‘يداي ليستا صغيرتين عادةً…..’
ضغط فيلياس على يدها برفق، وتشابكت أصابعه الطويلة بأصابعها، وهو يعبث بأطراف أظافرها بخفة. فابتسمت فانيسا ابتسامةً قصيرة.
“يا سمو الدوق، ألا يبدو أنكَ كنت تريد فقط أن تمسك بيدي؟”
“بما أنكِ تعلمين ذلك، فهل سألتِ فقط لأنكِ تودين سماع إجابتي؟”
“كلا، لا تقل شيئًا.”
“لن أتكلم إذاً، ولكن أليس من عادة الراقصين أن يتبادلا التحية قبل البدء؟ فإن أذنتِ لي، بدلًا من التحية..…”
“تقبيل اليد ممنوع.”
“ممنوعٌ على اليد فقط؟”
‘ما باله هذا المساء؟ لماذا يتحدث هكذا بمكرٍ غير معتاد؟’
حدّقت فانيسا به بحدة، ويبدو أن التوتر كان يخصها وحدها.
ثم أمال فيلياس رأسه بهدوء،
“اعذريني، حين أتوتر…..يكثر كلامي دون قصد.”
“سأعتبرها حجةً مقبولة.”
تظاهرت فانيسا بالهدوء، ووضعت يدها اليسرى على كتفه.
“إذاً، اسمحي لي.”
لامست يد فيلياس اليمنى عظمة كتفها من الخلف، ودفء جسده وصل إليها من خلال القماش الرقيق.
‘هل من المفترض أن نكون بهذا القرب؟ هل هذه الوضعية صحيحةٌ أصلًا؟’
تصلب جسدها لا إراديًا، فبدت حركتها غير طبيعية.
و راقبها فيلياس للحظة، ثم عدّل وضعه ليسند ظهرها بذراعه، فانجذب جسدها إلى صدره بانسيابية كما لو كان يحتضنها.
“أنت ماهرٌ جدًا.”
“سبق أن قلتُ لكِ، كان لي زمنٌ كنتُ فيه أميرًا.”
قادها بخطواتٍ هادئة متناغمة.
“صعبٌ أن أتخيل ذلك حقًا.”
“قبل نهاية عهد الإمبراطور الراحل، كنتُ أدعى إلى كل حفلات القصر الراقصة دون استثناء.”
“وهل كنتَ تبدو هكذا أيضًا في ذلك الحين؟”
ابتسم فيلياس ابتسامةً خافتة.
“أعلم أنكِ تظنين أنني عشتُ حياتي بهذا الشكل دائمًا، وأعلم كذلك ما يُقال عني بين نبلاء العاصمة. لكن ما يُقال ليس كل الحقيقة.”
إذاً كان هناك من رقص معه في الماضي، وجهًا لوجه. تلك الفكرة وحدها جعلت صدرها ينقبض بشيءٍ من الغيرة.
ثم جذبها بذراعه اليمنى بحركةٍ خفيفة، فدارت في مكانها بخفة.
“بالمناسبة يا سمو الدوق، هل تعلم أنني رقصتُ اليوم مع سمو الأمير في قصر الكونت؟”
كانت مقتنعةً أن هذا وحده ما دفعه لطلب الرقصة بهذا التوقيت. ربما أسرّ له آبيل بالأمر.
وإن كان كذلك، فربما تخيّل فيلياس أيضًا يد كونراد تلامس خصرها عبر قماش ذلك الثوب الرقيق، فهل كان قوله بأنه يرغب في احتجازها نوعًا من الغيرة؟
‘يا إلهي، وأنا أيضًا، كيف أفسر هراءه بهذه الطريقة؟ ما الذي أصابني؟’
“يا سمر الدوق، لا أعلم ما الذي نقله لكَ آبيل، لكن..…”
“عذرًا يا آنسة فانيسا، من هو آبيل؟”
تجمد عقلها للحظة.
‘هل كنتُ مخطئة؟’
“آبيل، حارسي الشخصي. ألم يُخبركَ بما حدث اليوم؟”
“حارسُكِ الشخصي عمله هو حمايتكِ، لا مراقبتكِ.”
“إذًا…..لم تكن تعلم؟”
“بل كنتُ أعلم.”
“….…”
“وربما هذا سيزعجكِ، لكنني أعلم أكثر مما تتخيلين يا آنسة فانيسا.”
تعثرت فانيسا بخطواتها من الدهشة، فسارع فيلياس إلى دعمها بذراعه قبل أن تترنح، ثم أنزلها بلطفٍ من جديد.
“أقصد أن لدي رجالي في العاصمة أيضًا. أمرٌ مزعج فعلًا، لكن هناك أسبابٌ كثيرة…..وأتمنى ألا يثير ذلك استياءكِ.”
‘يعلم الكثير؟’
لم تستطع فانيسا منع نفسها من تذكّر ما حدث في قصر لانغ.
‘مستحيل…..لا يمكن أن يكون على علمٍ بذلك. لا أحد يعرف ما حدث هناك غيري أنا وأغنيس.’
“إذاً قصدكَ يا سمو الدوق…..أنكَ لم تتعمد مراقبتي؟”
“همم…..قد يختلف الجواب باختلاف وجهة النظر.”
كانت على وشك الردّ على سخرية كلماته، لكن لسانها انعقد فجأة. فقد أحاط خصرها بذراعه ورفعها عن الأرض بكل بساطة.
ثم شهقت فانيسا وتمسكت بكتفيه تلقائيًا، لتجد نفسها في أحضانه تمامًا.
“يا سمو الدوق…..أليست هذه رقصة فالس؟”
سألته وهي بين ذراعيه.
“تقريبًا.”
