سألها السيد الشاب بعد أن أنهى تدريبه وارتدى ملابس جديدة. نظرته الخاطفة نحو الأسفل أشارت إلى أنه يسأل عن رأيها في مظهره.
“أنا أسأل كيف أبدو.”
“تبدو رائعًا.”
“بالطبع.”
ابتسم كارل بفخر عند سماع رد إيلينا. تساءلت إيلينا إذا كان الشخص الذي يعجب بها يرغب في الحصول على تأكيد كهذا أيضًا. لكن هذه التساؤلات كانت مجرد البداية.
* * *
حدقت غلوريا بأخيها الجالس أمامها. كان مظهره لا يزال رائعًا بكل المقاييس.
“لم يكن يلتفت إلى النساء من قبل، فما الذي حدث؟ أم أن تلك الخادمة إيلينا تتمتع بجاذبية كبيرة؟”
لم تستطع غلوريا فهم ربيع أخيها المفاجئ.
“هل تلك الخادمة ماهرة في استخدام السيف مثله؟”
“لا، من الغريب أن يقع في حبها فقط لأنها ماهرة في استخدام السيف!”
شعرت غلوريا بقلق حقيقي على عقل أخيها. منذ صغره كان مهووسًا بالسيف، والآن يبدو أنه يقع في الحب بنفس الطريقة.
“لكن هناك فرسان نساء في قصر الدوقية والقصر الإمبراطوري، ولم يكن مهتمًا بهن من قبل!”
“إذن، ما سبب رغبتك في رؤيتي بعد كل هذا الوقت؟”
“أريد أن توصي لي بهدية ستحبها النساء.”
“ماذا؟ النساء؟”
“أعني، هدية ستجذب امرأة في أوائل العشرينيات من عمرها.”
“آه، تلك الخادمة التي يتحدث عنها الجميع؟”
لم يجب كارل على سؤال غلوريا، بل اكتفى بهز كتفيه. نظرًا لأن الخادمات حوله كن ينصتن باهتمام، اختار أن يبقى صامتًا.
“أخي الغبي!”
نفخت غلوريا من أنفها عند رؤية تصرفه.
“فقط استدعي تاجرًا واطلب منه أن يحضر خاتمًا باهظ الثمن.”
“لا يمكن أن تكون الهدية بهذا القدر من عدم الجدية.”
“واو، أنت شخص سيء.”
“ما الذي يجعلني سيئًا؟”
“في عيد ميلادي، طلبت مني أن أحضر أغلى وأكثر الأشياء لمعانًا، والآن تطلب مني أن أختار هدية لامرأة؟!”
“لكنني في النهاية اشتريت لكِ ما أعجبكِ.”
“هذا لأنني سمعت حديث روبن وغيرت رأيي!”
“إذن، الجاني كان بجانبكِ. المهم أن النهاية كانت سعيدة.”
“إذن، اختر شيئًا باهظًا بشكل عشوائي كما فعلت أنت.”
نفخت غلوريا من أنفها بغضب. أخوها بلا ضمير. لكن نظرًا لأنه كان جادًا في سؤاله، بدا أن الأمر ليس مزحة.
“مستحيل! قلتُ لكَ هدية صغيرة وبسيطة.”
اتسعت عينان غلوريا فجأة. ما هذا؟ هل طلب النصيحة من أحدٍ آخر بالفعل؟ مجرد أن يهتم أخوها بهذا الأمر كان مفاجأة، لكن أن يعد الهدايا أيضاً؟ يبدو أن لقاءاته مع الفتاة لم تكن فقط لأغراض فرقة الفرسان.
“ومن الذي أعطاكَ هذه النصيحة؟ ليس حولك أحدٌ يقدم مشورة كهذه.”
“بل هناك. لدى الكثير من المستشارين حولي، لا تعرفينهم.”
في الواقع لم يكن الشخص مستشاراً بالمعنى الحرفي. لم يستطع كارل الاعتراف أن مصدره كان كتاباً غرامياً بعنوان ظريف. حاولت غلوريا بجدية معرفة هوية هذا “المستشار”، لكن كارل ظل صامتاً كاللص.
بينما كان كارل يشرب شايه باناقة دون إجابة، تخلت غلوريا سريعاً عن التحقيق. إذا كان الشخص من دائرة أخيها المقربة، فستعرف حتماً عاجلاً أم آجلاً.
“بخيل! النساء عموماً يُفضلن الزهور أو المجوهرات.”
“لا تبدو مهتمة بموضوع الزينة.”
“أتراها فقط بزي الخادمة؟ وأي امرأة لا تحب الزينة؟ ثم إن أفضل من الزهور والمجوهرات… هو المال!”
