“كيف تسير التحضيرات لمسابقة الصيد؟”  

“تسير وفقاً للخطة الموضوعة. لقد أكملنا جميع الاستعدادات المطلوبة مسبقاً.”  

أجاب قائد فرقة الفرسان الرابعة بأدب على سؤال الإمبراطورة.  

“كيف حال روديان هذه الأيام؟ لقد أصبح مشغولاً لدرجة أنه بالكاد يجد وقتاً لزيارة أمه.”  

“إنه يؤدي مهامه كالمعتاد. جلالة الإمبراطور أصبح يعهد إليه بمزيد من المسؤوليات، لذا يقضي وقتاً أطول في قاعة العمل. كما بدأ يلتقي ببعض النبلاء الشباب.”  

أفاد قائد الفرسان بتفاصيل عن أنشطة ولي العهد الأخيرة. رغم أن الإمبراطورة كانت تتلقى تقارير منفصلة، إلا أنها أرادت مقارنة المعلومات للتأكد من صدقه، لذا كان القائد صريحاً في عرض كل ما يعرفه.  

“النبلاء الشباب؟ تقصد ورثة العائلات الكبرى؟”  

“نعم، بعضهم ورثة والبعض الآخر ليسوا كذلك. يبدو أنه يستغل الفرصة للتعرف على بعض السيدات الشابات أيضاً.”  

أخذت الإمبراطورة تفكر ملياً بعد سماع تقرير القائد. ما الذي يحاول ابنها الوحيد تحقيقه؟ لم تستطع فهم دوافعه أو توقعاته.  

على الأقل كان ابنها قريباً من أبيه الإمبراطور، وهذا شيء جيد. فلن يستطيع الإمبراطور التخلي عن ابنه الوحيد.  

بغض النظر عن كيفية سير الأمور، كان من المؤكد أن ابنها سيكون الإمبراطور القادم. ومع ذلك، لم تستطع ترك عائلة الدوق وشأنها.  

كان الأمر كرهاً غريزياً. لقد كرهت دوقة بيكمان، الأميرة الإمبراطورية السابقة، كما أن فكرة أن يحل كارل مكان ابنها كانت تزعجها بشدة.  

الآن وقد أصبحت في موقع القوة، لم تعد تتحمل وجود ما يقلقها. دوقة بيكمان لم تعد أميرة ولا حتى فرداً من العائلة الإمبراطورية. إذا بدا أن ابنها قد يعصي أوامرها، فسوف تجعله يطيع.  

“هل الأسلحة القادمة من تينتان جيدة الأداء؟”  

“تبدو قابلة للاستخدام.”  

“قابلة للاستخدام فقط؟”  

اغتاظ قائد فرقة الفرسان الرابعة من رد فعل الإمبراطورة المتشكك. مهما كان المبلغ الذي أنفقته على تينتان، فإن “الغولم” التي قدمتها كانت دون المستوى المطلوب.  

“صغر حجمها يجعلها سهلة التخفي كصخور. عندما جربناها ضد بعض الفرسان، لم يكن التغلب عليها سهلاً.”  

ما لم يقله هو أن شخصاً بمهارات الأمير كارل يمكنه تدمير هذه الغولم بضربة واحدة. رغم أنه القائد، إلا أن فرقته الرابعة لم تكن تضم سوى عدد قليل من المقاتلين الأكفاء حقاً.  

معظم أعضاء الفرقة إما جاءوا بفضل نفوذ الإمبراطورة وعلاقاتها، أو كانوا مهرة ولكن تم تهميشهم في التقييمات.  

ما الفائدة من اختبار الغولم ضد مثل هؤلاء؟ قدم القائد الإجابة التي تود الإمبراطورة سماعها، آملاً أن تتوقف عن التركيز على موضوع الغولم.  

“لم يكن التغلب عليها سهلاً… إذن لا بد أن هناك من يستطيع تدميرها.”  

“الأمر يعتمد على مهارة الخصم. بالنسبة لمن يواجهون الغولم لأول مرة، سيكون تحديد نقاط ضعفها تحدياً صعباً.”  

لم ترفع الإمبراطورة شكوكها تماماً بعد سماع تقرير القائد، لكنها كشخصية غير متخصصة في فنون القتال، لم يكن لديها خيار سوى الموافقة.  

“سأترك الأمر لخبرتك. لا أتوقع أن تتمكن هذه الأسلحة من قتل كارل على الفور. لكن يجب بالتأكيد التخلص من شريكته الجديدة. إذا كان مستواها مقبولاً فقط بين الخدم، فلن يكون ذلك صعباً.”  

