كان مايسون قد قال ذلك. وقد نظر إليه الدوق يومها كما لو كان ينظر إلى حشرة.
بمعنى آخر، لولا فانيسا، لما التقى مايسون بالدوق أصلًا.
‘أيمكن أن يكون السبب…..تدخلي أنا؟ لأني لم أرقص مع كونراد تلك الليلة…..ولأن أبي مات، فتغير مصير مايسون؟’
وبينما كانت غارقةً في تلك الأفكار،
“الآنسة فانيسا.”
ارتجفت فانيسا والتفتت نحو مصدر الصوت.
“هل حان موعد موتي..…”
تمتم ذو الشارب بخفوت. فقد كان فيلياس واقفًا عند الباب المفتوح.
“تعالي إلى الخارج.”
كان صوته هادئًا وعميقًا. و ظهوره المفاجئ جعل فانيسا تتلعثم قليلًا،
“يا سموّ الدوق…..كنتُ أظنكَ في اجتماع.”
“الهواء هنا خانق. تعالي، سنتحدث في الطريق.”
خرجت خلفه، وكانت هناك عربةٌ تنتظرهما. قجلست في مواجهته دون أن تدري كيف حدث ذلك.
مرّت ثلاثة أيام منذ لقائهما الأخير. و كان في صدرها الكثير من الأسئلة، لكن ما خرج من فمها كان ببساطة،
“كيف عرفتَ أنني هنا؟”
بدت ملامح فيلياس وكأنه ينظر مباشرةً إلى وجهها.
“هل تسألين بصدق؟”
“وهل أبدو كمن يمزح؟ ثم بشأن مايسون…..منذ متى وأنتم تعلمون بالأمر؟”
“منذ متى؟”
أمال رأسه قليلًا وردّ مبتسمًا،
“آه، حقًا…..أحيانًا حين تتصرفين بهذا القدر من البراءة، تكونين لطيفةً بشكل لا يُحتمل يا آنسة فانيسا.”
“ماذا…..؟”
“هل كنتِ تظنين أنني سأدعكِ تتجولين وحدكِ؟ منذ متى، تقولين؟ بالطبع منذ البداية.”
ارتجف كتفاه وهو يضحك بخفة.
نظرت إليه فانيسا، فتذكّرت اليوم الذي اقتادها فيه إلى قصره للمرة الأولى.
كانت تظن حينها أنه كان يبكي…..لكنها الآن تدرك أنه كان يبتسم.
“توقف عن الضحك.”
“آه، معذرة. أنا دائمًا هكذا. لكني لم أضحك سخريةً منكِ.”
“حقًا؟”
لطالما كانت فانيسا تعتقد أنها هي من يملك زمام الأمور بينهما. فقد وقع في حبها، وكان يعاملها كما لو كانت سيدته.
ومع ذلك، لا تزال لا تعرف وجهه. و لا تعرف كيف تكون ملامحه حين يهمس لها بكلمات العشق.
‘إذاً أنا…..ما الذي أريده حقًا من رجل لا أعرف حتى وجهه؟’
كلما رأته كانت مشاعرها تتشابك بعشوائية، ومع لقائه الآن بعد ثلاثة أيام فقط، أدركت الحقيقة بوضوح.
هناك جزءٌ كبير من تلك المشاعر كان نوعًا من…..الشعور بالانتصار.
يا للسخرية، أن تشعر بالسيطرة على رجل ضِعف حجمها تقريبًا.
كانت تعرف تمامًا أنه لو أراد، لتمكن من قطع عنقها في أي لحظة — مجازًا، أو حتى فعليًا. ومع ذلك، لو أمرته، لركع أمامها دون تردد.
‘طبعًا، إن كانت الصورة التي يُظهرها لي حقيقية بالكامل…..’
لكن كيف يمكن أن تثق به؟ كيف تثق بهذا الرجل المليء بالأسرار؟
“بماذا تفكرين بعمقٍ هكذا؟”
هزّت فانيسا رأسها لتطرد أفكارها.
“لا شيء. على أي حال، يجب أن نساعد مايسون الآن. لا علاقة له بالدوق فاليندورف، وقد يكون تورط في هذا بسببي فقط.”
