الرجل ذو الشاربين أطلق ضحكةً ساخرة، لكنه لم يبدُ واثقًا تمامًا.
“مستحيل، الدوق لم يفعل ذلك قط……لا، من الأساس، من أنتِ حتى……”
فخلعت فانيسا حجابها و تحدّثت ببرود،
“انظر جيدًا. إن لم يكن هذا الوجه دليلًا كافيًا، فلا أدري ما يكون.”
حدّق الرجال الثلاثة بها صامتين، وقد سلبهم المشهد الكلام.
فابتسمت فانيسا بنصف عينين ضيقتين و تحدّثت بسخرية،
“سأنقل لأليكسي ما حدث. سأقول له أن زبائن سكرتير مساعده استقبلوني بهذا اللطف الشديد.”
ما زال ذو الشاربين مترددًا، لكن الحارسين خلفه بديا مقتنعين بالفعل.
“سيدي، لم أرَ جمالًا كهذا في كل أرجاء المنطقة……لعلها فعلًا من مقربي الدوق……”
“هراء! أنتما لم تريا الدوق قط، لذا تهذيان بهذا الشكل. لكن الدوق فاليندوف رجلٌ بلا دمٍ ولا دموع! لا يمكن أن تكون له عشيقة!”
“هاه، إذًا هذه هي سمعة دوقنا؟”
مسحت فانيسا ابتسامتها عن وجهها، ثم خاطبتهم بتعالٍ تام اكتسبته من ثماني سنواتٍ بصفتها زوجة الأمير،
“اذكروا أسماءكم.”
فتبادل الرجال النظرات المتوترة، ثم تراجعوا متلعثمين باعتذارٍ وغادروا الزقاق مسرعين.
***
حين عادت فانيسا إلى جناح الضيوف، كانت الشمس قد تجاوزت منتصف النهار.
“أنا متعبة، سأخلد إلى الراحة. يمكنكم تناول الطعام بدوني.”
صرحت بذلك، ثم صرفت الخادمات واستلقت على الأريكة الطويلة في قاعة الجلوس.
‘والآن……ماذا سأفعل بشأن تلك اللوحة؟’
كما قال الوسيط، الخيار الأفضل هو تسليمها للعائلة الإمبراطورية. لكن بأي ذريعةٍ يمكنها دخول القصر؟
وليّ العهد قال أنها مرحبٌ بها في أي وقت، لكن لا يمكنها ببساطة طرق بوابة القصر دون سبب.
كان من السهل الدخول بدعوةٍ لحفل إمبراطوري، لكن تلك الحفلات عادةً تنظمها السيدات النبيلات، ولا توجد الآن أي سيدةٍ تتولى مثل هذا الدور في البلاط.
الأمراء جميعهم غير متزوجين، والإمبراطورة تكاد تكون في عزلة، لذا لا مجال لمثل تلك المناسبات.
فتثاءبت فانيسا بكسل.
‘يبدو أنني بحاجة إلى تقوية لياقتي إن كنتُ سأتحرك وحدي من الآن فصاعدًا……لم أتوقع أن تكون عربة السفر مرهقةً لهذه الدرجة……’
يبدو أنها غفت دون أن تشعر، وحين فتحت عينيها وجدت فيلياس جالسًا أمامها يراقبها من المقعد المقابل.
“يا إلهي!”
لكن فيلياس لم يتحرك قيد أنملة.
‘هل هو نائم؟ لا أرى وجهه جيدًا لأتأكد……’
اقتربت منه لتنظر تحت غطاء رأسه، غير أنه بقي ساكنًا تمامًا.
و قد غلبها الفضول، فمدّت يدها نحو طرف الوشاح الذي يخفي وجهه، وفجأة—
“آنسة فانيسا.”
“آه! بحق!”
ارتبكت حتى كادت تقع أرضًا، فأسرع فيلياس وأمسك بها.
“كادت تكون فضيحةً صغيرة. يمكنكَ أن تتركني الآن يا سموّ الدوق.”
