“أوه… يبدو أن السيد محبط.”  

 

“أكتافه منحنية فعلاً!”  

 

“يبدو… حزيناً!”  

 

لم يعتد الخدم على رؤية أي تعبير على وجه كارل الغامض، لذا كانت هذه التغييرات الطفيفة صادمة!  

 

“الوسيم يبدو جذاباً حتى وهو حزين!” – اكتشف الجميع حقيقة جديدة.  

 

“يبدو أن الإشاعات عن ولعه بالمواهب حقيقية!”  

 

“لماذا ترفضين؟ لو أصبحتي فارسة ستحصلين على معاملة أفضل!”  

 

شعرت إيلينا بلسعة الضمير أمام كارل المكتئب.  

 

“إذن هكذا يستخدم الوسيمون جمالهم!” – فكرت وهي تلاحظ كيف تلألأت عيناه البنفسجيتان.  

 

“بتوصيتي، لن تقلقي بشأن المعاملة.”  

 

ابتسامته الدافئة جعلت المكان يشرق فجأة!  

 

“إنه يبتسم أيضاً!”  

 

“يا للهول! قلبي…!”  

 

أصيب الجميع بالجنون أمام تعابيره الجديدة. 

“إنه جاد بشأن استقطاب المواهب!”  

 

كانت إيلينا على وشك التوقيع على عقد مدى الحياة لو استمر بابتسامته هذه! لكنها قاومت:  

 

“أنا سعيدة بوضعي الحالي.”  

 

“فكري بالأمر. لا أطلب قراراً فورياً.”  

 

“لا رغبة لي بأن أصبح فارسة.”  

 

أعاد كارل وجهه الجدي المعتاد، محبطاً.  

 

“سأعطيكِ بضعة أيام…”  

 

“لا أريد شراءه! أقصد… لا أريد.”  

 

انزلقت الكلمات من فمها ببراءة، فتذكرت نصيحة أختها “جين” عن الحذر من المحتالين.  

 

“حسناً… سنتحدث لاحقاً.”  

 

انسحب كارل من النقاش العام. نظرت إيلينا إلى سيفه المكسور، تفكر:  

 

“ربما يمكنني مبارزته بضع مرات فقط…”  

 

“انتهى التدريب، أليس كذلك؟”  

 

“نعم، صحيح.”  

 

أسرع أحد الفرسان بالإجابة رغم بقاء وقت طويل من التدريب، مُرضياً رغبة السيد.  

 

“اتبعيني.”  

“حاضر.”  

 

ألقت إيلينا تحية سريعة على الفرسان و”بيسي” قبل أن تتبع كارل إلى مكان منعزل خارج القصر.  

 

“أين نحن؟”  

 

“ملعبي التدريبي الخاص.”  

 

كانت ساحة صغيرة محاطة بأشجار كثيفة، مع مبنى مخزن صغير نظيف.  

 

“هل استخدمتي سيفاً حقيقياً من قبل؟”  

 

“فقط لفترات قصيرة خلال التدريب.”  

 

كذبت بجزء من الحقيقة – ففي العاصمة، لم تمسك سيفاً حقيقياً إلا خلال تدريبات منزل الدوق.  

 

“سمعتُ أنكِ جيدة في المبارزة.”  

 

عاد كارل من المخزن بسيفين، اختبر أحدهما الأطول والأخف قبل أن يمرره لها.  

 

“هذا أخف، أفضل لتبدئي به. السيوف الثقيلة قد تضر معصميكِ.”  

 

“أخيراً! سيف حقيقي!”  

 

تجاهلت كلامه وهي تتفحص السيف بفضول. في عيني كارل، بدت كمن تمسك بسيف للمرة الأولى.  

 

أدارته ببراعة، مستمتعةً ببرودة المعدن تحت أصابعها.  

 

“أخف قليلاً مما أعتاد، لكنه جيد.”  

 

رغم أنها معتادة على سيوف أثقل، إلا أن وزن هذا السيف كان مُرضياً مقارنةً بالسيف الخشبي.  

 

“هل تعرفين قواعد المبارزة؟”  

 

“ستبارزينني بنفسك؟”  

 

“أجل، أليس هذا ما أردتِ؟”  

 

كانت متحمسة لهذه الفرصة النادرة لمبارزة السيد، رغم اضطرابها حول كيفية التظاهر بعدم الخبرة.  

 

“قليلاً.”  

 

“أنا لا أفرط في شأن السيوف. لا يمكنني إعطاء كل الاهتمام لكِ مع كل هذا العدد من الخدم.”  

 

رفع كارل سيفه بينما كانت إيلينا تحاول أن تبدو متخشبة في حركاتها.  

 

“هل هكذا كافٍ؟”  

 

“جيد! تبلي بلاءً حسناً لأول مرة.”  

 

اختبر قوة تحملها بضربات خفيفة، ثم قرر زيادة القوة تدريجياً.  

 

“تبدو حدسك أفضل مما توقعت!”  

