“أذناك صادقتان جدًا.”  

حتى مع كلمات “إيلينا” المليئة بالمزاح، لم يستطع “كارل” الرد. شعرت “إيلينا” بالسعادة لأنها اكتشفت شيئًا كان يثير فضولها منذ فترة. وكأنها عرفت سرًا عن “كارل” لا يعرفه الآخرون.  

يبدو أن أذنيه تتحولان للأحمر عندما يشعر بالخجل أو الإثارة.  

أومأت “إيلينا” برأسها ثم سألته بفضول:  

“هل أنت متحمس؟”  

“ماذا؟!”  

صُدم “كارل” من الشعور الصادم للكلمة. رفع رأسه بسرعة، وكان وجهه أحمر بالكامل الآن.  

“ألا تشعرين بالخجل على الإطلاق؟ تقولين مثل هذه الكلمات بلا تردد!”  

“إنها فقط إثا—”  

“لا، ليس صحيحًا! إنه خجل! لأنكِ جميلة جدًا!”  

صرخ “كارل” بغضب، لدرجة أنه شعر أنه قد يقفز من العربة إذا استمرت في ذلك. من داخل العربة، كان السائق يحاول الاستماع إلى المحادثة المثيرة للاهتمام، لكنه لم يسمع سوى صرخات السيد الشاب.  

ما زال شابًا في ريعان شبابه.  

ابتسم السائق بسعادة وقاد العربة ببطء أكثر.  

—-    

“آآآه!”  

“هاجموا جميعًا!”  

“أوووه!”  

كان الفرسان يضحكون بينما يرون المتدربين يتمايلون بأسيافهم  ويبكون. كانوا مشغولين بالسخرية منهم، غير مدركين أنهم سيواجهون نفس المصير قريبًا.  

“هذا جنون.”  

“إنه لجنون بالتأكيد.”  

لو طُلب منهم الخضوع لمثل هذا التدريب، لكانوا أول من أهانوا مدربيهم قبل أي شيء آخر. هذا نوع من الحماسة لا يكون إلا عند الشباب.  

“هيهي.”  

تبادل الفرسان نظرات ضاحكة وابتعدوا عن المتدربين. تدربوا براحة، وكأنهم غير متأثرين بحماسة المتدربين.  

“إيلينا الوحيدة التي لا تزال سليمة.”  

“هل جسدها مصنوع من الفولاذ؟”  

حسنًا، جسدها كان بالفعل يشبه الفولاذ. انفجر الفارس الذي خمن الإجابة الصحيحة دون قصد في إعجاب.  

“تعلمون أننا سنواجههم لاحقًا، أليس كذلك؟”  

“آه، سنضطر إلى التدحرج حتى الموت مرة أخرى.”  

“هؤلاء الأطفال لديهم نظرات قاتلة.”  

“لا يمكنهم إسقاط إيلينا، لذا يريدون إسقاط أي شخص آخر على الأقل. هاهاها!”  

ضحك الفرسان الذين سيواجهون المتدربين في الجولة التالية بينما شاهدوا زملاءهم يدفعون المتدربين إلى حافة الجنون.

“أيها المجانين، اصمتوا!”  

صفع!  

سقط أحد المتدربين أرضًا بعد ضربة سيف من فارس غاضب بسبب ضحك زملائه.  

“هه…!”  

كان الفارس يتصبب عرقًا بينما يحاول استعادة أنفاسه.  

“لقد تحسنوا كثيرًا حقًا.”  

“أجل.”  

تبادل الفرسان الذين أنهوا مبارزتهم نظرات. لم يعودوا يستطيعون الاستهانة بهؤلاء المتدربين الذين كانوا يئنون قبل شهر واحد فقط.  

في البداية، كان الأمر سهلاً ومريحًا. لكن بعد أسبوعين، بدأت القوة والسرعة والخبرة القتالية تتراكم، والآن كانوا يخسرون مرتين أو ثلاثًا من كل عشر مباريات.  

“إذا بقينا هكذا، سيأكلوننا.”  

“لا يمكننا أن نخسر أمام هذه الكتاكيت.”  

بدأ الفرسان يزيدون من تدريباتهم، رافضين الخسارة أمام المتدربين الصغار. بسبب التحضيرات لامتحان الترقية، اشتعلت رغبة الفرسان في أن يصبحوا أقوى. وكان هناك أيضًا كبرياء صغير يمنعهم من الخسارة أمام المتدربين.  

“أوووه!”  

في أحد جوانب ساحة التدريب، كان “ديلان” يتقيأ بعد مباراة مع “إيلينا”.  

كان شعوره كأنه على وشك الموت. أو بالأحرى، إذا أغمض عينيه، فسيشعر وكأنه قد مات بالفعل. خلال أسبوعين من التدريب على اللياقة البدنية فقط، لم يتوقع أن يصل جسده إلى هذه الحالة.  