“شكراً على هذه الإجابة المادية!”
شرعت غلوريا في شرح نظريتها عن الهدايا المثالية: كلما كانت أغلى وأكثر توهجاً، كلما كانت أفضل.
“ولكن لا يمكنك تقديم المال في صندوق هدية.”
“لو ملأت صندوقاً بعملات ذهبية، ربما تقبّلكَ أيضاً؟”
“وهل أنتِ ستفعلين ذلك؟”
“لماذا أفعل وأنا غنية؟”
جعلته إجابتها المكتئبة يتجهّم. ندم في قرارة نفسه على استشارتها.
“ألن تقدمني لها؟”
“نحن نعيش في نفس المنزل! لمَ تحتاج إلى تقديم؟ يمكنك رؤيتها في أي وقت.”
همّت غلوريا في سكون. عدم اكتراثه وعدم تعابير الغرام الواضحة على وجهه يعني أنه ليس واقعاً تماماً، لكن ليس غير مهتمٍ أيضاً. ابتسمت بخبث قرّرت معه البحث عن إيلينا.
“كان سؤالي لكَ خطأ. سأجد شخصاً آخر.”
“أتعتقد أنني لم أسمع آراء سيدات المجتمع تتردد؟”
اغتاظت من وقاحة أخيها الذي – رغم شعبيته – لم يخض أي علاقة عاطفية، وهو ينتقد نصائحها وهي مخطوبة!
“رغم ثرائي، يوسيتاس يهديني الزهور والمجوهرات بين الحين والآخر. هذه متعة مختلفة عن المال. وهو أيضاً لطيفٌ بما يكفي ليمنحني مصروفاً!”
بينما كانت تبتسم بانتصار، عقد كارل عزمه على جعل يوسيتاس – خطيب شقيقته وعضو فرقة الفرسان التابعة للدوقية – يعمل بجدية مضاعفة. إذا كان سيتزوج شقيقته، فليصبح أقوى!
لم تلاحظ غلوريا أنها كانت تدفع خطيبها إلى تدريبات مكثفة بلا رحمة.
“إذن، هل أقدم لها الزهور والمجوهرات معاً؟”
سأل كارل باهتمام بعد كلام شقيقته. إذا كانت هذه هي الطريقة المثالية، فليقدم لها كل شيء. تذكر أن السيدات اللواتي أعجبن به كن يرسلن له الزهور والهدايا باستمرار.
“أخي، هل أنت غبي؟”
“ماذا؟”
“آه، أنتما لستما في علاقة بعد، أليس كذلك؟”
جعلته صراحتها يتلعثم. نعم، كان يغازلها بحماس، لكنهما لم يكونا في علاقة رسمية. ولم يكن لديه نية للوصول إلى تلك المرحلة أيضاً.
بعد تردد قصير، أومأ برأسه وكأنه توصل إلى استنتاج.
“من سيقدم مجوهرات باهظة الثمن من البداية؟ حتى لو لم تكن مهووسة بالمال، ستشعر بالضغط.”
“أنت من قال لي أن أقدم الزهور والمجوهرات!”
“أنا مستثنى لأنني مهووسة بالمال. أليس تقديم مجوهرات صغيرة وغالية أمراً غير مناسب؟ بالطبع هناك مجوهرات صغيرة، لكنها ليست سيئة.”
“أليس كذلك؟”
سرعان ما توافق الأخوان ذوو الحس المالي الفريد، وبدأوا يتحدثون عن أقراط الألماس والخواتم.
“آه، سيدتي؟”
“نعم؟”
إحدى الخادمات التي كانت تستمع إلى حديثهما رفعت يدها بشجاعة. شعرت أنه إذا تركتهما على حالهما، قد تهرب إيلينا.
“إذا لم تكونا في علاقة بعد، أعتقد أن الأقراط أو الخاتم قد يكونان مرهقين لها.”
“ماذا؟ مجرد هذا القدر؟”
“نعم، تماماً.”
جعلته كلمات الخادمة يتجهّم. مجرد خاتم واحد يسبب ضغطاً؟ لم يستطع فهم ذلك وفقاً لمنطقه.
“إذن، ما نوع الهدية التي تفضلينها أنتِ؟”
“إذا كانت هناك مشاعر متبادلة قليلاً، فشيء بسيط حقاً مثل زهرة أو دبوس شعر صغير.”