لكن فيلياس لم يبدُ راغبًا في إفلات يدها بعد. و كانت عيناه معلقتين على يدهما المتشابكتين.
ثم تحدّث بصوتٍ هادئ،
“بالمناسبة، آنسة فانيسا، من عادة النبلاء في المجتمع أن يقبّل السادة أيدي السيدات حين يحيونهن، أليس كذلك؟”
“……صحيح.”
“إذاً لماذا لم أقبّل يدكِ قط؟”
اتسعت عينا فانيسا في حرج، وأخذت تتلفت باحثةً عن مخرج.
ويا للأسف، لم تكن ترتدي قفازها هذه المرة. فشعرت بعظام يده البارزة من خلف قفازه الرفيع.
“لا ينبغي لكَ أن تفعل ذلك، يا سموّ الدوق.”
“ولمَ لا؟”
‘هل يتظاهر بالجهل أم أنه جادٌ فعلًا؟’
“قبلة اليد تعني الاحترام والإجلال، وفي الإمبراطورية……المرأة الوحيدة التي تستحق منكَ هذا الإجلال هي جلالة الإمبراطورة.”
“لكن المرأة الوحيدة التي أُجلّها حقًا……هي أنتِ.”
“يا إلهي……مزاحكَ قاسٍ بعض الشيء. على أي حال، حتى وإن كنتَ تعني ما تقول، فهذا لا يجوز.”
حركت فانيسا أصابعها بتوترٍ وقد بدأ العرق يتكوّن في راحة يدها. لكن فيلياس ظل يحدّق بثبات في يدها اليمنى.
“لكن أخبريني يا آنسة فانيسا، من الذي قرر مثل هذه القواعد أصلًا؟”
“من يدري؟ لعلها أوامر البلاط الإمبراطوري.”
سكت فيلياس لبرهة، ثم أرخى قبضته وأفلت يدها أخيرًا.
“ومتى جلستَ هنا بالضبط؟ لا تقل أنكَ كنتَ تراقبني وأنا نائمة!”
“إن فعلت، فسيُعد ذلك تصرفًا غير لائق، أليس كذلك؟”
“ربما، لكنني أنا المخطئة أيضًا لأنني غفوت في قاعة الجلوس، فلا يحق لي الغضب.”
“في هذه الحالة……نعم، كنت أراقبكِ وأنتِ نائمة.”
“حقًا؟ ولمدة كم من الوقت؟”
“نحو عشر دقائق……كنتِ تغفين بعمق شديد، و……حسناً، كنتِ تبدين جميلةً جدًا أيضاً. هل أغضبكِ ذلك يا آنسة فانيسا؟”
“لا، لم أغضب. كان من اللائق أكثر أن توقظني أو تغادر الغرفة، لكن……لا بأس، لن أشتكي.”
ثم تهدّل كتفا فيلياس بخيبةٍ طفيفة.
‘أحيانًا يبدو سهل المراس جدًا……’
“على كل حال، كنتُ أرغب في استشارتكَ بشأن أمر ما يا سموّ الدوق.”
فاستعاد فيلياس حيويته من جديد.
“آه، يشرفني أنكِ قررتِ التشاور معي مرةً أخرى.”
لكن ذلك لم يدم طويلًا،
“يا دوق، كيف يمكنني الاجتماع بالأمير وليّ العهد على انفراد؟”
حدّق فيلياس بها، وكأنه فقد كلماته للحظة.
“دوق؟”
ساد الصمت لبرهة، ثم تكلّم أخيرًا.
“إن كانت السيدة فانيسا ترغب بذلك……فسأمسكه الآن وأجلسه أمامكِ مباشرة، ولكن……هل لي أن أعرف السبب؟”
‘لا يمكنني أن أقول له أنني أنوي التفاوض مع وليّ العهد……ففي النهاية، هو أيضًا من العائلة الإمبراطورية، وقد يعتبر ذلك وقاحة.’
وبينما كانت تفكر في حدود ما يمكنها قوله، سأل فيلياس فجأة،
“سيدة فانيسا، هل تسعين ربما إلى منصب أميرة وليّ العهد؟”
“أميرة وليّ العهد؟”
ردّت فانيسا بوجهٍ مذهول.