عندما بدأت المباريات بين المتدربين، كان “ديلان” من بين الأفضل، وكانت نسبة فوزه عالية في البداية. لكن مع بدء التدريب العملي، بدأ مستوى المتدربين الذين حاربوا مع الفرسان أولاً في الارتفاع بسرعة.  

“ديلان”، الذي لم يواجه الفرسان بعد، بدأ معدل فوزه في الانخفاض تدريجيًا. شعر بالخطر وبدأ يدفع جسده إلى أقصى حدوده.  

لكن كل هذا الجهد كان عديم الفائدة أمام “إيلينا”.  

طق!  

“هل أنت متأكد أنكِ تدربتِ على السيف لبضعة أشهر فقط؟”  

أنّ “ديلان” وهو ملقى على الأرض. كانت يده التي تمسك السيف ترتجف. مباراته مع “إيلينا” كانت تشبه مباراة مع السيد الشاب نفسه.  

“لا يمكن أن نخسر أمام متدرب!”  

الفارس المحترف التالي الذي واجه “إيلينا” أخذ نفسًا عميقًا وحشد قوته من عضلات بطنه. بعد أن فشل مرارًا في اختراق دفاعاتها الأساسية، قرر الاعتماد على القوة الخام.  

عندما اصطدمت السيوف بقوة، صدح صوت هائل.  

“واو!”  

هتف الفرسان المتفرجون بحماس.  

“أوه!”

أحكمت “إيلينا” قبضتها على سيفها وصمدت أمام الضربة القوية. بالتأكيد، كلما صعدت في الرتبة، زادت القوة والمهارة.  

صفع!  

بعد مواجهة مستمرة للقوة، طار سيف الفارس المحترف إلى الخلف.  

“أوه… لا تعلنوا موتي بعد.”  

سقط الفارس المحترف على الأرض بطريقة درامية.  

“هاهاها!”  

“هل خسرت أمام متدربة؟!”  

ضحك الزملاء على الفارس الذي سقط على الأرض بوجه تعيس بعد أن فقد سيفه.  

“أوه… أشعر أني سأموت حقًا.”  

استلقى الفارس على الأرض يحاول استعادة أنفاسه بينما يهدأ من التعرق.  

“شكرًا لك.”  

اقتربت “إيلينا” منه وابتسمت وهي تنحني له تحية.  

“لا تذهبي وتقولي لأحد أنكِ مبتدئة.”  

“هاهاها.”  

ضحكت “إيلينا” بقوة على كلامه. لكن الوقت قد فات لتعترف أنها تمسك بالسيف منذ كانت في الخامسة من عمرها، لذا اكتفت بحك خدها بإحراج.  

“من قال أنني خسرت؟ أوووه… دعونا نتدرب أكثر.”  

“همف، لو رأونا الآن لظنوا أنني الوحيد الذي خسر.”  

كان كلامه صحيحًا. الفرسان المحترفون كانوا يربحون بسهولة أمام بقية المتدربين، لكن الأمر كان مختلفًا مع “إيلينا”. بروح “لا يمكن لفارس محترف أن يخسر أمام متدربة”، كانوا يبذلون كل ما في وسعهم في المباريات.  

الجميع كان يحاول بكل قوته – وبعض الحقد الصغير – ألا يُهزم أمام “إيلينا” والمتدربين. هذا المشهد جعل السيد الشاب يضحك ويوزع الخمر على الفرسان أحيانًا.  

“يجب أن نغير طريقة تدريبنا.”  

“لنحطم أجسادنا بالتدريب.”  

بدأ عدد من الفرسان يتباهون بأنهم غيروا طريقتهم في التدريب وزادت قوتهم بشكل كبير، مما جعل المزيد منهم يطلبون من نائب القائد تغيير نظام التدريب.  

“آه، إنه السيد الشاب.”  

“لماذا جاء فجأة؟”  

تساءل الفرسان عندما رأوه يتجه نحو قائد الفرسان. في يده كانت هناك بعض الأوراق التي بدت مثل مستندات. كانت خطة تدريب جهنمية أعدها بناءً على المحادثة التي دارت بينه وبين “إيلينا” خلال المهرجان.  

بعد رؤية أداء الفرسان مؤخرًا، شعر “كارل” بالرضا وسرعان ما عدل خطة التدريب. المسودة كانت بين يديه الآن. شعر الفرسان بقلق غامض وركزوا على تدريبهم.  

“راجع هذا من فضلك.”  

قدم “كارل” خطة التدريب إلى قائد الفرسان.  

“هل الأمر عاجل؟”  

“إنه ممتع وفي نفس الوقت مهم.”  

أخذ “ميخائيل” الأوراق دون تردد وبدأ في القراءة.

“آه، لقد قمت بتعديل طريقة تدريب الآنسة إيلينا لتناسب الفرسان.”  

“بالضبط. القائد دائمًا يلاحظ الأمور بسرعة.”  

“لقد تحسن المتدربون بشكل ملحوظ، وكنا نغير النظام تدريجيًا ليكون مشابهًا.”  