 

بينما كان كارل يهاجم بحركات خفيفة كي لا يرهق المبتدئة، بدأ ارتباك إيلينا يتبدد. كان واضحاً كم هو مستمتع بالمبارزة، حتى مع خصم مبتدئ.  

 

“لأجل ماذا لا أشاركه المتعة؟”  

 

رفعت إيلينا مستوى هجماتها قليلاً. شعور مبارزة خصم بنفس مستواها جعل قلبها يخفق بسعادة.  

 

“أوه!”  

 

تألقت عينا كارل باهتمام. الهجوم كان غير تقليدي بعض الشيء.  

 

“أهذه حركة غير قانونية؟”  

 

كانت تحاول إخفاء مهارتها الزائدة، لكن ارتباكها الساخر أضحك كارل.  

 

“لا توجد قواعد في المبارزة! فقط دافعي عن نفسك بشكل طبيعي. أعتقد أنكِ ستتفوقين.”  

 

ابتسم بسعادة وهو يكتشف هذه الموهبة الخام.  

 

“شانغ! شانغ!”  

 

كانت إيلينا في حيرة بينما تتلقى هجماته القوية. وجهه الوسيم المبتسم على هذه المسافة جعل قلبها يرتعش!  

 

“لكن جسدي يتحرك تلقائياً!”  

 

حتى بحركاتها الأساسية، كان تناغمهم مدهشاً.  

 

“يجب أن أطور مهاراتي أكثر.”  

 

لو أرادت مبارزته بجدية، فمستواها الحالي لن يكون كافياً.  

 

“هجوم جانبي الآن!”  

 

تحركت تلقائياً بأمره. توقف كارل فجأة بعد أن صد هجومها.  

 

“هذا الهجوم الجانبي… هل يمكنكِ تكراره؟”  

 

“وأنا واقفة في مكاني؟”  

 

“نعم، وأيضاً كل الحركات الأخرى التي تعلمتيها.”  

 

راقبها باهتمام بينما كانت تؤدي كل الحركات بدقة.  

 

“رائعة حقاً!”  

 

“شكراً لك.”  

 

أحمرت خدودها خجلاً من المدح على شيء تتقنه بالفعل.  

 

“هل تريدين العودة أولاً؟ سأرتب الأمور هنا ثم ألحق بكِ.”  

 

“سأقوم بالترتيب بنفسي.”  

 

“لا، أنا دائماً من يرتب هنا. اذهبي أولاً.”  

 

“أراك لاحقاً.”  

 

بينما كانت إيلينا تغادر، حدّق كارل في ظهرها ملياً. كلما شاهد مهاراتها في المبارزة، شعر بإحساس غريب بالألفة. بعض الحركات بدت مألوفة بشكل غريب – كلاسيكية لدرجة أنها قد تكون من كتاب تدريب.  

 

“…هل لأني رأيتها في الكتب؟”  

 

هز رأسه. الميل الطفيف في رسغها أثناء الضربة الجانبية كان عادةً خاصة بشخص ما.  

 

“هل لأن أحد فرساني يفعل ذلك؟”  

 

لكنها قالت أنها تعلمت المبارزة هنا فقط!  

 

لم يفهم لماذا أزعجته هذه التفاصيل. شعر أنه يحتاج إلى مزيد من المعلومات عنها.  

 

—  

 

“كيف تبدو ملابسي اليوم؟”  

 

“جميلة.”  

 

“حقاً؟”  

 

“نعم، جميلة.”  

 

“إذاً، ما رأيك بالانضمام إلى فرسان مثل هذا القائد الجميل؟”  

 

“هاها، سأرفض.”  

 

أصيب كارل بخيبة أمل مجدداً. سعل توماس  لإخفاء ضحكته، بينما التفت الخدم الآخرون مندهشين.  

 

لكن غرائب السيد لم تنتهِ.  

 

“آآه!”  

“أوه!”  

 

سقط فرسان على الأرض بقوة.  

 

“أوه، لم أتحكم في قوتي.”  

 

وقف كارل خجولاً خلفهم، غير قادر حتى على الاعتذار. توجهت عيناه نحو إيلينا.  

 

“لا بد أنها رأت ذلك!”  

 

احمرت أذناه. شعر كطفل يريد إبهار أمه.

 “لماذا ترفض الانضمام؟ الجميع يحلمون بفرسان الدوق!”  

 

“ما زلتِ ترفضين؟”  

 

“هاهو الماء البارد لك.”  

 

ببرودة أعصاب، قدمت له الماء ومنشفة نظيفة دون أن تتأثر. بعض الفرسان القدامى ضحكوا بينما أخرج كارل عقداً من جيبه وأعطاه لتوماس  بإحباط.  

 

“إنها خصم عنيد.”  

 

ابتسم توماس . حتى سيده استخدم أساليب غير معتادة لإغرائها. لكن حتى هو لم يعتد بعد على هذا التحول المفاجئ في سلوك كارل!