“على أي حال، أنا لستُ مرشحًا للعرش، فلا حاجة بي للزواج من ابنة عائلةٍ نافذة…..لكن رغم ذلك، هناك مسألة السمعة، أتعلمين.”
تنهدت فانيسا بخفة.
إذاً هذا هو أكثر رجال الإمبراطورية العُزّاب شعبية…..يتفوه بهذا الهراء.
“نعم، سموكَ. أتفهم.”
“أليس كذلك؟ وفوق ذلك، أن تكوني أميرةً إمبراطورية أمرٌ مرهقٌ جدًا. انظري إلى أمي…..تزوجت أبي بلا سند، وعانت طوال حياتها…..وفي هذا العمر، بدت كالجدة! يا إلهي، مجرد التفكير بالأمر مرعب.”
“نعممم…..يا لكَ من شديد المراعاة. لكنني أخشى أن أرفض عرضكَ، سموك. كما تعلم، أنا يتيمةٌ لا تملك شيئًا ولا سند لها.”
“هم؟ آه، إن كان الأمر أن لا خاطب مناسبٌ لديكِ، يمكنكِ الإقامة في القصر الإمبراطوري. بالطبع عليكِ الانتظار حتى أتزوج، لكن…..حتى ذلك الحين يمكننا أن نكون…..في علاقة حرة.”
صفق—
أمسكت فانيسا وجنتي كونراد الشبيهتين بحجر المرمر بكلتا يديها بقوة. و امتلأ وجه كونراد بالترقب. قهز شفتيه قليلاً وسأل،
“ما…..ما هذا فجأة؟”
كم كنت أريد أن أصفع هذا الرأس الجميل قبل موتي مباشرة.
غرست فانيسا أصابعها في خصلات شعره الذهبية البراقة.
فَرووش-
“آ–آه! ماذا تفعلين؟!”
أخذ يلمس شعره المبعثر وهو يكاد يبكي. بينما نظرت إليه فانيسا بعينين مبتسمتين.
“يا إلهي، سامحني. لكن شعركَ جميلٌ للغاية، لم أستطع مقاومة نفسي.”
“لا، أيُقبل هذا كعذرٍ أصلًا.…”
“على كل حال، سموك، هل أستطيع التجول قليلًا هنا؟ حصاني رائعٌ جدًا، أريد أن أجرّبه بالعدو.”
لم تنتظر إجابته وصعدت إلى الحصان. و الحصان المروّض انطلق فورًا يعدو. وتركت خلفها كونراد يصيح بلا جدوى.
بعد أن قطعت مسافةً على طرف الغابة، سمعت طلقةً أخرى ليست ببعيدة.
ليست لكاليب ولا كونراد، فهي جاءت من الجهة المعاكسة تمامًا. هل هو الدوق؟
ثم طلقة أخرى. ثم صوت اصطدام….ثقيل….مكتوم.
فاجتاحها شعورٌ سيئ. و أدارت فانيسا الحصان واندفعت نحو مصدر الصوت.
بعد قليل، لمحَت بين الأشجار ظهر رجلٍ يمتطي حصانًا. شعرٌ فضي…..يمكن معرفته من بعيد.
الدوق فالندورف. كان ممسكًا بالبندقية بثبات وهو على صهوة جواده، يصوّب نحو شيءٍ ما…..
لكن اتجاه التصويب لم يكن يشبه صيد الطيور. فنزلت فانيسا عن حصانها واقتربت بحذر.
وبينما دفعت الأغصان جانبًا…..رأت شيئًا طويلًا يتأرجح يمينًا ويسارًا في الفضاء. و كان الدوق يصوّب نحوه كما لو كان هدفًا.
هل يتدرّب على الرماية؟ الآن؟ لكن عندما دققت النظر…..
لم يكن هدفًا. بل كان إنسانًا…..معلّقًا من رقبته.
لا.
شعرت أن الأرض تميل بها. و لم تفكر. و لم تتردد. بل ركضت فوراً.
مرت بالدوق، واخترقت الساحة نحو مايسون المعلّق.
“مايسون! مايسون!!”
احتضنت ساقيه محاولةً رفعه قليلًا.
هل تنفّس؟ لم تكن تعرف.
كانت يداه موثوقتين خلف ظهره، والدم يسيل من فمه المُكمّم، وعيناه المرتجفتان تجوبان الفراغ بذعر.
لحسن الحظ، الحبل لم يكن مشدودًا بالكامل…..و لو استطاعت قطعه، ربما…..
‘إنه مرتفع جدًا…..ولو أفلتُّه سينخنق….’
حملته بيد، وباليد الأخرى حاولت سحب الخنجر الذي أعطاه لها الدوق.
همست له، لكن عينيه ظلتا تسبحان في الفراغ، بلا وعي.
حينها سمعت ضحكةً هادئة.
‘لقد نسيتُه.’
فالتفتت…..وكان الدوق ما يزال يصوّب بندقيته…..ويضحك.
“سيدي الدوق….ماذا…..ماذا تفعل؟ كيف يمكن أن تعامل إنسانًا بهذه الطريقة؟”
بانغ—
تفتّت الخشب بالقرب منها بصوتٍ مرعب.
وهل كانت يد مايسون ترتجف؟ لا…..كانت هي من ترتجف.