على الرغم من شعور قائد الفرسان بأنه تورط في مشكلة مزعجة، إلا أنه تحمل ذلك بسبب نفوذ الإمبراطورة والمكافآت التي سيحصل عليها. كانت الإمبراطورة متعبة للتعامل معها، لكن المكافآت كانت تستحق العناء.  

تمنى قائد فرقة الفرسان الرابعة سراً أن تتمكن “الغولم” على الأقل من بتر ذراع كارل بيكمان، ثم انسحب من حضور الإمبراطورة.  

بعد مغادرة القائد، سألت الإمبراطورة السيدة المرافقة لها:  

“هل تعتقدين أن ولي العهد قد يجد فتاة تعجبه في أحد هذه التجمعات؟”  

“لا بد أن سموه لديه خطته الخاصة. ربما يحاول توسيع نفوذه من خلال حضور تجمعات النبلاء.”  

“لماذا يحتاج ولي العهد إلى توسيع نفوذه؟ إذا كان سيحضر هذه التجمعات، فسأحرص على أن تحضر الفتيات اللاتي أريد تقديمهن له.”  

“ألا تعتقدين أن سموه سيلاحظ ذلك؟”  

سألت السيدة بقلق. في نظرها، كان ولي العهد شخصاً ذكياً جداً، قادراً على اكتشاف حيل والدته بسهولة. أغلقت الإمبراطورة عينيها وهي مستلقية على الأريكة.  

“ليس لدينا خيار. سنقدم له الفتيات واحدة تلو الأخرى بطريقة طبيعية. ليس ضرورياً أن يصادقهن أو يلفت انتباهه، فقط ليتم التعريف بهن بشكل رسمي.”  

“حسناً.”  

كانت العديد من العائلات تتطلع إلى أن تصبح إحدى بناتها زوجة لولي العهد. بينما كانت النساء قلقات على بناتهن، كان الرجال يفكرون بشكل مختلف. لقد ارتقى منصب عائلتها من كونت إلى ماركيز بفضل صعودها إلى منصب الإمبراطورة.  

ما زالت عائلتها توفر الدعم المالي عند الحاجة. رغم أن أخاها بدأ يتراجع مؤخراً، إلا أنه من المحتمل أن يعود للانخراط في السياسة بمجرد أن يصبح روديان إمبراطوراً. لم تكن الإمبراطورة مستعدة للتخلي عن السلطة التي حصلت عليها بشق الأنفس.  

“لماذا يرفض روديان مقابلة النساء؟”  

“ربما لأنه مشغول جداً؟”  

“مهما كان مشغولاً، لا يمكنه رفض النساء تماماً. هل حقاً ليس لديه أي علاقات سرية؟”  

“حسبما أفاد الخدم، لا يوجد أي دليل على ذلك.”  

استنكرت الإمبراطورة كلمات السيدة. كيف يمكن لابنها أن يكون منشغلاً جداً بالعمل حتى لا يهتم بالنساء؟  

إذا كان الابن غير موثوق به، فستتدخل الأم. تذكرت الإمبراطورة ابتسامتها الباردة بينما تصورت ابنها المطيع الذي سينفذ أوامرها في النهاية.  

——    

بعد ثلاثة أيام، أقيمت مسابقة الصيد في المحميّة الإمبراطورية.  

عندما قام كارل وغلوريا بطلب ملابس إيلينا لحفلها السابق، كانا يتنافسان كما لو كان الأمر مسابقة. وشمل ذلك بالطبع ملابس الصيد لهذه المناسبة.  

“واو، يجعلني هذا أرغب في تقديم الولاء للآنسة إيلينا.”  

همس روبن عندما رأى إيلينا ترتدي ملابس الصيد. أومأ توماس موافقاً على كلامه.  

كانت ملابس الصيد السوداء عملية لكنها مزينة بالجواهر، مما جعلها تبدو فاخرة. أبرزت الملابس الضيقة كل عضلة في جسد إيلينا الرياضي النحيل. كان للهيبة التي تشع منها جعلتهم يشعرون وكأنهم أمام مفترس شرس، مما جعل شعر رقابهم يقف.  

“أنا الأول في قائمتها.”  

قال كارل وهو يهز كتفيه بفخر رداً على تعليقاتهما.  

كانت حدسه صحيحاً. منذ أن رأى كتالوج الملابس، عرف أنها ستكون مثالية لإيلينا. الآن وقد ارتدتها، بدت كأميرة من مملكة أخرى، مما أثار إعجابه تلقائياً. بينما كان كارل يبتسم راضياً، صدرت غلوريا صوتاً باستنكار.  