“هل مايسون سيري شخصٌ عزيزٌ عليكِ؟”
سأل فيلياس فجأة.
“بالطبع…..مايسون كان دائمًا إلى جانبي. وأنا، رغم أنني أقدم أصدقائه، لم أستطع إنقاذه.”
“كان دائمًا بجانبكِ، ومع ذلك اكتفى بالمشاهدة بينما والدكِ كان يعاملك بقسوة؟ لا يبدو صديقًا مخلصًا جدًا.”
“مشاهدة؟ هو لم..…”
“لم يكن يعلم؟ هل تصدقين ذلك حقًا؟”
بالطبع كان يعلم. لكن هذا لا يعني أن مايسون لم يكن صادقًا معها.
“لأني أنا لم أطلب المساعدة أبدًا.”
“وبقدر ما أعلم، مايسون سيري لم يطلب مساعدتكِ هو الآخر.”
“إذاً…..هل يعني ذلك أنكَ لا تريد مساعدته؟”
“كيف يمكن ألا أريد؟ مساعدتكِ أنتِ هو السبب الذي يجعلني أتنفس.”
“هاه، مجددًا مثل هذا الكلام..…”
أطرقت فانيسا بنظرها إلى الأرض.
“يا سموّ الدوق.”
“نعم، آنسة فانيسا.”
“قلتَ لي من قبل أنكَ تخفي وجهكَ لأنكَ لا تريد التواصل مع من لا يهمّونكَ. إذاً لماذا تخفي وجهكَ عني أنا أيضًا؟ إن كنتَ حقًا كما تقول، واقعًا في حبي، وإن كنتَ تحبني ولو قليلًا.…”
“لا تشكي.”
امتدت يده لتلمس ظاهر يدها.
“أرجوكِ، لا تشكي في حبّي لكِ…..يا آنسة فانيسا.”
الشك…..
‘كان الشك يومًا ما هو ما أبقاني على قيد الحياة.’
يا لسخرية القدر.
حدّقت فانيسا بصمت في يد فيلياس التي لامست أطراف أصابعها بخفة.
***
وصلتها رسالةٌ من “الوسيط”. اتضح أن التاج قطعةٌ أثرية قديمة، ويستلزم إجراء دراساتٍ أعمق عليه لاحقًا.
و كان هناك راعٍ مجهول عرض مبلغًا ضخمًا مقابلها.
سيُعار التاج مبدئيًا إلى الجامعة الإمبراطورية لإجراء البحوث، ثم سيُضمّ بعد ذلك إلى مقتنيات الراعي الخاصة.
سيُدفع نصف المبلغ مقدمًا، أما النصف الآخر فسيُعاد التفاوض بشأنه بعد اكتمال البحث — هذا كان الشرط.
وافقت فانيسا. فالمبلغ يكفي ليس فقط لتسديد دينها لدوق فاليندورف، بل أيضًا لتصفية ديون عائلة سيري بالكامل.
وهكذا، أُغلقت جميع الديون.
وفي اليوم التالي، وصلت رسالةٌ إلى منزل عائلة سيري باسم الابن الأكبر.
كانت مليئةً بالتفاصيل غير الضرورية، لكن الخلاصة أنه سيقيم مؤقتًا في قصر الدوق، ولا داعي للقلق.
قالت الرسالة أن الدوق عرض عليه وظيفة مساعد شخصي، وأن فترة التدريب ستستغرق وقتًا طويلًا، لذا لن يتمكن من العودة إلى المنزل مؤقتًا، لكنه يعيش براحةٍ ولا ينقصه شيء.
بدا البارون سيري مطمئنًا، فأن يكون ابنه سكرتيرًا لدوق فاليندورف يُعدّ نجاحًا باهرًا.
أما زوجة البارون، فقد شعرت في قرارة نفسها بأن هناك خطبًا ما، لكنها لم تجرؤ على التحقق من ذلك الإحساس.
“لديّ خطة.”
قال فيلياس ذلك وهو يمسك بقطعة “البيدق” في يد و”الحصان” في اليد الأخرى.
كانت خطته بسيطةً للغاية،
أولًا، خطف أليكسي فاليندورف وإلقاؤه من ارتفاعٍ لا يميته فورًا.
ثانيًا، إجباره على الاعتراف بمكان مايسون سيري.
