بخجلٍ بسيط.
“كان ذلك مفيدًا لأمن الإمبراطورية أيضًا. لست وطنيًا حقًا لكن..…”
“لا، لا. قلتَ أنك لم يسبق وأن قتلتَ شخصاً.”
“…..لم أقتلهم. فقط قيّدتُ أيديهم وأرجلهم وألقيتهم في النهر.”
“هذا قتلٌ.”
“لا يمكن القول أنني من قتلهم.”
“إذًا من قتلهم؟”
تردد فيلياس لوهلة.
“النهر..…؟”
حينها قاطعها صوتٌ جديد.
“بل الحظ الذي وُضع للبشر وجعلهم عاجزين عن التنفس تحت الماء، ربما.”
كان الصوت يأتي من نهاية الممر، والدوق يقترب وهو يضرب الأرض بعصا التنزه.
“…..يبدو أن تركي له حيًا كان خطئي.”
همس فيلياس، بينما وقف الدوق بميلانٍ ساخر يلف عينيه.
“ما الفائدة من قول ذلك الآن؟ ثم إن متُّ، ستضطر لحماية الجبهة الجنوبية وحدكَ، فماذا عن منطقتكَ العزيزة أشكا إذًا؟ ها؟”
كانت عينيه الاصطناعيتان لا تفارقان فانيسا وهو يتكلم.
فأدار فيلياس وجهه بضجر. بينما تصنّع الدوق الحزن.
“أعرف أنني قسوت عليكِ يا نيسا. كان كل شيءٍ مزحة. لدي خبرٌ سيء آخر، لكنكِ ستسامحينني، أليس كذلك؟”
رفع يده اليسرى، يحمل بها ورقةً مطوية. و مد فيلياس يده فأعطاها له الدوق دون مقاومة.
“…..هذا غير متوقع، آنسة فانيسا.”
“ما الذي؟”
مدّت فانيسا يدها لخطف الورقة، لكن لم تعد هناك حاجة لذلك.
“مذكرة اعتقال. فانيسا لانغ، بتهمة قتل الكونت ستيفان لانغ، هذا يعني أنكِ مُعتقلة.”
ضحك الدوق وهو يضع يده على كتف فيلياس.
“وتخيلي، كان لدي أصلًا صلاحية الاعتقال منذ زمن. و هذه أول مرةٍ أستخدمها.”
نفض فيلياس يد الدوق عنه بخشونة، وظل يحدّق في مذكرة الاعتقال كأنه يبحث عن خطأ فيها.
“يبدو أنني كنت…..غافلًا جدًا عن الشؤون في الداخل. لم أتوقع أن يصل الأمر إلى هذا.”
“كنتَ مشغولًا برمي الأشرار في النهر، أليس كذلك؟”
تهكّم الدوق. و كانت فانيسا تنظر إليه في تلك اللحظة وتفكر في أسرع طريقة لقتله بضربةٍ واحدة.
هل يمكن لها بقوتها أن تسقط رجلًا صُقل في ساحات الحرب؟
و كأن فيلياس قرأ نيتها، فمد يده وحجب رؤيتها به، ثم جذبها بهدوء.
“لا تقلقي، آنسة فانيسا. سأفعلها أنا. ألم أعدكِ؟”
همس فيلياس بنبرةٍ ناعمة، و بنظرة هادئة يحدّق بها من الأعلى، فلم تستطع دفعه.
الصوت ذاته، والهيئة ذاتها، لكنها…..كانت غريبةً بشكل لا يُصدّق.
وعيناه…..
‘تبدوان كعينَي شخصٍ فقد عقله تمامًا.’
______________________
عشانس✨
الدوق الحمار من وين جاب المذكره؟ وش دليلك يهو؟ بعدين العجوز الي قتلته وينها على الاقل تقول دفاع عن النفس
المهم اخيرا شافت وجهه✨ ذاه تقريبا نص مشهد البداية ✨
التعليقات لهذا الفصل " 26"