“بالطبع، أظن أنه أمرٌ ممكن بالنسبة لكِ، لكن……لستُ متأكدًا إن كان ذلك القرار الأفضل من أجلكِ.”
‘أميرة وليّ العهد؟ يا له من مزاح……’
فقط التفكير بالمصائب التي سبّبها ذلك المنصب اللعين جعلها ترتجف من الاشمئزاز.
لكنها لم تستطع مقاومة الرغبة في مداعبته قليلًا.
“لكن، لو أنني رغبتُ بذلك فعلًا؟ هل ستحضره أمامي أيضًا؟”
تنهد فيلياس بخفة.
“رغبتكِ في منصب أميرة وليّ العهد تعني ضمنًا أنكِ تضعين نصب عينيكِ عرش الإمبراطورة، أيمكنني فهم الأمر هكذا؟”
“همم……أظن ذلك ربما؟”
“في هذه الحالة……”
سعل فيلياس بخفة على نحو غريب.
“هناك طريقةٌ أسهل، وهي أن تصبحي دوقةً أولًا. فكما تعلمين، كنتُ في جيلٍ سابق أميرًا من العائلة نفسها. بعد ذلك بعامين……أو ربما ثلاثة، قد نصبح في طريقنا أباطرة……”
“يا إلهي، يا دوق! كنتّ أمزح! أمزح فحسب! حتى لو منحوني الإمبراطورية كلها، فلن أرغب بذلك المنصب!”
“آه……حسنًا، هذا مطمئن. فالثورات والانقلابات تزعجني للغاية، ولا أحبها أبدًا.”
‘هو……هو الآن يمزح، صحيح؟’
ضحكت فانيسا بتوتر.
“ولكن إذًا، لماذا تسعين لمقابلة فريتس؟”
سأل فيلياس. ويبدو أن “فريتس” كان الاسم الذي يُدلّل به وليّ العهد فريدريش.
وبما أن الاثنين في العمر نفسه تقريبًا، فمن المرجح أنهما ترعرعا معًا كالأخوين. إلا أن نبرة صوته لم تحمل وُدًّا بقدر ما حملت سخريةً خفيفة.
“آه، بالطبع. السيدة إيفانجلين……أينما كانت الآن، أتمنى أن تكون قد وجدت السلام.”
حتى نبرته عند ذكرها بدت غريبة، تحمل شيئًا من التنافر. وأثار ذلك فضول فانيسا.
فخلال حياتيها الاثنتين، لم تسمع يومًا أحدًا يتحدث بسوء عن إيفانجلين.
“يبدو أنكَ لم تكن معجبًا بها كثيرًا.”
“لم يكن هناك مجالٌ للإعجاب أو الكراهية. كانت إحدى كبار العائلة الإمبراطورية، وأنا لم أكن سوى…:دخيل. ثم إنها كانت تعاني من اضطرابٍ نفسي، ومن غير اللائق أن نحكم عليها بعد كل هذا.”
‘دخيل، إذًا……’
ربما كانت مكانته داخل القصر مشابهةً لمكانتها هي في حياتها السابقة.
“هل تعرف متى بدأت إصابتها بالمرض النفسي؟”
سألت فانيسا، بينما كانت نيكولا تقدّم الشاي والحلوى. وقد وُضع أمام فيلياس فنجان من القهوة السوداء الثقيلة.
حدّق في السائل الداكن داخل الفنجان، ثم أجاب بهدوء،
“كما تعلمين، كانت مشكلة الجبهة الجنوبية طويلة الأمد……”
________________________
بغا يسوي انقلاب بس اهم شي تقعد فانيسا معه 🤏🏻🙂↕️
ياخي يجنن صملته تجنننننن
المهم فانيسا يابردها توها مصرفه ذولاك الجثث على اساس انها تعرف فاليندروف ويوم رجعت حسبتها بتفكر كيف تصرفه طلعت تفكر وش تسوي باللوحة😂
التعليقات لهذا الفصل " 13"