“هل تريدين حقاً أن تتلقي شيئاً كهذا؟ أليس ذلك تافهاً أكثر من اللازم؟”
نظرت غلوريا إلى الخادمة بعينين مشككتين، فأجابت الخادمة وهي تدرك الفارق الكبير في الوضع المالي لأصحابها:
“عادةً ما تبدأ العلاقات هكذا. إذا قدمتَ لها ألماساً كبيراً من البداية، ستظن أنك شخص سهل الاستغلال. بالإضافة إلى أنها ستتوقع المزيد في المرة القادمة.”
“ولكن لدي القدرة على تقديم المزيد والباهظ!”
“بالطبع لديكَ القدرة، لكني أظن أن ذلك لن يكون حميمياً أو رومانسياً.”
حتى هي نفسها، إذا تقدم لها نبيل ثري ذو مكانة عالية بالمال، ستتمسك به، لكن هل سيكون هناك حب؟ هذا ليس حباً، أليس كذلك؟
وفي قرارة نفسها، كانت خادمة غلوريا مستعدة لرهن يدها اليسرى على أن إيلينا لن ترتدي قط حجراً كريماً فاخراً يهديه لها السيد الشاب. ففي نظر الخادمة، بدت إيلينا غير مهتمة تماماً بالزينة. لو قدم لها خاتماً من الألماس…
“أعتقد أنها لن ترتديه أبداً.”
همست الخادمة بغير وعي، ثم أنصتعت فجأة عندما التصقت بها نظرات السيدين الحادتان، فغطت فمها مذعورةً:
“يا إلهي!”.
“لماذا؟ ألا تريدين شيئاً بهذا الجمال؟”
أصابت الخادمة الحيرة من سؤال غلوريا، بينما كان العرق البارد يتصبب منها. لماذا لن ترتديه؟ هي نفسها لا تعرف السبب، لكنها تشعر بأن إيلينا لن تفعل. وبعد تفكير مضنٍ عن إجابة معقولة:
“ألم تقولي أنها لا تظهر أي اهتمام بالزينة؟”
“هل يمكن أن تكون تلك الخادمة تؤمن بمبدأ التجرّد من الممتلكات؟”
“وماذا يعني ذلك؟”
تقطّب كارل وجهه عند عبارة غلوريا. فالفتاة التي وقعت بكل سرور على عقدٍ براتب مرتفع لا تبدو من النوع الذي يتخلى عن الممتلكات.
“هذا موضة جديدة هذه الأيام، يبدو أنها ديانة ناشئة. تقول بأن الجشع البشري يدمر العالم، لذا علينا التخلي عن كل شيء والعودة للطبيعة!”
“ماذا؟ وهل هذا ممكن؟”
“لا أعرف. على أي حال، يبدو أن عليك التبرع بكل ممتلكاتك للانضمام إليهم.”
“مجرد مجموعة من المحتالين!”
“أليس كذلك؟”
بينما كان الاثنان يتحدثان، وجدت الخادمة إجابة مناسبة:
“من وجهة نظري، إيلينا ليست غير مهتمة بالزينة بقدر ما هي من النوع الذي يشعر بالضغط من الأشياء الفاخرة.”
“حقاً؟”
“الفاخرة؟”
“نعم. الأشياء التي تبدو باهظة الثمن أو تعيق العمل.”
أومأ كارل موافقًا. منذ أن بدأ العمل مع إيلينا، لم يرها قط ترتدي أي حليّ خارج الزي الرسمي للخادمات.
“مع ذلك، أي إنسان عادي سيعجب بهذه الأشياء الجميلة والغالية.”
“حتى ملابسها العادية بسيطة جداً.”
هزّت الخادمة – التي غالباً ما كانت ترى إيلينا مع مجموعتها – رأسها مستذكرة فساتين إيلينا. ببساطة، كان ذوق إيلينا يميل إلى الأناقة البسيطة.
“تبدو أنها تفضّل الأشياء غير الصارخة والمتقشفة. حتى فساتينها كلها بألوان هادئة.”
وكانت تلك الملابس تليق بها تماماً. مع أن بشرتها الفاتحة كانت لتتناسب مع الألوان الزاهية، إلا أن الألوان المحايدة انسجمت مع شعرها الأسود، مما أكسبها مظهراً هادئاً وأنيقاً.
“بعد التفكير، إيلينا نوعاً ما…”
“شخصيتها تشبه المعلمة التي تبتسم بينما تشير الى أخطاءك.”
بينما كان كارل يحاول العثور على الوصف المناسب، تذكرت الخادمة بإعجاب إيلينا التي تعمل بمبدأ. صحيح أنها كانت متسامحة في كثير من الأمور، لكن كان هناك شيء ما في شخصيتها يجعل الناس يشعرون بالتوتر.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات