استيقظت إيلينا الساعة الخامسة صباحًا، في وقتها المعتاد. “من الجيد أنني لست مضطرة للاستيقاظ مبكرًا عمدًا بعد الآن”، فكرت بينما تمطت في سريرها الفاخر.

“هممم…”

دلّكت خدها بالبطانية الناعمة الفاخرة، أكثر نعومة من تلك التي كانت تستخدمها كخادمة. كل تفصيل صغير هنا كان مختلفًا ومبهجًا.

بعد تمارين الإطالة، ارتدت ملابس التدريب وخرجت بهدوء. الآن بعد أن أصبحت متدربة، يمكنها التدرب بحرية دون الحاجة لمراقبة ردود أفعال الآخرين.

كانت ثكنات الفرسان هادئة.

 “التدريب يبدأ السادسة، لذا سيستيقظ الجميع قريبًا”

 فكرت بينما تنفست هواء الفجر النقي بعد مغادرة المبنى بحذر.

“أفضل دائمًا الحركة.”

كانت مصممة على الترقية إلى فارسة كاملة خلال عام. عقد القصر الإمبراطوري الذي رآها كارل قد ألهمها. “على أي حال، هدفي هو الوصول لمستواه، لذا سأسرع وتيرتي.”

“هووف، هووف…”

بعد ثلاثين دقيقة من الجري، بدأ العرق يتصبب منها. بدأت تسمع حركة الفرسان يتجمعون في ساحة التدريب.

“أهلاً!”

“صباح الخير. أنا إيلينا لويس، المتدربة الجديدة.”

“سمعت عنكِ. مجتهدة جدًا!”

“إنه يومي الأول، لذا أردت أن أكون مبكرة.”

سرعان ما امتلأت الساحة بالفرسان. بسبب زياراتها المتكررة مع السيد الشاب، تعرفت على العديد من الوجوه.

“انظروا! خادمة السيد الشاب!”

“نعم، أنا إيلينا لويس.”

“أنا يوستانا رينيرتيا. هذا أليك، وديلان.”

بينما كانوا يتبادلون التحيات، وصل كارل والقائد.

“لدينا إعلان مهم، لذا اصطفوا!”

أشارت كلوي لإيلينا للوقوف بجانب كارل. ابتسمت إيلينا خجلاً تحت أنظار الجميع.

“هل نمت جيدًا؟”

“نعم. تبدين أفضل من هنا. هل تدربت مسبقًا؟”

“نعم، أردت الإحماء جيدًا في يومي الأول.”

“جادة ومجتهدة، هذا جيد.”  

ابتسم كارل برضا عند سماع رد إيلينا. كان متأكدًا أن الموهوبة التي اختارها ستكون متحمسة للتدريب. بعد أن تأكد ميخائيل من اصطفاف الفرسان، صعد إلى المنصة.

“اليوم، انضمت متدربة جديدة بتوصية من السيد كارل. دعونا نقدمها قبل بدء التدريب.”  

بإشارة من ميخائيل، تقدمت إيلينا للأمام:  

“أنا إيلينا لويس. أرجو معاملتي بلطف.”  

بعد تقديمها المختصر، انحنت إيلينا تحية. انفجر بعض الفرسان في ضحكات ترحيبية.  

هل أخطأت في التحية؟  

التفتت إيلينا إلى كارل بفضول، لكنه كان يبتسم فقط.

“ستبدأ التدريب كمتدربة من اليوم، لذا ساعدوها جميعًا.”  

بعد انتهاء الإعلانات القصيرة، بدأ التدريب رسميًا. تم تعيين إيلينا في مجموعة المتدربين الحاليين.

“ساحة التدريب واسعة حقًا!”  

على الرغم من وجود ما يقرب من 50 فارسًا، لم تكن الساحة ضيقة أبدًا. كانت دوقية بيكمان تقع في أغلى منطقة سكنية في العاصمة، وجميع مبانيها كانت ضخمة وواسعة.

بدأ الفرسان، الذين كانوا لا يزالون يتخلصون من النعاس، بالانتشار إلى مجموعاتهم. بعد تحية زملائها المتدربين، بدأت إيلينا بالجري معهم حول الملعب. بعد حوالي عشرين لفة، بدأ بعض المتدربين في التخلف.

“هاه.. ألست… متعبة؟”  

“لا بأس حتى الآن.”  

“ألم… تتعلمي… السيف… مؤخرًا فقط؟”  

“أليس من الأفضل أن تركزي على الجري بدلاً من الكلام؟”  

أحد المتدربين، الذي كان يلهث بشدة، استمر في طرح الأسئلة رغم التعب.  

“أنا فضولي!”  

جاء متدرب آخر كان قد تخلف ثم عاد بسرعة، وجهه مليء بالفضول.  

“هذا صحيح.”  

بدا أنهم ممتلئون بالطاقة بسبب صغر سنهم. أجابت إيلينا على أسئلتهم بابتسامة ثم زادت سرعتها. كان عليها أن تكمل عشر لفات أخرى.

“لياقة بدنية ممتازة. من الصعب عادةً إكمال 30 لفة في اليوم الأول.”  

عندما استراح المتدربون بعد الجري، خاطبهم أحد الفرسان الكبار.  

“إنه متعب بالطبع.”  

“إذا بالغت في اليوم الأول، قد ينهار جسدك. تحكمي في وتيرتك.”  

“حسنًا. سأحرص على عدم المبالغة.”  

لم تتجاهل إيلينا لطف الفارس الكبير. لم يكن تدريب الفرسان مختلفًا كثيرًا عن تدريب الخدم، فقط أكثر كثافة وحجمًا.

“يبدو أن السيد الشاب قد اختارها بحق.”  

“إنها تواكب كل التدريبات منذ اليوم الأول.”  

“بالتأكيد، وضعيتها أفضل من المتدربين الحاليين.”  

كان الفرسان الكبار يراقبون تدريب المتدربين. سمعت إيلينا كل كلمة بفضل سمعها الحاد، لكنها تجاهلتهم وركزت على التدريب. كانت زملاؤها المتدربين أصغر أو في نفس عمرها، لكن مهاراتهم كانت متوسطة.

“يجب أن أساعدهم على النمو.”  

قررت إيلينا ألا تتقدم وحدها، بل ستعمل على رفع مستوى زملائها معها. دون علمهم، زادت سرعتها تدريجيًا، وبدأ المتدربون الآخرون في اللحاق بها.

“أوه، هل التدريب اليوم أصعب؟”  

“أليس هذا شعوري فقط؟”  

“هيا، انهضوا.”  

بعد الانتهاء من التدريب، سقط متدربان على الأرض منهكين. مر فارس كبير وركل أقدامهم برفق، فأجبرهم على النهوض. جلس الاثنان معًا، متسائلين:

“هل لأن إيلينا انضمت إلينا؟”  

“هل هذا طعم اليوم الأول؟”  

“كان يومنا الأول صعبًا أيضًا.”  

أومأوا برؤوسهم، مقتنعين بفرضيتهم.  

“لكن لماذا يجب أن نعاني نحن أيضًا؟ هذا قاتل.”  

“ألا يجب أن نكون متحدين مع زملائنا؟”  

“أتمنى ألا أعرف ذلك.”  

بينما كانوا يتذمرون، دقت جرس الإفطار، فنهضوا ببطء وتوجهوا إلى المطعم.

—

بعد أسبوعين  

لم يكن أمام الفرسان إلا الإعجاب ببصيرة السيد الشاب. من يستحق لقب “العبقري” إن لم تكن إيلينا؟  

بدا أنها تفهم ثلاثين شيئًا بمجرد تعليمها واحدًا. على الرغم من أنها بدأت بتعلم الأساسيات فقط، إلا أنها هزمت جميع المتدربين الحاليين باستخدام تقنياتها الأساسية.

“هل ستقتل نفسها هكذا؟”  

“قالت إنها تستطيع التحمل.”  

“لا أعتقد أن السيد الشاب كان بهذا المستوى…”  

كان الفرسان يرمقونها بنظرات قلقة وهي تتدرب. كانت تتدرب بشراسة لدرجة أنك تستطيع رؤيتها في ساحة التدريب في كل وقت، باستثناء أوقات الراحة.

كانت إيلينا مشهورة باجتهادها حتى وهي خادمة، لكن إصرارها الحالي وصل لدرجة مذهلة. حتى الفرسان المخضرمين اندهشوا من كثافة تدريبها الذي بدا وكأنه قد يقتلها. تأثرًا بها، زاد الفرسان من معدل تدريبهم.  

“تفسحي الطريق ولا تعرقلينا.”  

لكن ليس الجميع كانوا ودودين معها. ذات يوم، دفعها أحد الفرسان بعنف وهي تتحدث مع آخرين.  

“أعتذر.”  

انسحبت إيلينا بسرعة، مما أثار تبادل نظرات بين الحاضرين. بعض الفرسان كانوا يحسدونها على اهتمام السيد الشاب بها، رغم أنهم لم يظهروا ذلك علانية.  

“يا لها من حظ سيء.”  

سمعت إيلينا همسات خبيثة. حاول أحد زملائها التدخل، لكن الجاني كان قد اختفى.  

“لا بأس، لا تقلق.”  

“لكن هذا غير مقبول!”  

أوضح لها أحد الفرسان:  

“بعضهم يحتقر نظام التوصية، يعتقدون أن الاختبار الرسمي هو الطريق الوحيد. لا تأبهي لهم.”  

“لكن التوصية تتطلب مهارة حقيقية!”  

“احذري، قد يضايقونك حتى تصبحي فارسة رسمية. أخبرينا بأي مشكلة.”  

“حسنًا، سأكون حذرة.”  

لكن في داخلها، لم تكن تنوي الحذر. كانت تعرف أن العداء موجود منذ البداية. الآن بعد أن تكيفت مع التدريبات، أصبحت تلمح تلك النظرات الحاقدة.  

“عدائية جدًا، أليس كذلك؟”  

رغم أنها نبيلة ولا تقيدها الطبقة، إلا أن انضمامها للفرسان أزال أي حواجز متبقية. إن استمروا في إزعاجها، كانت تنوي التصرف قريبًا.  

“الأفضل التخلص من المشاكل من جذورها.”  

لكنها تذكرت نصيحة أختها: “لا تستخدمي القوة الجسدية.”  

فكرت إيلينا في حلول دبلوماسية. كفارسة مخلصة، أرادت حماية سمعتها وسمعة السيد الشاب دون اللجوء للعنف.  

“سأجد طريقة لبتر هذه المشكلة… بهدوء.”  

بينما كانت تخطط، لاحظ الجميع برودة عينيها التي لم تعد تحتمل السخرية. حتى أكثر الفرسان عدائية بدأوا يشعرون بتهديد خفي… وكأنهم أثاروا تنينًا نائمًا.