ثالثًا، إلقاؤه ثانيةً من ارتفاعٍ يضمن موته.
“وهل تظن أن هذا ممكن..…”
كان فيلياس قد أتى إلى فانيسا مع بزوغ الفجر، وكالعادة انتهى بهما الأمر جالسين على جانبي رقعة الشطرنج، دون أن يتحرك اللعب قيد أنملة.
“يبدو صعبًا، أليس كذلك؟ بالنظر إلى طباع الدوق، سيكون من حسن الحظ إن اكتفى بالبصق بدلًا من الإجابة.”
قالت ذلك نيكولا وهي تفتح النافذة ليدخل هواء الصباح النقي.
“وكيف تعرفين ذلك يا نيكولا؟”
“كنت أعمل في القصر الإمبراطوري عندما كنتُ صغيرة. وقتها كان يُعرف بلقب اللورد فاليندورف، وكنت أقوم ببعض المهام في الجناح الذي كان يقيم فيه.”
“إذاً، هل يمكنكِ أن تخبريني أي نوعٍ من الرجال هو الدوق؟”
ترددت نيكولا قليلًا ثم،
“اللورد فاليندورف….باختصار….شخصٌ مشهور بكونه…..ابن كلب؟”
شهقت فانيسا، فسارعت نيكولا بالاعتذار وقد احمر وجهها.
“عذرًا يا آنسة، لم أقصد التحدث بهذه الفظاظة أمامكِ، لكني حاولت اختصار المعنى….هاها.…”
“لا بأس، لم أسمع هذا النوع من الأوصاف منذ مدة. لكن رجلًا من النبلاء يوصف هكذا من قبل خادمة…..لابد أن وراءه شيئًا خطيرًا.…”
و لوّحت نيكولا بيديها بسرعةٍ نافية،
“آه، لا لا، من تلك الناحية فهو نقيّ كالثلج! فقط…..إنه يعامل من هم دونه كما لو كانوا حشرات. دائمًا ينظر إلينا بنظرات اشمئزاز، وإذا ارتكب أحدنا خطأ بسيطًا، فصفعةٌ تنتظره — ليس من يده، بل يأمر أحد رجاله بذلك، كأنه لا يريد أن يلوث يديه بنا.”
“آه، هذا النمط أعرفه جيدًا.”
رغم أنه كان رجلًا متوحشًا إلى هذا الحد، لم يكن أحدٌ في الإمبراطورية يجرؤ على توبيخه ما دام ليس من العائلة الامبراطورية.
وفجأة تذكرت فانيسا ما حدث في قصر الماركيز بلاكوود.
حينها قال فيلياس أنه “سيقتلع عين الدوق الأخرى أيضًا”، كما لو أن العين المفقودة كانت مذنبةً بشيء.
ثم أسقطت فانيسا قطعة البيدق خاصته،
“هل يمكن أن تخبرني إن كان قد حدث بينكَ وبين الدوق شيءٌ في الماضي؟ فصاحب السمو ولي العهد قال أنكما…..تضررتما في الحرب.”
و ابتسم فيلياس بخفة.
“هل قال فريتز ذلك؟ حسنًا، ربما يكون محقًا في حالتي. أما فاليندورف…..فلا. لقد وُلد تالفًا من الداخل. وبالنسبة لكونه ’نظيفًا‘ من تلك الجهة، لا أتفق إطلاقًا. فجميع النساء اللواتي يمكن أن يشهدن على عكس ذلك…..يرقدن الآن في التراب.”
فتوقفت فانيسا عن تحريك قطعة الشطرنج.
“هل تقول أن الدوق…..قاتل؟”
_______________________
وش قاعد يسوي ذا المجنون يقتل النسوان؟؟؟؟
بعدين لحظه ليه فانيسا للحين ماقالت انها مب حبيبة فالندروف؟😭
المهم خطة فيلياس واو يعني ولا اروع بس لاعاد تفكر😘 خل فانيسا تفكر وانت سو
يجنن وهو جايها ياخذها كأنها وحده لاطلعت من البيت سوت مشاكل🤏🏻
مدري شقول بعد بس ياناس حبه لها يجنننننن ياحظها وياحظه😔
التعليقات لهذا الفصل " 17"