“همم. هل يمكن تطبيق هذا فورًا؟”  

“نعم. بفضل الآنسة لويس، سيرتفع مستوى الفرسان بشكل كبير.”  

أظهر “كارل” توقعاته بناءً على كلام القائد.  

“سيسمع صوت أنين الفرسان لفترة من الوقت.”  

“كلما كان أسرع، كان أفضل.”  

“سنطبقها مباشرة بعد انتهاء امتحان الترقية.”  

“حسنًا، على أي حال، يبدو أن جميع المتدربين في هذه الدورة سيرتقون. سيكون من العدل أن يتدرب الجميع معًا بينما هم منهكون.”  

ضحك القائد بشكل متكلف عند سماعه كلام السيد الشاب عن عدالة الفرسان. بالنظر إلى الجدول، كان من الواضح أنه سيكون مفيدًا للفرسان. قرر هو أيضًا المشاركة في التدريب بشكل متكرر. سيكون ذلك فرصة للتقرب من الفرسان الصغار.  

“سأتأكد من المضي قدمًا دون عوائق.”  

بموافقة قائد الفرسان، تم تحديد جدول التدريب الذي سيُطلق عليه “الجحيم” للفرسان.  

—-    

“هل تعتقد أنك ستجتاز امتحان الترقية هذه المرة؟”  

“نعم. إذا لم أجتزه بهذا الشكل، فيجب أن أموت.”  

“وأنا أيضًا.”  

أجاب “ديلان” بفخر على سؤال زميله. “ديلان”، المتدرب في سنته الثانية، كان يعتقد أن الجميع سينسون ذلك، لأنه من اليوم سيصبح فارسًا رسميًا! وافق الآخرون على كلامه أيضًا.  

“لقد أدركت أنه عندما تدفع جسدك إلى أقصى حدوده، يمكنك أحيانًا التغلب على عقلك أيضًا.”  

ضحك الزملاء على كلام “ديلان” بنظرات متعبة.  

“لقد اكتشفت أنني أستطيع النوم بمجرد أن ألمس رأسي الوسادة. كل ما فعلته حتى الآن لم يكن تدريبًا حقيقيًا.”  

“بالضبط. إنه امتحان ترقية، لكنني لا أشعر بأي توتر على الإطلاق.”  

“أنا أيضًا.”  

قبل بدء امتحان الترقية، تجمع المتدربون معًا يتحدثون بينما ينظرون إلى ساحة التدريب. كانت “إيلينا” تركض بمفردها في الساحة لتسخين جسدها.  

“يجب أن نركض بضع لفات أيضًا، أليس كذلك؟”  

“إذا بدأنا باختبار اللياقة، فسنسخن أجسادنا تلقائيًا. لنركض.”  

تخلى المتدربون عن الراحة وركضوا في الساحة خلف “إيلينا”.  

الساعة العاشرة صباحًا. اصطف الفرسان في ساحة التدريب لامتحان الترقية. اختفى كل الحديث عن عدم الشعور بالتوتر، حيث تجمدت وجوه المتدربين. “كلوي”، نائبة القائد، ابتسمت بينما تحسب عدد الفرسان.  

“انتهى الاستعداد لامتحان الترقية.”  

عندما انتهى الفرسان والمتدربون من الاستعدادات، أبلغت القائد. صعد “كارل” إلى المنصة بعد كلام “كلوي”.  

“أتمنى أن يصبح جميع أعضاء المتدربين فرسانًا رسميين لعائلة الدوق. لنبدأ الامتحان.”  

بعد الخطاب القصير للسيد الشاب، اتخذ الفرسان الرسميون أماكنهم حسب الاختبارات. بدأ المتدربون أيضًا في أداء الامتحانات حسب المجموعات المخصصة لهم.  

“ستة وثمانون، سبعة وثمانون!”  

مع بدء الامتحان، بدأت أصوات العد وحركة المتدربين تظهر من كل مكان. بدأت “إيلينا” أيضًا في أداء اختباراتها حسب الترتيب المخصص لها.  

“مائة، مائة وخمسون… مائة وواحد وخمسون، اثنان، ثلاثة.”  

عد الفارس الأرقام بصوت متعب. بينما كانت “إيلينا” تحطم الأرقام القياسية السابقة للترقية، كان المتدربون الآخرون يحققون نتائج ممتازة بمهارات استثنائية.  

“التسجيل مستنزف أيضًا.”  

“الآن فقط المباراة المتبقية، أليس كذلك؟”  

استمر الامتحان الذي بدأ في الصباح حتى بعد الظهر بعد تناول الغداء. كان المتدربون يقومون بتمارين الإحماء الخفيفة في مجموعات صغيرة.  

“يبدو أن منافس إيلينا في المباراة هو القائد نفسه.”  

“هذه معاملة خاصة جدًا.”  

“لكن بمستواها…”  

عندما أعرب أحد الفرسان عن قلقه، اتفق الفرسان الآخرون على أنه لن تكون هناك مشكلة.