“يبدو أنه سيحاول تأجيل الحرب قدر المستطاع، وإن لم ينجح في ذلك، فسيستخدم القوة العسكرية لقمعهم.”
نقلت إحدى وصيفات القصر الإمبراطوري، التي تعمل في مكانٍ تنتشر فيه المعلومات سرًا، هذه الأخبار. عندئذ، أشارت الامبراطورة إلى وصيفة أخرى وألقَت إليها إحدى قطعها الذهبية المناسبة.
“حسنًا، لقد بذلتِ جهدًا. لا يمكنني أن أكون بمنأى عن الشؤون السياسية، بفضلِكِ سأتمكن من حفظ ماء الوجه في أماكن أخرى.”
“لقد نقلتُ الخبر بدافع حبّي للوطن فحسب، ولكنكِ تكرمينني بهذه الهدية الثمينة! يا سيدتي الإمبراطورة، إذا كان لديكِ أي استفسارات أخرى، فلا تترددي في استدعائي.”
ابتسمت الإمبراطورة بلطفٍ وأمرت الوصيفة بالمغادرة.
“أمير تينتان… لا، بل الملك الآن. يبدو أنه يبدأ بالتحرك أخيرًا.”
“نعم، سيدتي الإمبراطورة. كما أن الكونت قد طلب مقابلةً في وقتٍ لاحقٍ هذا اليوم.”
“يبدو أننا بحاجةٍ إلى التأكد مما إذا كان الكلب يطيع سيده جيدًا.”
“إذا لم يرغب في تحمُّل عار استعانته بقوى أجنبية، فلن يتصرف بتهوُّر. خاصةً وأن تينتان دولة منغلقة، أليس كذلك؟ إذا انتشر خبر أنه استخدم قوى أجنبية للاستيلاء على العرش، فسيثور الشعب عليه.”
أبدت الامبراطورة ابتسامة راضية بعد تعليق الفيكونتيسة. فبما أنها تملك نقاط ضعفه بين يديها، لن يتمكن من التحرك بحرية.
لقد احتفظت بطفلٍ عزيزٍ رهينةً لديها، فمن الواضح أنه سيكون مطيعًا طالما أنه لا يريد فقدان وريثه الشرعي. وإلا، فلا بأس من التخلص من الطفل عديم الفائدة.
“أين الفارس رويل؟”
“يؤدي واجب الحراسة بالخارج.”
“أمرِيه بالدخول.”
غادرة الفيكونتيسة “ويلا” المكان لإحضار رويل. كان مظهره، مرتديًا زي فرسان الحرس، أكثر بهاءً من المعتاد.
“أعتذر. لقد كان أكثر حذرًا مما توقعنا، ولم يذكر أي شيء عن أراضيه.”
“يالك من عديم للفائدة!”
أطبق رويل فمه بعد أن زجرته الامبراطورة بصوتٍ جليدي.
“بعض الخطط التي استخدمناها لأنك قلت إن أراضي لويس في خطر أصبحت بلا فائدة.”
على الرغم من أن مصادر أخرى أكدت أن عائلة ستاين أقرضت عائلة لويس بعض الأموال، إلا أن المبلغ لم يكن بالقدر الذي توقعته الامبراطورة. فليسوا متسولين في السوق حتى يقرضوا ويستردوا مبلغًا تافهًا مثل 20 أو 30 قطعة ذهبية!
بالإضافة إلى ذلك، قيل أن ابن أخيها “ألبرت” يتنقل في كل مكانٍ برفقة ذلك الشخص القادم من عائلة ستاين، وكأنه معجبٌ به.
أطلقت الامبراطورة تنهيدة. فلويس كان أكثر صلابةً مما توقعت، بل إن عائلة ستاين، التي كانت تمول ابنها في العاصمة، أصبحت في موقفٍ مهتز. ومع أن تينتان تواصل إرسال الجنود، فلا توجد أي أنباء عن تعرض لويس لخسائر كبيرة.
ربما كان قرار الاعتماد على إقطاعية حدودية بعيدة عن سيطرتها منذ البداية خاطئًا. كتمت الامبراطورة غضبها المتصاعد.
“أعتذر.”
بقي رويل منحنِي الرأس، غير قادرٍ على رفعه. لقد أبلغ منذ البداية أن أراضي لويس تسير بشكلٍ جيد، لكن الامبراطورة تجاهلت كلماته وسمعت فقط ما أرادت سماعه.
“يُقال إن الأميرة الإمبراطورية تلتقي مؤخرًا بـ “آسنل لينارتيا” بكثرة. وفقًا للوصيفات، تجلس لساعاتٍ تشرب الشاي دون حديث. هل لديك أي معلومات أخرى عن هذا؟”
“بما أن آسنل لينارتيا ليس شخصًا متكرر الظهور في الأوساط الاجتماعية، فلا يُعرف عنه الكثير. فهو ينشط بشكل رئيسي بين علماء الأكاديمية، وحين تحاول سؤال أحدهم عنه، يهزون رؤوسهم رافضين الإدلاء بأي معلومات.”
“همم… إذًا هو شخص غريب الأطوار؟ أليس لديه أي طموح لوراثة لقب أخيه؟”
“لا يوجد أحد مقرب منه، لذا لا يمكن معرفة ذلك.”
أصيبت الامبراطورة بصمتٍ وهي تحرك أصابعها ببطء، غارقةً في أفكارها.
لطالما كانت تنفث سُمومها في نبلاء البلاط المقربين من عائلة الدوق. أما ليناريتا، الذي كان مواليًا لعائلة الدوق حتى النخاع، فلم يتحرك رغم كل المحاولات. لكن، لسببٍ ما، سمح “كارل” هذه المرة بتقريب الابن الثاني لكونت لينارتيا من الأميرة الإمبراطورية.
هل هذا يعني أنه يثق بآسنل لينارتي إلى هذا الحد؟ أم أنه مجرد قطعة شطرنج عديمة الفائدة لا تستحق العناء؟
يبدو أنها ستحتاج قريبًا إلى مقابلته بنفسها.
بينما كانت الامبراطورة غارقةً في التفكير، كان رويل أيضًا يدير عقله. لقد بدا أنه لم يعد هناك ما يمكن أن يجنيه منها.
لطالما عمل تحت إمرتها، آملاً في المال الذي قد يحصل عليه عند تقديم المعلومات، ووعودها المعسولة بمنحه نقاطًا إضافية عند الترقية. لكن في النهاية، لم يحصل سوى على القليل. بل إن تقييمه الدوري كان أقل من تقييم “ديريك”، فلم يكن لديه ما يقوله.
أما ديريك، فقد ازداد اجتهادًا في التدريب على السيف بعد أن علم بانضمام أخته إلى فرسان عائلة الدوق، مما رفع درجته الكلية. وأصبح من المؤكد أن الرسالة التي أخفاها سابقًا كانت من أخته.
“هل كان عليه إخفاء حقيقة انضمام أخته لفرسان الدوق؟”
لكنه فكر ربما أن ديريك اكتشف شيئًا ما بسبب صلته بعائلة الدوق.
لقد بدأ التعب من العمل تحت إمرة الامبراطورة، وبدأ يميل إلى كشف الحقيقة لعائلة الدوق والانضمام إليهم. بهذه الطريقة، سيكون قادرًا على فضح أسرار الامبراطورة قبل أي شخص آخر.
كانت الامبراطورة، التي حافظت على جمالها رغم تقدمها في السن، مولعةً بالرجال الوسيمين أكثر من أي شيء آخر. وباستثناء ابنها ولي العهد و”كارل”، لم يكن هناك من ينافسهما في الجمال ضمن أوساط العاصمة الاجتماعية.
كما أدرك رويل أن أحد أسباب تمسكها به هو مظهره الجذاب الذي يمكن استغلاله.
“ربما أكون جاسوسًا مزدوجًا بارعًا.”
ابتسم رويل في سره، وقرر أن يلعب معها حتى يحين الوقت الذي يمكن فيه لديريك مساعدته. وبينما كان يقبل يدها وخدها كاعتذارٍ يرضيها، أخفى مشاعره الحقيقية حتى لحظة مغادرته.
—
“هل أنتِ بخير؟ يبدو أنكِ تتدربين بشكل مفرط هذه الأيام.”
“أنا بخير. أعتقد أنني بدأت ألحق بالفرسان المتقدمين.”
على الرغم من أن إجابة “إيلينا” بدت طبيعيةً لكارل، إلا أنه شعر بالإعجاب من تقدمها التدريجي بين فرسان العائلة.
كانت يداها الخشنتان من كثرة التدريب على السيف تشبهان يديه. يدا شخصٍ كرّس حياته للتدريب بجنون.
تساءل كارل عن أفضل طريقة لإخبارها بأن تينتان تستهدف أراضي لويس. بينما كان هو يختار مع قادة الفرسان الأفراد المُرسلين إلى الحدود، كان والده قد عاد من حديثٍ طويلٍ مع الإمبراطور حاملًا أخبارًا مهمة.
“توج ملكٌ جديد في تينتان.”
“الحدود ستصبح مضطربةً لفترة.”
“نعم. أسرع طريقة لتعزيز سلطته هي التوسع على حساب جيرانه.”
“قد أضطر إلى المغادرة مؤقتًا.”
فهمت إيلينا على الفور ما كان يحاول قوله. تراجع كارل قليلًا، وكأنه يتردد في إكمال كلامه.
“لهذا السبب أريد أن أقول…”
“نعم؟”
توقعت إيلينا أنه سيمنحها إجازةً للعودة إلى منزلها، فنظرت إليه بعينين دافئتين وهو يتململ بيدها. شعرت في داخلها بأسى خفي لأنه لم يكن لديه ما يكفي من الوقت لمرافقتها إلى أراضي لويس.
“هل يمكنني أن آخذ معي خطاب زواج؟”
“نعم، بالط—… ماذا؟”
“إذا ذهبتُ إلى أراضي لويس هذه المرة… هل يمكنني تقديم خطاب زواج رسمي…؟”
بينما كان كارل ممسكًا بيد إيلينا، سعل “آحم” بشكلٍ متكلفٍ في محاولةٍ لتهدئة أعصابه. كان وجهه واضحًا تحت ضوء القمر، متوهجًا بالخجل. عندما رأت إيلينا وجهه يحمرّ تدريجيًا، اشتعلت وجنتاها هي الأخرى باللون الوردي.
في الواقع، قصد كارل أنه سيحمل خطاب الزواج بنفسه، لكن بسبب اختصاره غير المقصود للكثير من التفاصيل، فهمت إيلينا أنه سيرسل الخطاب بمجرد وصولها إلى الإقطاعية. وعندما أدركت أن هذا يعني أنه يثق بها، خفق قلبها بقوة.
“هاهاها!”
ضحكت إيلينا بصوتٍ عالٍ، بينما وضع كارل يدًا على رأسه متحسرًا.
“كان يجب أن أقول هذا في جوٍّ أكثر ملاءمة!”
وفقًا للكتب، كان من المفترض أن يكون الحديقة المضاءة بضوء القمر وخاتمٌ معدّ مسبقًا كافيين.
“آه، الخاتم!”
“خاتم؟”
نظرت إيلينا إليه ببراءةٍ ثم مدّت أصابعها العشرة، التي لم يكن فيها أي شيء.
“لا، أنا أعددته لك.”
أمسك كارل بيده المرتعشة ووضع خاتمًا مرصعًا بالماس على الإصبع الرابع من يدها اليسرى.
“آه، كان من المفترض أن أطلب الإذن أولًا!”
اختلطت في رأسه تعليمات “كتاب دليل الحب المُلهف” بشكلٍ فوضوي. لكن الأهم أنه نجح في النهاية.
“هل تقدمتَ لي للتو وأعطيتني الخاتم؟”
لم تستطع إيلينا كبح ضحكتها بينما تراه متحيرًا. كان صوتها مشبعًا بالمرح.
“قبل وقتٍ ليس ببعيد، كنت تبدو أنك لا تثق بي، فمتى قررت الزواج؟”
في الحقيقة، كانت إيلينا قد قررت بالفعل أنها ستبقى بجانبه إلى الأبد، طالما أنه يمنحها ثقته.
“قررت ألا أهتم إذا كنتِ في صف الإمبراطورة أم لا. على أي حال، أنتِ الآنِ واقعَةٌ في حبي.”
“هذا صحيح.”
بما أن الموقف أصبح محرجًا بالفعل، قرر كارل أن يكون وقحًا بكل فخر. على أي حال، لم يتصرف بشكلٍ طبيعيٍ كثيرًا منذ أن قابلها. بدلًا من أن يبدو غريبًا بأي فعلٍ يقوم به، كان من الأفضل أن يتصرف كما يشاء.
لقد كانت دائمًا قادرةً على اكتشاف أي تعدٍّ على حدودها، ولم تكن من النوع الذي يتغاضى عن قلة الأدب أو الوقاحة.
لذا، إذا أخطأ، فستجعله يشرح لها الأمر حتى تفهمه. طريقتها قد تكون قاسية أحيانًا، لكنها عادةً ما تكون لطيفةً وودودة.
“آه! إذا كنتُ عدوًا، فأنت تقول إنني سأقع في حبك حتى أخون الإمبراطورة!”
“بالضبط.”
أومأ كارل برأسه موافقًا بكبرياء، وكأنه يقول إنها فهمت الأمر تمامًا. كان الفخر يفيض من ملامحه.
بوجهٍ مثل وجهه، حتى الإمبراطورة ستتفهم الأمر! فبعض الجواسيس قد انضموا إلى صفوفه حقًا بعد أن أُسحروا بمظهره! ولم يشعر كارل بأدنى خجلٍ من هذه الحقيقة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 96"