رفع رأسه لينظر إليها بعينين ثابتتين.
“لكن لا أظن أنه من اللائق أن تبقيني محمولةً هكذا طويلًا.”
“إذاً…..لنجعلها رقصةً من نوعٍ آخر؟”
“كلا، فقط أنزلني حالًا.”
فيلياس أنزل فانيسا برفق. و لم تكن تعرف إن كان اضطراب قلبها العنيف ناتجًا عن الارتباك أم عن شعورٍ آخر مختلف.
نظرت خلسةً إلى المرآة، ولم يكن مفاجئًا أن وجنتيها كانتا محمرتين تمامًا.
“كنت أعلم…..أنكِ ستقابلين كونراد اليوم. لكن عندما تخيلت أنكِ كنتِ هناك…..بتلك الهيئة.”
“تلك الهيئة؟”
“ألستِ متألقةَ الجمال إلى حدٍ مفرط؟”
كان صوته يكاد يشبه العتاب.
“هل أنتَ غاضبٌ الآن؟”
“…..وكيف لي أن أكون كذلك.”
أدركت فانيسا حينها أن تصرفه الغريب منذ قليل لم يكن بسبب الضيق أو الخجل. فمنذ أن دخل هذه الغرفة، كان فيلياس غاضبًا بوضوح.
وكانت تملك فكرةً عمّا أغضبه…..
فأغلقت فانيسا علبة الموسيقى التي كانت لا تزال تدور.
“أتدري؟ هذه أول مرة تقول لي فيها أنني جميلة.”
قالت ذلك بنبرةٍ لا شعوريًا تحمل شيئًا من التهكم. فتنهد فيلياس بصوتٍ خافت يكاد لا يُسمع.
“في الحقيقة، مثل هذا الكلام…..لا معنى له أبدًا. كأن يقول أحدهم أن النار حارّة.”
“بل هذا النوع من الكلام هو الذي لا معنى له يا سمو الدوق. ما الذي..….”
“ربما الأفضل لي ألا أتكلم على الإطلاق.”
“أنتَ لا تُريني وجهكَ أصلًا، والآن لا تريد حتى التحدث معي؟”
اقترب فيلياس ومد يده نحوها. قارتجفت فانيسا بدهشة لكنها لم تتراجع.
كفاه احتضنتا وجنتيها برفق. فتجمّدت فانيسا مكانها، لم تتخيل أن يعاملها بذلك القرب، رغم أنهما كانا قد رقصا سويًا قبل قليل فقط…..
نظر فيلياس إلى وجه فانيسا، وشعرت هي بظلٍ كثيف يغطيها من فوق رأسها.
“أي معنى لكلامي أصلًا؟ فأنتِ تفعلين في النهاية ما تريدين، وأنا أُطيع كل ما تأمرين به.”
“…..لا أعلم إن كان ذلك صحيحًا، لكن ألم يكن هذا خياركَ أنتَ؟ فلماذا يبدو وكأنكَ توبّخني؟”
“تأنيب؟ مستحيل، هذا هو سبب وجودي بجانبكِ أصلًا.”
“الجميع يستطيع قول هذا النوع من العبارات.”
“الخطأ خطئي، لأني لم أكسب ثقتكِ بعد.”
قال ذلك دون أدنى أثرٍ للسخرية، لكن الغضب اندفع في صدر فانيسا دون أن تدري.
“يا سمو الدوق، أنا..…”
“ثم إنني قلتُها من قبل، لن أقيدكِ.”
بدا أنه يشير إلى ما حدث في الحفل الموسيقي. إلى كلماته حين قال أنه لا يهمه كم عدد عشّاقها، طالما تعود إليه في النهاية، فذلك يكفيه.
“تراقبني باستمرار ثم تقول أنكَ لا تقيّدني. ما الذي تظنّني عليه يا سمو الدوق؟”
ساد الصمت، حتى أن أنفاسهما لم تُسمع.
سحب فيلياس يده ببطء، وقد بدا فاقد القوة.
“من الأفضل ألا أقول ما أفكر فيه تجاهكِ. فأنتِ على الأرجح لا ترغبين بسماعه. والآن، أعتذر عن إزعاجكِ في هذا الوقت المتأخر.”
“سترحل هكذا فقط؟”
“نعم. إن سمحتِ، سأهتم أنا بأمر مايسون سوري. بالطبع، ستنتظرين، أليس كذلك؟ أحلامًا سعيدة يا آنسة فانيسا.”
حيّاها بهدوء ثم استدار وغادر. بينما وقفت فانيسا لوقتٍ طويل تحدق في الباب المغلق أمامها.
***
بعد يومين، كانت فانيسا في دار الأوبرا برفقة كونراد.
بعد انتهاء الفصل الأول، خرجت من المقصورة بحجة تعديل زينتها. و كانت قد أنهكت نفسها في صدّ محاولات كونراد الوقحة دون أن تثير الشبهات.
صعدت إلى أعلى المقاعد المقابلة، ووجهت منظار الأوبرا نحو المقصورة.
رأت كونراد جالسًا بتكاسل يتثاءب بملل. ولم يكن بعيدًا عنه، ظهرت بولينا.
_______________________
اها متعمده يشوفون بعض؟
فيلياس يبي له واحد برتب كلامه ووش قصده عشان ينفهم😭 مب معقول يرمي كلام ولا يهتم ثم يقول اوه المفروض اسكت
يجنن وهو غيران بس بس ياخي فانيسا ليه ماقالت له تراني ماعندي حبيب😔 وبعد هو شلون يدري عن اشياء واجد ولايدري عنها؟
المهم يارب يلزق فيها اكثر ياويلك تصفهها عشانها مافهمتك
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 20"