بلل العرق كفيها. بينما كان يبدو الدوق…..مبتهجًا للغاية.
لم تره من قبل بهذه الصورة.
ثم ابتسم،
“ألم يقل لي أنه سيقدّم ضمانًا؟ من أول يوم التقينا فيه.”
مسكت فانيسا يدها المرتعشة بقوة حتى هدأت قليلاً. و بنجاحٍ مريرٍ استطاعت أخيراً إخراج الخنجر.
كان عليها الآن أن تفك قيود مايسون دون أن يلاحظ الدوق. فغرست الخنجر بين معصم مايسون والحبل. لكن كانت العقدة أمتن مما بدت.
يجب كسب بعض الوقت.
“…..ألم تنتهِ كل علاقات الدين؟ لا أنا، ولا البارون سيري، ندين لكَ بشيء.”
“لا يهمني أمر الديون. لكن ذلك الموجود هناك قال أنه سيكفلكِ. نيسا. آه، هل لي أن أناديكِ هكذا؟ لا تدرين كم أشعر بالسعادة عندما أراكِ.”
بانغ-
أغمضت عينيها بقوة لكن هذه المرة أيضاً لم تُفلح المحاولة. و ربما كان يصوب عمداً إلى مسافة بعيدة ليتلذذ بتهديدهما.
“لفترةٍ طويلة لم أهتم بأي شيء. كان الأمر مملاً على نحوٍ قذر. ثم سمعتُ أن ذلك الوغد جثا أمامكِ.”
كان يقصد فيلياس.
“عندما علمتُ أنه طلب لقاء ولي العهد لأجلكِ…..يا لها من فرحة. حتى أنه ذهب إلى بيتكِ الرثّ بنفسه، أليس كذلك؟”
حينها أدركت فانيسا أن كل هذا بالنسبة للدوق مجرد لعبة.
أراد فقط إذلال فيلياس. لأن فيلياس معجبٌ بها، ولأن مايسون حاول حمايتها. لهذا السبب فقط اختطف الدوق مايسون وعلّقه.
‘ليس أمراً مفاجئاً. كنت أعلم أنه مجنونٌ منذ زمن.’
“إذًا، أنا كنت هديتكَ المفاجئة لإفساد مزاج سمو الدوق. فأين المتلقي الآن؟”
“سيظهر قريباً. وهو يلبس ذلك الشيء المضحك على وجهه. لكن لم أتوقع أن تكون فتاة! بصراحة، هذا مفيدٌ للغاية. سهلٌ جدًا خطف وقتل امرأة، فهو لا يقارن بالأولوية العسكرية، أليس كذلك؟”
“…..أولوية؟”
“آه، أمر الحرب. لا يهمكِ. على أي حال، شكرًا لزيارتكِ بيتنا يا نيسا. فلنستمتع بوقتنا. أنتِ لا تدرين بعد، لكن كرجلٍ أنا أفضل من ليون. ففي العلاقات، تحتاج الأمور القليل من….كيف أقول…..اليأس.”
ابتدأ الدوق يعيد تحميل البنادق ببطءٍ مريح، كأنهما غير مرئيين أمامه. بينما ركزت فانيسا على قطع الحبل، واضعةً كل قوتها في هذا العمل.
كركرة-
و مع صوت إعادة التحميل انقطع الحبل.
“مايسون! مايسون، أمسك هذا. لا أستطيع الوصول، عليكَ أنت أن تقطع الحبل.”
“….…”
“مايسون..…؟”
لم ينظر م.يسون إلى فانيسا. و لم يقبض الخنجر. و ظل يحدق في الدوق بعيونٍ فارغة.
حينئذٍ لاحظت فانيسا أن معصميه مكسوران كلاهما.
فزم الدوق لسانه ازدراءً.
“في حالٍ عادية ما كان ليُعاني هكذا. الآن لكان مايسون يساعد محتاجين في أماكنٍ كثيرة. لكن أحدهم، ذلك المجنون قضى على عصابة الاتجار القريبين.”
كبتت فانيسا دموعها واهتزت بجسم مايسون بعنف.
“استيقظ! مايسون! عائلتكَ تنتظركَ! مايسون!!”
“آه…..كلما رأيتكِ ألاحظ أنكِ لطيفةٌ للغاية..…”
أطلق الدوق الرصاصة مرة أخرى.
بانغ-
و انقطع الحبل فوق رأسه. فتدحرج جسد مايسون على التربة بلا قوة.
“ماذا تفعلين؟ اهربي!”
هتف الدوق ثم صوب بندقيته نحو ظهر فانيسا وأطلق.
بانغ-
فسقط حصان فانيسا بلا حول.
“اركضي، نيسا!”
تعثرت فانيسا وهي تحاول أن تسند جسد مايسون وتنهض به. ثم بدأت تركض متعرجةً بلا هدف.
‘سأقتله. سأقتله!’
مضغت الكلمات في حلقها وهي تندفع.
________________________
المجنون قاعد يصوب عليها ويقول اركضي؟ الووووو فيلياس الحق على ام عيالك!
يمكن بعد ذا الدوق هو الي دفها في الاوبرا؟
المهم ابوك يالرعب مجنون ذاه كيف محد مسكه وليه محد جا بعد كل ذا الطلقات لذا الدرجة الصوت طبيعي؟
التعليقات لهذا الفصل " 25"