“هل ستشاركين في المسابقة، إيلينا؟”  

“نعم. اليوم ليس مناوبتي في الحراسة، وأنا فضولية لرؤية محمية الصيد.”  

أعجبت إيلينا بملابس الصيد المريحة والملتصقة بجسدها، وفحصت نفسها في المرآة.  

يجب أن تكسب ما يكفي من المال لإرسال ملابس مشابهة إلى عائلتها.  

بالطبع، إذا عرفت إيلينا السعر الحقيقي، لكانت قد صُعقت. لكنها لم تكن تدرك أن ملابس الصيد يمكن أن تكون بهذا الغلاء.  

“تعملين وتغازلين في نفس الوقت. إنها صفقة رابحة.”  

اكتفت إيلينا بالابتسام أمام تعليق غلوريا.  

“يمكنك أن تأخذي يوستا معكِ أيضاً.”  

“يوستا سيشارك في مسابقة الصيد أيضاً. قال الكونت إنه يريد رؤيته بعد غياب طويل. اتفقنا على اللقاء في محمية الصيد لاحقاً.”  

“ماذا عن إحضار هدية للكونت؟”  

“لقد جهزت بالفعل زجاجة نبيذ.”  

أطلقت غلوريا ابتسامة ماكرة، مما جعل إيلينا تنفجر ضحكاً. كانت تعرف قصة غلوريا ويوستا جيداً، فتمنت من كل قلبها أن يحصلا على موافقة الكونت للزواج بسلام.  

عندما نزل الثلاثة إلى الطابق الأول بعد انتهاء التحضيرات، كان الدوق وزوجته ينتظرانهم.  

“نعتذر عن التأخير.”  

“لا بأس، لقد انتهينا مبكراً. الآنسة لويس، ملابس الصيد تناسبكِ تماماً.”  

“شكراً لكم. فستانكِ اليوم رائع.”  

اندهشت الدوقة من مظهر إيلينا بملابس الصيد. كانت تعتقد أن جسدها يبدو رشيقاً في الفساتين الضيقة، لكن جسد إيلينا كان متناسقاً وممتلئاً بالعضلات. قامتها الطويلة وعضلاتها المتناسقة جعلتها تبدو أكثر جاذبية.  

“سيواجه كارل صعوبة اليوم.” ابتسمت الدوقة بخبث ثم أدارت رأسها بعيداً عن ابنها متظاهرة بعدم الملاحظة.  

“لنتحدث ونحن في العربة.”  

عندما ركبت إيلينا العربة كما اقترح الدوق، لم تستطع كتمان إعجابها. كانت العربة المصممة لعدة أشخاص مريحة جداً حتى مع وجود خمسة بالغين فيها.  

“أخي يشارك في مسابقة الصيد بعد غياب طويل.”  

“يبدو أن كارل سيكون الفائز هذا العام.”  

“هل سبق أن فشل في الفوز من قبل؟”  

أجابت الدوقة بدلاً عن كارل، حيث اعتقدت إيلينا أنه يفوز كل عام.  

“في السنوات الأخيرة كان يتهرب من المهمة بحجة أنها مزعجة. كان يتذمر حتى من إعطاء الجوائز لغلوريا.”  

كانت الدوقة ترتدي معطف فرو فضي خفيف فوق فستانها الرقيق. رغم أن الجو أصبح أكثر دفئاً، إلا أن الصباح والمساء كانا لا يزالان باردين، لذا كان اختياراً جيداً.  

“إذا أصبحتِ الفائزة، يمكنكِ تقديم أفضل صيد كهدية لشريككِ. هذا أيضاً هدية من الدوق في الماضي.”  

“إنها جميلة حقاً.”  

“كانت تلك السنة التي اصطاد فيها ثعلب الفضة النادر.”  

تذكر الزوجان تلك الذكريات بوجه حنون. كان ذلك بعد زواجهما بفترة قصيرة. في ذلك العام، كانت هي “سيدة الصيد”. رغم أنه كان يهديها الهدايا كثيراً قبل ذلك، إلا أن هذه الهدية كانت ثمينة بشكل خاص لأنها جاءت بعد أن أكدا مشاعرهما لبعضهما.  

“سأصطاد ثعلب فضة أيضاً وأجعل إيلينا سيدة الصيد لهذا العام.”  

كان هدف كارل الحقيقي هو الحصول على قبلة السيدة، لكنه استثنى هذه المعلومة.  

“إذا أصبحتِ سيدة الصيد، يمكنكِ أن تمنحي كارل قبلة السيدة.”  

“قبلة السيدة؟”  

اتسعت عينا إيلينا مستغربةً أمام كلام الدوق الممزوج بالضحك.